محمد علي فرحات: بشار الأسد رئيساً للبنان/ألين فرح/القوات: لا فيتو سعودياً على عون المملكة تحترم الخصوصيات اللبنانية/سابين عويس: إستفاقة متأخرة على مخاطر المالية العامة الحكومة أمام خيارين

321

القوات”: لا فيتو سعودياً على عون المملكة تحترم الخصوصيات اللبنانية
ألين فرح/النهار/11 شباط 2016

الى الآن، لم “يبلع” عدد كبير من الأطراف السياسية اتفاق معراب. منهم من اعتبر ان سمير جعجع ساهم في فكفكة عرى 14 آذار، ومنهم من اعتبر انه فقد صداقة “المستقبل” والرئيس سعد الحريري، وبالتالي فقد الدعم السعودي بترشيحه العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. لكن منذ اليوم الأول تنفي “القوات اللبنانية” اعتراض المملكة على هذا الترشيح، بل تؤكد أن ما يهمّها هو الاتفاق المسيحي، وأن دور المسيحيين بالنسبة اليها أساسي في لبنان والمنطقة. انتقاد تفاهم “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، خصوصاً ممن كانوا يطالبون الفريقين بالعمل على المصالحة بعد 30 عاماً من العداء للانتهاء من “العدائية الثنائية”، يجعل الحزبين يطرحان علامات استفهام. بالنسبة الى “القوات،” فإن اتفاقها مع “التيار الوطني” هو أفضل الممكن في هذه الفترة، “وسنعمل على تحويله أفضل الممكن من دون شروط، وخصوصاً ان الجو المسيحي العام مرتاح الى هذه الخطوة، و85 في المئة من المسيحيين مع هذا الاتفاق”. وثمة دعوة الى ضمّ جميع الاطراف المسيحيين الى هذا الاتفاق، والتوصل الى اتفاق وطني عام للانتهاء من التقوقع والتراشق السياسي وبناء دولة حقيقية. وهنا تسأل “القوات”: إذا رضيت أمّ القتيل فماذا نريد بعد ذلك؟ فأهل الشهداء هم الاكثر تفهماً لموضوع الاتفاق والمصالحة. بالتالي أنجزت المصالحة كل ما هو مطلوب وأكثر، واجتاز الفريقان حاجزاً نفسياً ولا عودة الى الوراء. حتى لو حصل خلاف يوماً ما مع “التيار الوطني الحر” فسيكون في السياسة فقط، ولن يكون مقاطعة ولا كره ولا حقد كما كان في السابق، وفق ما تؤكد “القوات”. وفي الوقت عينه ما توصلت اليه مع “المردة” ايضاً لا عودة فيه الى الوراء، “كرّسناه وسيبقى لتطبيع للعلاقة بين الطرفين”، هذا ما قاله النائب انطوان زهرا ليوسف سعادة في بكركي في عيد ما مارون قبيل الخلوة بينهما وجيلبرت زوين مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. وفي الكلام بين زهرا وسعادة، والذي امتد زهاء ربع ساعة، تأكيد ايضاً أن التوضيحات التي أوردها زهرا الاسبوع الفائت حيال موقف حزبه لم تزعج “المردة” على الاطلاق.
في الخلوة، أبدى الراعي ضرورة اجتماع القادة الموارنة الاربعة لإيجاد حلّ لموضوع الرئاسة، أو لينزل الجميع الى الجلسة للانتخاب. وكان ردّ زهرا: “فليجتمع الجنرال وفرنجيه لتحلّ القضية، نحن قمنا بما علينا ونكمل في العمل”. والبطريرك “عاد الى ما كان يطرح في السابق، فيما أصبح موضوع الرئاسة في مكان آخر تماماً”، وفق أحد المجتمعين. علماً ان المجتمعين الثلاثة وعدوا بأنهم سينقلون رغبة البطريرك، لكن القرار عند القادة.
