أسعد البصري: الشيخ النمر قميص عثمان لنهب النفط السعودي واختطاف الكعبة/إبراهيم الزبيدي: إعدام حلال وإعدام حرام

341

إعدام حلال وإعدام حرام
إبراهيم الزبيدي/العرب/05 كانون الثاني/16
من ردود الأفعال التي يصعب هضمها وقبولها، خصوصا تلك التي تصدر عن مثقفين هنا وهناك، ما نقرؤه ونسمعه من مواقف وتصريحات متشنجة متطرفة حول إعدام المواطن السعودي نمر النمر، من شيعة ومن سنة، سواء بسواء. فالذي يُفترض في المواطن العادل والعاقل، خصوصا إذا كان مثقفا متنورا، أن يكون ضد الظلم، كل الظلم، ومع العدل، كل العدل، في أي زمان وفي أي مكان، وليس بالمناسبات، وحسب التقلبات السياسية والطائفية والعنصرية، فيثور الواحد على حادثة يرى فيها جريمة بحق العدالة، فينهض ضده ثائر آخر يرى في نفس الحادثة إحقاقا للحق وردعا للباطل، ولا هؤلاء ولا أولئك يرون العدالة بعينين اثنتين، بل بعين واحدة، ويسمعون عنها بأذن واحدة، وبنصف عقل، وبنصف ضمير. وحين نمعن النظر، بدقة وحياد وموضوعية، في مسألة نمر هذا لوجدنا أنه تخطى المعقول في شتم (الظلم السلطوي) السعودي، كما يراه هو ويعتقد به، وخرج به من جسد المعارضة العقلانية المقبولة إلى التحريض الصريح الواضح على العنف وعلى استخدام القوة لتغيير النظام. نعم. لقد كان طائفيا متطرفا وعنيفا يحيي العظام وهي رميم. ويرى الحكم السعودي، من جانبه، أنه طبق أنظمته وقوانينه على مواطن من مواطنيه أراد شق الصفوف، وزرع الفتنة في المجتمع، وإثارة الأحقاد، وإيقاظ الضغائن الطائفية النائمة.
بعبارة أكثر توضيحا، إن الفريقين يختلفان في فهم العدل، وفي تحديد مفهوم الظلم وحدوده. وقد تعودنا، واتفقنا من زمن طويل، على أن الدنيا كلها موضع خلاف، من أول بدء البشرية وحتى يومنا هذا. وكل شيء نسبي في هذه الحياة، حتى أقوال الرسل والأنبياء صارت مثار اختلاف وشقاق وعراك. وكل حزب بما لديهم فرحون. ومن أول ظهور الإسلام وحتى قيام “دولة” خلافة داعش السنية في العراق وسوريا، وخلافة “دولة” داعش الشيعية في إيران، في زمننا الأغبر هذا، كان الحكام، جميعهم ووعاظهُم وقُضاتهم يجدون في كلام الله ما يناسبهم ويشرعن أهواءهم وأوهامهم ودناءاتهم. وكثيرا ما وجد معاوية ويزيد والحجاج وأبو جعفر المنصور وهارون الرشيد والسلطان عبدالحميد في آيات القرآن والحديث والسنة تخويلا بالغزو، والنهب والسلب، وقطع الرؤوس، وركوب الأسيرات، وتحديد المحللات والمحرمات. فللخليفة البغدادي وحده، وبمزاجه، ورأيه، وعقيدته الخاصة دين إسلامي خاص به، يرسم هو حدود الإيمان به وحدود الكفر والمروق والردة والشرك بالله. وللخليفة الطهراني، بنفس المقدار، ووحده أيضا، وبمزاجه ورأيه وعقيدته دين خاص به، يقرر هو وحده ما له وما عليه، ومن يعدم لكفره وفجوره، ومن يكرم ويكافأ ويفوز في الدنيا والآخرة. ألم يمنح الخميني مفاتيح الجنة للصغار الذين كان يرسلهم لتفجير ألغام صدام حسين؟
ألا ترون كيف يتقاتل المواطنون، لدينا، بسطاؤهم ومتعلموهم سواء بسواء، على من هو الأحق بالخلافة، علي أم أبو بكر وعمر وعثمان، حتى بعد كل هذه القرون، ولا ينقطع القتال ولا ينتهي الجدال، لأنه عقيم، ولا يمكن أن تكون له نهاية مقنعة ونافعة من الآن وإلى أبد الآبدين، ما دام هذا الفريق والفريق الذي ضده لا يستخدمان العقل والنباهة والحكمة، ويصران على إعادة إحياء الموتى، ولا ينظران إلى الحاضر المزري، ولا إلى غدهم المنحوس. إنهم من ألف وثلاثمئة عام يحرقون ثروات شعوبهم، ويقتلون خصومهم وأنفسهم بالمجان. كان سيغدو جميلا ومريحا ومُشرِّفا لو أن الثائرين اليوم على السعودية، بسبب إعدام نمر النمر كانوا قد ثاروا نفس ثورتهم هذه، حتى بنصف سخونتها ونصف هياجها، على ما يجري في إيران، مثلا، وفي سوريا واليمن والعراق وجزر الواق واق، من تقتيل وتقطيع وتعليق، أو حرق جثث بالبراميل المتفجرة. هل أحصينا عدد المشنوقين في إيران في عام 2015 وحده؟ وهل دققنا في عدد المقتولين في سجون بشار الأسد في شهر واحد من الزمان؟، وهل أخبرنا أحد بعدد من ماتوا تحت التعذيب في أقبية حزب الله اللبناني؟ نعم هناك ظلم وتخلف وتعصب طائفي وعنصري وعنجهية في الجانب الآخر، ولكنه ليس وحده في هذه الأمة التي فقدت عقلها، وأفرقت قلبها من الرحمة. و(ما فيش حد أحنّ من حد)، ولا أقل جهالة وعصبية وطائفية وقلة ضمير. وأخيرا، كيف يكون إعدامٌ حلال هنا، وإعدامٌ حرام هناك؟ ألا تعقلون؟

 

الشيخ النمر قميص عثمان لنهب النفط السعودي واختطاف الكعبة
أسعد البصري/العرب/05 كانون الثاني/16
الشيخ نمر النمر رمز لأهم مشروع يعيش لأجله الجانب الإيراني، إنه رمز للسيطرة على أغنى منطقة في العالم، فليس نفط العراق وحده شيعيّا وتحت هيمنة إيرانية اليوم، بل في أحلامهم نفط السعودية كذلك. وهذه القضية ستنفجر، فهي مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى الجميع. إيران لم تفتعل ضجة بهذا الحجم لأجل 400 جثة من الحجاج الإيرانيين في العام الماضي قضوا في منى، ولم تقتحم لا سفارة السعودية ولا قنصليتها لأنها قضية غير مفيدة، بينما قطع رأس شيخ شيعي من المنطقة الشرقية السعودية قضية في غاية الأهمية. إيران عينها على نفط البصرة وتقول ضريح الحسين، وعينها على نفط الأحساء وشركة أرامكو وتقول قبر جعفر الصادق والزهراء. على السعودية أن تضرب بيد من حديد في هذه القضية، لا حرية في أمن الدولة والسيادة والتحريض على حمل السلاح وتقسيم البلاد. المملكة لمست اليوم العصب الصفوي حقا. فإيران قد عقدت شبه اتفاق مع بعض الدوائر والقوى الدولية الغامضة، بأن السيطرة على نفط العراق والسعودية مسألة كفيلة بتشيّع العرب، والخلاص من المذهب الوهابي “الإرهابي” الذي يتغذى من النفط العربي ويهدد العالم. دون بترول تتحول السلفية إلى مذهب فقراء جائعين، ويتحول التشيّع بالثروات المنهوبة إلى مذهب الأغنياء المنتصرين المتسيّدين بقيادة إيران. نحن نتحدث عن ثروة هائلة قيمتها تصل في بعض المواسم إلى ملياري دولار في اليوم. السعودية ظنّت بأن طمع آيات الله يتوقف عند نفط العراق ولن يمتد إلى نفط الأحساء، أو يتوقف عند كربلاء ولن يمتد إلى البقيع والمدينة ومكة. الجماعة يصرحون علنا كما ورد على لسان النائب العراقي وخطيب جامع براثا ببغداد الشيخ جلال الدين الصغير بأن نفط العراق والسعودية إضافة إلى إيران وسواحل لبنان وسوريا كله شيعي. أما أمة المليار الفقيرة فلها أن تضرب رأسها بداعش أو بجدار الحظ العاثر. القضاء السعودي يحكم بإعدام 47 متطرفا معظمهم من السنة، لا يمكن لأي دولة أجنبية التدخل في قضية نمر النمر الذي أُعدم بالسيف كباقي المحكومين الآخرين. وقد أخذ القضاء وقته في النظر بهذه المسألة. بعض التقارير الأجنبية تؤكد بأن النمر له نشاط في التحريض على حمل السلاح ضد بلاده والكويت والبحرين، مرة في عام 2009 في البقيع، ومرة أخرى عام 2011 في المنطقة الشرقية حيث وقع قتلى وضحايا. إن إيران تتجاوز حدودها كثيرا وتفتعل الأزمات، خصوصا تلك التصريحات من كبار المسؤولين الإيرانيين كمساعد وزير الخارجية أو تصريحات من المرشد الأعلى شخصيا السيد علي خامنئي الذي يتوعد المملكة بعقاب إلهي جراء الحكم القضائي بحق رجل الدين الشيعي.
