عقل العويط/لا نريد حكومة من هؤلاء

89

لا نريد حكومة من هؤلاء

عقل العويط/النهار/24 كانون الأول 2018

لم نعد نريد حكومة. لم نعد نريد حكومة من هؤلاء. لم نعد نريد هؤلاء.

إنهم – وسأقول ذلك بفجاجة وصراحة وفظاظة – سرطاناتٌ متعدّدة الوجوه والأجسام والرؤوس والأقدام والأيدي والأعين والأنوف والألسن والأسنان والأضراس والأظفار والأنياب.

هذه سرطاناتٌ لبنانيّةٌ فريدةٌ في نوعها، وجنسها، وأصلها، وفصلها، تستشري في جسد لبنان، وفي روحه، وفي دماغه، وفي خلاياه، وفي هيكله العظمي، وفي دمه، وفي أعصابه، وفي أنسجته، وفي كيانه، وفي وجوده.

لا تعميم في هذا القول بالطبع.
لكنّ هؤلاء – ويا للعار – هم “خلاصة” طبقتنا السياسية، و”لحمها الحيّ” و”نخاعها الشوكي”.
ولهذا السبب بالذات، أسمح لنفسي بأن أًصفهم بأنهم “أعداء”.

إنهم أعداؤنا الأشدّ ضراوةً وخطراً من كلّ أعداءٍ آخرين، لأنهم يمثّلون “دود الخلّ الذي هو منه وفيه”.
وهذا “الدود” هو سرطاننا الأدهى والأصعب والأِشرس، لأنه في نسغ عيشنا وحياتنا ووجودنا، ولأن من المستحيل الشفاء منها.

أما أعداء الخارج فهم أعداء من الخارج، وهم الأعداء في كلّ زمان ومكان. فماذا نتوقع وننتظر من هؤلاء؟ّ

ولماذا نتمنى أن تتألف حكومةٌ “جديدةٌ” في لبنان، من هؤلاء، إذا كانت ستكون نتيجة هذا الانحطاط النتن المقيت، هذا المكر الخبيث الغادر الدنيء، هذه الوطاوة، هذا الجبن، هذا العهر القيمي الأخلاقي، وهذه العربدة السياسية غير المسبوقة وغير القابلة للوصف والاحتمال؟

الأفضل للبنانيين وللبنان أن يُنادى علناً، في الداخل وفي الخارج، بفشل الجمهورية اللبنانية، وبمروقها، وذلك بهدف التعجيل في “وضع اليد عليها”، وتطبيق “الحجر الصحيّ” على سارقي مؤسساتها الدستورية، وعلى مُصادِري قرارها، وعلى إرهابييها، وعلى حكّامها المنظورين وغير المنظورين، وعلى أولياء أمورها، وعلى ولاة فقهها، من كلّ جنسٍ وإسّ.

لا نريد حكومة من هؤلاء، لأن هؤلاء هم سرطانات هذه الجمهورية الفاشلة والمارقة.

فلنعترف بهذه الحقيقة.
ولنعلنها.
ولنوقّع وثيقةً وطنية وشعبية في هذا الخصوص.
ولنرفعها إلى العالم، وإن يكن هذا العالم هو أكثر سفالةً ودناءةً ووطاوةً منا.

إن ذلك ليكون أفضل مليون مرة من مواصلة العمل على تأليف حكومة مريضة، سافلة، مفخّخة، ملغومة، ممودرة، لعينة، ملعونة، وكافرة، كالحكومة الموعودين بها منذ سبعة أشهر، التي لن تترك رغيفاً ساخناً في فم طفل، ولا ليرةً في جيب أحد، ولا زرقةً في سماء، ولا ضوءاً لقمر، ولا نوراً لشمس، ولا إشراقةً لأمل.

أكتب هذا المقال لا لتيئيس الناس. فهم يائسون. إنما أكتبه – صحيح بحبرٍ شخصيّ، ولكن بحبرٍ مغمّسٍ بوجدانٍ جمعيٍّ يشعر بالغدر والطعن والخيانة. لم نعد نريد حكومةً.
لم نعد نريد حكومةً من هؤلاء. لم نعد نريد هؤلاء.