محمد نمر: هل تتكرر حرب تموز 2006؟ “حزب الله” يتجنّبها وإسرائيل ليست مستعدة

154

هل تتكرر حرب تموز 2006؟ “حزب الله” يتجنّبها وإسرائيل ليست مستعدة
محمد نمر/النهار/12 تموز 2016

عشر سنين على حرب تموز 2006 ولا يزال الاسرائيليون يستخلصون الدروس من حربهم مع “حزب الله”. وعشية كل ذكرى سنوية تنهال التقارير العسكرية التي تظهر أن حرباً جديدة بين الطرفين مستبعدة في الوقت الحاضر، خصوصا منذ سقوط الحزب في المستنقع السوري وانشغاله بدخول الأحياء السورية والدفاع عن النظام السوري. وعلى رغم كل التشنجات وعمليات الاغتيال التي تعرض لها قياديو الحزب فإن الأخير التزم قواعد الاشتباك ورد بعمليات عسكرية “تحت خط الحرب”، منها عملية مزارع شبعا رداً على اغتيال جهاد مغنية نجل عماد مغنية، وتراجعت مستويات الرد بعملية خجولة بعد اغتيال سمير القنطار لتصل اخيراً إلى اتهام “جماعات ارهابية” بمقتل القيادي الأبرز مصطفى بدر الدين من دون أن يقتنع أحد بهوية المتهم أو يبعد ذهنه عن لمسات اسرائيلية في هذا الاغتيال الغامض أو التصفية كأبعد تقدير. في المقابل، التزمت اسرائيل ايضاً عدم تجاوز “خط الحرب”، من خلال أمرين، اولهما استهداف أي شحنة أسلحة للحزب من سوريا إلى لبنان، وثانيهما تعطيل أي محاولة لتحويل الجولان جبهة خطرة لشمال اسرائيل فأتت على أثرها عمليتا اغتيال مغنية والقنطار، وربما يندرج مقتل بدر الدين في الاطار نفسه وفق بعض المراقبين العسكريين الذي اعتبر بعضهم أن اسرائيل غير جاهزة بعد لحماية حدودها من صواريخ “حزب الله”، بل ذهب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال غادي ايزنكوت إلى الحديث عن “أوجه قصور” خلال “حرب تموز 2006”.وقال في رسالة نشرتها صحيفة “اسرائيل هيوم”: “تم بعد الحرب استخلاص الدروس والتعلم المعمق، الأمر الذي أدى إلى تحسن كبير في قدرة الجيش الإسرائيلي”. وخلص إلى نتيجة مفادها أن “التهديد من لبنان لا يزال قائما ويحمل في طياته الكثير من التحديات، ويلزم الجيش الإسرائيلي الاستعداد لأي سيناريو سيقف على عتبته”، من دون أن يخفي أن “أعداءنا في الشمال يختبروننا طوال الوقت”، لكنه شدد على ان جيش اسرائيل “سيقف في لحظة الحقيقة بحزم وسنثبت استعدادنا”.

فيما تحدثت صحيفة “هآرتس” عن قوة “حزب الله” ووصفته بـ”الجيش المتوسط الحجم”، كاشفة أن “مخزون الصواريخ اليوم لدى حزب الله، مضاعف عشرات المرات مما كان لديه عشية 12 تموز 2006″، وأضافت: “للمنظمة قدرات منوّعة على الاطلاق: منصات إطلاق تحت الارض، منصات إطلاق في كاراجات داخل المحميات الطبيعية ومنصات إطلاق متحركة على شاحنات وعربات تجارية مخصصة… ويقدرون في الجيش أن “حزب الله” يمكن أن يطلق في الحرب المقبلة حتى 1500 صاروخ في اليوم، مقابل 200 خلال حرب 2006″، مذكرة بأن “المخزون لدى “حزب الله” في العام 2006 كان ما بين 12 الى 13 ألفا، أما في العام 2016 فيراوح ما بين 120 الى 130 ألف صاروخ”.

