عبدو شامي/الجيش اللبناني وامتحان القلمون السوري

635

الجيش اللبناني وامتحان القلمون السوري
عبدو شامي

06 أيار/15

مع نهاية شهر نيسان ودخول شهر أيار الحالي تسارعت وتيرة المستجدات السياسية في المنطقة بشكل ملحوظ، وكان لبعضها تأثيره الواضح على لبنان كنتيجة طبيعية ومؤسفة لتوريطه في خندق المحاور المتصارعة.

فعلى الجبهة السعودية-الإيرانية، أعلن تحالف “عاصفة الحزم” بشكل مفاجئ في 21/4/2015 عن انتهاء عمليته العسكرية في اليمن ضد الحوثيين الإيرانيين، وإطلاق عملية “إعادة الأمل” لإعادة ترتيب البيت اليمني سياسيًا وانمائيًا، وانتقال التحالف الى الضربات الجوية الانتقائية لمساندة المقاومة اليمنية الوطنية على الأرض؛ وعلى الرغم من تبرير السعوديين توقف عاصفتهم المفاجئ بأنها حققت أهدافها، يُرجَّح أن يكون السبب الحقيقي ناتج عن العامل الإنساني الذي بات مأسويًا في مدن كثيرة، إذ على الرغم من تحقيق العملية العسكرية القسم الأكبر من أهدافها بقطع الإمدادات الإيرانية عن الحوثيين وتدمير سلاحهم الثقيل، إلا أن الرئيس اليمني لا يزال في السعودية غير قادر على التوجه الى اليمن لإدارة شؤون البلاد حيث المعارك محتدمة في العاصمة ومدن عدة. توقف “عاصفة الحزم” كان له انعكاساته على الساحة اللبنانية، حيث هدأت حملة التراشق الكلامي المعيبة بكافة المعايير بين “تيار المستقبل” السعودي والحزب الإيراني الإرهابي، وذلك بعد أن بلغت حدًا صبيانيًا سخيفًا في الدفاع عن أولياء الأمور على طريقة “أبي أقوى من أبيك”!!

الشأن السوري وجبهاته العسكرية المتعددة كان له نصيبه الدسم من تسارع الأحداث، فقد نشرت صحيفة “ديرشبيغل” الألمانية في 18/4/2015 وثائق تظهر ما أشبعناه بحثُا وتأكيدًا من أن “داعش” هي صنيعة نظام الأسد لتشويه الثورة السورية والقضاء عليها، وكان الخبر المدوي في 24 نيسان مع إعلان النظام الأسدي عن هلاك رئيس شعبة الأمن السياسي السابق اللواء “رستم عزالي” صاحب التاريخ الأسود في لبنان قبل سوريا، وكل الأخبار والتحاليل تشير الى أن “غزالي” تعرّض لتصفية على يد نظامه المجرم عبر حقنه بمادة سامّة تسببت بموته البطيء وذلك إثر خلافات داخلية على الدور الإيراني في درعا مسقط رأسه والتي تمّ ضربه وعزله على أثرها. الدور اليوم وصل على ما يبدو الى اللواء “علي مملوك” الذي شاعت الأنباء عن إصباته بمرض سرطان الدم في مراحله الأخيرة. وأيًا تكن أسباب موت “غزالي” ومن سبقه ومن سيلحق به من رموز “الأسد”، وسواء كان لها ارتباط بجرائم الداخل السوري أم باغتيال الرئيس “رفيق الحريري” لمَحوهم وأسرارهم، تبقى العبرة بموت القاتل شرّ ميتة، وأن من ارتضى العمالة لجهة ما على حساب أهله ووطنه ستكون نهايته على أيدي من يعمل عندهم عندما تنتهي مهمته ويصبح عدمه أنفع من وجوده.

ميدانيًا، أخيرًا، وبعد توحُّد الثوّار، سقطت نهاية نيسان محافظة “إدلب” بيد المعارضة السورية المسلحة وتم تحريرها مع “جسر الشغور” من الاحتلال الأسدي، لنكون أمام نقطة تحوّل استراتيجية في الحرب السورية، حيث باتت الطريق مفتوحة أمام الثوار باتجاه الساحل السوري حيث الثقل العلوي ومسقط رأس الأسد “القرداحة”، إلا أن ذلك لا يعني أن سقوط النظام بات وشيكًا جدًا، ذلك أن العاصمة لا تزال في قبضته وبقاءه ببقائها وإن فقد السيطرة على جميع البلاد، وهي تحظى بحماية دولية من وصول الثوار الإسلاميين إليها بحسب ما أعلن الأميركيون في آذار الماضي.

لبنانيًا، باتت معركة القلمون واقعة بين ليلة وضحاها، وقد حصد الثوار في مناوشاتها قبل أن تبدأ 5 من كبار قادة الحزب الإرهابي الغازي!! وفيما يقرع الحزب طبول هذه المعركة الواقعة خارج الأراضي اللبنانية يلاحَظ أن لا مكان ولا صوت للدولة أو الحكومة اللبنانية في المعادلة، أما طاولة حوار الذل فيكتفي فيها “المستقبل” بـ”الاستفسار” عن ما يعزم الحزب توريط لبنان فيه؛ من جهته “القبضاي” على أهله مستمر في حملته الانتخابية لرئاسة الحكومة بإدارة الوزير الأصيل “وفيق صفا”، وجديد “قبضاينا” ابتكاره تقنية جديدة لمحاربة “الإرهاب” تقوم على اعتقال الزوجات إن لم يُعثر على أزواجهم المطلوبين! وبالنسبة للخطة الأمنية الهزلية والكوميدية في الضاحية فهي لا تزال مستمرة أما توقيفاتها فتتم في طرابلس وصيدا!

العين اليوم على الجيش اللبناني وكيفية تعامله مع اعتداء الحزب الإرهابي على الأراضي السورية انطلاقًا من لبنان، هل ستكون على طريقة غضّه الطرف عن جحافل الحزب التي تستبيح الحدود ذهابًا وإيابًا كل يوم؟ أم سيتجاوز ذلك ليصبح ظهيرًا داعمًا للحزب الإرهابي وينخرط لصالحه في عمليات إسناد تورّط لبنان بجيشه وشعبه في معركة خارج حدوده يُستخدَم فيها أبناؤنا العسكريون كما سلاح الهبتَين السعودية والأميركية كرمى لمشروع الحزب وإيران والأسد؟ وهل سيدخل الصراع “العَوني” على قيادة الجيش في مجريات المعركة؟ لا شك أن الجيش أمام امتحان حساس والجواب عن الأسئلة رهن الأيام الآتية.