ايلي الحاج: القوات تخوض الإنتخابات البلدية على القِطعة/ألين فرح: إحراج حزب الله ومحاصرته لم يُبدّلا واقع الأزمة/روزانا بومنصف: التوافق في اليمن هل تصل عدواه إلى لبنان

193

خوري لـ”النهار”: زيارة معراب لتنظيم الخلاف “القوات” تخوض الإنتخابات البلدية “على القِطعة”
ايلي الحاج/النهار/22 آذار 2016
لا بد من وقفة عند الشكل في زيارة مستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري لمعراب أمس، فالدكتور الذي لم يرافق رئيس الحكومة السابق إلى مقر حليفه السابق الدكتور سمير جعجع أحاطت باسمه دائرة فاقعة اللون عند “القوات اللبنانية” مُذ شاعت المعلومات عن دوره في لقاء الحريري ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية في باريس، ثم تأييد “تيار المستقبل” لترشيح نائب زغرتا للرئاسة. عودته إلى سلوك طريق معراب مؤشر إلى سقوط “فيتو” على اسمه ورغبة في سماع رسالة. ويبدو أن السلبية والإنفعالات الفورية التي تحكمت مدة في العلاقات بين “المستقبل” و”القوات”، إثر دعم ترشيح فرنجية في “بيت الوسط” وما تلاه من ترشيح للجنرال ميشال عون في معراب، تراجعت لمصلحة عقلنة الإختلافات في الرأي. في السياق هذا يوضح غطاس خوري لـ”النهار” إن زيارته كانت “لإعادة ترميم قوى 14 آذار. فنحن مختلفون على الموقف من موضوع رئاسة الجمهورية وليس على الأهداف الإستراتيجية المشتركة، ومحورها قيام الدولة في لبنان، وأن ينضوي الجميع تحت هذا السقف بما فيهم “حزب الله”. “نحاول تنظيم الإختلاف في الرأي في ما بيننا”، يقول النائب السابق والمستشار كاتم الأسرار، والغاية “ألّا يتحوّل هذا الإختلاف أقوى وأكبر من الهدف الإستراتيجي فيذهب إلى أمكنة أبعد ويخرج عن نطاق السيطرة. وواضح في موضوع الرئاسة أن هناك مشكلة ينظر إليها الجنرال ميشال عون من زاوية أن “حزب الله” سوف يؤمن له أكثرية تأتي به رئيساً، وأن الحزب لا يتحرك. يعني ذلك أن المشكلة ترتبط بعدم وجود قرار إيراني بالإفراج عن رئاسة الجمهورية في لبنان، وحتى صدور هذا القرار سيظل “حزب الله” يعطّل الإنتخابات الرئاسية. ساعة يدعونا إلى انتخاب الجنرال عون وساعة يقول إن مسألة انتخاب الرئيس غير ناضجة بعد”.
ولا يرى شيئاً سيتغيّر في جلسة غد ذات الرقم 37 لانتخاب رئيس، فالوضع يراوح مكانه في دائرة الصعوبة، لكنها غير مغلقة: “الجو في المنطقة تسووي، من سوريا إلى اليمن، وبين السعودية وإيران. ولعلّه على حق الرئيس نبيه بري، في ما نقل عنه، في القراءة التي حدته إلى دعوة “حزب الله” إلى تأمين انتخاب رئيس من قوى 8 آذار في ضوء احتمال تغيّر هذا الجو تغيّراً يحمل إلى قصر بعبدا رئيساً من خارج هذه القوى، فالعرض المطروح عليها اليوم إما تأخذه أو تعرقله وقد لا يعود متاحاً لاحقاً”. وماذا عن الإنتخابات البلدية؟ “سوف نتفاهم مع حلفائنا عليها، “القوات” وغيرها، في بيروت مثلاً وأمكنة أخرى”. يتطابق كلام الدكتور خوري تقريباً مع ما تقوله “القوات”. رئيس جهاز التواصل والإعلام ملحم الرياشي، خيّاط “النوايا” التي أوصلت إلى ترشيح الجنرال عون من معراب، يوافق على أن زيارة مستشار الرئيس الحريري كانت لتنظيم الإختلاف، ويقرّ بأن “المقاربات مختلفة ومتباعدة في الموضوع الرئاسي، لكن الهدف الإستراتيجي واحد: بناء الدولة وحماية كيانها”. يلمح الرياشي إلى “بداية كلام على طريقة أو خطة لإعادة ترميم قوى 14 آذار. والجلسة مع موفد الرئيس الحريري كانت صريحة وأكثر من جيدة، حددت بوصلة الحركة للمرحلة المقبلة داخل قوى 14 آذار وبين “المستقبل” و”القوات”. أما عن التحالفات التي ستخوض بها “القوات” الإنتخابات البلدية فيقول إنها “على القِطعة”، موضحاً أنها انتخابات “ذات طابع سياسي وعائلي ومناطقي، تختلف بين بلدة وبلدة، وبين قرية وقرية”، ولكن “اتجاهاتنا توافقية، أكثر مما هي إلى المواجهة”. ويلخص مراقب هذه الحركة المفاجئة التي ميّزت اليوم السياسي أمس إلى أن “المستقبل” ماشى الدكتور جعجع في وصف الخلاف بأنه محصور في موضوع رئاسة الجمهورية. ما هي الخطوة التالية؟

هل صحيح أن الاستحقاق الرئاسي في مهبّ الريح؟ إحراج “حزب الله” ومحاصرته لم يُبدّلا واقع الأزمة
ألين فرح/النهار/22 آذار 2016
يتكشف يوماً بعد يوم أن خلط الأوراق في فريق 14 آذار، كما في فريق 8 آذار، كان يهدف بطريقة أو بأخرى الى اقتناص الاستحقاق الرئاسي، لكنه أصبح عاملاً معقداً له بدليل الاصطفاف الجديد في المكوّن المسيحي بعد اتفاق معراب وتبعثر فريق 14 آذار في كل اتجاه كردّ فعل أولي على هذا الاتفاق. وفي الوقت عينه يتأكد ان الصراع، الخفي منه والمعلن، بين “التيار الوطني الحر” والرئيس نبيه برّي وفريقه الوزاري والنيابي هو أيضاً من عوامل اللااستقرار السياسي الذي من شأنه أن يئد الاستحقاق. يكفي النظر الى خلفيات المواقف المستجدة كي يتبيّن ان الاستحقاق الرئاسي ليس كما يشتهيه البعض في متناول اليد في جلسة 23 آذار أو في نيسان حتى إشعار آخر، كما تقول مصادر سياسية، وذلك للأسباب الآتية:
أولاً، عدم توافر النصاب في مجلس النواب لانتخاب الرئيس بعد تبنّي الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية أو بعد اتفاق معراب.
ثانياً، عدم توافر النصاب السياسي لجلسة الانتخاب ما دام أفرقاء 8 آذار، على تبعثرهم، لن يؤمّنوا نصاباً عددياً في الجلسة يخرجون فيه على “حزب الله” و”التيار الوطني”.
يكفي أن نتبيّن مواقف فرنجية العلنية والقطعية أنه لن ينزل الى مجلس النواب ما لم يحضر نواب “حزب الله”.
ثالثاً، مسألة الميثاقية التي فرضها اتفاق معراب والذي راكم الحيثية الأقوى للعماد ميشال عون في مكوّنه المسيحي بأن اضاف اليها حيثية “القوات اللبنانية” الوازنة أصلاً، بحيث أصبح عون الرقم الأصعب في ارساء الحكم الميثاقي.
رابعاً، من المعلوم أن النواب القوميين أو البعثيين، الذين يدورون في فلك الرئيس برّي لهم أيضاً تحفظاتهم بالنسبة الى أي مقاربة للاستحقاق قد تستهدف “الحزب” و”التيار” معاً.
خامساً، استدراك الحريري واقع الازمة الرئاسية بتبنّي ترشيح فرنجية، ولكن من دون تسجيل أي خرق في هذا المجال عبر إحراج الحزب وإخراجه، وبالتالي ذهابه الى خيارات أخرى لوّح بها وأوحى بها كما أوحى الرئيس برّي، وتبدّت ملامحها في زيارة قيادة الجيش والبدء بالخروج عن حلقة الأربعة الأقوياء بحسب مفهوم ورقة بكركي، ما من شأنه ايضاً أن يعقّد الاستحقاق ما دام الأمر يتطلب حكماً توافق الأربعة الأقوياء على اسم المرشح البديل من الأصيل المستحق ميثاقياً، الأمر الذي لن يحصل أقله في المستقبل المنظور.
