علي الأمين: دولة ميشال عون ودويلة حسن نصر الله: مشروعان لا يلتقيان/هجوم السفير على باسيل لسجن عون في محور إيران/براعة الأسد وحلفائه في القتل والتدمير

135

 «دولة» ميشال عون و «دويلة» حسن نصر الله: مشروعان لا يلتقيان
علي الأمين/جنوبية/ 29 نوفمبر، 2016

التصادم بين مشروع الدولة والدويلة هو تصادم حتمي، يمكن تأجيله، بالفراغ الدستوري حيناً وبالإنقسام السياسي الطائفي الحاد أحياناَ، فهل تستقيم الحياة الدستورية والسياسية والحياة العامة، بلا دولة؟
تدرك “الثنائية الشيعية” إنّ ما روجت له خلال السنوات الماضية عن حماية المسيحيين وضرورة تمثيلهم بالأقوى مسيحياً في الرئاسة الأولى، لم يكن المقصود منه دعم المسيحية السياسية في الرئاسة الأولى أو في الحكومة، وغيرها من مواقع القرار، بل الغاية الأساسية كانت في خلق ثنائية شيعية – مسيحية في مواجهة الظاهرة الحريرية أو ما يسمى السنيّة السياسية، وتوفير غطاء مسيحي لظاهرة الدويلة التي أقامها حزب الله في الكيان اللبناني. ونجحت الثنائية الشيعيّة إلى حدّ بعيد في ترسيخ مقولة إنّ ما خسره المسيحيون من السلطة سلبه السنّة. كما ساهم ظهور تيارات الإسلام السنّي الجهادي في انتشار هذه المقولة ومرادفاتها، عبر معادلة “حلف الأقليات” وتسييس “المسيحية المشرقية”. وخرجت أصوات كثيرة راحت تروج ان الخطر التكفيري مصدره السنّة، في لعبة سياسية وإيديولوجية كان الهدف منها ولا زال حماية الاستبداد وتبرير جرائمه لا سيما في سورية. وكان الكاتب الاردني ناهض حتّر أحد ابرز المنظرين لهذا التوجه.
وصول الجنرال إلى سدّة الرئاسة الأولى بدعم من حزب الله، وتسهيل من الرئيس نبيه برّي، رافقه زخم مسيحي غير مسبوق. إذ لم يقيض لرئيس جمهورية لبناني هذا الالتفاف الماروني والمسيحي عموماً، الذي يحظى به الرئيس ميشال عون. وكما أنّ هذا الالتفاف يشكل مصدر قوة وتميّز لصاحبه فإنّه يشكل قيداً عليه، لا يتيح لرئيس الجمهورية أن يستهين به أو يقوضه بإرادته.
فالمسيحيون الذين شكل لهم الرئيس عون رمزية الرئيس القوي، حمّلوه كل أثقال الخيبات السياسية التي دفع الوجود المسيحي ثمنها منذ عقود. وأظهر الرئيس عون في المقابل أنّه المؤهل لإستعادة الدولة بشروطها الدستورية، تلك التي يشعر معظم المسيحيين بأنّ قيامها وثباتها يعني حماية الكيان الذي كان لهم كجماعة مسيحية الدور الأول في تأسيسه.
من هنا افتتح الرئيس عون عهده بخطاب القسم، وحدد ثوابته، التي لا تحيد عن أيّ ثوابت لدولة في هذا العالم. لم يقل ما يمكن أن يتصادم مع الدستور، ولا مع القانون، ولا مع الحياة المشتركة بين الجماعات اللبنانية على اختلافها الديني أو المذهبي. المعادلة التي يريد رئيس الجمهورية تثبيتها كما عبّر عن ذلك في خطاب القسم أو في خطاب الاستقلال، هي إعادة الزخم لمشروع الدولة، عبر الانطلاق من تطبيق الدستور والقانون. وهذا الطموح الرئاسي الذي يلاقيه الرئيس المكلف سعد الحريري، يصطدم اليوم بالسلطة الفعلية في لبنان، أي سلطة الدويلة. فالجميع يعلم أنّه منذ أحداث 7 آيار عام 2008 وما تلاها في اتفاق الدوحة، رسخ حزب الله واقعاً في المعادلة السياسية لم يزل قائماً، وهو أنّ السلطة ليست بيد من يمتلك الأكثرية النيابية، ولا تشكل نسب التمثيل في مجلس الوزراء معياراً لنفوذ ودور في السلطة، السلطة في مكان آخر لا يحددها الدستور ولا القانون بل القوة على الأرض. وهذا ما يفسر أنّ حزب الله لا يستمد نفوذه من تمثيله النيابي ولا من تمثيله الحكومي الذي لم يتجاوز في أحسن الأحوال وزيرين، لأنّه كان يدرك ان السلطة ليست في المؤسسات الدستورية ولا تقوم على قواعد الديمقراطية، ولا تقررها الأكثرية النيابية. بل تقررها إلى حدّ بعيد الدويلة التي أنشأها حزب الله.
التصادم بين مشروع الدولة والدويلة هو تصادم حتمي، يمكن تأجيله، بالفراغ الدستوري حينا وبالانقسام السياسي الطائفي الحاد أحياناً، لكن في نهاية الأمر لا يمكن أن تستقيم الحياة الدستورية والسياسية والحياة العامة، بلا دولة. الأرجح أنّ المطروح على الرئيس ميشال عون من الثنائية الشيعية هو تمديد الفراغ الدستوري عملياً وإن كان تمّ ملؤه في الشكل. فالشيعية السياسية قطعت خلال السنوات الماضية خطوات بات يصعب عليها التراجع عنها. إذ بلورت مشروعها على طبقات إيديولوجية عابرة للحدود. واذا كانت المسيحية السياسية تطمح إلى تثبيت الكيانية اللبنانية كخيار وجودي يقوده اليوم الرئيس عون، فها هي الشيعية السياسية تتقدم بخطوات ملؤها الثقة نحو الاندماج بالكيانية الشيعية السياسية في المنطقة العربية، على أن تكون الدويلة التي يمثلها حزب الله في لبنان درة التاج للأممية الشيعية.
باختصار هما مشروعان لا يأتلفان: إما الدولة وإما الدويلة…

