رلى موفق/ما الحسابات والرهانات خلف القرار: ترامب يعيّن عربياً مستشاراً لشؤون الإرهاب والشرق الأوسط

204

ما الحسابات والرهانات خلف القرار: ترامب يعيّن عربياً مستشاراً لشؤون الإرهاب والشرق الأوسط
رلى موفق/القدس العربي/03 نيسان/16

بيروت ـ «القدس العربي»: المرشح الرئاسي دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، غير أنه يحظى بشعبية لافتة لدى فئات واسعة من المجتمع الأمريكي. يعتبر الشخصية الأكثر ظهوراً ومشاهدة، على شاشات التلفزة الأمريكية بين المرشحين على ضفتي الجمهوريين والديموقراطيين. ذلك المليونير الآتي من عالم التطوير العقاري، والذي يتقن فن الاعلام والاعلان تحوّل الى «ظاهرة حقيقية» بعدما وصف البعض قرار ترشحه بـ»النكتة».

قليلاً ما تحظى الحملات الانتخابية التمهيدية ضمن كل معسكر بهذا القدر من المتابعة والاهتمام الخارجي لمرشح معين قبل أن يفوز في حزبه، كما هو حال ترامب، وذلك يعود الى مواقفه «الصادمة» و»غير الدبلوماسية» بوصف البعض و»الواضحة والشفافة» بوصف آخرين في مقاربته المسائل.

يقول مدير الحملة الأمريكية- الشرق أوسطية لدعم ترامب المهندس طوم حرب، وهو أمريكي جمهوري من أصل لبناني، «ان ما جعل الكثير من الأمريكيين يصوتون لصالح ترامب لحصوله على العدد المطلوب من المندوبين للفوز كمرشح عن الحزب الجمهوري هو شعور هؤلاء بانه يحاكي هواجسهم وطموحاتهم وأحلامهم.» ترامب الذي رفع شعار حملته «من اجل ان نجعل أمريكا دولة عظيمة مجدداً» اعلن منذ البداية انه سيمول حملته الانتخابية وليس بحاجة الى دعم مالي من أي لوبي أو كتلة اقتصادية او تجارية او الشركات الكبرى التي عادة ما تمول المرشح بحيث يصبح مديناً لها إذا وصل الى «البيت الأبيض»، وهو الأمر الذي جعله قادراً على التحرك بحرية وإطلاق المواقف التي يؤمن بها من دون أن يكون مقيداً.

في رأي طوم حرب ان ترامب تناول مسائل اشكالية في المجتمع الأمريكي بشكل جريء وعبّر عما يدور في بواطن الكثير من الشعب. فحين قال إنه سيبني جداراً بين أمريكا والمكسيك لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، والذين هم في غالبيتهم ليسوا أناساً صالحين، لقي الكثير من التأييد. ففي الولايات المتحدة الأمريكية اليوم ما يزيد عن 12 مليون مهاجر غير شرعي. وهذه أزمة مستفحلة ترخي بثقلها على الأمن الاجتماعي في ولايات عدة.»

في أذهان الكثيرين، يشكل ترامب «قصة نجاح»، يأتي من خارج «الاستابلشمنت»- الجناح التقليدي في الحزب. هو استطاع ان يجذب 30 في المئة من الأمريكيين الذين عكفوا لسنوات طويلة عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع. هؤلاء نزلوا وصوتوا له، ما فاجأ المراقبين. حتى الآن حظي بـأصوات 750 مندوباً من أصل 1237 مندوباً وهو العدد الذي يحتاجه للفوز بترشيح الحزب. ويعتقد داعموه أنه قادر على تأمين العدد المطلوب الى حين انعقاد المؤتمر في تموز/ يوليو المقبل. المسألة بالنسبة لداعمي ترامب ضمن الحزب الجمهوري لا تتعلق فقط بطروحاته التي تلامس وجع الأمريكيين في الملفات الداخلية على مستوى انعاش الاقتصاد وتخفيض الضرائب وايجاد فرص عمل وخفض نسب البطالة، والحد من الهجرة غير الشرعية، بل تشمل أيضاً عناوين أخرى تتعلق بالسياسة الخارجية، في مقدمها ايران والشرق الأوسط.

اللوبي الأمريكي- الشرق أوسطي المؤيد لترامب على اقتناع تام بأن مرشحهم هو من المرشحين الجمهوريين الذين تعهدوا بإلغاء الاتفاق النووي مع ايران اذا وصل الى «البيت الأبيض»، وبتفكيك ترسانة السلاح النووي والصواريخ البالستية. وهذه مسألة جوهرية يؤكد طوم حرب الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام لـ «المجلس العالمي لثورة الأرز» اللبنانية في واشنطن.

