منير الربيع: ريفي للمدن: بابي مفتوح للحريري/نذير رضا: تسونامي ريفي.. ودولة الرئيس

208

ريفي لـ”المدن”: بابي مفتوح للحريري
منير الربيع/المدن/لإثنين 30/05/2016

يُروى عن أشرف ريفي، أنه من الضباط النزيهين والمنضبطين في قوى الأمن الداخلي. في السياسة، لا تختلف الصفات التي تطلق على اللواء. سابقاً، استذكره النائب أحمد فتفت في أحداث 7 أيار في عاصمة الشمال، لدى سؤاله عن سبب الإختلاف بين ريفي والرئيس سعد الحريري وتالياً الوزير نهاد المشنوق، فأجاب فتفت سريعاً: “شهادتي بريفي مجروحة، فالعلاقة الشخصية معه ممتازة، وله فضل عليّ في حماية بيتي وعائلتي”. يضيف فتفت: “في 7 أيار، كانت بعض المجموعات في طرابلس، تريد اقتحام بيتي، حينها كنت في بيروت، وكان هو المدير العام للأمن الداخلي، في منزله في طرابلس القريب نسبياً من بيتي، اتصلت به لأعلمه بما يجري أو لأستفسر منه، فحمل سلاحه وحيداً وتوجه إلى مدخل المبنى الذي تقطن فيه عائلتي، اتخذ حماية المنزل على عاتقه، ووقف وحيداً مانعاً أي سوء”.
ما يقوله عسكريون وسياسيون على علاقة بريفي، يسري منذ فترة طويلة في طرابلس، لكنه تنامى في الفترة التي سبقت الانتخابات البلدية، ولا سيما بعد تحالف الرئيس سعد الحريري مع الرئيس نجيب ميقاتي. حينها، ثار الطرابلسيون لما اعتبروه إمعاناً مستقبلياً في امتهان كراماتهم وإستباحتها لمصلحة ضيقة تتعلّق بالحفاظ على النفوذ وإن على حساب الموقف والكرامة، وجدوا في ريفي ملاذهم. فكان وصفه بالأمين والصادق والثابت على الثوابت.
“انطلقت في المعركة مراهناً على محبّة الناس، ومستقوياً بها”، يقول ريفي لـ”المدن”. لدى إعلان اللوائح بدا الأمر غرائبياً، كيف لضابط متقاعد أن يقف بوجه حيتان المال، وأباطرة سياسة. بقي متشبّثاً، ومقتنعاً بإرادة الناس، حتى الدقائق الأخيرة قبل بدء ظهور النتائج، كان حذراً ومتفائلاً في الوقت عينه، وحاذر الإفراط في أي منهما، جانب التوهم بالإنتصار، ويؤكد: “ما كنت أريده هو تسجيل موقف فقط، وتأكيد أن الناس لم تعد مؤمنة بمنطق المحاصصة والتقاسم المبني على المصالح لا على التوافق والإنسجام”.
لن تغيّر النتائج أشرف ريفي، “لست متعالياً، ولا أسمح لنفسي بأن أكون هكذا، أنا ابن الناس، ولهم، ولا وجود لنا بدونهم، وبدون الشرعية التي يمنحوننا إياها”، يقول مصرّاً على التواضع. هذه الشخصية “الشعبية” والجولات التي أجراها في كل شوارع طرابلس، منحته هذا الرقم، فالناس لم تكن تريد وعوداً من بعيد، ما أرادته هو شخص “يسأل خاطرها” ويقول لها إنه موجود، وهي موجودة في ذهنه.
في السياسة، لن يكون ما قبل النتائج كما بعدها، لكن ريفي يعتبر أن طرابلس ولبنان يدخلان مرحلة جديدة، على الجميع التوقف عندها، وقراءة خلفياتها وتداعياتها. في نفسه يعتبر أنه الزعيم، ما فعله يعتبر إنجازاً أو معجزة، لكنه يكرّر دوماً “أنا اللواء أشرف ريفي، وقدمي دائماً على الأرض”.
كرّس ريفي إستقلاليته، التي يؤكدها دائماً منذ إستقالته من الحكومة إلى رفضه ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، الآن كرّس بالإستفتاء، أنه غير تابع لتيار “المستقبل” ولا ينتمي إليه، فيشدد على أنه حالة حريرية مستقلة تريد المحافظة على إرث رفيق الحريري، وعدم الغرق في التسويات والمساومات التي خسّرت قوى “14 آذار” كثيراً. لذلك، يفضّل قريطم بما تمثّل من إرث تاريخي، على بيت الوسط الذي أصبح مطبوعاً بصفة التنازل والمساومة.
ما جرى في طرابلس درس يجب أن يتعلّم منه الجميع، وعليهم مراجعة حساباتهم، وفق ريفي، متوجهاً إلى الحريري بالقول: “عد إلى ثوابت رفيق الحريري، هذا ما تريده الناس، وهذا ما عبّرت عنه”. أضاف أن أهل طرابلس أرادوا القول للحريري: “لقد أخطأت عندما ذهبت بخيارات تختلف عن خياراتنا وثوابتنا”. ويؤكد ريفي مضيه بإستقالته وإستقلاليته، وهو في انتظار المخرج القانوني لقبولها بعد انتخاب رئيس للجمهورية.
لن يتوقف ريفي عند ما وصل إليه، بالتأكيد يحلم بأكثر، ما حققه يتيح له أن يأمل أكثر، ويعلم أنه أصبح رقماً صعباً سنياً، خصوصاً في الانتخابات النيابية المقبلة في عاصمة الشمال. فإذا أراد “المستقبل” العودة إلى الثوابت ربما يقترب من ريفي بدلاً من الرئيس نجيب ميقاتي.
قلبت طرابلس المعادلة. قبل انطلاق فرز الأصوات، كان الحديث عن خرق لائحة ريفي لائحة التحالف، لكن بعد ساعات صارت المعادلة هي خرق لائحة ساسة طرابلس وتلاوينها لائحة ريفي. وبعدما كان الرئيس سعد الحريري يقفل بابه في وجه ريفي، انعكست الأمور، وها هو ريفي يعلن أن بابه مفتوح أمام الحريري للتحالف من الندّ للندّ وبشروطه.

