ألين فرح: ترقّب كتائبي لتطور العلاقة العونية – القواتية/هدى شديد: عون – جعجع من العشق الممنوع إلى الزواج القسري/عقل العويط: منام/غسان حجار: إطلاق نار عشوائي يصيب الجميع

232

ترقّب كتائبي لتطور العلاقة “العونية – القواتية” كل ما يحصل مناورات وتموضع داخلي خارج الرئاسة
ألين فرح/النهار/12 كانون الثاني 2016
يستمر التقارب “العوني – القواتي” بوتيرة تصاعدية، وفي الوقت عينه يستمر التوجّس لدى الحلفاء والخصوم من نتائجه. في الأساس لم يرتح كثير من الأطراف لوثيقة “إعلان النيات” بينهما وللتنسيق الوثيق في قضايا وملفات متعددة، علماً أن هؤلاء لم يتوقعوا أن تصل العلاقة بين الطرفين الى هذا المستوى من التقارب.
اليوم زاد القلق من الحديث عن امكان ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون، بعد مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية تجاه النائب سليمان فرنجيه، اضافة الى التقدم في حوارهما وما يشاع من كلام على الاتفاق بينهما على سلة من الأمور تتعلق بقانون الانتخاب والتحالف الانتخابي ودور المسيحيين والإصلاح، علماً ان هذه القضايا وردت أصلاً في وثيقة “الإعلان”. في العلن يفرح الجميع لهذا التقارب ولإنهاء خلاف دام نحو 30 عاماً بين الفريقين وأثّر سلباً على المسيحيين. اما في الخفايا فالأمور تختلف. أول من أمس عقد لقاء قيادي لفريق 14 آذار، وأبلغ فيه ممثل “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان المجتمعين السير بترشيح العماد عون، فكان لممثلي “المستقبل” والكتائب الموقف عينه لجهة تفضيلهما فرنجيه على عون. مع ذلك، يمتنع الكتائبيون عن التعليق على التقارب “العوني – القواتي”، وحتى على امكان ترشيح جعجع للعماد عون، فالموضوع يصبّ في الإطار المسيحي ولن يعلّقوا عليه، وثمة ترقب لتطور الأمور. لكن مصدراً كتائبياً رفيعاً أكد لـ”النهار” أن موقف حزب الكتائب من الرئاسة يراوح ما بين مستويات ثلاثة هي الآتية:
1 – يبقى المرشح الكتائبي الأساسي والأصيل لرئاسة الجمهورية هو الرئيس أمين الجميّل.
2 – بالنسبة الى الأقطاب، ثمة مرشح لفريق 14 آذار هو الدكتور سمير جعجع، ولم يبلغ هذا الفريق أحدا أنه سحب مرشحه. وبالتالي ثمة تعجّب كتائبي لكيفية طرح جعجع امكان ترشيح سواه في الوقت الذي فريقه لم يسحب ترشيحه بعد.
3 – في ما يتعلق بمبادرة الرئيس الحريري الرئاسية، فإن الكتائب اللبنانية لم تضع فيتو على النائب فرنجيه، لكنها طلبت ضمانات، الا أنها لم تصلها بعد حتى الآن.
عموماً، ثمة تريث كتائبي في إعلان أي موقف علني عن مدى تأييد الكتائب لخطوة جعجع أو لوصول العماد عون الى الرئاسة وحتى للتقارب بينهما، علماً انه وفق المصدر الكتائبي عينه ثمة تحفظ كتائبي انطلاقاً من تساؤل أساسي لدى الكتائب هو من سيحكم مع العماد عون؟ من دون الدخول في تفاصيل أخرى. كما ان علاقة عون مع الكتائب لا تشجّع القيادة “الجميلية ” على تأييده، علماً أن ثمة فريقاً داخل الحزب ويعدّ من القياديين الكبار ينظر بعطف الى عون أكثر منه الى فرنجيه، ويعتبرونه ابن بيئتهم، ذلك ان هناك علاقة تاريخية تجمعهم بعون انطلاقاً من المقاومة المسيحية، كما ان جزءاً من قاعدة الجنرال الشعبية هو من الكتائبيين القدامى، والأهم أن العماد عون هو ابن المؤسسة العسكرية، وهذه الصفات كلها غير متوافرة لدى فرنجيه.
وبالنسبة الى طرح الوسطية للرئاسة، فلا موقف كتائبياً جازماً من الأسماء المطروحة في هذا الوقت، لأن الأمور ليست واضحة بعد. في الحصيلة، يضع الكتائبيون كل ما يحصل الآن في اطار المناورات والتموضع الداخلي خارج الرئاسة، أي تموضع للانتخابات النيابية أكثر منه للانتخابات الرئاسية.