انشغل الجميع بمعرفة موقف المملكة العربية السعودية من خطوة جعجع تأييده ترشيح العماد عون، كما صدرت أخبار وتحليلات مؤداها أن السعودية غير راضية. وفق “القوات”، انه منذ اعلان اتفاق معراب كان تسويق مبرمج على فيتو سعودي على خطوة جعجع، “بهدف ضرب العلاقة مع المملكة العربية السعودية. لكن منذ 18 كانون الثاني لم ينقطع التواصل لحظة مع المملكة، وثمة مجموعة موفدين أتوا من المملكة الى معراب والعكس، خلافاً لما يروّج البعض ان العلاقة قطعت أو ان جعجع طلب موعداً ولم يحدد. “لا نخفي انهم للوهلة الأولى فوجئوا بتأييد جعجع ترشيح عون لأنهم كانوا يظنون ان ترشيح فرنجيه يمرّ مع الجميع”. لكن تؤكد “القوات اللبنانية”، بعد استمرار الاتصالات بمجموعة الموفدين الى السعودية، انها تبلغت الاثنين الفائت من المملكة موقفها الذي يؤكد التقليد السعودي باحترام الخصوصيات وعدم التدخل في الشأن الداخلي. فالمملكة هي أولاً ضد الفراغ ومع انتخاب الرئيس بأسرع وقت، وثانياً، لا فيتو للمملكة بشكل رسمي على أي مرشح بمن فيهم ميشال عون، وثالثاً والاهم، لا تصدقوا اننا سندفع أو نساهم في انتخاب من يناقض التوجه المسيحي العام، كائناً من كان، فالمملكة لا تسعى سياسياً أو ديبلوماسياً الى أن توصل رئيس جمهورية يتعارض والتوجه المسيحي العام والوجدان المسيحي العام”. ومعلوم أن من يتولى الملف اللبناني هو ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. يبقى أن الانظار كلها متجهة الى ما سيقوله الحريري في ذكرى اغتيال والده في 14 شباط، وإذا رشح فرنجيه، فإن “القوات” ستبني على الشيء مقتضاه.

 

إستفاقة متأخرة على مخاطر المالية العامة الحكومة أمام خيارين: الموازنة أو الضرائب
سابين عويس/النهار/11 شباط 2016
هي استفاقة متأخرة على مخاطر المالية العامة، ما شهدته جلسة مجلس الوزراء أمس على وقع العرض المسهب الذي قدمه وزير المال علي حسن خليل، ودق من خلاله ناقوس الخطر، عبر تهديده بعجز وزارته عن تأمين الاعتمادات المطلوبة لتغطية الحاجات المالية المستجدة اعتبارا من نيسان المقبل.
يحمل تهديد خليل في طياته أكثر من خلفية، على الحكومة البدء بالتعامل معها بمقاربة واقعية بعيدا من الحسابات الخاصة التي حكمت العمل الحكومي خلال المرحلة الماضية، بحيث لم يتم إقرار أي ملف إلا بعد إنجاز القسمة والمحاصصة عليه، وذلك باعتراف ضمني من عدد غير قليل من الوزراء الذين يضعون أنفسهم خارج الكعكة الحكومية. فوزير المال الذي يسعى إلى الضغط على القوى السياسية المكونة للحكومة، لتأمين المطالب الإنفاقية من دون المس بالتوازن في المالية العامة أو زيادة العجز، خصوصا أن الانفاق يرتفع فيما الايرادات تتراجع والعجز يزيد، وضع هذه القوى أمام معادلة بسيطة: إذا كنتم تريدون اعتمادات إضافية، فعليكم أن تؤمنوا لي الموارد لتغطيتها. سبب هذا الكلام يعود إلى تنامي الانفاق بشكل غير مسبوق في ظل عدم توافر الاعتمادات الكافية لتغطيتها، وهو إنفاق مستجد يعود إلى تغطية حاجات تجهيز المطار وصيانته، وكلفة ترحيل النفايات، وكلفة تسليح الجيش.
