روزانا بومنصف: مجموعة رسائل بارزة في زيارة هولاند: بداية مسار وتعبئة دولية ودعم للجيش/ثريا شاهين: هولاند يحث المعنيين لإحداث اختراق في الاستحقاق الرئاسي

191

 مجموعة رسائل بارزة في زيارة هولاند: بداية مسار وتعبئة دولية ودعم للجيش
روزانا بومنصف/النهار/15 نيسان 2016

لن تخلو زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى لبيروت غدا من ضمن جولة تقوده الى مصر فالاردن من مجموعة رسائل تتعدى موضوع التزام فرنسا سياسيا في المنطقة وعسكريا ضد تنظيم الدولة الاسلامية في الاردن وانسانيا في مواجهة تداعيات الازمة السورية. قرار هولاند بالمجيء الى لبنان كما اعلنه في ايلول الماضي هو تعبيرعن اهتمام فرنسا بلبنان وايجاد حل لازمته السياسية وبدء مرحلة جديدة من اعادة تعبئة الشركاء الدوليين لدعم لبنان في مواجهة الازمات في المنطقة. الزيارة كما يحددها مصدرفرنسي مطلع هي للصداقة والدعم ولا تدعي انها تحمل حلا يتعلق ايجاده باللبنانيين ولا تدعم مرشحا للرئاسة ولو ان كثرا بنوا على اتصال الرئيس الفرنسي بالنائب سليمان فرنجيه او انتقدوه وهو كان في اطار تحديد الشروط التي يمكن تدعم فيها فرنسا اي اتفاق. يرغب هولاند وفق المصدر في توجيه رسالة ارتباط وتعلق بلبنان وتمسك بالنموذج اللبناني في الانفتاح والتسامح والعيش المشترك اضافة الى رسالة التزام من فرنسا ازاء لبنان. وهذا ينسجم مع واقع ديبلوماسي يتمثل في ان فرنسا هي في طليعة الدول او لعلها الوحيدة التي تأخذ المبادرة في اثارة موضوع لبنان على الصعيدين الدولي والاقليمي فيما لا تدعي حل مشاكل لبنان مكان اللبنانيين لان لبنان بلد سيد وان كان يخضع لتأثيرات سياسية لكنها تبقى حريصة على الحصول من الشركاء الدوليين على التزام استقرار لبنان وامنه وحسن سير مؤسساته.
مراحل الزيارة المندرجة تحت ثلاثة عناوين هي دعم لبنان في مواجهة تداعيات الازمة السورية على المستوى الانساني والتنمية والدعم المالي ثم في مجال الامن والدفاع ومواجهة الارهاب واخيرا من اجل مساعدته على ايجاد حل لازمته السياسية لا تغفل الرسالة الابرز وهي خلفية عدم وجود رئيس للجمهورية. وترتكز في جوانبها البروتوكولية ومضمونها على التركيز على ضرورة عدم اهمال انتخاب رئيس وضرورة فصل انتخابه عن ازمة المنطقة ولا سيما الازمة السورية لان لبنان يستحق ذلك ومن المهم ان تعمل مؤسساته من اجل حمايته وازدهاره وفق ما لمس المصدر المعني ان الافرقاء اللبنانيين لا يختلفون على ذلك. الزيارة بحسب المصدر كان يمكن مقاربتها من زاويتين احداهما ان الرئيس لا يمكن ان يزور لبنان الى حين تنتهي الازمة وتحل كل الامور او ان الازمة تفترض زيارة من اجل فتح مرحلة ديبلوماسية جديدة، وهذا الخيار الاخير هو ما ارتآه هولاند. ولذلك فان الزيارة لا تتصف بانها زيارة دولة بل هي زيارة صداقة وزيارة عمل يرتكز برنامجها باسره على التشديد على موضوع الشغور الرئاسي من العشاء غير الرسمي الذي يقيمه الى غياب اي استقبال رسمي في مطار بيروت ومن هنا استقبال الرئيس الفرنسي لعدد محدود من الوزراء المعنيين بالمسائل موضوع الزيارة الى جانب الرؤساء السابقين والوزراء السابقين لكن من دون لقاءات ثنائية مع زعماء الاحزاب السياسية. ويشار الى ان هولاند الذي كان آخر رئيس دولة زار لبنان في 2012 لن يغفل اعلان رغبته في زيارة قصر بعبدا مجددا لدى انتخاب رئيس جديد. وتاليا فان الرسالة الابرز هي ان الزيارة ليست نهاية مسار بل بداية مسار او مرحلة جديدة، كما يقول المصدر، علما ان موضوع الشغور الرئاسي ليس وحده الشغل الشاغل بل ان لبنان يحتاج الى استئناف مؤسساته عملها الدستوري من اجل مواجهة التحديات في مرحلة خطرة. ففرنسا بحسب المصدر المعني لا ترى انتخابات الرئاسة الا بداية مرحلة او مسار تتضمن تأليف حكومة واجراء انتخابات