شارل الياس شرتوني/حزب الله يدمر لبنان، وكل كلام آخر خارج عن الموضوع

151

حزب الله يدمر لبنان، وكل كلام آخر خارج عن الموضوع
شارل الياس شرتوني/22 آب/2021

إن التراكم التصاعدي للأزمات المالية والحياتية على تنوع مندرجاتها ليس من باب الصدفة، بل هو نتيجة لسياسة الانهيارات الإرادية التي تسعى إليها الفاشيات الشيعية، تكملة لما أسست له جمهورية الطائف منذ ثلاثة عقود وما سبقها من تدمير لمرتكزات البلاد السيادية، تحول معها لبنان الى أرض نزاعات بديلة، سعت من خلاله سياسات النفوذ الداخلية على خط التقاطع مع المحاور الاقليمية والدولية، الى تغيير مرتكزات الاجتماع السياسي في لبنان بمكوناتها التعددية والليبرالية والديموقراطية، والقضاء على الذخر الاجتماعي الذي بني على مدى مئة عام، وصولا الى تغيير بنية البلاد الجيو-پوليتيكية. ليس صحيحا أن استحالات التأليف الوزاري عائدة لاعتبارات دستورية أو ميثاقية، أو أن المسائل المالية على صعوباتها غير قابلة للحل، المسألة تكمن في إرادة التعطيل المنهجية التي يعتمدها حزب الله وحليفه الشيعي، نبيه بري، ومستنسخاته (ميشال عون وحسان دياب، سعد الحريري، نجيب الميقاتي) تمهيدا لترسيخ واقع الانهيارات المعممة، والدفع بالهجرة، وتغيير الديناميكيات المدنية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية من خلال وضع اليد على السياسات العامة، واستثمار واقع الفساد المعمم، والعمل الارهابي كما ظهرته عملية المرفأ الارهابية، وتثبيت مناخات عدم الاستقرار الأمني من خلال سياسة التوتر الاستنسابي مع اسرائيل، وتحويل لبنان الى قاعدة لسياسة الانقلاب الشيعي التي تديرها إيران على المستوى الاقليمي، والى ملاذ لاقتصاد الجريمة المنظمة وتبييض الأموال التي يديرها دوليا، وسياسة الاغتيالات المتنقلة والارهاب المتعدد الأوجه التي لازمت أداءه منذ أربعة عقود.

إن أية مقاربة للأزمة الحاضرة خارجًا عن سياسة التعطيل التي يعتمدها حزب الله تقع في دائرة التجاهل والتعمية الارادية، التي تؤدي الى ترسيخ هذا المسار وتغطيته على نحو مباشر أو غير مباشر. إن سياسة التدمير المنهجي المعتمدة هي وراء هذا المسار الذي يسعى الى تثبيت واقع الاهتراء المديد، الذي تستثمره الاوليغارشيات المافياوية المتحالفة مع الفاشيات الشيعية من زاوية حماية المصالح المشتركة التي أسست لنهب الاموال العامة والخاصة من خلال سياسة الديون البغيضة، وتحويل الدولة الى الأداة الفضلى لتكوين الزبائنيات والحيازات التي جعلت من المرافق العامة المدخل الأساس لسياسات الاثراء الاوليغارشي، والسطو على القطاعات المالية والاقتصادية في البلاد، وتقويض مرتكزات المواطنية، المدنية والديموقراطية والاتيكية، وتحويل الحياة العامة الى حلبة صراع مميت بين قوارض، وإشاعة مناخات الهمجية والجشع على كل مستويات التبادل الاقتصادي والاجتماعي، واستراتيجيات السيطرة الشيعية والسنية وملحقاتها في الاوساط المسيحية. لا إمكانية للخروج من واقع الاهتراء الإرادي المديد دون استقامة موازين القوى السياسية غير الممكنة في ظل الارهاب الذي يظلل الحياة السياسية والأمنية في البلاد. هذا يعني أنه لا بد من توحيد عمل المعارضة السياسية على تنوع اجنحتها، حول المطالبة بتدويل الأزمة اللبنانية تحت آلية الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة.

أما جوابي على المشككين بفائدة التدويل وحيثياته وإمكانياته مباشر: ماذا يعني اللجوء الى صندوق النقد الدولي والصناديق المانحة لحل المسائل المالية، لما التعاطي مع برامج المساعدات الدولية والمنظمات غير الحكومية من أجل معالجة الأزمات الإنسانية الناشئة عن انفجار المرفأ وحريق التليل، والحرائق المتنقلة والتدمير المنهجي للمواد الطبيعية والنسيج الايكولوجي، ووباء كورونا لجهة الپروتوكولات العلاجية واللقاحات، ولما تخريج القرارات الدولية من أجل تثبيت اتفاقية الهدنة مع اسرائيل، ووقف التفاعلات النزاعية التي دمرت لبنان على مدى أربعة عقود ( ١٧٠١، ١٦٨٠)، واستعادة سيادة الدولة لسيادتها في الشؤون الأمنية والدفاعية (١٥٥٩)، ولما استثناء المدخل الأساس للاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي وما يقتضيه من حوار سياسي يخرج عن دائرة الاقفالات الاوليغارشية التي فرضتها الائتلافات المافيوية والفاشية. إن المواجهة مع الفاشيات الشيعية غير ممكنة خارجًا عن التدويل، والا فالبلاد قد دخلت في سياق الانهيارات البنيوية التي تجتاز الشرق الاوسط الكبير من افغانستان حتى لبنان، والوقوع في شباك النهيليات التي تحكم المسارات السياسية في المدى العربي والإسلامي، والسياسات الامپريالية التي تظللها على خط النزاعات السنية والشيعية المتفلتة في كل ارجائها.