شارل الياس شرتوني/الفاشيات الشيعية والمنظومة المافياوية وحلف الافاعي

92

الفاشيات الشيعية والمنظومة المافياوية وحلف الافاعي
شارل الياس شرتوني/29 آب/2021

حكومة، لا حكومة، لعبة تقاذف المسؤوليات تكمل مسارها، لا تحقيق مع حسان دياب بشأن عملية المرفأ الارهابية لانه في ذلك مساس بكرامة الطائفة السنية التي اكتشفت مؤخرا أن حسان دياب يمثلها، حزب الله يعلن التزام تحالفه مع عون وتأييده للنادي الاوليغارشي السني في رفضه التحقيق مع رئيس حكومة القاصرين المستقيلة التي أتى بها استكمالا لوضع اليد على المؤسسات الدستورية في البلاد. في كلتا الحالتين نحن أمام سياق سياسي مزور، يستخدم القصور العقلي لميشال عون واضطراباته السيكوپاتية ووهاماته للإبقاء على الفراغ الحكومي وتعميق الشرخ مع السنة، ويستثمر في المظلومية السنية المفبركة من قبله لنسف التحقيق القضائي الذي يخشاه. بالمقابل، تعمل الفاشيات الشيعية والمافيات المتواطئة على تفعيل الأزمات الحياتية على كل المستويات من خلال تفخيخ التسويات السياسية، والاستنكاف عن معالجة الأزمات المعيشية التي أوصلت البلاد الى حد الانهيار الشامل لكل القطاعات المالية، والخدماتية، والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والبيئية…، وإحالة المواطنين الى أحوال من الاعياء المعمم واليأس والتعايش الاكراهي مع هذا الواقع.

لا سبيل للخلاص من هذا الواقع وقيوده المتشعبة ما لم نعي الترابط القائم بين هذه الأزمات المفتعلة وأهدافها المتحركة والسياسة الانقلابية التي وضعها حزب الله من أجل تغيير الديناميكيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية في البلاد عن طريق سياسة الانهيارات المبرمجة، والإرهاب الجماعي والفردي (انفجار المرفأ، الاغتيالات)، والتموضع على خط النزاعات الاقليمية على تنوع محاورها (اسرائيل، الأراضي الفلسطينية، سوريا، العراق، اليمن، البحرين،…) تأكيدًا على دوره المحوري في قيادة السياسة الانقلابية الشيعية التي تديرها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتحويل لبنان الى مركز لإدارة وتبييض أموال الاقتصاد الاجرامي الذي أسسه دوليا. هذا يعني بكلام آخر أن النفاق الذي يحكم اداء الاوليغارشيات السنية والدرزية وملحقاتها في الاوساط المسيحية، يسعى الى تصوير الأزمة على أنها دستورية وسياسية وفردية، في حين أننا امام سياسة انقلابية تستعمل الغطاءات المؤسسية سبيلا لتحفيز التناقضات السياسية، وتدمير الشروط البنيوية لاعادة بناء السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والخروج من سياسة التدمير المنهجي للدولة والكيان على حد سواء، كما تؤكدها مواقف قيادات حزب الله والمؤسسات الدينية والمقولات الشعبية السائدة في الأوساط الشيعية. أما سبب استهداف المسيحيين فبين بعد سقوط ورقة عون التي استخدمت كحصان طروادة من أجل استتباعهم من ضمن خطة تتوخى تغيير جغرافية البلاد السياسية، وإسقاط معادلات الاجتماع السياسي التعددي والليبرالي، وتوسيع مدى مداخلة سياسة النفوذ الشيعية إقليميًا، واستبدالها بتقاسم مع سياسات النفوذ السنية بشقيها الاوليغارشي الداخلي والتركي مع تعذر التفاهم،حتى الساعة، مع المحور السعودي ومداراته الخليجية.

إن أية مقاربة للأزمة من زاوية اللعبة المؤسسية هو تجاهل للواقع، ووقوع في التضليل الذي يحاول إشاحة النظر عن أبعاد السياسة الانقلابية بإتجاه مماحكات الاوليغارشيات الناهبة والمتواطئة على قاعدة المبادلات والتغطية والتقاسم لمسالب الدولة الوهمية التي أحالتنا إليها جمهورية الطائف. إن الابقاء على قواعد هذه اللعبة هو مشاركة في إيصالها الى أهدافها في وقت قياسي، كما ظهرته عملية المرفأ الارهابية التي لا تفهم الا من خلال السياسة الانقلابية التي تسعى من خلال سياسة التدمير الشامل وتزوير مرتكزات الحياة السياسية، الى إطلاق مرحلة تصفية الكيان اللبناني والتأسيس لديناميكية سياسية بديلة. لا مجال لأي تغيير دون إسقاط المنظومة الحاكمة بأمر حزب الله وشركاه، ولا سبيل لذلك في ظل معادلات النفوذ القائمة، وبالتالي إن اللجوء الى القانون والمؤسسات الدولية أصبح محتوما، والا فنحن سائرون باتجاه اهتراء نزاعي مديد سوف يحيلنا الى الفراغات الاستراتيجية المتنامية والى النهيليات الاسلاموية المتأهبة، التي هي جزء من سياسة حزب الله الانقلابية على الرغم من محاذيرها، هذا مع العلم أن سياسة حافة الهاوية التي يعتمدها ليست حكرا على أحد.