سادساً، اقليمياً، إن انسحاب القوات الجوية الروسية من سوريا اياً كان حجمه أو نوعيته، لن يكون له أي أثر على الحرب التي يخوضها النظام السوري مع حلفائه ضد “داعش” و”النصرة” والتنظيمات الارهابية الاخرى، أو على الاستحقاقات التي رسمها النظام وأوّلها الانتخابات النيابية في نيسان. يضاف الى ذلك ان “حزب الله” دخل قبل روسيا ولن يخرج بخروجها من الميدان الحيوي الذي وصّفه السيد حسن نصرالله. في ضوء الترابط المؤكد والذي لا يحتاج الى أي استبيان بين الحرب في سوريا ومآل الهدنة وخريطة السلام المنشود في فيينا وجنيف، لا يمكن عاقلاً أن يتصور خروج لبنان من دائرة الارتدادات قبل أن يستقرّ الصراع في المنطقة بين إيران والخليج، وتحديداً في سوريا بين النظام وحلفائه والارهاب، على حلول ثابتة. هذا إذا ما أخذنا أيضاً في الاعتبار ما يحكى عن اتفاق كيري – لافروف الذي يستظلّ كل الأوضاع في المنطقة. فمن الذي يجرؤ اليوم، على رغم كل الايحاءات، على أن يأتي برئيس ملتبس أو غير واضح الخيارات الاستراتيجية في المنطقة؟أما أن يقال اسرعوا في انتخاب فرنجية لسدّة الرئاسة لأن التسوية لن تأتي لمصلحة “حزب الله” وحلفائه، فهو رهان متأتٍ عن قراءة خاطئة لما يحدث في الاقليم وللمعطى الدولي، لأن الأدهى انه يكشف رهاناً من نوع آخر في الداخل اللبناني لدى رعاة هذا الترشيح المعروفين، على إحراج “حزب الله” ومحاصرته أكثر مما هو الذهاب الى استحقاق يطمئن كل المكونات على الساحة اللبنانية. فمجرد الايحاء بأن الحزب لن يستطيع أن يحوّل انجازاته الميدانية في سوريا الى انتصارات سياسية في لبنان، وهو أصلاً لا يرغب في ذلك، على ما قال السيد نصرالله مراراً، هو ضرب في خاصرة “حزب الله”. لذلك تبقى “لبننة” الاستحقاق وليدة اللحظة الممكنة والمتاحة، والتي لم تحن بعد لكل الأسباب السابقة.

التوافق في اليمن هل تصل عدواه إلى لبنان؟ الانتخابات البلدية عامل ضغط يخرق التجميد
روزانا بومنصف/النهار/22 آذار 2016
تراقب الأوساط السياسية اللبنانية بحذر وترقب التطورات في المنطقة التي انقلبت على نحو مفاجئ الى حد كبير من تصعيد خطير نتيجة حروب مدمرة، وسط تهدئة قسرية ليست واضحة معالمها او معالم الاتفاقات غير المباشرة التي قادت اليها على نحو كلي، إلا أنها تبشر بآفاق حلول سياسية لم تكن ممكنة او متخيلة حتى الامس القريب، على الاقل. ويترك الوصول الى توافق سياسي حول اليمن استنادا الى مؤشرات صبت في هذا الاطار منذ أكثر من أسبوعين، والذي عمل على خطها مجموعة من الدول جنباً الى جنب مع المملكة السعودية ولا سيما الولايات المتحدة الاميركية عبر نائبة وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى آن باترسون التي مارست ضغوطا كبيرة في هذا الاطار، المجال واسعا أمام اوساط سياسية في لبنان للتطلع في اتجاه امكان ان تنعكس التهدئة في اليمن على لبنان استنادا الى تخفيف التوترات التي بلغته على وقع التصعيد الخطابي في موضوع اليمن، والذي استنفر واستفزّ حساسيات الدول العربية ايضا مما تسبب بمشاكل للبنان. فهذا التوافق الذي بدأ يشهد ترجمة محتملة في اليمن، بمعزل عن فرص تطوره أو كيفية حصول ذلك، سار أيضا في موازاة دفع نحو الحل السياسي في سوريا عبر وضع اتفاق وقف الاعمال العدائية موضع التنفيذ واستئناف المفاوضات السياسية في جنيف، بغض النظر عن إمكان وصول هذه المفاوضات الى نتيجة وفقا لما هو مقرر أم لا، يعزز الآمال بأن تهدأ الخلافات في لبنان بعض الشيء وربما الدفع في اتجاه اجراء انتخابات رئاسية. لكن قلة نادرة من السياسيين