د. توفيق هندي/قائد الجيش.. إن حكى

54

قائد الجيش.. إن حكى!
د. توفيق هندي/جنوبية/10 آذار/2021

تطرق قائد الجيش العماد جوزيف عون يوم الاثنين إلى عدد من المواضيع المهمة: التضييق المالي على الجيش، رفض تدخل السياسيين في شؤون المؤسسة العسكرية الداخلية (ترقيات، تشكيلات، تطويع، رسم مسارها)، إنزعاج السياسيين من الهبات التي تأتي مباشرة إلى الجيش، وحدة حال الشعب والجيش من زاوية المعاناة، معنويات العسكريين، مسألة ترسيم الحدود، قضية الإمساك وضبط الحدود… غير أن أخطر وأهم ما قاله هو أنهم يريدون الجيش “مطواع بإدين” وأن “هدف الحملات هو ضرب الجيش وتشويه صورته” وأن “فرط الجيش هي نهاية الكيان”.
كلام واضح جداً لمن يريد أن يفهم. الجيش هو ما تبقى من الدولة اللبنانية واقفاً على رجليه. الجيش هو المؤسسة الوحيدة المتبقية التي يمكن للبنانيين التعويل عليها لإعادة إنبعاث لبنان عندما تسمح له الظروف.
من الواضح أن حزب الله هو ومن يدور بفلكه من يريد تطويع الجيش بحيث يصبح بشكل كامل آداة لتسلطه على لبنان واللبنانيين. فهو متوجس من علاقات المؤسسة العسكرية بأميركا ودولاً عربية يعتبرها عدوةً له.
ما يفسر إرادته بالحيلولة دون وصول المساعدات مباشرة للجيش ولا تمر بالطبقة السياسية المارقة التي تسيطر شكلاً على دولة منهارة. لا شك بأن لحزب الله نفوذ الأمر الواقع على بعض الجيش. ولا شك أن العماد جوزيف عون يتعاطى بمرونة وحكمة مع هذا الواقع المؤلم. كما أن حكمته تتجلى أيضاً بمحاذرته الإصطدام عسكرياً بحزب الله، كما قد يتمناه البعض، لأن أي معركة بين الجيش وحزب الله قد تقضي على الطرفين وتدخل لبنان بحرب أهلية مدمرة.
من المعلوم أن ثمة حملة إعلامية منظمة ضد الجيش من اللحظة التي حمّل نصر الله الجيش مسؤولية كارثة المرفأ، إستناداً إلى قوانين وأنظمة لدولة جعلها هو بخبر كان.
الإعلام الذي يلوذ بحزب الله يريد وضع موقف قائد الجيش في خانة معركة رئاسة الجمهورية لجمهورية لم تعد موجودة.
الهدف: النيل من العماد جوزيف عون وتصغيره والتعمية عن الهدف الوطني الكبير الذي أملاه عليه إحساسه بأن لبنان الشعب والكيان والدولة في عين العاصفة وفي خطر وجودي داهم.
العماد جوزيف عون، حتى لو صح أن لديه طموحاً رئاسياً (ولا يبدو لي أن هذا الأمر صحيحاً)، أذكى من أن يدخل معركة رئاسية خاسرة. الصغار لا يمكنهم رؤية إلا الصغائر، ولا يمكنهم مقاربة حقيقة الأوضاع إلا من خلال قلة عقلهم وصغره!