 

  هجوم «السفير» على باسيل لسجن عون في محور إيران!
خاص جنوبية 29 نوفمبر، 2016

كتب المحرر السياسي في صحيفة السفير الممانعة والمقربة من حزب الله مقالا شنّ فيه هجوما حادّا على رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل واتهمه بنكران جميل حزب الله الذي أوصل زعيم تياره العماد ميشال عون الى سدّة رئاسة الجمهورية على حدّ زعم المفال.
يدعو المحرر السياسي في السفير الوزير جبران باسيل ان يتعلم أصول التعامل مع حزب الله، وان يقدّر ما بذله الحزب مع سليمان فرنجية وبشار الأسد مذكرا اياه ان المقعد الوزاري الذي ناله في حكومة سعد الحريري الأولى لم يكن ليحصل عليه لولا هذا البذل والاقناع، حينها الحّ فرنجية على الأسد أن يتصل بالملك السعودي الراحل عبدالله و يتمنى عليه الطلب من سعد الحريري رفع الـ«فيتو» عن توزير باسيل “الذي رسب في الانتخابات النيابية” وأن تسند إليه وزارة الطاقة كما ذكّر بذلك محرّر السفير، مضيفا ان هذا أدّى الى تعطيل تأليف الحكومة لأشهر طويلة.
ثم يتحدث الكاتب محرّر السفير عن ما أسماها بـ«وقفة الوفاء» التي لولاها ما وصل ميشال عون الى الرئاسة، وهي جعلت الحزب ينال الكثير من السهام. فـ«كل العالم أتى إلى الضاحية الجنوبية أو ذهب إلى طهران. كانت الإغراءات والعروض كثيرة. كان لسان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله: «ميشال عون هو مرشحنا لرئاسة الجمهورية».
ويسترسل الكاتب قائلا «حاول الأميركيون عن طريق الفرنسيين والأمم المتحدة كسر كلمته. ذهبوا إلى طهران، بعد أن حيّدوا الروس، لمصلحة الإتيان برئيس توافقي، وقالوا للمسؤولين الإيرانيين: اضغطوا على «حزب الله» حتى يخرج من «الجنرال». كان لسان حال الإيرانيين: ليتفاهم المسيحيون على مرشح واحد ونحن ندعم خيارهم مهما كان. هذا في العلن، لكن في السر، أفهم الإيرانيون حتى بعض الحلفاء لبنانيا بأن هذا الملف بيد السيد حسن نصرالله شخصيا».
ويفصّل المحرّر الحانق على قلة الوفاء العوني لحزب الله ما فعله الرئيس نبيه بري الذي جرّب من خلال معاونه السياسي علي حسن خليل أن يسوّق للنائب سليمان فرنجية ولكن التزام فرنجية بتعاليم السيد حسن منعت تحقيق مأرب برّي.
ويعود المحرّر السياسي في الذاكرة منذ عودة العماد ميشال عون الى لبنان في ربيع عام 2005، عندما كانت عينا جبران باسيل على على حدّ تعبيره على أحد المقعدين المارونيين في البترون.فجرّب حظه مرتين ولم ينجح. حينها كل استطلاعات الرأي لم تعطه الجواب الشافي.
اما بيت قصيد الخلاف مع باسيل (أي مع الرئيس عون ضمنا) فظهر في مقال محرر السفير عبر الخضوع للإتفاق مع سمير جعجع. فقال «لم تخطئ «القوات» حرفا. الخطأ يتحمل مسؤوليته من أوعز بإبرام «التفاهم». كان بمقدور «التيار» أن يعطي «القوات» في الحكومة وغيرها لكن من بعد المجلس النيابي المقبل. حصل العكس، أعطاها «شراكة كاملة» تنال بموجبها حصة بمقدار ما ينال هو في حكومة العهد الأولى. الأصح أن يقول إنه مستعد لإعطاء «القوات» من حصته هو لا من حصة الآخرين مسيحيا سواء أكان سليمان فرنجية أم باقي الأطياف من إيلي الفرزلي ونقولا فتوش وحتى القوميين الذين لا يخفى على أحد حجم حضورهم المسيحي الوازن».
