حسين عبد الحسين: عندما يخطئ الحريري/علي الحسيني: حزب الله في سوريا لزوم ما لا يلزم/المدن: مقابلة فرنجية فعلت فعلها وجولة جديدة من المشاورات

309

حزب الله” في سوريا..لزوم ما لا يلزم
علي الحسيني/موقع 14 آذار/ 18 كانون الاول 2015
يُسجل لـ”حزب الله” أنه ابتعد كليّاً عن المذهبية في حربه التي يخوضها في سوريا، اذ لا تمييز لديه بين لبناني او سوري او بين سني او شيعي او مسيحي او علوي. فالحزب الذي يُضحّي بخيرة شباب أبناء طائفته من أجل الطاغية بشار الأسد والحفاظ على كرسي الرئاسة، يقوم بالامر نفسه عندما يقتل شُبّان من بقيّة الطوائف من دون أن يرف له جفن حتى ولو كان الضحية طفل نائم في حضن أمه.
يبرع “حزب الله” في ممارسة التقيّة التي أصبحت فن من فنونه السياسية يُمارس من خلالها هواية القتل والانقلاب والتعدي ليعود بعدها ويطالب الدولة بفرض هيبتها وتثبيت دعائم مؤسساتها، ويذهب أكثر من هذا عندما يدعو الجيش إلى فرض سيطرته داخل البلد وعلى الحدود، فيما تبقى مربعاته الأمنية خارجة عن نطاق دعواته هذه وكأنه يُطبّق المثل الإيراني القائل “الحرام بالنهار يُصبح حلالا في الليل”.
يتغاضى الحزب عن مجازر الأسد في دوما ودمشق وحلب، ويُحاول حرف الأنظار عن مجازر كان وما يزال يرتكبها في القلمون ويستكملها في الزبداني، ويتناسى الغارات التي يرتكبها سلاح الجو الروسي سواء بحق الأبرياء والمدنيين او بحق عناصر الحزب نفسه على غرار ما حصل منذ شهر تقريبا في دمشق يوم قيل ان الغارة وقعت عن طريق الخطأ، لكنه في المقابل يطبل ويُزمّر عبر اعلامه لمشهد طفل يدعو الله لأن من الحزب والأسد، ويعتبره مشهدا مفبركا ومُركّبا هدفه إثارة الرأي العام،
وفي سياق ادعاءاته المستمرة بأن وجوده في سوريا هو لحماية لبنان بالدرجة الأولى وأبناء القرى الحدودية في الدارجة الثانية، تدل المؤشرات على ان وجوده العسكري في العمق السوري ما عاد يُقدّم ولا يؤخّر في الحرب الدائرة هناك خصوصاً في ظل تصاعد اعداد القتلى في صفوفه من دون أي إنجاز يحسب له، ما يعني أن هذا التواجد أصبح لزوم ما لا يلزم وتحديداً بعدما تحوّلت المعارك من الأرض إلى السماء في ظل إدارة الطيران الروسي للعمليات الجوية هناك، بينما يقتصر دور الحزب على الموت المجان فقط تحت راية الخامنئي والأسد وأخره تشييع 18 عنصراً منه خلال أقل من ثلاثة أيام.
هو موت جرى الترخيص يوم أعلن السيد حسن نصرالله إستعداده للتضحية بثلثي أبناء الطائفة الشيعية مُقابل أن يعيش الثلث المُتبقي بكرامة. واليوم يحوّل قادة الحزب كل مجالس عزاء عناصره إلى حلقات وعظ تتم على أساسها الدعوات إلى التأقلم مع الموت والاقتداء بأئمة قيل فيهم روايات وقصص ما لا عين رأتها ولا اذن سمعت بها ولا خطرت على قلب بشر، وما أنزل الله بها من سلطان، تهدف جميعها الى اغفال تورطهم بدماء جمهورهم وأبناء بيئتهم، تماما كما يتغافلون في الإجابة عن مصير مجموعة أسماء لقادة كبار من زمن المقاومة، جرّهم الحزب ليُقتلوا في أحياء سوريا وزواريبها تحت عناوين وخلفيات ابتكرها هو، مرّة دعاعم فيها لحسم الصراع في “القلمون” ومرّات “الجرود” ثم “الزبداني” واليوم في ريفي “إدلب” و”حلب”. واليوم يُلمّح بالعودة للدفاع عن القرى الحدودية اللبنانية خصوصا في ظل الخسائر والنكبات التي يتكبدها على مدار الساعة.

