قداس في سيدة إيليج تكريما لشهداء المقاومة اللبنانية/كلوفيس شويفاتي: لماذا غص الاباتي بولس نعمان ودمعت عيناه في ايليج

407

قداس في سيدة إيليج تكريما لشهداء المقاومة اللبنانية
الأحد 18 أيلول 2016
وطنية – رعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا في سيدة ايليج في ميفوق – القطارة، لمناسبة ارتفاع الصليب وتكريما لشهداء المقاومة اللبنانية، ترأسه راعي أبرشية جبيل للموارنة المطران ميشال عون عاونه فيه الأب شادي بشارة والأب يوسف متى، في حضور ممثل الرئيس أمين الجميل ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل سامي الخويري، ممثل وزير الاتصالات الشيخ بطرس حرب شقيقه كمال، النائبين نديم الجميل وسامر سعادة، الأباتي بولس نعمان، رئيس اقليم جبيل الكتائبي جورج حداد، رئيس رابطة سيدة ايليج الاعلامي كلوفيس شويفاتي وفاعليات سياسية وحزبية ورجال دين.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى عون عظة أشار فيها إلى أن “دماء الشهداء ستتشفع بهم أمام الله، لان الشهيد يعبر عن إيمان في المجد السماوي مع الرب يسوع وجميع القديسين”، متمنيا ان “يعطي الله اهلهم العزاء والسلوان وكل شهيد بذل دماءه كان مدماكا في بناء الوطن”.
وقال: “ان استذكار شهدائنا الأبرار اليوم يزيدنا عزما على التمسك بأرضنا وبلبنان، ارض الشهادة والإيمان، وعلى التمسك بايماننا لكي نشهد في هذه البقعة من الارض التي وصفها القديس البابا يوحنا بولس الثاني ب”الرسالة” على كوننا شهود لقيم الإنجيل والمحبة، والحفاظ على التضامن مع كل أبناء الوطن بروح الشركة الحقيقية. يجب ألا نكون موجودين جسديا وعدديا فقط انما نوعيا بالارتكاز اولا على إيماننا بربنا والقيم التي نحن مدعوون الى عيشها. ان حياة الشهداء الأقدمين كانت مبشرا لتعاليم يسوع والإنجيل، لذلك لما كان المؤمن يخير بين حياته وبين ان ينكر المسيح، كان يختار الايمان والتضحية بحياته”.
وختم: “عندما نتكلم عن شهادة الايمان اليوم، لم يعد هناك من اضطهاد مباشر، ولكن كل يوم نسأل عن إيماننا، وكيف نعيشه ونشهد له ونختار امام مواقف الحياة تعاليم يسوع وليس أفكار هذا العالم الذي يبنى على آرائنا البشرية. وإنجيل اليوم يشير الى هذا الامر وهذه رسالة الشهداء في الحفاظ على الوطن”.
شويفاتي
وبعد القداس ألقى شويفاتي كلمة قال فيها: “وتبقى كنيسة الشهادة. فمنذ الفي عام والصخرة التي بنيت عليها تواجه ابواب الجحيم وتنتصر رغم كل المخاطر والاهوال، فهي كنيسة منذورة للحق بالمحبة بالشهادة. تبقى كنيسة الشهادة والشهداء نتضرع اليهم ونصلي من أجلهم اليوم. وتبقى كنيسة الشهادة للكلمة والحق والحرية. مع اول مطبعة وكتاب في شرق متعطش للكلمة، في اول كلية في عين ورقة أسست للنهضة المشرقية، في اول مدرسة مارونية رائدة ارتفعت في روما في عهود الجهل والظلام، في مجمع الآباء في اللويزة العام 1736، يوم سبقوا الثورة الفرنسية بأكثر من أربعة عقود، فأقروا إلزامية التعليم، والمساواة في الإرث”.
أضاف: “وتبقى كنيسة الشهادة للكيان والاستقلال، من تمايز الجبل عن كل المحيط الخاضع للسلطنة العثمانية، الى عامية إنطلياس، الى لبنان الكبير مع البطريرك الحويك، وصولا للاستقلال الثاني وانسحاب الجيش السوري مع البطريرك صفير. وتبقى كنيسة الشهادة للفقراء، ألم تفتح الكنيسة أبواب أديرتها ومؤسساتها يوم عصف التهجير بالمسيحيين ولم يكن لهم من منقذ سواها؟ أتعلمون أن اكثر من مئة وخمسين ألف عائلة يرتزقون من مؤسساتنا الكنسية وتقديماتها؟”