ولا تختلف قراءة المراقبين العسكريين اللبنانيين عن التحليلات الدولية، إذ يعتبر العميد الركن المتقاعد هشام جابر أن “اسرائيل ليست جاهزة حتى الساعة لتفتح جبهة مع لبنان وتتلقى تداعياتها، بل لا زالت تقوم بمناورات سنوية وتطل عبر الاعلام لتقول إن لدى الحزب 100 الف صاروخ وانه في حال انطلقت باتجاهها لن تستطيع تقنيا وعسكريا أن تعترض أكثر من ربع عددها، لذلك وعلى رغم صواريخ الباتريوت وحيس 1 و2 (صواريخ مضادة للصواريخ)، لا تستطيع اسرائيل مواجهة قدرات الحزب”. وتحدث أيضا عن تقرير اسرائيلي يكشف أن “حزب الله يجهز في حال الحرب وحدات خاصة من النخبة ستدخل أراضي الجليل الاعلى وتسيطر على المستوطنات”. اما بالنسبة إلى “حزب الله” فيقول جابر: “لا مصلحة له اطلاقاً بفتح جبهة مع اسرائيل في الوقت الحالي، لأن أي حرب يفتحها لها تداعيات ومحظورات، أولا انها ستورط هذه المرة النظام السوري المشغول بحربه الداخلية، ثانيا تورط ايران، ثالثا تقضي على الرصيد المتبقي لدى “حزب الله” عند اللبنانيين، ففي العام 2006 كانت هناك قاعدة خلفية داعمة للحزب ضد العدوان الاسرائيلي، لكنها حاليا غير موجودة، فحتى ضمن الطائفة الشيعية وغيرها يقولون: نحن مع المقاومة التي تردع اسرائيل وتتصدى لهجوم اسرائيلي محتمل ولسنا مع “حزب الله” الذي يفتح الجبهة مع اسرائيل لاعتبارات اقليمية”.

ويستبعد جابر ايضاً “استدراج “حزب الله” الى حرب مع اسرائيل، لأنه متورط في الحرب بسوريا ويُستنزف، وأي حرب مع اسرائيل ستمكنها من أن تشغل الحزب في البقعة الخلفية له عبر مناوشات، تضع الحزب في حال قتال على 3 جبهات، وحتى لو طلب منه اقليمياً الحرب فاعتقد انه يستطيع أن يتجنب الكأس المرة بفتح جبهة لا ضرورة لها وتوقيتها غير مناسب”. العميد المتقاعد خليل الحلو يستبعد هو الاخر أي حرب بين اسرائيل و”حزب الله” خلال الظروف الراهنة، ويعزو السبب إلى أن “حزب الله” يضع كل جهده في سوريا، ولا يستطيع بالامكانات التي لديه أن يخوض حربين، اما الاسرائيليون فليسوا في حماسة لضرب الحزب ما دام مشغولا بسوريا”. “وتعتمد اسرائيل في استراتيجيتها الحالية والمعلنة على امرين: أولهما منع نقل اسلحة نوعية من سوريا باتجاه لبنان، وثانيهما ألا يحول حزب الله الجولان إلى خط مواجهة مع اسرائيل، وعلى هذا الاساس قتلوا القنطار ومغنية ويمكن ان يكون بدر الدين ايضا ضمن هذه الدائرة”، وفق الحلو الذي يؤكد أنه “طالما ان القرار 1701 محترم في الجنوب من “حزب الله” فلا سبب للمهاجمة، ومنذ العام 2006 حتى اليوم لم يقدم “حزب الله” على اي عمل ضد اسرائيل إلا في مزارع شبعا المتنازع عليها”.

ومع ذلك، لا يخفي الحلو ان المعلومات تشير إلى أن “اسرائيل تحضّر نفسها لحرب مختلفة عن تموز 2006، وثمة نظريتان تعتمدهما في دفاعها: الأولى القرار 1701 بنشر قوات من “اليونيفيل” والجيش اللبناني في الجنوب ونزع الاسلحة من هناك، والثانية الحرب وفق نظرية “شارون” حيث يكون كل لبنان عدوا ونشهد حينها عمليات قصف استراتيجية للمرفأ والمطار وغيرهما”. ووفق تحليل المراقبين، تبقى الخلاصة واحدة وهي أن لا حرب مع اسرائيل ما دامت الأزمة السورية مستمرة، لكن الطرفين يستعدان لحرب مقبلة لا تزال بلا موعد ولا أهداف، وتتوقف على خرق للقرار 1701، وبالتالي فإن قوة الحزب ومصيره يرتبطان بالأزمة السورية ونهايتها تجيب عن التساؤلات السنوية: هل تتكرر “حرب تموز 2006؟”.