علي الحسيني: إيران وحزب الله في سوريا.. الموت والأسر والفرار

238

 إيران و«حزب الله» في سوريا.. «الموت والأسر والفرار»
علي الحسيني/المستقبل/12 أيار/16

لا يكاد يخرج «حزب الله» ومعه «الحرس» الإيراني من مأزق في أي من المناطق السورية، حتى يعود ويُغرق نفسه في مأزق جديد يكون أكثر صعوبة من الأوّل، وكأن التجارب التي يخوضها منذ أن أُجبر على خوض الحرب هناك لم تزده إلّا تعنّتاً وعناداً على السير في طريق استنزاف عناصره وخسارة المزيد من جمهوره ووضع نفسه في موقع المُتهم والمُساءلة والعاجز عن فعل أي شيء لهؤلاء العناصر الذين لم يعد أمامهم سوى خيارات كلّ منها أمرّ من الآخر، فإمّا يُقتلون وإمّا يفرّون من أرض المعارك وإمّا يقعون في الأسر.

بعد «القلمون» و»الزبداني» و»مضايا» وغيرها من المدن السوريّة التي تعرّض فيها «حزب الله» إلى خسائر فادحة في الأرواح، ها هو اليوم يسقط مُجدداً في فخ بلدة «خان طومان» في ريف حلب الجنوبي. فعدا عن خسارته الجديدة التي تمثلت بسقوط أكثر من عشرة عناصر خلال أقل من أسبوع واحد، سرت منذ يومين معلومات تتعلق بفقدانه خمسة عناصر قيل إنهم وقعوا في الأسر بيد المعارضة السورية، وفي حال صحّت المعلومات أم لا، رغم ان الحزب لم ينفِ الخبر حتّى الساعة أو يؤكده، يبقى المؤكد أن عناصر الحزب المتواجدين في حلب، يتعرضون لضغوط عسكرية ونفسية لعدم قدرتهم على تحقيق أي إنجاز أو أقله فك الحصار عن البلدة التي إستعادتها المعارضة بعد أقل من ثلاثة أشهر على سقوطها بيد «حزب الله» والنظام السوري و»الحرس الثوري الإيراني» وعدد من الميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية، وذلك ضمن عملية عسكرية تحت عنوان «إستعادة خان طومان».

أمّا بالنسبة إلى «الحرس الثوري«، فإن علاقته بـ»حزب الله» لم تقف عند حدود العلاقة العضوية، بل تخطتها لتصبح شراكة في ثلاثية «الموت والأسر والفرار» على حد سواء، فهذا الحرس الذي تعهّد قائد أحد فيالقه الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس»، منذ أشهر بإسترجاع حلب من المعارضة، تحوّل رجاله ورجال «قوّات النخبة» من أصحاب «القبعات الخضر»، إلى صيد سهل على أيدي الثوار، وها هي المؤسسة العسكرية الإيرانية تُقرّ بأسر المعارضة ستة من عناصرها في «خان طومان» وهي التي سبق ونعت منذ أيّام عميداً في «الحرس الثوري« وعنصراً من قوات التعبئة لترتفع حصيلة قتلى الضباط الإيرانيين في أقل من 48 ساعة إلى 15ضابطاً وأكثر من سبعة عشر عنصراً معظمهم لا تزيد أعمارهم عن العشرين عاماً. ولعل أفظع ما في المشهد، ما أعلنه القيادي في الحرس الثوري العميد سعيد قاسمي الذي انتقد بعض مؤسسات «الحرس الثوري« والحكومة لعدم اهتمامها بالقتلى الأفغان حيث قال: المجندون الأفغان الذين يقتلون في سوريا يتم دفنهم في إيران كالغرباء، بعكس القتلى الإيرانيين الذين نشاهد حضورا مكثفا وواسعا لكافة المسؤولين السياسيين والعسكريين أثناء تشييعهم في المحافظات الإيرانية«.

في وقت كانت فيه قوى «الممانعة» تتحضر لاعلان سيطرة شبه كاملة على أجزاء كبيرة من حلب، أعاد سيطرة المعارضة على «خان طومان» منذ اسبوع تقريباً الوضع إلى نقطة البداية وأربك بالتالي المشهد الميداني خصوصاً وأن التحضيرات السابقة التي قام بها الطيران الروسي تمهيداً لإسقاط البلدة، كان جرى التعويل عليها لأسباب تتعلّق بأهمية موقعها الإستراتيجي وهي التي تقع في منطقة جبل سمعان، على بعد نحو 10 كيلومترات جنوب غرب مدينة حلب. ومن هذا الموقع، تستطيع القوى التي تسيطر عليها أن تحقق مكسبين: الأول، انفتاحها على بلدات وقرى ريف حلب الجنوبي، والثاني قربها من مدينة حلب الأمر الذي يجعلها على تماس مباشر مع من في المدينة.

السيطرة على حلب، وهو الهدف الذي كانت وضعته إيران منذ فترة طويلة، ما زال ساري المفعول بالنسبة إلى «الولّي الفقيه» الذي يُصرّ، بحسب مراقبين، على إحتلال المدينة مهما كلّفه الأمر من سقوط ضبّاط وعناصر، لكن شرط أن تكون أولوية التضحية بعناصر «حزب الله» والميليشيات الشيعية، وقد جاء هذا القرار بعد مقتل القائد العام لقوات النظام الإيراني في سوريا الجنرال حسين همداني في معارك جنوب حلب في تشرين الأوّل الماضي، يومها شنّ «الحرس الثوري« احدى اكبر عملياته العسكرية في ضواحي حلب تحت عنوان «عملية محرم» والتي فشلت وانتهت بمقتله مع مجموعة ضبّاط آخرين.

ميدانياً، تُعتبر كل الخطط والفرضيات التي كان وما يزال يتحدث عنها «حزب الله« منذ عامين ولغاية اليوم حول إقتراب موعد «النصر« والقضاء على المسلحين عند الحدود بالإضافة إلى طردهم من سوريا، بحكم الساقطة، وما يُصعّب من تحقيق الحزب لوعوده، أن معظم عناصر فصائل المعارضة ان لم يكن جميعهم، هم من أبناء هذه المناطق ولذلك يستميتون في الدفاع عن بلداتهم وعائلاتهم ومنازلهم، على عكس الحزب وحلفائه الذين يُعتبرون ميليشيا ومرتزقة تُقاتل لأهداف سياسية وخدمة لمشاريع إقليمية منها توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة.