الياس حرفوش: الخميني الحفيد وكأس السمّ/خيرالله خيرالله: الهجمة الروسية والإيرانية على المنطقة/داود البصري: الغرق الايراني القاتل في حروب الشرق

279

الخميني الحفيد وكأس السمّ
الياس حرفوش/الحياة/13 كانون الأول/15
في خضم المعركة الدائرة في إيران بين الفريق «الإصلاحي» ممثلاً بالرئيس حسن روحاني وفريق المتشددين الذي يقوده ويحميه المرشد علي خامنئي، يدخل فجأة إلى ساحة الصراع اسم حسن الخميني حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية. ليست هذه هي المفاجأة. المفاجأة أن رجل الدين الشاب هذا (في الثالثة والأربعين) أعلن استعداده للترشح لانتخابات مجلس الخبراء التي ستجرى في الأسبوع الأخير من شباط (فبراير) المقبل، وأن المعتدلين يعتبرونه مرشحهم في معركتهم من أجل استعادة مبادئ الثورة التي «خطفها» المتشددون، وفق الاتهامات المتبادلة بين الطرفين.
أهمية ترشيح حسن الخميني تنطلق من أمرين: الأول أن اسمه سوف يحول دون شن الهجمات والاتهامات بحقه أسوة بما يحصل مع قادة آخرين من الفريق الإصلاحي. أما الأمر الثاني فهو ترشحه لعضوية مجلس الخبراء الذي يضم 86 عضواً وتمتد ولايته ثماني سنوات، ما يعني أن هذا المجلس سيكون هو الذي سيختار خليفة خامنئي (76 سنة). يضاف إلى هذا أن انتخابات مجلس الخبراء سوف تجرى في الوقت ذاته مع انتخابات مجلس الشورى الجديد، أي أن صراع المعسكرين سوف يكون على أشده في الشهرين المقبلين، لتحديد مسارات إيران الداخلية والخارجية للعقد المقبل على الأقل.
ساهم الاتفاق النووي مع الغرب في زيادة حدة الصراع. ويوماً بعد يوم ترتفع أصوات المتشددين، محذرة من أن ما يعتبرونه انفتاحاً على الغرب نتيجة هذا الاتفاق يهدد بتوسع النفوذ الأميركي بين صانعي القرار، في انتقاد مباشر لخطوات وقرارات روحاني، وعلى الأخص في الشأن الداخلي، حيث يجد المحافظون صدى ودعماً لانتقاداتهم من قبل المرشد علي خامنئي. فهؤلاء لا يستطيعون انتقاد الاتفاق النووي بصورة مباشرة بعد أن وافق عليه خامنئي بتحفظ، ولذلك يلجأون إلى الحملات على تبعات الاتفاق على المجتمع الإيراني.
معركة من هذا النوع تتصل مباشرة بالخلاف على مبادئ الثورة الإسلامية، وعلى قدرتها على الانفتاح على الغرب، بثقة ومن دون خوف على ما تعتبرها مبادئها. خامنئي نفسه حذر في أواخر الشهر الماضي، من أن الولايات المتحدة تسعى إلى التغلغل في أوساط النافذين في إيران بمختلف الوسائل والإغراءات. وأضاف في خطاب أمام حشد من قادة «الباسيج»: «الوسيلتان اللتان يستخدمونهما لهذا التغلغل هما المال والإغراءات الجنسية. إنهم يستخدمونهما لتغيير القناعات ووجهات النظر وأساليب الحياة، يحيث يتحول الشخص الذي يتأثر بذلك إلى التفكير مثل الأميركيين. أما المستهدفون من هذا التغلغل، فهم الأشخاص النافذون وصنّاع القرار. ولهذا، فإن هذا الأمر بمنتهى الخطورة». من كان خامنئي يقصد بهذا الكلام إن لم يكن الطبقة الحاكمة ممثلة بروحاني نفسه والمجموعة المحيطة به، ومنها علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى؟ لاريجاني كان يُعتبر إلى فترة قريبة محسوباً على الفريق المحافظ أو مقرباً منه، لكنه الآن يواجه يومياً رسماً للعلم الأميركي على أحد الجدران في طريقه إلى مكتبه، في رسالة واضحة المقصود منها الغمز من دوره إلى جانب روحاني في تمرير الاتفاق النووي. وهكذا فإذا كان المخططون الغربيون الذين دافعوا عن الاندفاع إلى الاتفاق مع إيران قد اعتقدوا أن هذه الخطوة سوف تسهل طريق القيادات الأكثر ليبرالية بين الطبقة السياسية، فإنه يتبين حتى الآن أنهم أخطأوا التقدير. معركة كهذه ليست سهلة. حاول خوضها في السابق كل من هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وفشلا. أولاد رفسنجاني ملاحقون بتهم فساد، وخاتمي يخضع لما يشبه الإقامة الجبرية. وفي الأسبوع الماضي، دعت محكمة تنظر في قضايا الإعلام إلى محاكمة صاحب صحيفة «اطلاعات» لأنه نشر صورة لخاتمي وترجمة لتصريحات أدلى بها، وأرسل الطلب إلى محكمة المراجع الدينية المكلفة الحكم في القضايا التي يرتكبها رجال الدين، لأن مدير الصحيفة محمود دعائي هو رجل دين. من مفارقات السياسة الإيرانية أن يظهر خميني جديد ليعمل على تحول آخر في إيران. هل ينجح تحول كهذا، خصوصاً في ظل تأكيدات أوساط إيرانية أن وراء ترشيح الخميني يقف كل من هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي؟ ساحة مغامرات وتكهنات مفتوحة. وربما كان تجرّع كأس السم مرة أخرى هو السبيل أمام الحفيد لإعادة إيران إلى الاهتمام بأمورها الداخلية، أسوة بما فعل الجد قبل ربع قرن!

الهجمة الروسية والإيرانية على المنطقة
خيرالله خيرالله/العرب/13 كانون الأول/15
تنصب الجهود الإيرانية ـ الروسية على تفادي خسارة العراق. وهذا ما يفسّر إلى حد كبير ذلك الخروج الذي لا تفسير منطقيا له لرئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي عن حذره في التعاطي مع تركيا من جهة ووضع روسيا نفسها في موقع الوصيّ على العراق من جهة أخرى. صارت موسكو حريصة على سيادة العراق أكثر من حكومة العبادي المقيمة في بغداد! يأتي ذلك في وقت تركّز فيه إيران على تغيير النظام في لبنان وجعلها من هذا الهدف إحدى أولوياتها. لذلك تأجّل مرّة أخرى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، بعدما بدا أنّ هناك ما يدعو إلى التفاؤل بمخرج ما، حتّى لو كان هذا المخرج يعني انتخاب “صديق” بشّار الأسد، أي سليمان طوني فرنجية رئيسا. تورطنا.. على الرغم من أن انتخاب فرنجية رئيسا لا يزال على نار قويّة، عاد الهمّ الأول لطهران بالعمل على تغيير النظام في البلد من أجل ترجمة القوّة التي يمتلكها “حزب الله” عن طريق سلاحه غير الشرعي إلى واقع قانوني. هذا الواقع يعني، من الناحية العملية، تبييضا لسلاح الحزب، على طريقة تبييض الأموال. عمليا، تريد إيران، في المدى المنظور، فرض المثالثة الشيعية ـ السنّية ـ المسيحية بديلا من المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان. كلّ كلام عن تغيير النظام تحت سقف الطائف لا معنى له ولا هدف منه سوى تغطية وضع اليد الإيرانية على لبنان بشكل دستوري..