نيابية وما الى ذلك من خطوات. ومن هنا المقاربة الفرنسية المبنية على ضرورة الوصول الى تسوية ضرورية من اجل عودة عمل المؤسسات الدستورية والادوات التي تعتمدها لذلك ليس املاء ما يجب على اللبنانيين القيام به او حل الازمة مكانهم بل الحصول من الشركاء الاقليميين الاصدقاء للافرقاء اللبنانيين على تشجيع هؤلاء على السير في هذا الاتجاه. ويكشف المصدر المطلع ان المملكة العربية السعودية رغبت في اعطاء اسلحة فرنسية للجيش اللبناني وفرنسا وافقت على ذلك لثقتها بمؤسسة الجيش والعلاقة الوثيقة معها ولكونها شكلت مناسبة لفرنسا من اجل دعمه. وان هذه الهبة تم تجميدها راهنا لكنها لم تتوقف وان الاسلحة المقررة تبقى متوافرة للجيش اللبناني حين تقرر السعودية وقف تجميد الهبة. الا انه من ضمن متابعة التعاون الثنائي على صعيد الجيش بين البلدين التي لم تتوقف بحسب المصدر يكشف هذا الاخير ان وزير الدفاع الفرنسي سيعلن ابان الزيارة عن امور للجيش خصوصا انه في وضع مماثل من المهم ان يتواصل التعاون لان الحاجات اهم علما ان الجهد الذي ينبغي ان يبذل على هذا الصعيد هو جهد دولي ملاحظا ان شركاء اوروبيين دخلوا على خط التعاون مع الجيش ودعمه.
والاهم وفق المصدر انه ستكون هناك متابعة للزيارة ليس فقط عبر زيارات يقوم بها وزراء فرنسيون بل ان فرنسا ستواصل اتصالاتها ايضا مع القوى الاقليمية والدولية اذ ان هناك قلقا دوليا على لبنان.فعلى رغم ان وضعه افضل من وضع سوريا او العراق الا ان هناك تداعيات خطيرة لا تود فرنسا رؤية مفاعيلها على لبنان. وفي رأيه ان التوصل الى تسوية ليس صعبا كما يعتقد والتوصل اليها يمكن ان يوجه رسالة قوية الى المنطقة. ونفى المصدر ان تكون فرنسا في وارد تنظيم دعوة او رعاية اجتماع للافرقاء اللبنانيين على غرار اتفاق الدوحة انطلاقا من ان الوضع مختلف عن ظروف الاتفاق السابق وليس هناك من يعارض تسوية يتفق عليها اللبنانيون في ما بينهم اقله وفق ما هو معلن بما يحفظ ادوار الجميع وفي مقدمهم المسيحيين

هولاند يحث «المعنيين» لإحداث اختراق.. في الاستحقاق الرئاسي
ثريا شاهين/المستقبل/15 نيسان/16
لم يشأ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند القيام بجولة في المنطقة من دون زيارة لبنان على الرغم من عدم وجود نظير له أي رئيس للجمهورية، وذلك وفقاً لمصادر ديبلوماسية. وبالتالي، تكتسب زيارته غداً السبت أهمية خاصة لا ترتبط فقط بوجود رئيس. مع الأهمية التي توليها فرنسا لهذا الملف. إذ لا يمكن استثناء لبنان لسببين؛ الأول مباشر وأساسي، والثاني غير مباشر متصل بمتابعة الرئيس هولاند للوضع في المنطقة كلها، إذ لن يسمح بحصول حل فيها على حساب لبنان. وفي هذا الاطار، تندرج الزيارة حيث أولوية الوضع في المنطقة لديه مع اهتمام خاص بملف الرئاسة، وإن كانت فرنسا لا تملك وحدها القرار الخارجي في هذا الشأن، الأمر الذي يفسّر جموده لأن اطرافاً اقليمية تعرقل حصوله. وتكشف مصادر ديبلوماسية في باريس ان هولاند لا يحمل أفكاراً محددة بالنسبة إلى ملف الرئاسة، وليس لدى فرنسا مرشح معين. إنما سيبحث موضوع الرئاسة، انطلاقاً من انه سيطلب من المسؤولين اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم واختيار رئيس في أسرع وقت، لما يمثل هذا الاستحقاق من عامل استقرار سياسي وأمني، ومن استعادة كاملة لعمل المؤسسات، وهو الأمر الذي يهم فرنسا جداً. وسيدعو هولاند المسؤولين إلى القيام بعمل ما لحصول اختراق، وان حل مشكلة الرئاسة هو في يدهم. ولن تتدخل فرنسا في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي، ولن يطرح أي سيناريو أو تصور معين، وسيكون هولاند في زيارته مستمعاً أكثر مما هو متحدث، مستطلعاً كافة التطورات، وفي مقدمها ما آل إليه ملف الرئاسة، وهو سيقابل كافة القيادات لهذه الغاية.