عندما يخطئ الحريري
حسين عبد الحسين/المدن/الجمعة 18/12/2015
من يعرف السياسة اللبنانية يعرف ان كل من يقوم بخطوة سياسية غير مبررة، يلجأ الى تعليل خطوته بالقول انه أقدم على فعلته تفاديا لحتمية “وصول الدم للركب”. في العام 2002، أبطلت الوصاية السورية نيابة غبريال المر في المتن، فاقتنص غسان مخيبر الفرصة لاستعادة “مقعد عمه”. كان مخيبر مستقلا ومحسوبا على المعارضة، التي انتقدته لقبوله السير في الاعيب السلطة وقبوله المقعد بما يشبه التعيين. أطل مخيبر تلفزيونيا، وقال انه قبل مقعد المتن النيابي “كي لا يصل الدم الى الركب”. بعد ذلك بقليل، تصاعدت مطالبة اللبنانيين للرئيس السوري بشار الأسد بسحب قواته من لبنان، فجاء الرد منه ومن حلفائه ان اي انسحاب يؤدي الى اندلاع حرب اهلية و”وصول الدم الى الركب”. وابان الانسحاب السوري من لبنان، وقعت سلسلة من التفجيرات كانت بمثابة حرص من البعض على اثبات صحة تلك التنبؤات. ومع نهاية العام 2009، زار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري دمشق، والتقى الاسد، وادلى بتصريحات اعتبر فيها انه أخطأ بتوجيهه “اتهاما سياسيا” بحق الأسد في جريمة اغتيال والده رفيق. وقتذاك، تحرك فريق مستشاري الرئيس الحريري، وحاولوا اقناع معارضي خطوة مصالحته مع الأسد بالقول انها كانت تهدف الى “حقن الدماء”، واطلقوا مقولة ان رفيق الحريري كان اكثر من ضحى وساوم من اجل مصلحة لبنان وتفاديا للفتنة.
والقول ان رفيق الحريري تنازل فحقن الدماء مجاف للحقيقة، فالحريري الأب تنازل فعليا ووقع مرسوم التمديد لولاية الرئيس السابق اميل لحود، وكان ثمن موافقته خروجه من الحكومة، وفي وقت لاحق غرق هو نفسه بدمائه، على الرغم من تنازلاته. في كتاب الأسد وحلفائه، يغيب مفهوم المساومة لحقن الدماء، فهم لا يمانعون استخدام العنف المفرط واهراق الدماء، ولا يقبلون وقف عنفهم من دون تنازل كامل واذلال الخصم. من هنا جاء شعار “الأسد او نحرق البلد”، وفعلا أحرق الأسد البلد الذي ما زال يصر على حكمه حتى وقد اصبح ركاما. في ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة، لجأ فريق الرئيس السابق سعد الحريري الى التبرير نفسه القائل ان لبنان يمر بمرحلة خطيرة، وان تجاوزها يحتم موافقة الحريري على انتخاب الشخص، الذي كان وزيرا للداخلية يوم اغتيال والده، رئيسا.