في هذا السياق، تأتي أهمية تعيين ترامب للخبير في شؤون الارهاب والشرق الاوسط الأستاذ الجامعي والباحث الدكتور وليد فارس مستشاراً له في الشؤون الخارجية من ضمن فريق مستشارين اختارهم ليكونوا الى جانبه في حملته الانتخابية ولاحقاً في فريق عمله في «البيت الأبيض» إذا وصل الى سدة الرئاسة. ففي نظر «اللوبي العربي الداعم لترامب» أن وليد فارس الأمريكي من أصل لبناني، إبن منطقة الشرق الأوسط ويعرف نسجيها الإجتماعي ومعتقداتها والإثنيات التي تعيش فيها ومشاكلها. ويرى أن إنسحاب الرئيس الأمريكي عن لعب دور القيادة في المنطقة كانت سياسة خاطئة، وأنه أدار ظهره لحلفاء أمريكا من العرب، وخذل الثورة السورية، وتغاضى عن التمدد الإيراني وأذرعتها العسكرية في المنطقة.

في رأي عارفي وليد فارس أن اختيار ترامب له جاء على خلفية فهمه للمنطقة وخبرته في شؤون مكافحة الارهاب، وانفتاحه على حلفاء واشنطن التقليديين من الدول العربية ولاسيما مصر والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي والاردن. وهو قدم خلال السنوات الماضية من موقعه الاستشاري رؤيته لكثير من الدول العربية حول كيفية مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة والتعاطي مع ادارة أوباما في هذا الشأن. ومن شأن وجوده في فريق عمل ترامب أن يسهم في فهم الادارة الجديدة لكيفية إعادة الاستقرار الى المنطقة. والتعامل مع ملفاتها الشائكة.

حتى أن المواقف المثيرة للجدل التي أطلقها ترامب، يراها داعموه بعين مختلفة. هم يجزمون «أن ليس في تاريخ ترامب مواقف عنصرية، وموقفه من منع المسلمين من دخول أمريكا عقب الاعمال الارهابية في فرنسا وكاليفورنيا وبروكسل جاءت من خلفية أنه لا بد من وقف الهجرة موقتاً الى حين فهمنا لما يجري، والى التأكيد من أولئك الذين يهاجرون الى بلادنا».

وبعيد أول اجتماع للأمن القومي عقده ترامب مع فريقه الاستشاري منذ أيام، قال وليد فارس ان ترامب طرح الكثير من الاسئلة المتعددة الجوانب واستمع كثيراً. وكانت مشكلة «داعش» من الاولويات التي طرحت على الطاولة. وجرى التطرق الى العديد من السيناريوهات خلال النقاش.

بالنسبة لفارس، فإن إنتقاد ترامب سياسة الابواب المفتوحة امام اللاجئين السوريين التي أكد عليها أوباما هي جزء من الصورة، لكن الجزء الآخر أنه لا بد من إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا، وهي منطقة محررة من «داعش» بحيث يتم إيواء النازحين السوريين في تلك المنطقة بدل ان يلجأوا الى دول الجوار والى الدول الاوروبية وأمريكا.

فارس حين يُسأل عن مدى معرفة ترامب بالسياسة الخارجية، يجيب أنه ليس المطلوب من المرشح الرئاسي أن يكون عالماً بكل الأمور، هو لديه الرؤية العامة. وحين يصل الى البيت الأبيض، فإن عليه أن يناقش التفاصيل وكيفية مقاربة المسائل فلا بد من أن يستمع الى الاختصاصيين ومن ثم أخذ القرار المناسب.

والمرشحون عامة سواء انتموا الى الحزب الجمهوري أو الحزب الديموقراطي، فإنهم يقدمون خطاباً داعماً لاسرائيل لضرورات الحملة الانتخابية. فأمام الـ « إيباك» ( لجنة الشؤون الأمريكية- الإسرائيلية)، وهي تعد «قوة ضغط» فاعلة واقى «اللوبيات» في أمريكا لحماية مصالح إسرائيل، يخطب الجميع ود الأمريكيين من أصل يهودي ويتعهد بتقل السفارة الأمريكية الى إسرائيل لكنها وعود تذهب أدراج الرياح» وفق تعبير طوم حرب. هذا ما فعلته المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون وما فعله ترامب وغيره من المرشحين، وإن كان داعمو ترامب يرون أنه المرشح الاكثر قدرة على التفلت من عبء «كتل الضغط» ما دام لم يربط نفسه بأي جهة لتمويل حملته الانتخابية، ولديه تالياً مساحة أكبر من الحرية من غيره.

لكنها مساحة من المبكر تحديد مداها… تماماً كما من المبكر الحكم على ما ينتظر المنطقة من سيد «البيت الأبيض» المقبل، خصوصاً إذا كان اسمه دونالد ترامب. فقد يكون ترامب يحاكي هواجس الأمريكيين وما يدور في عقولهم وقلوبهم، لكن رئيس أقوى دولة عظمى، كما يريدها ترامب ان تعود، لا بد من أن يكون رئيساً يحمل قيماً ومبادئ وسياسة وحسابات مختلفة لتلك التي تحكم عادة عالم رجال الأعمال والمال!.