عون – جعجع من “العشق الممنوع” إلى “الزواج القسري”؟ مخاطرة “محسوبة جيداً” تعيد خلط الأوراق
هدى شديد/النهار/12 كانون الثاني 2016
بعد ما يقارب الثلاثين عاماً، شاءت التحوٰلات الإقليمية والدولية الكبرى أن تخرج علاقة عون – جعجع من معادلة “العشق الممنوع”. وكانت ورقة “اعلان نيٰات” بينهما كافية لتطيح مبادرة أطلقها برعاية سعودية رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري من خلال ترشيحه “الابن المدلٰل” لدى 8 آذار النائب سليمان فرنجيه، مدعوماً من الثنائي رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط. ورقة “اعلان النيات” هذه كانت كفيلة بسحب المبادرة من يد كلّ من “المستقبل” و”بيضة القبٰان” النائب وليد جنبلاط ونقلها الى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي بات هو المبادر والمفاوض في الترشيح الرئاسي، والتفاهم الذي يبنى على هذه الورقة – والمعلومات تشير الى انه وصل الى آخر سطوره – هو الذي سيكرّس عون المرشٰح المسيحي الاول لرئاسة الجمهورية، وبممر إلزامي من معراب. لم يعد مجرد همس أن عون سيقوم بزيارة لمعراب وان رئيس “القوات” سيعلن، وهو الى جانبه، أنه يرشحه رسمياً لرئاسة الجمهورية.
كل الأجواء في معراب تشير الى أن اللمسات الاخيرة توضع على ورقة تفاهم محورية لن يبقى ما بعدها كما كان قبلها. لم يحدّد بعد توقيت الزيارة وإعلان التفاهم والترشيح، ولكن الأمور وصلت الى خواتيمها. وينطلق الفريق “القواتي” من أن ترشيح عون تحتّمه واقعية سياسية بعدما تعطًٌلت كل عجلة الدولة، وبعدما تحوٰلت الحكومة غير منتجة، وأصبح الظرف الإقليمي والدولي ملائماً، وفي ظل الضغط الخارجي الذي يدفع الى انتخاب رئيس للجمهورية بمعزل عن الاسم، يضاف الى ذلك إعلان “حزب الله” صراحة أن مرشحه هو عون وليس فرنجيه.
من وجهة النظر “القواتية” ان الذهاب في هذا الاتجاه هو نتيجة عوامل وظروف عديدة داخلية وخارجية، منها أن المملكة العربية السعودية لا يهمها سوى انتخاب رئيس للجمهورية ولا فيتو لديها على أحد، ووجود “القوات” كحليف لها الى جانب ترشيح عون يريحها ويريحه، فضلاً عن أن عون هو في البعد السياسي من مؤسسي الرابع عشر من آذار، وأقرب الى فلك “القوات” من فرنجيه، وليس مطلوباً أن يغيّر أحد موقعه، بقدر ما يتفق الطرفان على وحدة الموقف المسيحي، وإعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وإجراء انتخابات نيابية. وهذه المعطيات هي محور تواصل بين “القوات” والحلفاء، في موازاة ما يقوم به العماد عون مع حلفائه.
تشير أوساط الثامن من آذار الى أن ترشيح جعجع لعون مقابل ترشيح الحريري لفرنجيه، من شأنه ان يؤمّن لجلسة الانتخاب النصاب، ولكن التصويت سيكون محسوماً لفرنجيه، اذا ان نواب “المستقبل” و”التنمية والتحرير” و”اللقاء الديموقراطي” و”المردة” والمستقلين وربما ايضاً الكتائب سيصوّتون له، ولكن ماذا لو صحت المعلومات الواردة من “القوات” ومفادها أن السعودية أبلغت جعجع موافقتها على ترشيحه لعون واعتبارها ان وجوده الى جانب ترشيح عون هو الذي يشكّل لها الضمان؟
ألا تغامر “القوات” في خيار قد يُكرّس عون المسيحي الأول وقد يلغي موقع جعجع كحليف مسيحي اول للسعودية وكمرجعية مسيحية أولى لدى “تيار المستقبل” وفريق الرابع عشر من آذار، من دون أن يربح لا صداقة ولا وداً ولا قرابة مع فريق الثامن من آذار الذي توجّس من “اعلان النيات” بينه وبين “التيار الوطني الحر؟” فكيف لو وقٰعا ورقة تفاهم؟ البعض يراهن على ان جعجع بترشيحه عون في وجه ترشيح الحريري لفرنجيه، يلعب ورقة في وجه ورقة، هو في كليهما خاسر خاسر. ولكن فريق “القوات” بات واثقاً من ان المغامرة موجودة في كل شيء، وإذا كان من شأنها أن تؤمّن المناصفة والشراكة الحقيقية ووقف العدّ وعدم أخذ الخيارات الاساسية المتعلّقة بالمسيحيين باستبعادهم، فإن للعودة الى الخيار المسيحي بترشيح عون الأحقية.