طبعا لبنان ليس في مهب الريح ولا خطر عليه، والدليل التوافق الاقليمي على فرنجية للرئاسة، الذي لم يعرقله الا رفض أكبر تكتلين مسيحيين. والتبرير المسيحي لرفض رئاسة فرنجية لا يقل سطحية عن تبريرات الحريري لانتخابه، اذ دأب الزعيمان ميشال عون وسمير جعجع على “بهدلة” الدنيا وتحميل الجميع مسؤولية الفراغ الرئاسي، وتصوير المسلمين وكأنهم يسعون لاضعاف “موقع الرئاسة” فيما الواقع ان السبب الاول للفراغ الرئاسي هو تضارب في شخصانية عون وجعجع واستحالة عبور احدهما للرئاسة دون اما موافقة الآخر، او الحصول على اجماع المسلمين لقهر الآخر. وتزداد بشاعة التبرير المسيحي عندما تختلط مصلحة لبنان في ذهنهم بمصلحة المسيحيين، فتراهم يتمسكون بالتعايش المسيحي الاسلامي للاستقواء على بعضهم البعض، ثم يتمسكون بمصلحة المسيحيين ويختبئون خلف البطريركية المارونية، مثل في اصرارهم على قانون الانتخاب العنصري الارثوذكسي. في ترشيح فرنجية، كان على الرئيس الحريري وفريقه ان يبتكروا تبريرات جديدة واكثر اقناعا، خصوصا ان غالبية مناصريه لايتمتعون بالعصبية نفسها التي يتمتع بها الشيعة او الدروز، فالسنة لا يستديرون خلف زعيمهم برشاقة، ولا يمكن لانتخاب فرنجية الا ان يعزز شعورهم بالاحباط المزمن الذي يعانون منه منذ اغتيال رفيق الحريري. على الرئيس الحريري وفريقه ان يدركا ان الجزء الاكبر من مناصريهم يتبعونهم لتمسكهم بمبادئ. لذا، عندما يقرر الحريري ان يطل بتبرير مصلحة لبنان وحقن الدماء، عليه ان يشرح لماذا لم يكن ممكنا حقن الدماء بابقاء عمر كرامي في الحكم على اثر اغتيال رفيق الحريري، ولماذا لم يكن ممكنا حقن الدماء بالتخلي عن المحكمة الدولية في بلد لا تسعى غالبية مواطنيه للعدالة، بل للتغلب على الآخر واكتساحه. لا يمكن للحريري حقن الدماء يوما والوعد بالانتصار للعدالة يوما آخر، فالسياسة والعدالة نقيضان، وجمعهما يزيد التناقض تناقضا.

مقابلة فرنجية فعلت فعلها.. وجولة جديدة من المشاورات!
المدن – سياسة | الجمعة 18/12/2015
فعلت مقابلة رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية فعلها في الوسط السياسي المحلي والدولي، ذلك أن التصريحات التي توالت على مدار ثلاثة ساعات تضمنت أكثر من إشارة داخلياً وخارجياً، ما حتم من جهة اعادة فتح خطوط التواصل والتشاور بين الجميع، كما حتم التعاطي مع المبادرة بجدية أكبر خارج إطار التصريحات العلنية، وبالتالي البحث في النقاط المشتركة وإمكانية البناء عليها. المقابلة الأولى لفرنجية بعد لقاء باريس الشهير مع الرئيس سعد الحريري، وبروز إسمه مرشحاً لرئاسة الجمهورية، تابعها الجميع – حلفاء وخصوم – كما تفيد مصادر سياسية مطلعة على تفاصيل المشاورات، وعليه بدأ كل طرف دراسة ما تقدم به فرنجية، وسط تضارب واضح بين مثنٍ ومنتقد. في الشكل استحوذ فرنجية على اشادة الجميع، خصوصاً أنه نجح في تقديم شخصية سياسية جديدة، براغماتية في الكثير من مواقفها، على الرغم من أنه يعتبر منذ عقود أحد صقور قوى “8 آذار”، والمحور السوري في لبنان. ولفتت المصادر الى أن فرنجية خاطب الجميع بلغة رصينة من أجل كسب تأييدهم بإستثناء “التيار الوطني الحر”، وهو ما يعني أن فرنجية يبدو أنه مقتنع أن رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون مجرد تفصيل أمام التأييد الذي حازه من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، الذي كان ينسق معه  “خطوة بخطوة”. وتذكر المصادر بأن فرنجية تحدث بإسهاب عن تأييد نصرالله والحريري له بوصفه غنىً. وفي الشكل ايضاً لفت المتابعين توجه فرنجية في