أشرف عبدالحميد/العربية نت: إجابة لسؤال عمره 91 عاماً.. كيف تجند “الإخوان” عناصرها؟

78

إجابة لسؤال عمره 91 عاماً.. كيف تجند “الإخوان” عناصرها؟
أشرف عبدالحميد/العربية نت/03 تموز/2019

منذ نشأتها في العام 1928 أي قبل 91 عاما، كان ملف تجنيد جماعة الإخوان لعناصرها سريا وغامضا، لا يعلم تفاصيله سوى قلة قليلة من قيادات الجماعة، وبعض رموزها.

هذا الملف الشائك كان مليئا بأسئلة كثيرة لا تجد إجابات كافية، حول كيفية تجنيد جماعة الإخوان لعناصرها، وضمهم لصفوفها، وكيفية إقناعهم بأفكارها ومبادئها ومعتقداتها؟ وكيف يصبح هذا العنصر عضوا فاعلا في الجماعة ويجد طريقه للترقي، وربما يصبح أحد قياداتها في المستقبل؟

استقطاب الأشبال
قيادات سابقة بالجماعة ومنشقون عنها كشفوا بعض التفاصيل التي تؤكد أن الجماعة كانت وطيلة تلك السنوات تتغلغل بين قطاعات معينة داخل المجتمع المصري ساعية لاستقطاب الأشبال والشباب، مستغلة في ذلك بعض الثغرات التي تسللت منها لعقول الشباب ونجحت في إقناعهم بأفكارها ومعتقداتها.

ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية وحركات الإسلام السياسي، أعد دراسة حول آليات تجنيد الجماعة لعناصرها، موضحا فيها كافة التفاصيل منذ انضمام العضو وحتى وصوله لأعلى السلم القيادي في صفوفها.

ويقول لـ”العربية.نت” إن جماعة الإخوان تمتلك منهجا في تجنيد الأنصار والأعضاء يعتمد على فكرة أن كل فرد في الجماعة مكلف بعملية التجنيد تحت مسمى الدعوة، مشيرا إلى أن هناك قسما في الجماعة يتولى الإشراف على ذلك يترأسه عضو بمكتب الإرشاد وهو أعلى سلطة تنفيذية في الجماعة، وكلما نجح أي عضو في جلب واستقطاب وتجنيد أعضاء جدد زاد وضعه وقدره ومركزه داخل الجماعة.

يبدأ التجنيد -كما يقول فرغلي- بما يعرف بخريطة التحرك، وفيها يقوم كل عضو باستهداف أفراد في محيطه ودائرته سواء العائلية أو الدراسية، وأن يكون العضو المستهدف صاحب مواصفات خاصة تضعها الجماعة ليتناسب مع مخططاتها وأهدافها، وتركز الجماعة في هذا الإطار على الأشبال وطلاب الثانويات والجامعات.

وتمارس الجماعة نشاطاتها التجنيدية في صفوف الأشبال من خلال ما يعرف بمشروع التربية الإسلامية، الذي يقام في المساجد والمدارس الأهلية، وتحت مسمى مسابقات لحفظ القرآن الكريم، ويتطور ليكون وسيلة للتجنيد، كما يتم التجنيد من خلال الرحلات والمسابقات والأنشطة والحفلات التي تقيمها، وفيها يتم تكريم المتفوقين والمتميزين من طلاب المدارس، وهنا -وفق ما يكشف فرغلي – تتسع المساحة للتجنيد، حيث يسهل رصد واختيار العناصر المتميزة تعليميا، ويبدأ بعدها مشرف من أبناء الجماعة في التقرب لهم، وتنظيم برنامج ولقاء أسبوعي لزيادة التقارب وتوطيد العلاقة، وخلالها يشرح لهم مبادئ وأفكار العمل بالجماعة ودور الفرد، وأن الجماعة تقوم لخدمة الدين وتعاليمه.

ويؤكد فرغلي أنه خلال تلك اللقاءات يستطيع المشرف معرفة من يميل من هؤلاء الطلاب للجماعة، ومن يمكن أن يكون عضوا فيها وعلى الفور يتم ضمه بلا تردد.

لجنة المدارس
ويضيف أن الجماعة تقوم منذ العام 2002 بعمل مشروع يسمى “لجنة المدارس” لاختراق المنظومة التعليمية، ويخضع هذا المشروع لمسؤولي الشعب بالإخوان وينحصر دور العاملين فيه على استخدام كافة الوسائل المتاحة لنشر الفكر الإخواني داخل المدارس واستقطاب العناصر الجديدة ودعم الإذاعات المدرسية، مشيرا إلى أن التجنيد داخل الجامعات كان يتم من خلال استقطاب الطلاب الجدد وحثهم على المشاركة في أنشطة الجماعة، مقابل تقديم التسهيلات والخدمات الطلابية لهم.