وتابع: “نعم إنها كنيسة الحضور والوجود والبقاء. وتبقى كنيسة الشهادة للقيم والاخلاق والحرية ولوطن الرسالة. من دونها نحن تجار وكفار وعبيد واشرار. نعيش إنحلالا في القيم، تفككا في العائلات والمجتمع، عداوات عقيمة وشهوات سلطة قاتلة. أعطتنا الكنيسة وطنا يستحق الحياة، فقتلناه بأنانياتنا مرات ومرات وخنقناه حتى بالنفايات. ماذا فعلنا بلبنان؟ على اي أمانة نحافظ واي وصايا نتبع؟ الوطن ينهار أمام أعيننا، ونحن ننهش بعضنا البعض، نغرق بجهلنا وآثامنا وفسادنا. ندمر بحقدنا وأنانيتنا وغطرستنا ما بناه الآباء والاجداد على مر أزمنة العذاب والاضطهاد”.
وقال: “اخوتنا ورفاقنا الشهداء سكنوا التراب ومدافن ايليج ليحافظوا على ارض الاجداد وحرية لبنان، فيما يعيدنا القيمون على مقدرات الوطن برؤيتهم المعدومة الى مجاهل العبودية وظلمات الكهوف. وما زالوا يغالون بتدمير الهيكل على رؤوسنا. اي فشل وجهل نعيش؟ عاجزون عن اختيار وانتخاب رأس للدولة، نحرق بيتنا ونحن في داخله لحسابات ومصالح شخصية صغيرة وحقيرة وآنية وأنانية”.

وختم: “لا حياة لنا ولوطننا من دون الكنيسة وتعاليمها وقيمها. ونحن في رابطة سيدة ايليج ولمرة أخيرة وقطعا للشك باليقين، اخترنا طريقنا بمعونة سيدة ايليج ونسيرها بثبات وثقة وايمان. نعلن امام سيادة راعي الابرشية وقدس الاباتي والاباء الاجلاء…إن كنيستنا هي بطاقة هويتنا، لها انتماؤنا، بها التزامنا، واليها انتسابنا”.
شاماتي
ومن ثم أشار فادي شاماتي الذي قدم ميدالية سيدة ايليج الى الاباتي نعمان إلى ان “ثلاثية نعمان قائمة على الانسان والحرية والوطن، وصنعت أحلام اليقظة وشكلت مسار القيم لأجيال الشباب المسيحيين وعلى راسهم “بشير الحلم”.
بعد ذلك دشن عون والى جانبه نعمان والجميل وسعادة نصب شهداء الكنيسة من كهنة ورهبان وراهبات، فصلاة في مدافن الكنيسة لراحة نفوس الشهداء.

