توفيق شومان/ولماذا لا يضمون الجولان والقدس؟

101

ولماذا لا يضمون الجولان والقدس؟
توفيق شومان/26 آذار/19

شجبنا اعتراف الرئيس دونالد ترامب ب “اسرائيلية” الجولان السوري المحتل.
قبله: استنكرنا اعتراف السيد ترامب ب “إسرائيلية” القدس المحتلة.
شجبنا واستنكرنا وأدنا وشتمنا وسببنا واستحضرنا قواميس اللعنة ومعاجم التحقير والتصغير وحولناها جحافل كلمات وفيالق مفردات وصوبناها باتجاه العدو وحليف العدو.
لبسنا الحداد وندبنا ولطمنا وأصدرنا بيانات باكيات تستغيث بالقرارات الدولية ومواثيق الأمم وشرعة حقوق الإنسان.
ماذا بعد ذلك؟
بعد ذلك سنعود عربا
سنعود عربا نتقاتل
نتقاتل قتال القبائل
كل قبيلة تقاتل أختها
وكل قبيلة تلعن أختها
فقبيلة تردد ما قاله يوما الشاعر جرير: فغض الطرف إنك من نمير/فلا كعبا بلغت ولا كلابا.
فترد عليها قبيلة أخرى بما قاله الفرزدق:إن الأراقم لن ينال قديمها/كلب عوى متهتم الأسنان.
وهكذا نمضي متلاعنين متقاتلين غير آسفين على أوطان دمرناها وعلى بلاد أحرقناها.
يا عرب، علام العجب؟
منذ وعد بلفور في العام 1917 ونحن نشجب.
منذ قرار التقسيم في العام 1947 ونحن نستنكر.
منذ حرب الخامس من حزيران/يونيو 1967 ونحن نبدع في نصوص الإدانة ونتفنن في بيانات الإستنكار.
بعضنا راهن على الولايات المتحدة، فخذلته وحين أينع رأسه أسقطته.
بعضنا راهن على روسيا فأورثته وأورثتنا النكبة الثانية التي “تشاطرنا” وسميناها نكسة، وها هو ترامب ونتنياهو يحصدان نتائج النكسة،ويقولان: لا القدس عربية ولا الجولان عربياً.
هي إرث هزيمة حرب الأيام الستة الملعونة.
صغرناها من هزيمة إلى نكسة.
دائما نذهب إلى تصغير هزائمنا فنخترع لها أوصافاً من أوهام.
دائما نذهب إلى تعظيم صغائر خطواتنا فنبتكر لها أوصافا من رغبات.
دائما نتحدث عن المؤامرة.
ثم نزج دماءنا في أتون المؤامرة التي كنا لعناها قبل يوم أو أقل.
نتحدث عن المؤامرة ونقع فيها.
نتحدث عن المؤامرة وننجر إليها.
نتحدث عن المؤامرة ونذهب إلى نارها صفا مرصوصاً.
كل المؤمرات تأتينا من الخارج على ما تقول العاربة والمستعربة.
يمين العرب قال ذلك ويسار العرب قال ذلك وقوميو العرب قالوا ذلك وإسلاميو العرب تبعوا أسلافهم فكانوا أحفادا ميامين لأجداد سابقين.
لم يتحدث أحد عن القبائل وأحقادها، ولا احتقار القبائل للقبائل، ولا عن ثأر لا ينتهي بين القبائل والقبائل، ولا عن عقيدة القبيلة وإذ ترى أن حقا لها بأن تحكم وتتسلط على كل القبائل.
ما زلنا هناك يا سادة.
ما زلنا عند اللحظة التي تتنابذ فيها القبائل، فتقول واحدة للأخرى: نبئتُ تغلبَ ينكحون رجالهم/وترى نساؤهم الحرام حلالا.
فترد عليهم عليهم القبيلة الأخرى فتقول: ما زال فينا رباط الخيل معلمة/وفي كليب رباط الذل والعار.
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم/قالوا لأمهم بولي على النار.
فتمسك البول شحا لا تجود به/ولا تبول لهم إلا بمقدار.
ما الفرق بين ما كنا عليه وما نحن الآن عليه؟
ما الفرق بين ما كانت تقوله القبائل للقبائل وما تقوله الأحزاب للأحزاب؟
ما الفرق بين من كانوا شعرا ينظمون وبين من باتوا سياسة يحللون؟
ما زلنا هناك .
لا تُحسن القبيلة جوارا مع قبيلة
لا يُحسن شيخ القبيلة جوارا مع شيخ القبيلة.
وحتى: لا يُحسن الجار جوارا مع جاره .
حسنا: وكيف لا يتسلل “ملك الروم” من بين حرائق القبائل؟
ذات قصيدة قال نزار قباني عن هزيمة حرب حزيران/يونيو: ما دخلَ اليهودُ من حدودنا/وإنما تسربوا كالنمل من عيوبنا.
من عيوب القبائل يتسلل “ملك الروم” فيعلن مرة: ان القدس “عروس إسرائيل” وليست عروس عروبتنا.
ومن عيوب القبائل يتسلل “ملك الروم” فيعلن مرة ثانية أن فيروز شاخت وما قرعت أجراس العودة.
هي القبائل التي تلحس دمها بمبردها وتطعن لحمها بخنجرها.
هي “داحس والغبراء” التي لا تنتهي.
وهي “البسوس” التي تأبى خاتمة ونهاية.
هي تركة القبائل التي لا تعرف سلاما بينها.
هي كل انتحاراتنا الماضية التي جسدناها انتحارات حاضرة.
إذا:
لماذا لا يضمون القدس؟
لماذا لا يضمون الجولان؟
لماذا لا تتحول “إسرائيل” محمية ومصونة وآمنة ومطمئنة طالما أن نصالنا تتكسر بنصالنا؟.
علام نلوم “ملك الروم”؟
علام نلوم “ملوك الفرنجة”؟
لماذا لا ينشد بنيامين نتنياهو ما قرأه في “نشيد الإنشاد” ويغني مرحا وانشراحا ويقول: “اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه و في يوم فرح قلبه”؟.
لماذا لا يردد دونالد ترامب ويقول: “”رأيت العروبة معروضة في مزاد الأثاث القديم ولكنني ما رأيت العرب”.
أين العرب؟
هل من عرب؟
سلام يا قدس.
سلام يا جولان.
غنت فيروز يوماً: سنرجع يوماً