عبد الرحمن الراشد: رأي البريطانيين في الإخوان/مشاري الذايدي: خبر بريطاني كئيب للإخوان

365

رأي البريطانيين في «الإخوان»
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/19 كانون الأول/15
نُسب لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قوله عن جماعة الإخوان المسلمين إنها «غامضة ومتكتمة». وهاتان تهمتان لا تكفيان لحظر الجماعة ولا معاقبة المنتسبين إليها. ولو صح أن الحكومة البريطانية تنظر بتشكك واشتباه في نشاطات «الإخوان» فإنها ستكون رسالة مضرة بسمعة الجماعة، بعد أن كانت تحظى بقيمة خاصة عند عموم البريطانيين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط، وكانت تدعي أنها الوجه الحسن للمسلمين في أنحاء العالم، وتستحق التأييد. وليس فقط رأي الحكومة البريطانية أو رئيس الوزراء، وراء تدني سمعة الجماعة الإسلامية الأشهر في الغرب، بل سببه انخراط «الإخوان» في مواقف سياسية معادية للقيم الغربية، مثل موقفهم ضد الحريات والدفاع عن استخدام العنف، كما يحدث في مصر اليوم. ولا ننسى أن الإخوان عاشوا فترة يحظون بشيء من التفهم والتأييد في أوساط المنظمات الحقوقية الغربية، ومجتمع المثقفين الغربيين المهتمين، عندما كانت قضايا المنطقة محدودة، تنسجم فيها مواقف الإخوان مع عموم الشارع العربي، مثل فلسطين والعراق. لكن الثورات أفرزت وواجهت الإخوان بالأسئلة الصعبة، مثل حرية التعبير، واستقلالية المؤسسات، وليبرالية المجتمع. في مصر، والأردن، وبالطبع في غزة، وحتى في تونس، كانت مواقف هذه الجماعة مقاربة للأنظمة الشمولية. تؤمن فقط بالحرية المتوافقة مع أفكارها. ولقد لجأ الإخوان إلى تبني تسويق استراتيجية الجماعة المقارنة بينها وبين التنظيمات الإسلامية الإرهابية مثل «القاعدة» و«داعش»، وهذا يضعها في مكانة جيدة في أعين الغرب. لكن الإخوان كحركة «غامضة ومتكتمة» كما وصفها كاميرون قد لا تقل خطرًا، لأنها التي تطرح المشروع السياسي للدولة الدينية، التي تقوم على رفض غيرها، من المسلمين وغيرهم. الغرب اليوم يعي الفارق بين التدين والتطرف، بين أن يكون المرء مسلمًا ملتزمًا وبين أن يكون إرهابيًا. وإن دعم حق المسلمين في أداء فروضهم الدينية، وتعليم أطفالهم الإسلام، لا خلاف عليه، لأنها حقوق دستورية في معظم أنظمة الغرب. أما جعل الدين مشروعًا سياسيًا تصل من خلاله جماعة ما للحكم فلم يعد يقتنع به كثير من المفكرين الغربيين، بمن فيهم الأكثر ليبرالية. استخدام الدين، المسيحي أو الإسلامي أو الهندوسي، عمل خطير ويفضي إلى نظم فاشية تحكم باسم المقدسات من أجل البقاء وإقصاء غيرها.
لكن ينبغي القول، إنه حتى لو اقتنعت الحكومة البريطانية بأن «الإخوان» جماعة فكرية خطيرة فإنها، على الأرجح، لن تمنعها، أو تضطهد أفرادها، فالقانون لا يحظر الأفكار بل ارتكاب العنف أو التهديد به.

خبر بريطاني كئيب للإخوان
مشاري الذايدي/الشرق الأوسط/19 كانون الأول/15
أخيرًا، وبعد انتظار، خلصت مراجعة للحكومة البريطانية تتعلق بتحديد سياسة بريطانيا في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين. خلاصة المراجعة البريطانية هو أن الانتماء لجماعة الإخوان، أو الارتباط بها، ينبغي اعتباره مؤشرًا محتملاً على التطرف. رئيس الحكومة البريطانية، ديفيد كاميرون، بعد تزايد النشاط الإرهابي العالمي، الذي صارت بريطانيا هدفًا له، إثر فوضى الربيع العربي، وكشف الجماعة الراديكالية عن أجندتها الخفية، أصدر في أبريل (نيسان) 2014 أمرًا بتشكيل لجنة خاصة تحدد خطر جماعة الإخوان على الأمن البريطاني. عدة دول عربية، مثل مصر والسعودية والإمارات، صنفت الجماعة محظورة، بوصفها «رحم» الجماعات الإرهابية. وحينها ثار سؤال عالمي حول مصدر الثقافة القاتلة التي تغذي قتلة من النساء والرجال والصبايا والصبيان من أبناء المسلمين، أو حتى المسلمين حديثًا، خصوصًا بدول أوروبا وأميركا. بريطانيا اتهمت من قبل دولاً عربية وغير عربية بأنها هي بلد المقر الحقيقي للتنظيم العالمي للجماعة، في زمن مبكر، وأيضًا مقر النشاطات الإعلامية والسياسية، وبعدها ألمانيا. ثم اختلفت التفاسير في مغزى هذه السياسة البريطانية، فمن يدينها، يرى أن بريطانيا «تستخدم» ورقة الإخوان للمساومة مع الدول العربية، خصوصًا أن علاقة الإخوان ببريطانيا الاستعمارية قديمة منذ أيام المؤسس حسن البنا، كما يكشف كتاب «رجال المخابرات»، والمستشرق (هيورات دن) في كتابه «التيارات الفكرية في مصر»، حينها، والمؤلف نفسه كان على علاقة بالبنا وسيد قطب. أما وجهة نظر الدولة البريطانية، قبل هذا التقرير الرسمي، فهو أن بريطانيا لديها نظام ديمقراطي عريق، وأنها لا تعتقد أن الجماعة إرهابية أو تساعد على بث الفكر المتطرف والإرهابي، وأن من يتهمها بذلك هم أعداء الديمقراطية. أما الآن، فقد جاء في تصريح أصدره رئيس الحكومة بالتزامن مع نشر التقرير: «لأقسام من حركة الإخوان المسلمين علاقات غامضة جدًا مع العنف المتطرف، فقد كانت – كعقيدة وكتنظيم – جسرًا عبر من فوقه بعض من الذين انخرطوا لاحقًا بالعنف والإرهاب». التقرير حتى الآن امتنع عن وصف الجماعة بالإرهابية، ولكنه تقدم خطوة كبيرة بهذا الاتجاه، وهي خطوة لها ما بعدها في مستقبل المناورات الإخوانية الإعلامية الخادعة للغرب، خصوصًا في مجتمع المنظمات الأهلية وحقوق الإنسان في الغرب. شكلت بلاد المأوى الغربية للجماعة منصة دعم مالي وإعلامي وسياسي وتنسيق للجماعة بالداخل العربي، إضافة لتكوين صداقات قديمة مع مجتمع الصحافة والسياسة في الغرب، كان من ثمراتها «تمكين» الجماعة من الحكم لحظة الربيع العربي تحت العنوان السحري الغربي: الديمقراطية.
هذا خبر سيئ للجماعة وأنصارها.