أحمد الأسعد: لا 8 ولا 14 آذار بل …. بازار

200

لا 8 ولا 14 آذار بل ….بازار!
أحمد الأسعد/19 أيار/16

من الغريب ألاّ يتمكن لبنان، بعد 11 عاما على تحرّره من قبضة الوصاية السورية، من أن يضع  قانوناً انتخابياً أفضل من ذاك الذي يعود إلى العام 1960.

وإذا كانت دول العالم قاطبة تواكب التحوّلات من خلال قوانينها الإنتخابية، وتُجدّدها وفق متطلبات الحاضر والمستقبل، فيبدو أننا في لبنان راغبون في البقاء أسرى القرن العشرين، ونريد التوقف عنده، وتحديداً عند العام 1960!

لا يعود ذلك طبعاً إلى أن اللبنانيين يفتقرون إلى الأفكار في هذا الشأن، وحول أيّ من القوانين هوالأفضل للبنان. فالجميع يدرك أن ما يحتاج إليه لبنان اليوم أكثر من أي وقت مضى هو ضخ دماء جديدة في هذه الطبقة السياسية المنتهية صلاحيتها التي أوصلت لبنان إلى حيث هو الآن، وجعلت منه بكل بساطة بلداً معطّلاً على كل المستويات.والجميع يعرف أن الطريقة الفضلى لضخ دماء جديدة في الجسم السياسي، هي قانون انتخابي يستند على النسبية بشكل أو بآخر.

في الواقع، ليس من الصعب إقرار مثل هذا القانون الانتخابي وتنفيذه. فخلال الأعوام المنصرمة تم وضع عدد من المشاريع الجيدة التي ترتكز على النسبية. لكنّ المشكلة هي أن الإرادة السياسية لإقرار مثل هذا القانون الانتخاب يغير متوافرة لدى القسم الأكبر من الطبقة السياسية.

يا للأسف، بدلا من أن يكون كثير من السياسيين اللبنانيين على مستوى رجال الدولة الذين يقدّمون المصلحة اللبنانية على أي اعتبار آخر، يبدو أننا نتعامل مع طبقة سياسية تضع مصالحها الخاصة الضيقة في الصدارة، ولا همّ لها سوى تحقيق هذه المصالح.

كل ما يهمّ هؤلاء السياسيين، هو الحفاظ على حصتهم من القالب، والقالب في هذه الحالة هو لبنان.

وإذا كان التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية الوحيدين الصادقين في السعي إلى قانون انتخاب على أساس النسبية، فهذا لا يعني أنهما بالضرورة مع النسبية انطلاقاً من مبادئ وأخلاقيات فقط، بل هما أجريا حتماً حساباتهما وتبيّن لهما أن النسبية تعزز قوتهما ووجودهما.

أماالأحزاب السياسية الرئيسية الأخرى، سواء أكانت ضمن المجموعة المسمّاة “14 آذار” أو ضمن تلك المسمّاة “8 آذار”، فتريد كلهااستمرار العمل وفق قانون 1960 لكي يتسنى لها الإحتفاط بما  لها من مقاعد في مجلس النواب، والحفاظ على حضورها، من دون مجرّد التفكير بما هو أفضل للبنان.

من هنا، يتأكد مجدداً أن الطبقةالسياسية، بشقيها 8 و14 آذار، لا تضع أي اعتبارلما يسمى “قضية نبيلة”، بل هي مستعدة دائماً لعقد صفقات في ما بينها، ولتضع جانبا كل الشعارات التي تدعي الدفاع عنها، من أجل تحقيق مصالحها الأنانية الخاصة.

واليوم أكثر من أي وقت مضى، بات واضحاً أننا يجب ألا ندعو هذا الفريق مجموعة 14 آذار والآخر 8 آذار، بل علينا أن نطلق على المجموعتين تسمية “مجموعة البازار”.