هدف إيران الحؤول دون إنقاذ الجمهورية اللبنانية، جمهورية الطائف تحديدا. تريد إيران امتلاك إيران للثلث المعطّل في البلد. لا شيء يمكن أن يؤدي إلى ذلك سوى الفراغ الرئاسي الذي يتحمّل الزعماء المسيحيون مسؤولية كبيرة في استمراره، خصوصا بعدما تحوّل ميشال عون مجرّد أداة تخدم سياسة إيران ولا شيء آخر غير ذلك. هناك ضغوط روسية وإيرانية تمارس في كلّ الاتجاهات، خصوصا في العراق ولبنان. هذا عائد إلى نجاح المملكة العربية السعودية، بغض النظر عن كلّ ما قيل ويقال عمّا آل إليه الوضع السوري نتيجة التدخل العسكري الروسي، في جمع المعارضة السورية. كان كثيرون يعتقدون أن لا أحد يستطيع جمع قادة هذه المعارضة، أو على الأصحّ جمع أشخاص يعتبر كلّ منهم نفسه زعيما استثنائيا قادرا على إنقاذ سوريا وانتزاعها من فم الأسد. هذا الكلام لا ينطبق على جميع الذين التقوا في الرياض، لكنّه ينطبق على عدد لا بأس به منهم. ما شهدته الرياض، في موازاة انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي، يدلّ على أن ليس في إمكان أيّ طرف تجاهل الشعب السوري. هذا الشعب موجود، وهو من دون أدنى شكّ أفضل من معظم زعماء المعارضة. هذا الشعب الباحث عن كرامته والذي يقاوم النظام الأقلّوي منذ ما يزيد على أربع سنوات ونصف السنة، أفشل كلّ المحاولات الإيرانية والروسية لإعادة الحياة إلى نظام بشّار الأسد الذي صار في مزبلة التاريخ. بات واضحا أن سقوط النظام السوري بالطريقة التي سقط بها، وراء عملية تطويق العبادي من كلّ الجهات وتحويله إلى نوري المالكي آخر.
فجأة صار رئيس الوزراء العراقي يوجّه إنذارات إلى تركيا، علما أن وجودها العسكري في العراق قديم ومرتبط إلى حدّ كبير بالحدّ من تمدّد “داعش” بموجب اتفاقات معقودة مع الأكراد. ليس سرّا أن هناك علاقة بين الحكومة التركية و”داعش”، لكن ليس سرّا أيضا وجود دور للنظام الإيراني والسوري في مجال التواطؤ مع “داعش” وتمكينه من التمدّد في كلّ الاتجاهات وصولا إلى الموصل. هناك بكلّ بساطة استخدام لـ”داعش” من جانب تركيا وكلّ من النظام السوري والإيراني، فضلا عن روسيا أيضا. لم تجد موسكو غير “داعش” لتبرير إرسالها طائرات وقوات إلى الساحل السوري بعدما اكتشفت أن النظام السوري سقط وأنّ عليها “إسعاف” بشّار، على حد تعبير أحد المسؤولين الروس في مجلس خاص. تغاضت روسيا وإيران عن خلافاتهما في شأن سوريا، أقلّه مؤقتا، وانتقل تركيزهما على العراق وعلى العدو المشترك الذي اسمه تركيا. عاجلا أم آجلا، سيكتشف الطرفان أنّ إفلاسهما في سوريا لا يمكن تعويضه لا في العراق ولا في لبنان.. ولا حتّى عن طريق شنّ حملات على تركيا، على الرغم من معاناتها من السياسة ذات الأفق الضيق التي يتبعها رجب طيب أردوغان. يعود ضيق أفق هذه السياسة إلى أن الرئيس التركي أسير فكر الإخوان المسلمين الذي هو في أساس كلّ ما له علاقة بالتطرّف في المنطقة كلّها.