تخاطر في الواقع في الجزم بأن هذه المؤشرات يمكن ان تحسم موضوع الاستحقاق الرئاسي خصوصا ان الرهانات على استحقاقات مماثلة خلال العامين الماضيين من عمر الشغور في سدة الرئاسة الاولى قد اثبتت خطأ الرهان على استحقاقات خارجية تم استخدام لبنان فيها احيانا كمنصة او منبر لتوجيه رسائل ما، لكن أصيب السياسيون بخيبة تلو الاخرى، خصوصا انه لم يترك استحقاق اقليمي او دولي إلا وربط الاستحقاق الرئاسي به من دون جدوى ما بين الوصول الى الاتفاق النووي مع ايران الى بدء تنفيذه ورفع العقوبات الى الحوار المنتظر الايراني – السعودي. وهذه النقطة الاخيرة، وان كانت لا تزال الرهان الاساسي، فإن أحدا لا يقدم معلومات عن مفاوضات جدية مباشرة حصلت، بل اتصالات غير مباشرة لا تتوافر معلومات عنها لدى القوى اللبنانية، لكن يمكن أن تستشفها مما يجري في اليمن على الاقل. يضاف الى ذلك حاجة القوى السياسية الى المزيد من تثبيت واقع التهدئة، وتاليا احتمال الاتجاه الى حلول سياسية قبل التعويل على متغيرات فعلية، اللهم باستثناء تأكيد واقع الهدوء والاستقرار الامنيين قسريا، واللذين تم تجميدهما في لحظة الانتظار المطلوبة على رغم كل العواصف التي واجهت الوضع في لبنان بحيث شارف الاستقرار على مغادرة الستاتيكو مرارا لكن من دون ان يحصل ذلك فعلا.
تقول مصادر سياسية إن ليس تهدئة الحرب في اليمن او في سوريا ما يتوقع أن يشكل عاملا ضاغطا على الأفرقاء اللبنانيين فحسب، بل استحقاقات داخلية ايضا. فانتظار وصول التوافق الخارجي الى لبنان بات محتما ما دام لم يتم التقاط لحظات ايجابية توافرت في الاشهر الاخيرة، خصوصا مع بروز ترشيح آخر غير ترشيح العماد ميشال عون. وهذه الترشيحات قد تكون باتت لها حسابات مختلفة بعدما استنفدت غايتها والاهداف منها، أقله الغالبية منها، وقد مضى على سيطرتها على الواجهة السياسية الرئاسية سنتان من دون أن تستطيع التوصل الى نتيجة. من جهة أخرى، يعتقد أن النجاح في الذهاب الى إجراء انتخابات بلدية تقصّى سفراء الدول المؤثرة على نحو جيد عن امكان اجرائها بما في ذلك في عرسال من خلال الاطمئنان من الجيش اللبناني الى امكان اجراء انتخابات في البلدة عبر صناديق توضع على مدخلها، وتاليا شجعوا بقوة على اجرائها تبعا لذلك، سيكون محرجا للقوى السياسية انطلاقا من ان هذه القوى لا تقوم بواجبها، في حين ان الشعب يقوم به. والواقع أن هذه القوى لا تخفي أن تكون الانتخابات تنفيسا للمواطنين إزاء العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية والتمديد لمجلس النواب، لكن الواقع سيكون ضاغطا على قوى تعمل على إنجاز انتخابات تناسب مصالحها الشخصية المباشرة وتعزيز اوراقها على الارض فيما تهمل عمدا ما يصب في مصلحة البلد ومصلحة جميع ابنائه. وعلى رغم انه يتوقع او يراد لهذه الانتخابات ان تكون معبرا لبعض الافرقاء لتعزيز اوراقه بحيث يضغط من اجل ان يترجم ما يعتبر اتساع حجم التمثيل البلدي المسيحي عبر الثنائي العوني القواتي، فان المصادر تعتقد ان لبنان غادر فعلا المحطة التي انطلقت منها الترشيحات للانتخابات قبل سنتين على رغم استمرار كل الخيارات على الطاولة. اذ مع انه تم تجميد اللحظة السياسية عند الشغور الرئاسي بكل حيثياته الا ان التسوية او الوفاق السياسي، اذا كان سينسحب على لبنان، فانه قد تتم ترجمته على غير النحو الذي ساد حتى الآن اي بالعناصر ذاتها خصوصا اذا كانت المعطيات الجديدة ستعكس تهدئة سنية شيعية بحيث لا يكون خيار فريق هو من يسري على الاخرين بل التوافق السياسي الذي يكرس هذه التهدئة.