ايلي الحاج/نرفزة على “الرؤساء الخمسة” وغيرهم

56

نرفزة على “الرؤساء الخمسة” وغيرهم
ايلي الحاج/النهار/30 آذار 2017

يبدي تحالف السلطة، المتنافر والمتوافق في آن واحد، سواء في مجلس النواب أو الحكومة قدراً من النرفزة عند كل محطة وحدث داخلي، يثير العجب والتساؤل عن دوافعه. ليست مسألة عابرة أن يلوّح رئيس حكومة برفع الحصانة عن نائب اعترض على مشروع قانون في البرلمان، كما حصل مع رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل. ولا بالسهل أن تتراجع الحكومة بسرعة قصوى وبغير تنسيق عن سلة ضرائب وضعتها لتمويل سلسلة الرتب والرواتب.

وأن يفرط التحالف السياسي الواسع نصاب جلسة إقرارها في البرلمان، بذريعة معارضة أربعة نواب بقوا حاضرين في الجلسة. أقل ما توصف قرارات ومواقف كهذه بأنها عشوائية. حتى النزول إلى تظاهرة المنظمات والهيئات المجتمعية في ساحة رياض الصلح لمحاورتها لم يكن مدروساً كفاية ليؤتي ثماره. العمل الصحيح إعلامياً أقله، هو سعي الرؤساء والأحزاب والشخصيات المشاركة في الحكم إلى الغرف من مطالب اللبنانيين المعترضين ورفعها شعارات للحكم: مكافحة السرقة والإهدار وضبط الفساد في الوزارات والمصالح والمؤسسات الرسمية، بدل فرض ضرائب جديدة على كل الناس. لماذا لم يتنبهوا إلى هذه العناوين قبل أن يحاولوا تمرير الخطة الضريبية؟

ليس عادياً أيضاً أن يُشبّه رئيس الحكومة نفسه حالة الحكم بـ”قطار يسير نحو الأمام ومن يريد أن يستقله فليتفضل”، تعليقاً على مذكرة “الرؤساء الخمسة” إلى القمة العربية في الأردن. وأن تليه موجة واسعة من “الغضب الشديد” لأنهم أعادوا إلى الطاولة موضوعات لا يريد الإئتلاف الحاكم التطرق إليها، مثل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ولا سيما القرار 1701 و”إعلان بعبدا”. بدا أن الغاية من استخدام كلمات وتعابير شائنة في الرد على الرؤساء الخمسة، من أصوات محسوبة على “حزب الله” إجمالاً، هي محاولة تخويفهم من تكرار خطوتهم التي ذكّرت بما كانت تعلن “14 آذار”، قبل انفراط عقدها على أعتاب قصر بعبدا.

لكن الأكثر إدهاشاً استعادة رئيس الحكومة تشبيه والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري الوضع بالقطار السائر إلى الأمام. فمطلع التسعينيات عندما شاع هذا التشبيه، كان لبنان يشهد فورة اقتصاد ومشاريع نادرة لم يشهد لها نظيراً في تاريخه الحديث. وكان الرئيس الحريري الأب يتمتع بدعم هائل سعودي وعربي ودولي، إلى ثقل تأثير لثروته الضخمة في الحياة السياسية اللبنانية، وكانت سوريا حافظ الأسد تمسك إمساكاً محكماً بلبنان ما بعد الحرب و”الطائف”. يختلف الوضع كثيراً اليوم. “حزب الله” الذي حلّ محل النظام السوري في إدارة هذه البلاد لا يمكنه التحكم فيها كما فعل الأسد الأب.