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ومشاركة 13 سعوديا من أصل 19 إرهابيا في تلك الجريمة العالمية، ضعف التحالف الأميركي السعودي تدريجيا، وجاء احتلال العراق بعد عامين وتسليم العراق لإيران، ثم الاتفاق النووي عام 2015 ورفع العقوبات التدريجي، واليوم نتحدث عن تحالف روسي – إيراني، وإطلاق المزيد من النفوذ الإيراني على أرض سوريا. وبعد اليمن نرى مواجهة ساخنة بين إيران والسعودية على قضية داخلية هي إعدام الشيخ نمر النمر. بوجود داعش وهجمة الإعلام الغربي على السعودية يبدو الأمر قابلا للانفجار حقا. السعودية أربكتها قطر بالربيع العربي، فتدخلت لاحتواء الانهيار في تونس ومصر. وأربكتها إيران بالربيع الشيعي فتداركت البحرين واليمن وتفكّر بسوريا والعراق ولبنان. المشكلة الأكبر التي أربكت السعودية هي داعش، فهو تنظيم يضرب في كل مكان ويوظف نفس الأيديولوجيا السعودية المتمثّلة بالخطاب السلفي: ابن حَنْبَل وابن القيم وابن تيمية وابن عبدالوهاب. هؤلاء مشكلة كبيرة على كاهل السعودية، تشويه لسمعتها حول العالم، وضرب لرسالتها وتاريخها وهويتها.
السيد حسن نصرالله زعيم ميليشيا حزب الله اللبناني يهاجم السعودية من الجبهة الشيعية، بينما الخليفة أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش يهاجم المملكة من الجبهة السنية. والغرب يريد سعودية بلا وهابية، أي أنه يطالب ببريسترويكا. السلطات قامت بما تستطيع من التعاون الأمني وتغيير مناهج التعليم، إلا أن لكل شيء حدودا. لا تستطيع الدولة الضغط أكثر من الممكن. المملكة رعت العقيدة والهوية السنية لقرن كامل ولم تتقصّد انفلات الإرهاب، بل هو أيضا من تداعيات احتلال الكويت وحماقات الرئيس الراحل صدام حسين، الذي وجه إهانات شخصية للقيادة السعودية حينها بلا سبب، مما جعل الحل الدبلوماسي مستحيلا، تماما كما فعل الرئيس بشار الأسد عام 2006. نحن في محنة كبيرة ومنعطف تاريخي بسبب تراكمات مرحلة الأفغان العرب والخميني واحتلال الكويت. لا نعرف كيف ستدير السعودية كل هذه الأزمات دون دعم حقيقي من المسلمين خاصة سنة العراق وسوريا. ربما ستتوقف السياسة في اللحظات الحاسمة، وتبدأ الهوية والانتماء والمصير المشترك، مصير الكعبة والمدينة والإسلام كثقافة. القضية ليست بسيطة فهي حرب أسلاف وسلالات وتاريخ. لقد تشرّدت العربيات العباسيات بنات هارون والمعتصم في العراق، ثم تشردت الأمويات بنات هشام ومروان، واليوم ترفع السعودية حزمها للحفاظ على بنات الحرمين، بنات طارق وقريش والمعلقات. كل ما نتمناه أن تنتبه السعودية لقضية مهمة، وهي أن سنة العراق رجال حرب شجعان، يمتازون بالانضباط والطاعة الشديدة لقيادتهم، فالقتال فنهم منذ تأسيس العراق، والمملكة قيادة وحكمة لها نفوذ قوي في القبائل العراقية، فلماذا تتركون السنة للدواعش. هذا سيجعل الأمر صعبا على المملكة نفسها. إن عدم التدخل أحيانا، يجلب ضررا داخليا أكثر من التدخل نفسه. ربما جمع سنة العراق وسوريا تحت دعم ونفوذ وسلاح سعودي، مع ترحيب أخوي حقيقي بالشيعة العرب، هو الخيار الوحيد في نهاية المطاف للقضاء على داعش والمشروع الإيراني في وقت واحد. الأهم من إنزال القصاص العادل بأمثال الشيخ الداعشي فارس آل شويل والشيخ الصفوي نمر النمر هو إنزال السلام النهائي وإعدام الفتنة.