أنطوان مراد/بين نيسان الموت ونيسان القيامة

762

بين نيسان الموت ونيسان القيامة
أنطوان مراد – رئيس تحرير إذاعة “لبنان الحر/13 نيسان/15

اليوم تحلّ الذكرى الاربعون لبداية الحرب في لبنان.

كنّا فتية نسمع عن التفلّت الفلسطيني وكيف أطلق الرئيس سليمان فرنجية الجيش اللبناني لمواجهة ذاك التفلّت في العام 1973، فتدخلت الدول العربية ليتوقف الحسم وتنفجر الحرب بعد عامين مع بوسطة عين الرمانة، التي كانت  رداً على قتل جوزف أبو عاصي أول شهيد في الحرب التي استمرّت خمسة عشر عاماً وما زالت إرهاصاتها وتداعياتها قائمة على أرض الواقع وفي الأذهان على السواء.

تعرّض الجيش لحملات مسعورة، بحجّة أنه جيش السلطة والموارنة والمارونية السياسية. تحالف بعض اللبنانيين مع المقاومة الفلسطينية كما سُمِّيت. رفض رشيد كرامي إنزال الجيش . انقسم الجيش، وتخذت الحرب منحى طائفياً في جانب منها. حاول ياسر عرفات السيطرة على لبنان لتحويله وطناً بديلاً، واعترف بذلك لاحقاً واعتذر، ولم يتردّد أبو أياد في القول “طريق فلسطين تمرّ في جونية”، وكان طريق تل أبيب – تونس لاغتياله أقرب.

ومع ذلك كان عنوان المقاومة أحد المحرَّمات والمقدّسات مهما ارتُكب باسمها من فظاعات، تماماً على غرار عنوان المقاومة اليوم.

الفلسطينيون ضلّوا وسعوا إلى الهيمنة على لبنان، وإطاحة كل لبناني يتصدى لمشروعهم، وبالطبع فشلوا.

وإن ننسى لا ننسى بعدما دخل جيش النظام السوري بحجة وقف الحرب، كيف تحوّل بدوره طرفاً وهشّم بالأحرار من كل طائفة، وحاصر المناطق الشرقية بالحديد

والنار، لكن أبطالها الذين انضووا في القوات اللبنانية بقيادة بشير الجميل، نجحوا في التصدي لجيش الأسد في مناطق، وطرده من مناطق أخرى.

اغتالوا بشير وجاء سمير ليعيد الثقة والأمل . صار ما صار، أُقرَّ الطائف ليترسّخ انقسام جديد بين مرتهنين ومهادنين ومقاومين رافضين للوصاية السورية. اعتقال، نفي، تنكيل، اغتيال، تهويل ، ابتزاز، إحباط ، نهب، صفقات وفساد.

حاول النظام السوري ثنيَ إسرائيل عن الإنسحاب من الجنوب عندما أعلنت نيتها تطبيق القرار 425 . مُنع الجيش اللبناني من الانتشار، وتعرّض الياس الهراوي ورفيق الحريري للتأنيب على هذه الغيرة!

كرّر النظام السوري محاولاته، لأن الانسحاب من الجنوب يُسقط ورقة مهمة من يد النظام السوري. لكن الإسرائيليين انسحبوا في نهاية المطاف. وكان النداء التاريخي لمجلس المطارنة الموارنه برئاسة البطريرك التاريخي وأب الاستقلال الثاني مار نصرالله بطرس صفير.

عاند النظام السوري وناور وهدّد ونفّذ ، مطلقاً بمعاونة الحلفاء الأوفياء، وبعد الإجهاز على رفيق الحريري، مسلسل اغتيال قادة ثورة الأرز ورموزها، ، رداً على انسحابه الذليل من لبنان.

لم يترك نظام بشار السلاح في يد حزب الله فحسب، بل راح يرفده بالمزيد مشحوناً من إيران عبر الأراضي السورية، بداعي أن التحرير لم يكتمل، مع أن الدولة اللبنانية كرّست له عيداً، وحزب الله احتفل به أيّما احتفال. لم يكتمل التحرير في رأي النظام السوري والحزب ، لأن مزارع شبعا يقيت محتلة، علماً أن المزارع لا علاقة لها بالقرار 425 . صحيح أنها لبنانية في الأساس، لكن الصحيح أيضاً، أنها بحسب القانون الدولي سوريّة تحتلها إسرائيل مع الجولان منذ العام 1967.

دعا لبنان النظام السوري إلى الاعتراف بلبنانية المزارع ، فلم يعترف بل اكتفى بالشعارات الخشبية حول الأخوّة والعدو المشترك. المزارع ورقة أخرى للإبتزاز وتبرير سلاح حزب الله.

همُّ الحزب كان الاحتفاظ بسلاحه كجزء من رهان النظامين الإيراني والسوري، واكتفى في مزارع شبعا بمقاومة “الشَولَحة” على ما يقول الجنوبيون، لمجرد إثبات الوجود.

لكنه ارتكب أو افتعل عملية “لو كنت أعلم”، فقدّم أكبر خدمة مجانية لإسرائيل التي اجتاحت حتى الليطاني وكرّست توسيع انتشار اليونيفل وزيادة عديدها أضعافاً، وحصلت على القرار 1701، وأبقت صواريخ حزب الله في المستودعات، بل إن الحزب ساهم ويساهم بحماية إسرائيل من أي محاولات لإطلاق الكاتيوشا على الجليل.

وأخيراً، تكشّفت حقيقة تمسّك الحزب بسلاحه، لا مقاومة ولا بلّوط وكستناء وخرّوب. إنه سلاح في خدمة الولي الفقيه: آلاف المقاتلين في سوريا، مجموعات إلى العراق، إلى اليمن، بالتكافل والتضامن مع الحرس الثوري وفيلق القدس وعصائب أهل الحق والشبّيحة والحشد الشعبي والحوثيين…

وجاءت عاصفة الحزم، لتقلب الموازين والحسابات والمشهد الإقليمي.

أما في لبنان ، وفي الذكرى الأربعين ل13 نيسان 1975، فإننا نحيّي “النيو مقاومة”  على تكرار مأثرة طريق فلسطين تمر في جونيه، بإنجاز تحرير ما بعد بعد حيفا ويافا عبر تحرير القصَير وحمص وحلب والأنبار والرمادي وعدن وتعز.

فصل ثان

أحسن الزميل داني حداد بكتابة مقال في موقع MTV الإلكتروني بعنوان ” عميد من الجيش وقائد للصدم وجهاً لوجه” ، على خلفية الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، مقدّما شهادة إيجابية معبّرة عبر التنويه بمن يريد أن يغسل بماء الغفران تاريخاً متراكماً، وهم أكثرية، في مقابل من يريد أن يقبع وراء متراس الأحقاد، وهم يُعدّون على أصابع اليد الواحدة.

تحدث حداد إلى كل من العميد المتقاعد في الجيش فؤاد الأشقر، وبيار جبّور القائد السابق لمجموعة الصدم في القوات اللبنانية، والتقى الرجلان على طي الصفحة والتعلّم من تجارب الماضي والتركيز على الهموم المسيحية والوطنية.

وختم حداد: بوسطة التوافق ناشطة بين الرابية ومعراب، يقودها كنعان والرياشي بتروٍّ، يجتازان المطبّات، والبوسطة كما القافلة، لا تخشى أصوات النباح.

فصح مجيد والسلام.