تؤكد مصادر وزارية أن كلفة الرواتب والاجور للقطاع العام مؤمنة، ولكن كلفة هذا الانفاق المستجد غير متوافرة، ولا يمكن الاعتماد على القاعدة الاثني عشرية بعدما بلغت حدها الاقصى. وهذا الامر دفع بعض القوى السياسية، ولا سيما على محور عين التينة- بلس إلى تناغم حول وجوب تحقيق أمرين، لم يعد في الامكان المضي في الانفاق العشوائي من خارجهما:
– إما المبادرة فورا إلى مناقشة مشروعي قانوني الموازنة لعامي 2015 و2016 المطروحين امام مجلس الوزراء، ولم يتم إقرارهما، علما ان نقاشا دار حول مشروع 2015 فيما مشروع 2016 الذي رفعه خليل الى رئاسة الحكومة لم يدرج بعد على أي جلسة حكومية. مع التذكير بأن الحكومة غابت عن الاجتماع لأكثر من 5 أشهر، وتعذر إنجاز المشروع الذي يحتاج اليوم إلى قرار سياسي وربما الى طاولة حوار!
– وإما المبادرة إلى البحث عن موارد جديدة لتغطية الانفاق المستجد. ومن هنا، جاء اقتراح وضع ضريبة الخمسة آلاف ليرة على البنزين. كما أن هذا الموضوع كان طرحه وزير الداخلية نهاد المشنوق في جلسة الاسبوع الماضي على شطرين، الاول بقيمة 1500 ليرة ويتبعه شطر ثان بالقيمة عينها.
والمفارقة أن الامر لم يطرح في جلسة مجلس الوزراء أمس التي غرقت في الخلافات والتباينات ولا سيما على وقع التلاسن المستجد بين وزيري المال والتربية الياس ابو صعب على خلفية ملف الاساتذة المتعاقدين، والذي ما لبث أن تحول إلى تغريدات مثقلة بالاتهامات بين الوزيرين. وعدم طرح الضريبة في الجلسة امس لا يعني أنه تم صرف النظر عنها وانها لن تكون موضع نقاش مجددا، ليس بالضرورة في جلسة اليوم المخصصة اساساً لاستكمال البحث في جدول اعمال الجلسة العادية الماضية، وإنما في جلسات لاحقة، خصوصا أن الملف المالي مرشح لأن يتدحرج ككرة ثلج ويكبر إذا لم يتم تدارك مصادر التمويل المطلوبة. وفي حين يعود مجلس الوزراء إلى متابعة البحث في البنود الباقية من جدول اعمال الجلسة السابقة، فإن البند المتعلق بإحالة ملف ميشال سماحة على المجلس العدلي سيكون على طاولة المجلس. لكن المصادر الوزارية استبعدت طرح الموضوع إذا غاب وزير العدل اشرف ريفي عن الجلسة، باعتبار ان ريفي لم يحضر الجلسة أمس، وليس مستبعدا ان يغيب عن الجلسة اليوم.

بشار الأسد رئيساً للبنان؟
محمد علي فرحات/الحياة/11 شباط/16
ترشيح وليد جنبلاط الخليفة العباسي هرون الرشيد لرئاسة الجمهورية اللبنانية، يذهب بالسياسة إلى حقل السوريالية الشعري والتشكيلي. وليس الأمر مستهجناً لأن البرلمان يعجز منذ 25 أيار (مايو) 2014 عن تأمين نصاب لانتخاب رئيس للجمهورية. لبنان في منتهى اهتراء مؤسساته الدستورية، فالحكومة تعمل في الحد الأدنى وتنتظر توافق الجماعات السياسية المتناحرة لإقرار ما يتعلق بالمصالح اليومية ومسار الإدارة العامة غير المنتظم. ويعاني المواطنون من أزمات الحكم المتلاحقة، ليس لأسباب مهمة بل لتعارض المصالح بين السياسيين الذين يحوّلون الأمر إلى أزمة تطاول أحياناً العقائد والأحلاف الإقليمية أو الدولية.