كذلك تهدف الزيارة إلى التضامن مع لبنان والتعاطف مع اوضاعه نظراً إلى أنه يمرّ بفترة صعبة، لا سيما في ظل الوضع المحيط في المنطقة وخطورته. هناك تشجيع على حل موضوع الرئاسة، انما لا قرار دولياً حول ذلك يسوّقه، وإلا لكان زار كلاً من السعودية وإيران. هناك أسئلة لبنانية ستطرح عليه خصوصاً ما يتصل بتسليح الجيش. وسيعلن هولاند دعمه للجيش الذي يساهم بشكل فعلي في محاربة الإرهاب الذي يطال أوروبا، ومواجهة الإرهاب مطلب ثنائي لبناني فرنسي. فضلاً عن اهمية الاستقرار وتعزيزه، وحسن سير المؤسسات، والمساعدة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بحسب المصادر الديبلوماسية.
هناك موضوع اللاجئين السوريين، والقرار 2254 الذي صدر، ما يتطلب من هولاند توضيحاً لموقف بلاده من العودة «الطوعية» الواردة فيه. إذ ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم يتخذ هذا القرار بل مجلس الأمن، الذي يضم فرنسا والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وغيرها. وتفسير القرار وتوضيحه موجّه إلى كل الدول، مع ان العودة «الآمنة» هي الكلمة الأصح. المقصود «بالطوعية» عودة غير زجرية. والآن لا يزال الوضع السوري في مرحلة حرب، الأمر الذي لن يجعل العودة سهلة. موضوع العودة كما هو وارد في القرار، قابل للنقاش والتعديل لدى التنفيذ. أي تفسير له لا يمكن ان يلزم لبنان إلا إذا وافق عليه، وسيوضح هولاند ما المقصود بالأمر، والتعبير عن التطمينات لأنه من غير المقبول وضع عبء إضافي على لبنان بعد العبء الوجودي، ومن المؤكد ان على المجتمع الدولي القيام بشيء ما لتحمل مسؤولياته. من الصعب تعديل القرار، لكن ليس من الصعب أن يتفسر اذا بقيت الحالة السورية طويلاً على ما هي عليه، ولا يتم أي توجه إلا إذا قبل لبنان به، كدولة صاحبة سيادة. وسيعبر هولاند عن الاهتمام الفرنسي لعقد مؤتمر دولي للسلام في المنطقة، وتحضر له باريس. ولبنان يفترض أن يكون حاضراً في أي مؤتمر من هذا النوع. وسيتم الاستماع الى رأيه. وفكرة ان لا حل على حساب لبنان ولا حل من دونه تنطبق على كافة التسويات ذات الصلة بالمنطقة. ولبنان يعتمد على أصدقائه من الدول لكن لا يُغيب موقفه أو لا يحصل ما لا يناسب مصلحته. ويفترض أن يكون حاضراً في كل ملف لكي لا تحصل أمور لا تصبّ في مصلحته. الرئيس هولاند سيلتقي في بيروت رئيس مجلسي النواب نبيه بري وتمام سلام والوزراء، كما سيلتقي كافة القيادات اللبنانية، وستستغرق زيارته 24 ساعة، إذ يصل ظهراً ويغادر ظهر الأحد. وسيحرص على التركيز على عمق العلاقات بين البلدين، كما سيستفسر عن تطورات العلاقات مع الخليج، لا سيما وأن فرنسا لعبت دوراً كبيراً في تخفيف الضغوط عن لبنان خصوصاً في مجال الأوضاع الاقتصادية.