سلوى بعلبكي: فضيحة السعات الدولية مع شركتي الخليوي:هدر بنحو 40 مليون دولار على الخزينة

153

فضيحة السعات الدولية مع شركتي الخليوي:هدر بنحو 40 مليون دولار على الخزينة!
سلوى بعلبكي/النهار/13 آب/16

في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء وكذلك خلال الجلسة الأخيرة للجنة النيابية للإعلام والاتصالات، أثير موضوع تأمين وزارة الاتصالات في فترة الوزير نقولا صحناوي خطوط الاتصال للسعات الدولية إلى الشركات الخاصة لتوزيع الانترنت التي كانت تؤجرها بدورها بأسعار مضاعفة مرات عدة إلى شركتي الخليوي المملوكتين من الدولة اللبنانية. هذا التدبير كان يحقق للشركات الخاصة ربحاً ريعيّاً كبيراً من غير وجه حق يقدر بين 8 و16 مليون دولار سنوياً يهدر من أموال الخزينة العامة. فما الذي جرى بالتحديد، وهل تقع المسؤولية على وزير الاتصالات أم على المدير العام للوزارة؟

مع بداية عمل شركتي الخليوي على إنشاء شبكات الاتصالات للجيلين الثالث والرابع في العام 2011، وجّه المدير العام في وزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف، وفق الأصول، كتابين إلى شركتي الخليوي يعلمهما بجهوزية المديرية العامة للاستثمار والصيانة في الوزارة لتوفير السعات المطلوبة لكلّ شركة، وطلب تالياً تزويد المديرية المذكورة حاجة كلّ شركة في هذا الإطار.

بعد نحو أسبوعين على توجيه الكتابين المذكورين، وبينما كانت المديرية العامة في الوزارة تنتظر اللوائح التي تتضمّن حاجة كلّ شركة من خطوط الاتصال، كانت المفاجأة بإصدار وزير الاتصالات السابق صحناوي قراراً بعنوان: “توجيه تنبيه إلى المدير العام للاستثمار والصيانة” كونه قد قام بمخاطبة شركتي الخليوي من دون الرجوع إلى الوزير، طالباً “وجوب الامتناع عن مخاطبة شركتي الخليوي مباشرة، وأن تتمّ المراسلة عبر هيئة المالكين والوزير حصراً وفق منطوق عقد الإدارة”. علماً أن عقد الادارة المقصود به عقد إدارة وتشغيل شركتي الخليوي، لا يقوم مقام القانون والمراسيم الاشتراعية التي تحدّد مهمات وصلاحيات المديرية العامة للاستثمار والصيانة والتي تستطيع، بل من صلب مسؤولياتها وواجباتها، التواصل مباشرة مع شركتي الخليوي أو أي شركات أخرى لتوفير الخدمات المطلوبة. اضف إلى ذلك، فإنّ عقد التشغيل والإدارة مع شركتي الخليوي ينصّ على حصر المخاطبة بالوزير وهيئة المالكين التي يديرها مستشار الوزير الخاص، فقط في الأمور العائدة لحسن تنفيذ العقد، أمّا تأمين السعات الدولية والمحلية فهي من المهمات الحصرية، وفقاً للقانون، للمديرية العامة للاستثمار والصيانة.

بالرغم من أن القوانين والمراسيم المرعية الإجراء تجيز للمدير العام مخاطبة شركتي الخليوي مباشرة، إلاّ أن يوسف استجاب لقرار الوزير وامتنع عن مخاطبة شركتي الخليوي طيلة عام 2012، وحتى الشهر الخامس من العام 2013، إذ تبيّن أنّ شركتي الخليوي هما في صدد استئجار خطوط اتصال E1 من شركات القطاع الخاص لتوزيع خدمات الانترنت. عندئذ قام يوسف بإرسال كتابين جديدين إلى شركتي الخليوي بتاريخ 16-5-2013 يبلغهما أنّ هنالك مخالفةً كبيرة في حال تزويد الشركات الخاصة لشركتي الخليوي السعات المطلوبة، عدا عن ان الأسعار مرتفعة جداً، مقارنةً بتعرفة وزارة الاتصالات. وقد أبلغ يوسف الشركتين بأنّ كل حاجاتهما متوافرة لدى الوزارة وبالأسعار الرسمية المخفّضة.