لا رئيس للجمهورية، والحكومة شبه مشلولة بحيث تبدو أقل من حكومة تصريف أعمال، ووصل الأمر برئيسها تمام سلام إلى الاعتراف بوجود دويلات صغيرة تتصارع في الوطن الصغير حول أحجام الحصص الداخلية ومديات التأثير في السياسة الخارجية. ويستند السياسيون إلى كلام الدستور بأن عمل رئيس الجمهورية في حال شغور مركزه يؤديه مجلس الوزراء مجتمعاً. و «مجتمعاً» هنا يفسّرونها بالإجماع الذي يبدو نادراً فيتعطّل عمل الحكومة، ويصبح كل وزير حاكماً شبه مطلق لوزارته يديرها في معزل عن المصلحة العليا للدولة والمجتمع. هكذا يستفيق اللبنانيون على خلافات الوزراء الصغيرة، حول التعاقد الموقت مع موظفين محازبين سرعان ما تعلو صرختهم مطالبين بالتثبيت وأن يتحوّلوا دائمين وكاملي الحقوق. لا رأي لمجلس الخدمة المدنية، ولا مباريات لاختيار الأكثر جدارة، ولا اهتمام بالأعباء المالية للتعيين الاعتباطي في دولة بلغ دينها المئة بليون دولار. والبرلمان ليس أفضل من الحكومة فهو في حال بيات شتوي، واستطاع السياسيون تجاوز الدستور القائل بانعقاد دائم للبرلمان حتى انتخاب رئيس للجمهورية، فعقدوا جلسات لإقرار قوانين تلبي مصالحهم أو تستدرك انهيارات في علاقة لبنان بالمؤسسات المالية الدولية. وبلغ انهيار البرلمان حد تغيُّب المرشحين الرئيسيين لرئاسة الجمهورية عن جلسة الانتخاب، في انتظار «انتخاب» تجريه القوى الإقليمية والدولية ويكون دور نواب لبنان التصديق على الاسم المحظوظ. إنه انتداب مركّب جديد يتطلّب توافق مراجع الدويلات اللبنانية على اسم رئيس لدولة لبنان. لا أحد يتمنى أن يكون في موقع السياسيين اللبنانيين. هذا وطنهم الذي اعتُبِر منذ إنشاء إسرائيل نقطة الهدوء شبه الوحيدة في المشرق وحافظ أفكار النهضة، ليس بطبقته السياسية الغارقة في ملعب الطوائف، وإنما برجال أعماله ومثقّفيه الحداثيين الذين التحق بهم أشباههم من الفلسطينيين بعد 1948، ومن الشوام المتمصّرين بعد ثورة الضباط الأحرار- 1952، ومن السوريين «البيض» بعد مسلسل الانقلابات والتأميمات. وقد حصل هؤلاء على الجنسية اللبنانية فصار لبنان معهم وارث نهضة العرب ومجدّدها، بما أهّله ليكون منصة لقاء ثقافي واقتصادي بين الشرق والغرب. كانت الطبقة السياسية تلهث خلف الجماعة الاقتصادية الثقافية الحداثية لتوسّع مداركها وتجمّل صورتها وتتجاوز عصبها القروي الغالب. الآن انعكست الصورة فأمسك السياسيون بالحراك الاقتصادي والثقافي أو دفعوه إلى الهامش، ولم يفلح عهد رفيق الحريري في مصالحة الطرفين فوصلت الأمور بعد استشهاده إلى اهترائهما معاً، وتحولت السياسة غالباً إلى منابر لتمثيل القوى الإقليمية كما تحوّل الاقتصاد إجمالاً إلى منهبة وفساد وإفساد. لوليد جنبلاط أن يرشّح من يشاء إلى رئاسة لبنان، شخصيات من بطن التاريخ أو من ملعبه الراهن، كأن يرشح فلاديمير بوتين أو أبو بكر البغدادي، أو على الأرجح بشار الأسد ليعوّض مُلكاً مهدّماً بمُلك مأزوم هو لبنان. لدى إنشاء دولة إسرائيل وضع كاتب الدستور اللبناني ميشال شيحا يده على قلبه. الآن بعدما فاقت أعداد اللاجئين السوريين مثيلاتها من الفلسطينيين، وهاجرت غالبية الحداثيين اللبنانيين إلى الخليج العربي وأوروبا وأميركا، لا أحد من السياسيين يضع يده على قلبه، ولن يشعروا بالقلق. يكفيهم أن لبنان ذا الدولة المهترئة يلبي حاجة المحاربين في المنطقة إلى منصة للمعلومات والمال غير النظيف والذمم المفتوحة على النهب المكتوم والنهب المفضوح. يكفيهم أن لبنان أفضل من سورية والعراق، وذلك منتهى طموحهم.