أحمد الاسعد: قبل بضعة أيّام، في دارتي في الطيبة، تمّ تحطيم البوابة التي تقود إلى مدافن عائلتي، وتمّ فتح المقابر والعبث بحرمتها

251

مؤتمر صحافي للمستشار العام لحزب الانتماء اللبناني أحمد الاسعد 
24 حزيران/16

على الأرجح أنكم علمتم جميعاً أنه قبل بضعة أيّام، في دارتي في الطيبة، تمّ تحطيم البوابة التي تقود إلى مدافن عائلتي، وتمّ فتح المقابر والعبث بحرمتها.

أعتقد أن ما مِن إنسان في الدنيا لا يشعر بالاشمئزاز من عمل كهذا، أيّاً كان المستهدّف به، وأياّ كان الدافع، وخصوصاً إذا كان السبب هو المواقف السياسية والإختلاف في الآراء.

إنه عمل وحشي وبربري ومن قام به يفتقد لأي ذرّة من الإنسانية.

إن اللجوء إلى مثل هذا الأساليب الدنيئة والوضيعة يشكّل انتهاكاً للكرامة الإنسانية، وما يزيد فظاعة هذا الفعل هو أن الفاعل أقدم عليه فقط لأن موقفي السياسي مخالف لموقفه.

إنهم يُقحِمون رفات أجدادي في حقدهم السياسي.

إنهم جبناء الجبّانات، ينتهكون حرمة الموت ليحرّموا علينا التعبير عن الرأي المخالف لرأيهم.

يا مدّعي التدين، اتركوا الموتى يرتاحون في سكينتهم، واتركوا الشباب يعيشون، ولا ترسلوهم إلى الموت.

يا مدمني الموت، كفّوا عن نبش العظام في القبور، وكفّوا عن إعادة شبابنا في الأكفان.

إن هؤلاء الذين اعتدوا على أضرحة عائلتي، ومثلَهم مَن وراءهم أو من يغطيهم، لا دين لهم، وقد قاموا بعمل شعوذة لا علاقة لأي دين به.

لقد اختاروا شهر رمضان المبارك ليرتكبوا أبشع اعتداء على مَن لا يمكن حتى أن يدافع عن نفسه.

لقد ماتت كل القِيم عند هؤلاء، وهم بعيدون كل البُعد عن الدين الذي ينسبون أنفسهم إليه ويدّعون أنه عقيدتهم.

لقد أصبح واضحاً للجميع أنّ هؤلاء الذين يدّعون النطق باسم الله لا علاقة لهم على الإطلاق بالله.

فالأديان، كل الأديان، ومن ضمنها الإسلام، قائمة على الأخلاق. والذين لديهم أخلاق هم الذين لديهم دين، أما أولئك الذين لا أخلاق عندهم، فلا دين لهم، أيّاً كان الدين الذي يدّعون زوراً الإنتماء إليه.

لا توجد لدينا معطيات دقيقة تؤكد ان “حزب الله” هو من أعطى الأوامر المباشرة للإقدام على هذا العمل الجبان.

ولكن مهما يكن من أمر، فإنّ المؤكد مئة بالمئة أنّ “حزب الله” يعلم علم اليقين الأشخاص الذين يقفون وراء هذا الفعل الجبان.

ففي المناطق الشيعيّة كلّها في لبنان، وتحديداً في جنوب لبنان، حزب الله هو الدولة الحقيقيّة في حين أنّ الدولة اللبنانيّة، يا للأسف، تكاد لا تكون سوى ديكور .

حزب الله يبسط سيطرته على كل شيء فعليا” في هذه المناطق، ويعلم بكل شاردة وواردة. ولذلك أنا متأكد من أنهم، على الأقلّ، يعلمون علم اليقين من الذي خطّط لهذا الفعل، ومن الذي نفّذه، ولكنّهم يتسترون عليه ويغطونه. ولذلك فإنّني أحمّل السيّد حسن نصرالله المسؤوليّة المباشرة عن هذا العمل.

وبالتغطية على هذا الفعل بالكامل، وعبر عدم تقديم المعتدي إلى العدالة، هو بذلك يشجّع الناس على ارتكاب المزيد من هذه الأفعال البربريّة.

في الواقع، لقد أوجَدَ حزب الله في المناطق الشيعيّة ثقافة سائدة هي ثقافة القرون الوسطى.

وهذه الثقافة تقوم على أن أيّ شخص لا يتفق رأيه مع نهج حزب الله، يتم تصنيفه بالخائن، وبناء على ذلك فهو يسمح ويشجّع أيّ نوع من الاعتداءات العنيفة ضدّه.

هذا هو التكفير بعينه. هذه هي عقليّة القرون الوسطى. عقلية الحزب الواحد والسياسة الواحدة والحاكم الواحد. وكل من يخالف هذا الحاكم يتم تشويه سمعته فوراً ويُعتبر خائناً وصهيونياً وغيره…

هذه الثقافة تشجّع على الجهل في مجتمعاتنا لأنّها تحرّم على الناس التفكير وتحرّم عليهم الاستماع والتفاعل مع وجهات النظر المختلفة.

إن ثقافة القرون الوسطى هذه تمكّنت من الهيمنة على المشهد السياسي في لبنان لفترة طويلة بسبب نظام انتخابي رجعي من القرون الوسطى مبني على قانون 1960.

فقانون الستين هذا ساعد على تقوية الحزب الواحد والسياسة الواحدة والحاكم الواحد في مناطق مختلفة في لبنان.

ولذلك، فإنّ كل من ليس مؤيّداً لنظام انتخابي عصري ونسبي في لبنان، لا يفكّر فقط في مصلحته الخاصة و الضيّقة، إنّما هو أيضاً يشجّع على الجهل، ويساهم في منع لبنان من الدخول إلى القرن الحادي والعشرين.

لقد أصبح واضحاً أنّ الكتلتين النيابيّتين اللتين لا تزالان اليوم ضد قانون انتخابي عصري هما كتلة الأستاذ وليد جنبلاط وكتلة الرئيس سعد الحريري.

وبكل صراحة أقول: ضعوا مصلحة هذا البلد العامة فوق مصالحكم الخاصة، كفوا عن ترحيل الشباب بعد ان كفروا بهذا البلد و بطبقته السياسية ، أعطوهم املا” بالتغيير، فإن التاريخ لن يرحمكما اذا لم تبادرا الى تغيير موقفكما، و تسيرا في خيار النسبية الذي يكفل وحده كسر هذه الحلقة الأحادية، الأمر الذي بات يشكل ضرورة أساسية من اجل كسر الجمود القائم و تطوير المستوى المتدني الموجود حاليا” للإرتقاء بالعمل السياسي في لبنان الى المستوى المطلوب .