هل ينجح الروسي والإيراني في العراق تعويضا عن فشلهما في سوريا؟ هل ينجح الإيراني في لبنان الذي يعتبره بدلا عن ضائع؟ الضائع هنا هو سوريا أيضا التي كانت تعتقد إيران أن في استطاعتها تحويلها إلى مستعمرة بعدما أقام بشّار الأسد حلفا مقدّسا مع “حزب الله” ووضع نفسه في خندق واحد معه متجاهلا مصالح سوريا ولبنان ومصالح السوريين واللبنانيين وحتّى الفارق بين الشيعة والعلويين. تدل الهجمة الروسية ـ الإيرانية على العراق وتجدّد الهجمة الإيرانية على لبنان على شيء واحد. هذا الشيء هو أنّ فلاديمير بوتين و”المرشد” علي خامنئي لا يمتلكان القدرات التي تمكّنهما من اتباع سياسة توسّعية تستفيد من غياب الاستراتيجية الأميركية في شأن كلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد بالشرق الأوسط، خصوصا بالنسبة إلى كلّ ما هو مرتبط بسوريا. تستطيع إيران الاستثمار في الميليشيات المذهبية سنوات طويلة، ويستطيع الرئيس الروسي عرض كلّ أنواع الأسلحة التي تمتلكها بلاده واستخدامها في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري. ولكن، في نهاية المطاف، تعاني إيران من مشاكل داخلية ضخمة حملتها على توقيع الاتفاق في شأن ملفّها النووي مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا. أما روسيا، فهي أشبه برجل مريض أكثر من أيّ شيء آخر. مثلها مثل إيران، تعاني روسيا من هبوط أسعار النفط والغاز. فضلا عن ذلك، فإن المجتمع الروسي يعاني من مجموعة من الأمراض الخطيرة، خصوصا أن روسيا هي بين البلدان القليلة في العالم التي يتناقص عدد سكّانها. المأساة أن لا وجود لأيّ مشروع سياسي أو اقتصادي لروسيا أو إيران، لا في سوريا ولا لبنان ولا العراق. كلّ ما هناك سياسة عقيمة لا تصبّ إلّا في إلحاق مزيد من الدمار والخراب في البلدان الثلاثة. لو كان النظام في إيران يمتلك أيّ خبرة في أيّ مجال كان، لما كان نصف الشعب الإيراني يعيش تحت خطّ الفقر. ولو كان فلاديمير بوتين يمتلك نموذجا لدولة عصرية، لما كان المجتمع الروسي يعاني من كلّ الأمراض التي يعاني منها، على رأسها مرض الفساد.
لم يعد السؤال، للأسف الشديد، أيّ مستقبل للسياسة الروسية والإيرانية في المنطقة، بمقدار ما أن السؤال كم من الأضرار ستلحق بالمنطقة بسبب هذه السياسة..

الغرق الايراني القاتل في حروب الشرق
داود البصري/السياسة/13 كانون الأول/15
النظام الايراني المتشابك في أكثر من محور، والمتورط في أكثر من صراع، والمثير للفتن والأزمات هو اليوم يواجه خيارات صعبة ومدمرة تتمثل في كيفية التعاطي مع خسائر لم تعد تحتمل، وفقدان للنفوذ وانحسار للهيبة باتت من سمات مرحلة الانهيار الايرانية الراهنة.
ثمة حقيقة ستراتيجية أفرزتها حالة الحرب السورية الطاحنة، والتي تحولت اليوم لنزاع أممي تجاوز كثيرا شعارات تغيير النظام السوري التي انطلقت قبل خمسة أعوام، لتصل لحالة نشوء وانبثاق وحتى اختفاء نظام دولي جديد!، تلك الحقيقة العارية التي تقول أن اختلاط أوراق الصراع وتداخل أطرافه في العمق السوري قد أديا لتدويل الأزمة السورية بشكل متوحش وفظ من خلال استدراج مختلف ضباع الدنيا للحقل السوري، فبداية التدخل الأجنبي كانت من خلال أفواج الميليشيات الطائفية الايرانية والعراقية واللبنانية ثم الباكستانية والأفغانية التي رفعت شعارات ومبررات طائفية رثة للتدخل بشكل واسع لحماية ما أسموه المراقد والأضرحة رغم أن الثورة الشعبية السورية كانت ضد النظام الارهابي المجرم المستبد، وليس ضد ضريح أو قبر أو معلم تاريخي، وكان النظام