مرةً أخرى، وفور تبليغ شركتي الخليوي بكتاب المدير العام، قام وزير الاتصالات، وفي اليوم نفسه بتاريخ 20-5-2013، بتوجيه كتاب إلى المدير العام يذكّره فيه بقرار التنبيه الصادر عن الوزير عام 2011 ويجدّد توجيه التنبيه إلى المدير العام.

أمام هذا الواقع، لم يكن أمام يوسف إلاّ توجيه كتاب إلى صحناوي يتضمّن مطالعة قانونية وإدارية تستند إلى القوانين والمراسيم الاشتراعية النافذة، والأصول والأنظمة المرعية الإجراء، ويشرح فيه مدى الأخطاء والمخالفات المرتكبة من هيئة المالكين وشركتي الخليوي وشركات القطاع الخاص، ويطلب في نهاية الكتاب ضرورة التوقف فوراً عن قيام شركتي الخليوي باستئجار السعات الدولية من الشركات الخاصة لما فيه هدر كبير للمال العام. كما قام يوسف بتبليغ مطالعته القانونية / الإدارية الى كل من وزارة المال وديوان المحاسبة، وهيئة التفتيش المركزي والمفتّشية العامة المالية.
ومع عدم تلقّي المدير العام أي جواب من صحناوي، وبعد مرور 15 يوماً، قام يوسف، وفقاً للأصول، بمخاطبة الأمانة العامة لمجلس الوزراء وأبلغها كتابه الموجّه إلى وزير الاتصالات وذلك بتاريخ 29-6-2013.

بعد تدخل رئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي، تجاوب صحناوي، وتمّ تزويد بعض السعات لشركتي الخليوي. إلاّ أن الشركات الخاصة استمرّت بتزويد سعات كبيرة للشركتين، مخالفة بذلك القوانين ومحققة أرباحاً كبيرة من دون وجه حقّ، على حساب المال العام. وقد قدرت بعض المصادر في وزارة الاتصالات الهدر الفعلي الناتج على المال العام من هذه الممارسات المخالفة، ما يقارب 40 مليون دولار لمصلحة بعض الشركات الخاصة التابعة لبعض النافذين السياسيين والمؤثرين. ومع وصول الوزير بطرس حرب إلى وزارة الاتصالات، وبناء على اقتراح المدير العام للاستثمار والصيانة، وجّه الأول كتابين إلى شركتي الخليوي يطلب بموجبهما توفير السعات الدولية حصراً من وزارة الاتصالات. وأصبح لشركتي الخليوي، حالياً، ما يناهز الـ 8 آلاف خط (E1 ) مؤمّنة جميعها مباشرة من وزارة الاتصالات، مما أوقف هدراً للمال العام لا يقل عن 50 مليون دولار سنوياً.

وتؤكد مصادر وزارة الاتصالات أن السعات الدولية المخصصة للشركات الخاصة (ISPs) ارتفعت من 5,848 خط E1 عام 2013 إلى 11,109 خط E1 عام 2014، ثم إلى 39200 خط E1 عام 2015، ثم إلى ما يناهز 51,000 خط E1 حالياً، علما أنه لا يوجد طلب واحد، لشركة واحدة، غير منفّذ في تاريخ اليوم. كما نفت ما يشاع عن أنه لم يتم تخصيص سعات دولية لشركتي الخليوي بعد تولي الوزير حرب وزارة الإتصالات، بدليل أنه تم تخصيص شركة “ألفا” بـ4000 خط E1، وشركة “تاتش” بـ4400 خط E1، منذ عام 2014 ولغاية تاريخ اليوم.

أصبح الموضوع اليوم بيد القضاء، إذ سبق أن تقدم النائبان آلان عون ومعين المرعبي في شهر حزيران الماضي بإخبار للنائب العام المالي في هذا الموضوع. وقد بدأ المدعي العام المالي تحقيقاته مع يوسف وشركتي “تاتش” و”ألفا” على أن يكمل تحقيقاته مع الشركات الخاصة (ISP) قريبا. وسيستتبع في الأسبوع المقبل بإخبار قضائي يتقدم به وزير الاتصالات يعطي دفعاً جديداً للتحقيقات وتحديد المسؤوليات القضائية والعدلية المترتبة عن ذلك