في أي حال، موقف “القوات” شرحه مفصلاً النائب جورج عدوان في اجتماع “بيت الوسط”، وخلاصته أن ذهابها الى ترشيح عون ليس رداً على مبادرة الحريري، واذا اعتقد البعض ان عون سيسلّم البلد الى إيران وان حزب الله يُعطل الرئاسة فذلك سبب إضافي لتمسُك “القوات” بترشيح عون. وعن تداعيات ترشيح “القوات” لعون على 14 آذار، جواب “القوات” هو بالسؤال: “من قام بالسين – سين ألم يُفكر في تداعياتها على 14 آذار؟ ومن رشّح فرنجيه للرئاسة ألم يفكر في تداعيات ذلك على 14 آذار؟
وفي خلاصة “القوات” ان الجميع يعلم أن “حزب الله” اذا كان يريد تغيير النظام، فترشيح عون سيُحرجه، و”القوات” تعتبر أن ترشيح عون هو إنقاذ للدولة وللطائف، وهذه مخاطرة محسوبة جيداً Risque très calculé .

 

منام
عقل العويط/النهار/12 كانون الثاني 2016
رأيتُ في منامي، ليلة أمس، أحلاماً وأضغاثاً وكوابيس متعددة، يتداخل فيها المعقول باللامعقول، الأبيض بالأسود، والملوّن بالرمادي، وكان صراخ العدم يمتزج بالألوان كلّها. لم أعرف في أيّ مكانٍ أنا، ولا في أيّ زمان. جلّ ما عرفتُه أنني كنتُ أرتعد تحت تأثير نزلة البرد والرشح الخطيرة التي ألمّت بي منذ الإثنين الماضي، وجعلتني على شفا من كلّ شيء. لم يكن مناماً عادياً، كالذي يقفز عادةً من أعماق النوم ليُلامس شواطئ ضامرة من الوعي، فيتذكّر منه المرء ومضاً بارقاً. كان ذلك، والحقّ يقال، خلاصة هلوسات الحمّى، التي لا يُعتَدّ بها في علم نفس الأحلام، وقد وجدتُ أن أروي للقرّاء مشاهد مما تراءى لي أنه ينتمي إلى أشواق الوعي المكبوت أو غرائب السورياليات. رأيتُ رهطاً من الموتى يختلطون بالأحياء (مَن الموتى ومَن الأحياء؟)، والحيوانات الضارية ترتدي ثياب الحملان. بدا لي أن الحياة الوطنية قد عادت تدريجاً إلى البلاد، وأن النوّاب تمكنوا أخيراً، من انتخاب رئيس للجمهورية. حاولتُ أن أعرف كيف تمّ ذلك، ومَن أقنع هؤلاء النوّاب، ثمّ حاولت أن أعرف مَن هو الرئيس المحظوظ، لكنني لم أنل جواباً. ثمّ رأيتُني أنتقل إلى مكان آخر، لأكتشف أن حكومةً جديدةً تألّفت، من غير أن أتمكن من معرفة اسم رئيسها والأعضاء. وقد مثُلت الحكومة الجديدة أمام المجلس ونالت ثقته بأكثرية ساحقة، بعد جلسة مناقشات لائقة تذكّر بالديموقراطيات العريقة. من عادة المنامات أن تنتهي برمشة عين، لكن منامي هذا امتدّ واستطال، ليتبيّن لي خلاله أن مجلس النواب يعقد جلسات ماراتونية متواصلة، وهو على وشك التوصل إلى قانون عصري جديد للانتخاب، يأخذ في الاعتبار هواجس الجماعات ويلبّي حاجات التمثيل الديموقراطي، ويسهّل التخلّص من البوسطات والمحادل الانتخابية. لم يكن ظاهراً في المنام أيّ قانون سيرسو على برّ المجلس، لكن الاطمئنان النحاسي الذي كان يخيّم على وجوه النوّاب، ملأني بحالٍ من الحبور وجعلني أستشعر الخير العميم. ثمّ، يا لغرابة ما رأيتُ! رأيتُني أقف على سريري متراقصاً وأنا أصفّق مذهولاً. رأيتُ شوارع نظيفة تماماً من أيّ أثرٍ للقمامة. معقول؟! صدِّقوني. لا أعرف كيف اجتمع هذا كلّه على التوالي، وكأنني أشهد حفلاً قيامياً لبنانياً على طريقة الأبوكاليبس. ففي تلك اللحظة بالذات، وبينما كنتُ أستعدّ لمعاينة هلوسات لامعقولة أخرى، أيقظني قتالٌ رهيبٌ بين هرّتين، في أسفل البناية، حيث تُشقَع أكياس النفايات، لأكتشف أن لا شيء حقيقياً مما رأيتُ، وأن زبالة السياسة لا تزال في كلّ مكان.