الايراني يدير قواعد الاشتباك والتدخل من خلال تلكم الرؤى المريضة، حتى وصلت الخسائر البشرية في جموع الميليشيات لدرجة مقلقة، فقرر الايرانيون توسيع وتطوير التدخل والحماية من خلال الزج المباشر بقوات الحرس الثوري الايراني وتحديدا قيادة «فيلق القدس» العقائدية التي يقودها السردار قاسم سليماني الذي حاولت آلة الدعاية الايرانية تصويره كأسطورة سوبرمانية لا تقهر من خلال تسليط الأضواء على تحركاته العسكرية في العراق والشام واليمن ولربما دول خليجية أخرى، ولكن ماحصل بعد ذلك كان كارثة مضافة أيضا، اذ وصلت الخسائر البشرية والمادية في صفوف قوات الحرس الثوري لأرقام مرعبة بعد أن خسروا نخبة قياداتهم من أمثال اللواء حسين همداني وغيره، حتى أن قائد الفيلق وهو سليماني نفسه قد أصيب اخيرا اصابات بالغة في معارك ريف حلب الجنوبي أبعدته عن مركز القيادة المباشر وظل مصيره غامضا في ظل تضارب الروايات حول خطورة اصابته!، وبصرف النظر عن كل الجوانب المادية فان هزيمة قوات الحرس الثوري الايراني في الشام هي الحقيقة المركزية الراسخة التي ثبت تحققها ميدانيا وأضحت المعبرة عن تصرفات القيادة الايرانية ومنهجيتها في التعامل مع الحالة السورية ، فبعد الدخول الروسي العسكري المباشر على خط المشكلة السورية تعقد الوضع الاقليمي بشكل خطير ولكن الحلف الايراني ـ الروسي قد تعزز عبر صفقات تسلح صاروخية روسية لايران وعبر تخفيف الضغط العسكري على الحرس الثوري الذي يعاني من استنزاف دموي قاتل في معارك الجبهة السورية!، ولكن حجم ودرجة التوسع الايراني والانغماس والتورط في ملفات المنطقة يجعل من الايرانيين في حالة قلق دائم وجاهزية مستمرة من أجل ادامة الحشد وادارة الحرب، فقد أعلن قائد القوات البرية الايرانية الجنرال بودستان عن امكانية توسيع اطار المشاركة الايرانية في الحرب الكونية السورية المصغرة، وذلك من خلال اشراك الجيش الايراني وسلاح الجووحتى القوات البرية وهو ما يتجاوز كثيرا مشاركة قوات النخبة في الحرس الثوري التي أستنزفت بالكامل؟ أي أن الوجود الايراني سيتجاوز كثيرا مرحلة المساعدة المعلنة للنظام السوري ليدخل في اطار وجود احتلالي عسكري مباشر للأرض السورية وبطريقة فجة وغير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية في الشرق الأوسط!، الايرانيون يعلمون علم اليقين بأن هزيمة واضمحلال النظام السوري معناه في نهاية المطاف توجيه ضربة قاصمة لمجالهم الحيوي الشرق أوسطي الذي بنوه بالتضحيات والدماء طيلة أربعة عقود من العمل التبشيري المستمر ومن التحالف الستراتيجي مع نظام آل الأسد، وهذا الانهيار سيرتد وتتردد أصداؤه المدمرة في العمق الايراني وبما يجعل صانع القرار الايراني عاريا بالكامل أمام اتجاهات الرياح الدولية المتضاربة، لذلك كانت التصريحات الرسمية الايرانية تؤكد دائما على كون بشار الأسد خط أحمر لايمكن تجاوزه من وجهة نظرهم! وبما يعبر عن اشكالية سياسية وأخلاقية حقيقية في مواجهة الشعب السوري وارادات دول المنطقة الفاعلة. التهديد بتدخل الجيش الايراني المباشر في النزاع السوري أمر لن يجدي ولن يغير في موازين القوى أبدا، بل ستزداد الخسائر الايرانية المباشرة، وبالقدر الذي قد يحرك الشارع الايراني ويضرب في الصميم قواعد الاقتصاد الايراني الهشة وصفقات التسلح المليارية مع الحليف الروسي لن تنقذ أبدا الأوضاع المتهاوية. الحقائق الميدانية تقول أن الايرانيين في مواجهة كارثة حقيقية لن يخفف من وطأتها الشعارات الرنانة التي سحقت تحت أقدام ثوار الشام الأحرار.