خطابه الى المواطنين، كما تطمينه الجميع وخصوصاً “14 آذار” الى أن عهده المقبل – إن وصل الى بعبدا – لن يكون عهداً أمنياً، اضافة الى الغزل الواضح بالحريري، ووصفه العلاقة برئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل بالإيجابية، وصولاً الى تأكيده أنه لن يعزل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وعليه، أكدت مصادر “المدن” أن تيار “المستقبل” يستعد لجولة جديدة من المشاورات، خصوصاً أن فرنجية قدم ما يمكن اعتباره برنامجاً يصلح للنقاش، وهو المطلب الذي كانت “الكتائب” رفعته، لتأييد أو رفض ترشيح فرنجية. كما أكدت مصادر “المستقبل” لـ”المدن” أن تصريحات فرنجية ستساهم فعلياً في عملية دفع جهود المشاورات مع الحلفاء كما مع القواعد الشعبية، خصوصاً أن المقابلة تخللها استشهاد بحديث سابق للرئيس رفيق الحريري عن فرنجية، وهو الأمر الذي يساعد على تسويق فرنجية في قواعد “المستقبل” شعبياً. أما على ضفة “حزب الله”، توقعت مصادر مقربة منه لـ”المدن” أن يستأنف مساعيه مع عون في محاولة لإقناعه بتأييد فرنجية، خصوصاً أن الحزب لا يمكن أن يتوقع أن يحصل على أفضل من فرنجية في بعبدا، وهو ما يعد عملياً فرصة يصلح استثمارها. ولفتت إلى أن الحزب لا يزال عند موقفه المؤيد لعون، كمرشح لقوى “8 آذار”، وهو ما أكده فرنجية أيضاً، مذكراً بأن نصرالله تحدث في خطاباته الأخيرة عن ضرورة التسوية، وفق مبدأ المقايضة. وبصفته عراباً للتسوية، سارع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط إلى الإشادة بإطلالة فرنجية، لافتاً عبر حسابه الشخصي عبر موقع “تويتر” الى ان “مقاربة فرنجية للامور واقعية وصريحة وعملية بعيدا من الشعارات الرنانة لبعض الساسة المتفلسفين”. وانتقد، في المقابل، “التلاقي الغريب والعجيب للاضداد في تعطيل الانتخابات الرئاسية”، واصفاً اياه بأنه “نوع من العبث السياسي الذي يضر بالاستقرار والمؤسسات والاقتصاد”. وأمام قوة الدفع التي ولدتها مقابلة فرنجية، لايزال أمام الملف عقبات كثيرة، خصوصاً أن وصول فرنجية الى بعبدا، دونه موقف واضح من “حزب الله”، وتراجع لعون، وتأمين غطاء مسيحي لإنتخابه، وهو ما يعني عملياً، بحسب المصادر، أن المهمة لا تزال صعبة جداً بإنتظار العام المقبل وما يمكن أن تنتجه جولة المشاورات والإتصالات الجديدة. لكن في المقابل، وعلى الرغم من تعويل البعض على الوقت لإنضاج التسوية، إلا أن المصادر تشير إلى أن ما تحقق إلى الآن إيجابي جداً، وفي حال عدم التوافق على فرنجية، فإن ذلك سيفتح نقاشاً حول الأسماء التوافقية. الموقف الدولي/أما الموقف الدولي، فعلمت “المدن” أنه لا يزال، وعلى الرغم من إيجابية تصريحات فرنجية، يتمحور حول ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي بغض النظر عن الشخص. وأفادت مصادر دبلوماسية أن تصريحات فرنجية التي تحدث فيها عن المصلحة اللبنانية، بغض النظر عن علاقته بالنظام السوري، تعد رسالة ايجابية، خصوصاً أذا ما تم ربطها بحديثه عن العلاقة التاريخية بين عائلته وبين آل سعود، وبالتالي رأت المصادر أن فرنجية – الرئيس في حال وصوله الى قصر بعبدا لن يكون فرنجية – 8 آذار أو صديق بشار الأسد، هي نقطة تسجل له. ويأتي الموقف الدولي في وقت تشهد فيه بيروت هجرة موسمية بمناسبة الأعياد لرؤساء البعثات الدبلوماسية، لكن في المقابل يتزامن مع  اجتماع المجموعة الدولية حول الازمة السورية في نيويورك، خصوصاً أن الرئيس الايراني حسن روحاني يستعد لزيارة فرنسا نهاية الشهر المقبل، كما أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.