إطلاق نار عشوائي يصيب الجميع
غسان حجار/النهار/12 كانون الثاني 2016
تظهر المواقف السياسية في لبنان، وبما لا يقبل الشك، حال الارتباك الداخلي، بما هي صورة للاوضاع المعقدة في المحيط بدءا من سوريا، مرورا بالاشتباك السعودي – الايراني، وصولا الى قرار دولي غير واضح الابعاد والمرامي. هذه الحال تنعكس على مجمل العلاقات والتحالفات الداخلية، الهشة اصلا، فتشلعها وتفككها، ربما تمهيدا لرسم واقع جديد، او فرضه فرضا بعد افلاس معظم اللاعبين. أحدث الوقائع إبلاغ “القوات اللبنانية” اجتماع قيادات 14 اذار، تبنّي الحزب ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وفي هذا الموقف اطلاق نار على الحلفاء، كما اطلاق نار على القدمين. فحزب “القوات” كان من ابرز الساعين الى تعطيل حوار الحريري – عون، ودفع بمسؤولين سعوديين الى رفض ذلك الخيار في حينه، وحاول في الاسابيع الماضية وضع نفسه في اطار المنقذ للتحالف الاذاري من التفكك قبل ان يعدمه برصاص “طائش”. والرئيس الحريري اطلق النار على قوى 14 آذار، وتحديدا “القوات”، في مضيّه بترشيح النائب سليمان فرنجيه من دون التنسيق معها، او تهيئة الاجواء والظروف لقبول الطرح المستغرب، خصوصا ان فرنجيه اكثر التصاقا بسوريا – بشار الاسد، من عون وعلاقته المستحدثة. كما ان الحريري، في مسعاه الهادف الى انهاء حال الشغور الرئاسي، اطلق قذيفة داخل المنزل “المستقبلي” تشظى منها العديد من الانصار.
اما فرنجيه فأطلق النار على فريقه السياسي اولا، بدءا من رئيس التكتل الذي ينضم اليه (“تكتل التغيير والاصلاح”) اي عون، فلم يتشاور معه، وصولا الى “حزب الله” الذي فوجىء بالاتفاق، معتبرا ان العلم بالشيء غير الموافقة عليه، فبادله باطلاق النار من بوابة البطريركية المارونية التي لجأ اليها فرنجيه، مؤكدا ان مرشحه الدائم هو عون نفسه وليس من يمثله، ثم اكمل الحزب باطلاق قذيفة على صاحب المبادرة فأعلن على لسان النائب محمد رعد ان “من يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن، يجب الا يجد مكاناً له في لبنان من أجل نهب البلاد مرّة جديدة”، وهو بذلك وجه رسالة بالغة القسوة الى الحريري، ولو من دون ان يسميه. والرسالة التي لم تتكرر من مسؤولين في الحزب، لم يعتذر احد عنها، ولم يعلن انها لا تمثل الموقف الرسمي للحزب. واذا كان الرئيس نبيه بري والعماد عون يكرران تبادل اطلاق النار مباشرة او بالواسطة في ما بينهما، فالواضح ان بري ايضا اطلق النار على مبادرة “صارت في الثلاجة” قبل ان يكمل تنصّله منها فيقول “لينزل الجميع الى البرلمان ومن يربح اهلا وسهلا به”. هكذا عشنا المدة الاخيرة وسط تراشق واطلاق نار عشوائي وفي كل الاتجاهات قبل العودة الى هدوء متوقع مع انطلاق آليات الحوار والعمل الحكومي مجددا، في انتظار تطور ما يعيد خلط الاوراق او فرض واقع جديد.