ميشال نصر: البيطار يُسقط صفا… والخير لَقِدّام

108

البيطار يُسقط صفا… والخير لَقِدّام!

ميشال نصر/ليبانون ديبايت/06 تشرين الأول/2021

على خطين متوازيين تعمل حارة حريك: حملة مركّزة على المحقق العدلي بلغت حدّ التدخل العلني المباشر “للحاج وفيق”، و”اختبار” ضد الجيش اللبناني تولاّه السيد صفي الدين. ما يجمع بين المسارين، حبلٌ أميركي “تخين”، فالأول تلقّى ما يكفي ويزيد من دعم واشنطن، والثاني، كما درجت العادة عشية كل تسريب عن زيارة لقائده إلى واشنطن، محاولة “ترهيب وترغيب”.

ففيما الأزمات المعيشية على حالها بلا حلول، وجولات الموفدين الفرنسيين في حلقة “الحركة بلا بركة”، عادت كرة نار التحقيق في تفجير المرفأ الى ملعب المنظومة الحاكمة ومحاولاتها اللامتناهية للعرقلة، لينتصر “البيطار” وجبهته معنوياً، ما سيسعّر المواجهة مع “الطبقة”، في معركة الدولة، أو ما تبقّى منها، مع الدويلة، معركة القضاء مع الميليشيات، معركة الحقّ ضد الباطل، معركة رجل القانون ضدّ أمنيي الشارع، بين من يريد العدالة للضحايا وذاك الذي يريد العدالة ضحية، ليُسقط الركيزة الأساسية لأي قيامة لمفهوم الدولة ليستقرّ نموذج دويلته.

فهل كانت خطوة صفا دعسة ناقصة؟ أم هي قرار حزبي عن سابق تصوّر وتصميم؟ أكانت دليل قوة أم ضعف؟ الجواب واضح كما السؤال، الذي ما عاد يتركّز حول ما إذا كان رئيس وحدة الإرتباط قد “تنطّح” وهدّد المحقّق العدلي، بعدما ثبت ذلك بالدليل القاطع وإفادة الشهود وداتا الإتصالات، بل الأهمّ كيف سيردّ “الريّس بيطار”، وهل يضمّ “قضية” التهديد إلى الملف الأساس لتفجير المرفأ، ليتوسّع في التحقيقات؟

مصادر متابعة لحركة المحقّق العدلي، أكدت أن الأسبوع الأخير سمح للبيطار، بمراجعة خطته الهجومية واستراتيجيته، مدعّماً نقاط الضعف، راسماً خطوط تحرّكه والإجراءات التي سيباشرها مع إعادة إطلاق تحقيقاته، واعدةً بمفاجآت من العيار الثقيل، لن تقف عن حدود توقيف المدّعى عليهم، بعدما رسم الشعب اللبناني والمجتمع الدولي خطوطاً حمراء حول البيطار وسلامته، كما حول شفافية واستقلالية تحقيقاته، فهل يضرب ضربته باستدعاء “ثلاثي الحزب” ويعلن تنحّيه؟ واستطراداً أوليس من الواجب استدعاء الوزيرين السابقين وئام وهاب ومروان شربل للإستماع الى إفادتيهما؟

أكيد أن جوقة الممانعة وردّيدة المقاومة، قد جهّزوا العدّة للهجوم، على محورين، الأول، عمالة القضاء وخضوعه للإملاءات الأميركية الساعية لحماية “عميلها” البيطار، والثاني، باتجاه “الريّس إيليا” باعتباره مقرّباً من “البرتقالي”، وبالتالي انحيازه لصالح وجهة نظر “بعبدا”.

وفي كلا الحالتين، الإتهامان مردودان، فلا الأول “عميل” لواشنطن، وإنما العالم كله يقف في صفّه لحمايته في دولة عاجزة عن حماية “دار قضائها المُباح” لحكم الميليشيات، ولا الثاني “عوني”، إذ عمد إلى اتخاذ القرار وفقاً للأصول دون تضييع للوقت وعملاً بضميره المهني.

أمّا المعترضون الأربعة ف”مِختفي حِسُّن” بعدما وكّلوا “ولي وفيق” ناطقاً بإسمهم، بين فارٍّ من العدالة، وسائحٍ في القاهرة، وآخران غيّرا مكان إقامتيهما وسط تدابير مشددة، خوفاً من “غارة” شعبية. أمّا “سندباد”، فوحده يصول ويجول موزّعاً شهادات النجاح السياسية، بدعم “مولوي” مفتوح حتى الساعة. علماً أن شهادة أحد المطلوبين الأساسيين، تقود حتماً إلى “حزب الله”، وقد تجرّ العديد من القيادات الأمنية والعسكرية، في حال أعاد تأكيد ما يقوله في مجالسه الخاصة.

لذلك، باتت “وجهة البوصلة” واضحة، وما عاد الإختباء وراء الإصبع والمراعاة “بترجّع” حق، فالمواجهة مع الحزب لا تقلّ أهميةً عن مواجهة باقي الطبقة، والإستثناء سيؤدّي إلى خراب البصرة وانهيار التحقيق وخسارة الضحايا ودمائهم، فالدويلة لن تتخلّى عن منظومتها الفاسدة حيث لا مجال لجريمة الإهمال الوظيفي، بل تواطؤ كامل مع المجرم، في “نقطة” تختزل تركيبة الدولة المحكومة من الدويلة.

النتيجة حتى اللحظة، وفقاً للشاطر حسن وفرقته هذه المرة، كالتالي، “ما طار طَير وارتفع إلاّ كما طار وقع”… فالقضاء أدّى قسطه للعلى بدقّ المسمار الأول في نعش الدويلة، بمساعدة الرئيس إيليا، كاسراً شوكة ترهيب الميليشيات “بالقبع” في الخطوة الأولى من رحلة الألف ميل، على أن يحتذي به آخرون ممّن وجب عليهم حماية مؤسّساتها من هجمة الميليشيات… “فالشمس شارقة والناس قاشعة”، ولو لم يُرد البعض أن يرى، وكما قال “الشاطر” “للسيد” سابقاً، الحقيقة ستُكشف والعدالة ستتحقّق، شاء الشعب شاء وأبى الحزب أبى… ولن ننتظر أربع سنوات ليبقّ الوهاب البحصة حفاظاً على الوئام…. فالشعب والبيطار أكثرية و”البوطة” و”حارتها” أقلية… فمن له أذنان سامعتان فليسمع.

https://www.lebanondebate.com/news/539467