تسونامي ريفي.. ودولة الرئيس
نذير رضا /المدن/الإثنين 30/05/2016
تسونامي ريفي.. ودولة الرئيس اللواء أشرف ريفي احتفل بين مناصريه في طرابلس ليل الأحد>
يصح وصف وزير العدل أشرف ريفي، بأنه “هازم الاحزاب”، كما جاء في احدى تغريدات المؤيدين له في “تويتر”. لكن اعتبار فوزه في انتخابات طرابلس، تكريساً لزعامة سنية، هو، بالتأكيد، ينطوي على أوهام، ذلك ان فوزه الكاسح، لا يتعدى إطاراً محلياً في المدينة، انتزع فيها، بالتأكيد، الزعامة من أحزابها ورموزها، من غير أن تتضح صورة امكانية تعميمها على التجربة السياسية السنية في لبنان.
تحمل النتائج، بما لا يحمل الشكّ، مؤشرات بالغة على ارهاصات التجربة السياسية السنية بعد العام 2011. ولعل نتائج طرابلس، خير دليل على أن الزعامة، في الانتخابات المحلية، غير قابلة للإحتكار.
لكنها في المقلب الآخر، نقطة مشرقة في ثقافة التناوب على السلطة في الطائفة السنية، في حين بقيت الشيعية السياسية في إطارها الأوحد الذي لا يقبل القسمة على اثنين.. بينما، لا تزال المسيحية السياسية قابلة للقسمة على 10، بدليل نتائج انتخابات الشمال، رغم محاولات توحيدها التي أثمرت في جزين وزحلة وغيرها الكثير في انتخابات جبل لبنان والجنوب والبقاع.
المبالغة في إظهار ريفي بوصفه “تسونامي” كما جاء في مداولات الكترونية برزت تحت وسم “#تسونامي_أشرف_ريفي”، لا تبدو واقعية، بالنظر الى طبيعة الانتخابات المحلية، وتناقضاتها السياسية والعائلية، وتصفية الحسابات المحلية بين الشخصيات والرموز والبيوتات السياسية، وغضّ نظر زعماء طرابلس التقليديين عن حاجات الناس، لست سنوات، والنظر اليها في فترة الاستحقاقات الانتخابية.
وعليه، لا يمكن فصل النتائج، عن تماس ريفي مع الناس، على مدى سنوات، مقابل رفد الآخرين من أبناء طرابلس بالشعارات والوعود. وربما، توطدت العلاقة المحلية في زمن الاقتتال بين باب التبانة وجبل محسن، ولم تنتهِ بتوقيف متورطين من باب التبانة، والافراج عنهم. وهو ما اعتمده خصوم ريفي في الفضاء الالكتروني، في معرض اتهامه باحتضان كتلة ناخبة كبيرة، وأن أصوات “قادة المحاور” عدّلت نتائج الانتخابات، متناسين نقل شادي المولوي من السجن بسيارة أحد خصوم ريفي في الانتخابات الأخيرة. وتوسع الانتقاد الى القول إن لائحة ريفي “لا تتضمن اي مسيحيّ”، كما قال أحدهم في رده على احتفال مغرد مسيحيّ بفوز ريفي.
بهذا المعنى، أشرف ريفي وقف الى جانب البسطاء. الى جانب القوة الناخبة التي وجدت في الاقتتال يوماً ما، فرصة لاثبات الذات. قد تكون تلك الميزة، ذمّاً له في أوساط المغردين الممانعين، إذ اعتبروا نتائج الانتخابات إثباتاً بأن “صوت التطرف هو الاعلى”. وأن “الغلبة لمن يعزف على الوتر المذهبي”. وهي، على أي حال، ميزة يتقاسمها الجميع، ويستخدمها الجميع أيضاً في معاركهم الانتخابية، كما يستخدمونها في معرض نقدهم لمعارك الخصوم الانتخابية.
في الواقع، ليس فوز ريفي، إلا جزءاً من معركة التنافس السياسي المحلي. وليست امتداداً لتجربة “بيروت مدينتي” أو التجارب المدنية التي ظهرت في بيروت وجنوب لبنان في الاسابيع الماضية. الصوت الأخير، غاب عن المشهد الطرابلسي، ما ينفي، بالضرورة، اعتبار الفوز كسراً للمنظومة السياسية التي تحتكر العملين السياسي والانمائي اللبناني. وعليه، فإن البناء عليها للتصوير بأن الصوت المدني يعلو، هو خلط غير موفق بين الامنيات والوقائع.
أمام ما تقدم، من المبكر جداً إطلاق صفة “دولة الرئيس” على اللواء ريفي. انتخابات طرابلس المحلية، ليس بوسعها إيصاله الى رئاسة الحكومة، إلا إذا كان انكفاء الحريري أكبر من ساحة طرابلس. وهو ما لم يظهر حتى الآن.