ويستنكر كاتب المقال شطب هؤلاء المسيحيين المناضلين لصالح هذا التفاهم المنحاز لجعجع، محملا هذا كله لرئيس التيار العوني دون الرئيس عون شخصيا!
ويضيف الكاتب ان رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أوضح من الواضح في خياراته الاستراتيجية إلى جانب السعودية وكل المحور الذي تمثله في ساحات المنطقة. واذا كان من حق عون الان أن يلتزم بالوسطية في ادارة الدولة، لكن ليس من حق البعض إلزام ميشال عون ان يكون وسطيا في السياسة الاستراتيجية للبنان، مثلما لا يمكن بمقدور ان يطالب احد الحريري بخيانة خياراته السياسية والعربية والدولية.”
وهنا بدأ النقد المباشر والهجوم السياسي الصريح على الرئيس ميشال عون من قبل “محرر السفير” الذي استنكر مجيء وفد خليجي ليقابله ويهنئه ويعلن أن أول زيارة له ستكون الى الرياض، متهما موقع الرئاسة بالضعف والتسليم للصهر جبران “فلا يكبر موقع الرئاسة، عندما تتكرر المراجعات في القصر ويأتي الجواب المتكرر: اسألوا جبران أو انتظروا عودته من السفر”!!.
ولم يتهيّب المحرّر العروبي في صحيفة السفير بعد ذلك ان ينال من الرئيس عون مباشرة مصدرا تعليمات فوقية له قائلا “ما هكذا تقاد الجمهورية يا «جنرال» وليست هذه خياراتك التي دفعت أكبر الفواتير لأجلها وليس صحيحا أن طائفة عن بكرة أبيها تتحمل مسؤولية التعطيل حتى تهدد بالذهاب إلى حكومة بمن حضر. هل يجوز أن سعد الحريري بات يدرك أن خيارا كهذا يمكن أن يهدد كل مستقبله السياسي، بينما يعتقد بعض محيطك يا فخامة الرئيس أنك قادر على ذلك وبالتالي إجهاض عهدك منذ شهره الأول”؟
ولا يتوانى المحرر ان يذكّر ويعترف بمسؤولية الممانعة عن التعطيل الرئاسي فيقول ان “ثمة من أوقف عقارب البلد لمدة سنتين من أجل وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. وان الوفاء كان هو الحافز كما وان الفضل يعود لموقف النائب فرنجية المبدأي.
وفي لهجة تحذيرية يقول «هناك من ينشد موالا للعزف على الوتر الطائفي (خصوصا الشيعي ـ المسيحي) منذ سنوات، وهناك من يريد أخذ البلد إلى ثنائية تمهد لثلاثية، تمهيدا للعزل.»
ليختم المحرّر أو “المهدّد السياسي” في الصحيفة المقربة من حزب الله قائلا ان «ليس هكذا يكون الوفاء يا جبران، ولا بتزوير المعطيات في بعض الأحيان»!
ويبقى ان نسأل عن الهدف من هذا الهجوم الشرس من قبل صحيفة السفير التي تصحب سياسة حزب الله وحلفائه في 8 آذار وتهديدها الضمني لرئيس جمهوريتنا العتيد ميشال عون ولصهره وزير الخارجية بعدم الخروج عن الطاعة، وهما لطالما كانا الحليفان الوفيان لحزب الله كما ادعى الحزب ويدعي في كل محفل وخطاب لأمينه العام السيد حسن نصرالله، ان في حرب تموز، أم في تأييده لنظام بشار الأسد ضدّ “التكفيريين”، فهل المطلوب هو تعليب الرئيس وسجنه داخل خط محور سوريا ايران؟ وهل كان من المفترض به ان يمتنع عن استقبال الموفد السعودي ويرفض زيارة الرياض لتقرّ أعين إيران وحلفاؤها؟ وهل المطلوب منه ان يعود للعداء والخصومة مع القوات اللبنانية وقائدها سمير جعجع كي لا “يستيقظ المارد الماروني” كما عبّر الزميل محمد جواد بمقاله أمس في أحد المواقع الالكترونية؟

