سابين عويس/خيار الثلاثينية انتصر والحكومة ولدت وبدأ جهاد دفع الأثمان بقانون النسبية

106

خيار “الثلاثينية” انتصر والحكومة ولدت وبدأ ” جهاد” دفع الأثمان بقانون “النسبية”

سابين عويس/النهار/19 كانون الأول 2016

عندما أُنجزت تسوية إنهاء الشغور الرئاسي بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتم تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، لم يؤخذ كلام رئيس المجلس نبيه بري على “الجهاد الأكبر” القدر الكافي من الجدية، نتيجة مناخ إيجابي ومتفائل ساد بقوة، منطلقا من اقتناع في الوسط السياسي بأن التسوية الرئاسية لا بد أن تنسحب على تأليف الحكومة، وأن مهلة التأليف لن تتعدى الاسبوعين.ولكن عندما تحدث الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، وفوض إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري قيادة مفاوضات التأليف باسم فريق سياسي يضم ٧٩ نائبا، بدا واضحا ان “الجهاد الأكبر” لن يسهل التأليف، خصوصاً أن كلام نصر الله يعطي الإشارة الى ما ستكون عليه معالم المرحلة، وان ما تم التفاهم عليه بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف قبل الانتخاب لن يصمد وسيخضع لحسابات جديدة.

لا ينفك قريب من بري يذكّر بأن ما حصل أخيراً على صعيد الكباش الحكومي وربط التأليف بقانون الانتخاب، ليس مفاجئا ولا جديداً. وهو يدخل ببساطة في إطار السلة المتكاملة التي سبق لرئيس المجلس أن طرحها على طاولة الحوار واعتبرها المدخل الصحيح لحل أزمة الشغور. وذلك على قاعدة ان إنهاء الشغور الرئاسي ليس كافيا لإطلاق عجلة المؤسسات الدستورية التي لا تكتمل إلا بوجود حكومة فاعلة ومنتجة. أما نتيجة التسوية الاخيرة فتبقى في رأي المصدر نفسه مبتورة وغير مكتملة، لأن انتخاب رئيس للجمهورية ينهي حال الفراغ في سدة الرئاسة ويأتي في إطار المقايضة الناجمة عن التسوية برئيس للحكومة تسميه الكتل النيابية، لكنه لا يؤدي وحده الى تأليف الحكومة، ما لم يتم التفاهم على مكوناتها أولا، وجدول أعمالها ثانيا، وإلا فستخضع بدورها لما خضعت له حكومة الرئيس تمام سلام، تعطيلا وشللا نتيجة غياب التفاهم على سياستها وتوجهاتها حيال الملفات المطروحة.

وفي رأي المصدر إن الملف الأساسي الذي يواجه حكومة الحريري هو قانون الانتخاب الذي تنطلق أهميته من أنه سوف يحدد ميزان القوى التي ستنبثق منه حكومة ما بعد الانتخابات.

ولأن الهدف الحقيقي الذي يجب ان يؤديه قانون الانتخاب الجديد لا يستهدف الثنائية المسيحية المنبثقة عن تحالف ” التيار الوطني الحر” و” القوات اللبنانية”، بل يكمن في إضعاف القوة السنية التي يمثلها الرئيس الحريري وتياره السياسي، فإن معركة قانون الانتخاب ستكون الأقسى والأصعب، خصوصاً ان لا مصلحة للحريري في السير في قانون من شأنه ان يضعفه ويعيده الى البرلمان بكتلة أقل حجماً وتمثيلاً عن كتلته الحالية المنبثقة عن انتخابات ٢٠٠٩.

ولا يغيب عن بال الحريري وفريقه السياسي محاولات الاستهداف التي يتعرض لها لتسجيل المزيد من التنازلات، خصوصا بعدما وافق على السير في انتخاب العماد عون خلافا لمزاج قاعدته السياسية والشعبية. وها هو اليوم يتعرض لاعتداء واضح على صلاحيات رئيس الحكومة، ما أعطى نتيجة عكسية في الوسط السني القيادي منه والشعبي، إذ أدى الى تعاطف ودعم لزعيم الطائفة بما ان الاستهداف لم يعد للشخص بل للطائفة. وقد ارتفعت وتيرة الاستهداف بعد نتائج معركة حلب، بحيث دُفع الحريري الى شروط جديدة كان أصعبها اثنين: العودة عن حكومة الـ٢٤ الى حكومة ثلاثينية بعدما وضعت قوى ٨ آذار شرطا تعجيزيا مقابل رغبة رئيسي الجمهورية والحكومة بتمثيل حزب الكتائب، اذ اشترطت توسيع الحكومة لينضم الى تمثيلها كل من حزبي البعث والقومي والحزب الديموقراطي اللبناني بزعامة النائب طلال ارسلان. وهذا يعني عمليا ضمان الثلث المعطل للحكومة من خارج عون و”التيار الوطني الحر” الذي بات ينطوي على شكوك حيال التزامه الكامل التحالف الآذاري. اما الشرط الثاني فيتمثل بقانون الانتخاب الذي تفرضه الثنائية الشيعية ممرا إلزاميا للتأليف، علما ان هذا الموضوع سيشكل عاجلا أم آجلا مادة متفجرة في وجه الحكومة العتيدة، كما كانت الحال أصلا قبل التأليف.

والمفارقة – المفاجأة ان الحكومة ولدت على عجل مساء أمس بشكل فاجأ الوسط السياسي والاعلامي الذي كان ينتظر الولادة الثلثاء وفق المعلومات التي كانت في التداول، وجاءت ثلاثينية تماماً كما ارادها “حزب الله” و”أمل”، وتمثلت فيها الأحزاب القريبة من سوريا، ايضاً كما ارادها الثنائي الشيعي، فيما بقي حزب الكتائب خارجا! وأعلن الحريري العمل على قانون الانتخاب على اساس النسبية، ما يخالف التفاهمات المسبقة. في الخلاصة، تنازلات تجعل النقاط في رصيد “حزب الله” وفريقه السياسي عالية جداً.