روزانا بومنصف: قانون يؤدي إلى الإمساك بالأكثرية النيابية هو عنوان المعركة التالية بعد الحكومة

70

قانون يؤدي إلى الإمساك بالأكثرية النيابية هو عنوان المعركة التالية بعد الحكومة
روزانا بومنصف/النهار/14 كانون الأول 2016

على رغم الإيجابية التي انعكست على الشارع اللبناني بعد انتخابات رئاسية يرتقب أن تليها حكومة وحدة وطنية، وهي ايجابية تراكم في رأي مراجع سياسية على واقع بقاء لبنان مستقرا نسبيا الى حد بعيد، بصرف النظر عن البركان المشتعل في سوريا منذ ست سنوات، وان كانت لذلك اسباب مختلفة لا مجال للخوض فيها في هذا السياق، فإن ثمة غيوما تتجمع، خصوصا من مسار تأليف الحكومة، موحية ان التسهيل اذا عبر فان هذا لا يعني ان هناك صعوبة ستتوقف عندها الحكومة عند اثارة اي ملف، خصوصا ان على جدول اعمالها جملة استحقاقات لعل ابرزها الموازنة وقانون الانتخاب العتيد.

وليس بعيدا من ارتباط ذلك بمدى الصبر والهدوء اللذين عبر عنهما رئيس الحكومة سعد الحريري خلال مدة التأليف، لم يبدر منه ما يؤشر سلبا او ايجابا الى مسار الامور، لكن كل القوى فعلت وكانت منخرطة على نحو يثير علامات استفهام كبيرة حول المرحلة المقبلة لجهة الكباش السياسي الحاد، وهو ما جعل للحكومة آباء اضافيين غير الآباء المفترضين لها على نحو بديهي. ولذلك، ثمة حذر من المرحلة المقبلة في ضوء الإقرار بأن مسار الحكومة فصل عن مسار قانون الانتخاب من أجل الانتهاء من هذه الاخيرة في مدى معقول، مما يعني حكما ان المناقشات المؤدية الى قانون الانتخاب لن يكون يسيرا. فحتى الان، وفي ظل ضيق الوقت الفاصل عن موعد الانتخابات النيابية، ثمة مخاوف في ظل الكباش الذي حصل حول الحكومة ومآلاته، وهل يمكن الاتفاق على قانون نهائي لا يناسب “حزب الله” وحساباته في ظل طموح سابق للحصول على الاكثرية النيابية؟ فإذا كان قانون الستين وفقا لهذه الحسابات يمكن ان يعطي الحزب وحلفاءه هذه الأكثرية، فمن المرجح ان يعود العمل بهذا القانون، أيا تكن الوعود، بالذهاب الى قانون مختلف، واذا تبين للحزب انه لن يحظى بهذه الاكثرية لأسباب تتعلق بتحالفاته أيضا، فمن المرجح ان يضغط من اجل تغيير القانون واعتماد قانون بديل من الستين، انطلاقا من المعادلة نفسها، وهي السعي الى تأمين الاكثرية النيابية استنادا الى نجاح الحزب في “فرض” معادلته الرئاسية، سواء كان يريد فعلا العماد ميشال عون في سدة الرئاسة الاولى أم لا.

فهذه النقطة تشكل عنصرا مشجعا للسعي من جانب الحزب الى الحصول على المزيد في ظل تعاظم قدرته على القيام بذلك.

والواقع أن السعي الى الحصول على الاكثرية النيابية هو الذي سيكون عنوان المعركة المقبلة، خصوصا في ظل خلط اوراق جديدة حصل في التحالفات السياسية، وفي ظل حسابات دائمة وقائمة حول الحصول على الأكثرية النيابية منذ 2009 بالنسبة الى كثيرين يستعيدون أجواء المعركة الانتخابية آنذاك، والسعي الى ضمان الاكثرية النيابية المقررة وعدم التأكد من ضمان الحصول عليها، وترجّحها بين مقعدين بالزائد او مقعدين بالناقص.

وتاليا، فإن هذه الحسابات ستطل برأسها مع الانتخابات المرتقبة، علما انها تتصل ايضا برئيس الجمهورية الذي لم يتمركز بعد كليا في قصر بعبدا.

ويسود اعتقاد ان قانون الستين بات في حكم المسلم به نتيجة ضيق الوقت لإقرار قانون انتخاب جديد والصراع الخفي على الاكثرية النيابية، وترى مصادر سياسية عليمة ان قانون الستين قد لا يكون مناسبا للحزب وحساباته، وهناك من يدرس اي قانون يناسب تأمين الاكثرية النيابية من اجل اعتماده، علما ان البديل من قانون الستين يترجّح بين احتمالين هما الاكثر حضورا: قانون 13 دائرة على اساس النسبية الذي قدمه الوزير مروان شربل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

وفي رأي المصادر انه لو صفت النية فيمكن قانون النسبية ان يكون فاعلا، ويمكن تنفيذه والمحافظة على من يمثل وليس الغاء الجميع على اساس ان من يمثل 10 في المئة او 49 في المئة لا يكون يمثل فعلا.

 ولا صحة في رأيها للكلام على إعداد يحتاج الى سنة او ما يقارب ذلك من اجل تأهيل اداري ومكننة يساهمان في انجاح التجربة، بدليل تنفيذها في الاردن بنجاح على قاعدة مكننة الفرز الى جانب الفرز اليدوي وتقسيم الاردن الى دوائر وتسجيل كل ناخب اسمه قبل الانتخاب وبعد صدور اللوائح، وهو ما أتاح توزيع كتيبات تشرح عملية الانتخاب وتجرى عبرها.

الاحتمال الآخر هو احتمال ينسب ترويجه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، على رغم وجود مشروع لديه في مجلس النواب يتعلق بالمشروع المختلط ينافس او يلتقي مع القانون المختلط المقدم من “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي، مع فارق اربعة مقاعد بينهما على الاكثري والنسبي، وهذا المشروع هو التأهيل على القضاء قبل الذهاب الى الانتخاب على أساس المحافظة حيث يتم انتخاب ثلاثة لكل مقعد قبل الذهاب الى المحافظة لبت الفوز النهائي لأحدهم.

وثمة ثغرة في هذا القانون، فإذا فاز نواب تحالف “أمل” والحزب في النبطية مثلا، فإن فوز احدهم محتوم على مستوى المحافظة، ولا يفوز احد سواهم، في حين ان اعتماد النسبية الكاملة يمكن ان يفتح الباب على آخرين ايضا، ما لا يرجح ان تناسب لا هذا التحالف ولا سواه، انطلاقا من الرغبة في الحصول على مقاعد من غير الطائفة التي ينتمي اليها الافرقاء السياسيون عبر التحالفات من اجل ضمان الاكثرية النيابية.

وعلى هذا الاساس قد لا تبدو الأمور مسهلة بمقدار التفاؤل الذي يشاع حتى الآن.