 

 

براعة الأسد وحلفائه في القتل والتدمير
علي الأمين/جنوبية/ 29 نوفمبر، 2016
وظيفة نظام الأسد اليوم تدمير المجتمع السوري، بعد تدمير الحجر، في سبيل استمرار الأسد والأهم حماية الوظيفة الاستراتيجية لهذا النظام منذ حكم سوريا، أي حفظ الأمن الاسرائيلي. فبعدما وفر لإسرائيل الإستقرار في الجولان ها هو يقوم بتوفير الحماية من خلال إنهاء المجتمع الذي يخافه اي محتل او طامع.
يختار النظام السوري وحلفاؤه الروس والمنظومة الإيرانية دمار سوريا على خيار التسوية السياسية التي تطوي صفحة تفرد بشار الأسد بالسلطة، الوقائع الميدانية في حلب الشرقية في الأيام الأخيرة تضيف إلى هذه المعادلة عناصر جديدة تؤكدها، فحجم العملية التدميرية التي تسحق البشر والحجر غير مسبوقة في حجمها ودمويتها منذ الحرب العالمية الثانية، ولأنّها كذلك تفتح الباب واسعاً على مزيد من التدمير والقتل. ولن يؤدي سقوط حلب الشرقية بعد تدميرها بقوة الطائرات الروسية والميليشيات الإيرانية وقوات الأسد إلى انتصار هذا الحلف ، بل إلى مزيد من القتال ومزيد من الاستنزاف.
لا تكتسب قوة المعارضة السورية لنظام الأسد، من قوة المعارضة السياسية أو قياداتها، بل من قوة الاعتراض على هذا النظام الذي لم يعد يتقن سوى الإستسلام لروسيا وإيران، والعاجز عن إقامة حكم في سوريا يبشر بإستقرار، بعدما خرج الشعب السوري من سجن الأسد. المعادلة واضحة لا يعني سقوط نظام الأسد أنّ سوريا ستستقر، لكن بالتأكيد سقوط الأسد يفتح باباً للأمل على سوريا جديدة ونظام سياسي أكثر تمثيلاً للشعب السوري، فيما بقاء بشار الأسد على رأس السلطة هو بالتأكيد عنوان لاستمرار الحرب والدمار والموت.
الوظيفة الأكثر وضوحاً في سياسة نظام القتل والإستبداد في سوريا، هي وظيفة تدمير المجتمع السوري بالتهجير إلى الخارج وبالتغيير الديمغرافي داخل البلد، فأكثر من عشر ملايين سوري خرجوا مكرهين من ديارهم، فيما تشكل وظيفة تأمين الاستقرار على الحدود الجنوبية مع اسرائيل، عنصراً استراتيجياً في توفير الحماية للنظام السوري الذي برع في الإلتزام بشروط الهدنة مع اسرائيل، بل تأمين كل ما يتيح استقرار الجولان تحت سلطة الاحتلال.
وظيفة النظام السوري الأهم والتي توفر له الحماية الاستراتيجية، تكمن في عدم تجاوزه الخطوط الحمر تجاه اسرائيل، سوى ذلك فهو مطلق اليد في إبادة الشعب السوري، وهو لن يتوقف عن القيام بهذه الوظيفة طالما توفر له الغطاء الدولي. في المقابل ثمة وظيفة لا تقلّ أهمية وهي أنّ الحرب السورية أصبحت عنصر استنزاف للقوة الإيرانية والروسية، وأغرقت حزب الله في حرب من الصعب أن يخرج منها، وصار وجوده مرتبط بنتائج هذه الحرب ومصيرها.
الإنتصار في سوريا لن يكون سورياً يكفي هذا الدمار والموت والتهجير لتتضح هوية الخاسر الأكبر في سوريا، لكن يبقى أنّ عملية تطويع وتدجين القوى الإقليمية تحتاج إلى مزيد من استنزافها في المساحة السورية والعراقية، وهي مهمة كفيلة بأن ترسخ المنظومات المذهبية والطائفية، وتزيد من مستوى العداء والكراهية، وهذا الجرح وحده سيجعل تركيا وإيران أداتان طيّعتان للخارج الأميركي والروسي، بعدما فقد العرب تأثيرهم في المعادلتين السورية والعراقية، وسواء كانت واشنطن أو موسكو المتحكم بقواعد اللعبة فالأكيد أنّ اسرائيل تستبشر خيراً لعقود.