لماذا غص الاباتي بولس نعمان ودمعت عيناه في ايليج
كلوفيس شويفاتي/19 أيلول/16
اثناء جولة قام بها الاباتي بولس نعمان في ارض ايليج وكنت ارافقه مع الرفاق صعود وميشال متري وميشال عيد ومعنا سامي خويري والدكتور نبيل حكيم واخرين . قال لنا وهو يجول في غابة الارز حاملا اثقال سنواته ال٨٤ : رابطة سيدة ايليج عملكم عظيم تعيدون احياء تاريخ الاجداد والاباء وتاريخنا المسيحي بشكل رائع، هيدا الشغل ، الشواهد التاريخية ومنصة البطاركة والارز المزروع اللي بيخلد الشهداء والمحطات التاريخية شي بيكبر القلب”…
فقلنا له:” هذا التاريخ انتو صنعتوه يا سيدنا وما النا اي دور فيه…”
اجاب:” ولكن انتو عم بتعرفوا الناس عليه في هذا المكان المقدس “. وقال مبتسما:” هلق صار فيي موت ومطمن بالي ان في ناس وفية وعم بتظهر تاريخنا المهم والعظيم…”
اجبنا:” الله يطول بعمرك يا سيدنا بعدنا بحاجة الك ولامثالك ..”.
-“بدي اسالكم بمحبة مين عم بيساعدكم تا تعملو كل هالشغل؟ لانو يا ولادي هيدا الشغل بيكلف ”
-” سيدنا نحنا بنشتغل بفلس الارملة وسيدة ايليج بتساعد وبتسهل كل شي..” .
– السلام عا اسما انتو كم شخص بالرابطة ؟
– نحنا يا سيدنا ١٣٠ شخص من كل المناطق هودي اعضاء الرابطة ولكن عنا كتير كتير اصدقاء مش منتمين للرابطة اداريا ؟
ممتاز انتو اللي عم تعملو بدو امكانيات ؟
سيدنا هيدا اللي انعمل مش بين ليلي وضحاها هيدا الشغل النا عشرين سنة بنعملو.
– عشرين سنة؟ مدة مش قليلي
الله يعطيكم العافية وسيدة ايليج ترافقن واللي عم تعملو رح يبقى مخلد بتاريخ هالدير والموقع العظيم …
وخلال جولته اقترب الاباتي من رفيقتا ايلي مراد على كرسيه وسلم عليه وقبله ، وعندما عرفناه ان ايلي كان الرئيس السابق للرابطة. سأله الاباتي : ” وايمتا صار معك الحادث”. فاخبرناه ان ايلي من مصابي الحرب في العام ١٩٧٩ وكان رئيسا للرابطة وهو على كرسيه كما انه تزوج وله عائلة… فسأله الاباتي:” وشو عندك ولاد”. اجابه ايلي :” كتر خير الله يا سيدنا عندي صبي وبنت” انحنى الاباتي نعمان على ايلي وحضن راسه وطبع قبلة على جبينه وقال:” شو هالبطل انت يا ايلي العدرا تحميك، انت بطل حقيقي من ابطالنا وبنفتخر فيك”. ثم نظر صوب المتحلقين الكثر وقال لهم : هيدا الشب مثال حي لشبابنا المؤمنين والمقاومين”. وسأل الاب الجليل اكثر من مرة عن صديقه العم يوسف اديب الرئيس السابق لبلدية ميفوق عندما دخل الى صالة الرعية التي شيدها اديب من ماله الخاص … وامام نصب شهداء الكنيسة ال٤٢ والذي كانت تربطة صداقة ومعرفة بمعظمهم قال الاباتي ببسمة تحمل حسرة وغصة: “عا شوي كنتو حطيتولي اسمي بيناتن”. ودمعت عينا قدس الاباتي عندما توقف امام نصب شهداء حرب الاخوة العام ١٩٩٠ وردد اكثر من مرة اثناء قراءة الاسماء عبارة لا تدخلنا في التجارب المطبوعة فوق النصب … ولفته اسم الشهيد المتطوع في الجيش نعمان بولس وقال : “الله يرحمو هيدا سميي” وسأل لماذا هناك اسمان باللون الاحمر؟ وغص محاولا حبس دمعه من جديد عندما شرحنا له ان الاسمين هما للشقيقين ريشار وفارس صليبي الاول في الجيش والثاني في القوات واستشهدا في الساعة نفسها فياول يوم من حرب العام ١٩٩٠ … فاستدار الاباتي حانيا راسه مطلقا تنهيدة طويلة ومرددا ” يا رب لا تدخلنا في التجارب”.

الصورة المرفقة: الأباتي بولس نعمان والشيخ بشير الجميل