ويتابع فرغلي أن الجماعة وعقب العام 2005 أدخلت عدة تغييرات في نشاطها داخل الجماعات لتجنيد الطلاب، حيث استحدثت لجنة طلابية في كل جامعة تتكون من 5 أفراد يتولى أحدهم عقد لقاءات سياسية وتثقيفية وتوزيع بيانات ونشرات على الطلاب وبالتالي يسهل رصد واختيار المناسب لهم للجماعة.
تجنيد الأخوات
ويكمل أن تجنيد الأخوات كان يتم من خلال نفس الطرق السابقة مع ضم العضوة الجديدة لقسم الأخوات وذلك قبل ثورة 25 يناير، ولم يكن لهن تراتبية تنظيمية، موضحا أن الفتاة أو السيدة التي تنضم للجماعة تبدأ بدراسة برنامج تربوي يشمل قراءة بعض الكتب مثل رياض الجنة، وكتب السيرة.

ويقول فرغلي إن الجماعة لم تكن ترغب في إدماج المرأة تنظيميا بسبب الحساسيات الأمنية، وخشية تعرضها للاعتقال، لكن بعد ثورة 25 يناير أعطت الجماعة دورا للأخوات، وقامت بفصل قسمها إداريا في تنظيم شبه مستقل عن مكتب الإرشاد، مع منحهن التراتبية التنظيمية بدءا من منتسبة حتى مجاهدة.

بعد التجنيد تبدأ الجماعة في بناء وتربية العضو الجديد وفق آلياتها، وتعرف ببناء الذات الإخوانية، وذلك من خلال الالتزام بالمعايير والأسس التي وضعها حسن البنا مع شرح واف للأصول العشرين، وهي مجموعة قواعد تعرف بالرسائل العشرين، والحث على الطاعة والجهاد والتربية والثبات، وتنمية مهارة القيادة، وزرع الثقة بداخله، ويصبح في رتبة محب، ويمكن أن يشارك في لقاء يطلق عليه لقاء المحبين، وهو لقاء مفتوح ليس فيه صرامة أو انضباط، مع تخفيف جرعته من المحتوى التربوي، ولا يلام العضو المحب إذا تأخر عن تنفيذ أي تكليف، بل يقابل بالابتسامة والاستيعاب، وتشاركه الجماعة في هذا الوقت أفراحه وأحزانه، حتى يشعر بالعزة، وأنه أصبح واحدا من أسرة كبيرة هي الجماعة.

العضو المحب
ما يجري بعد ذلك- كما يؤكد الباحث في شوؤن الحركات والجماعات الإسلامية- هو أن العضو المحب إذا كان ناشطا في مجال تجنيد آخرين، يتم منحه الفرصة للتصعيد من جانب النقيب المسؤول عنه، الذي من أهم أدواره –أي النقيب – تسويد ورد يسمى ورد المحاسبة، وهو جدول يوضح فيه جهود كل عضو جديد ومن يثبت نجاحه يكافأ بلقب أخ، والأخ هنا تعني عضوا في التنظيم ، ومن ليس أخا فهو ليس عضوا في التنظيم.

البيعة للجماعة
قبل حصول الإخواني على لقب الأخ لابد أن يؤدي البيعة للجماعة، ويغرس بداخله مفهوم الولاء والطاعة، وأن السمع والطاعة مقدمان على الفهم والتدبير والتفكير، وأن الثقة يجب أن تكون كاملة، و-يقول فرغلي- بعدها يكون الإخواني عضوا عاملا وفاعلا في الجماعة ويحصل على الترقي اللازم ويمكنه أن يصل لعضوية مكتب الإرشاد.

خلال تلك الدورة في التجنيد مصطلحات يعرفها الإخوان فقط ويتعاملون بها دون غيرهم، مثل “خبث” وتطلق على كل شخص لم يتمكنوا من ضمه للجماعة أو كان ضمن الجماعة وخرج من صفوفها، و”عوام” وتطلق على كل من هم ليسوا أعضاء بالجماعة مهما بلغت منزلته وعلمه وثقافته، و”تصعيد ” وتطلق على كل ترقٍّ يحدث للعضو ونقله من منصب لآخر دخل صفوف الجماعة، و”تناجي ” وهو كل نقاش يحدث خارج الأطر التنظيمية للجماعة. ويقول فرغلي إن العضو بعد انضمامه للجماعة لابد أن يلقن بالرسائل وهي رسائل وضعها حسن البنا ولأعضاء الجماعة لكي يهتدوا ويعملوا بها طيلة وجودهم في صفوف الجماعة.