علي حماده: مرحلة رمادية/احمد عياش: جواب نصرالله لفرنجيه: لا رئاسة

345

مرحلة رمادية…
علي حماده/النهار
12 كانون الأول 2015
تراجعت اندفاعة “التسوية الرئاسية” من دون أن تتوقف، ولا أن توضع جانبا. تباطؤ قطار “التسوية” يعود الى معارضة داخلية في طرفي الانقسام اللبناني التقليدي 8 آذار و 14 آذار. ويبدو ان المشكلة التي يواجهها ترشيح النائب سليمان فرنجيه تكمن في ضعف التأييد المسيحي له على ضفتي الانقسام. فلا الجنرال ميشال عون يقبل مجرد التفكير في مرشح آخر. ولا الحزب المسيحي الاقوى في 14 آذار،”القوات اللبنانية”، يقبل مجرد البحث في اسم فرنجيه رئيسا، بينما يعتصم الحزب الثاني أي الكتائب اللبنانية بصمت جزئي خشية ان يجد نفسه وحيدا على الساحة المسيحية المعبأة لأسباب وخلفيات متنوعة ضد انتخاب سليمان فرنجيه. لا شك ان الكرة تبقى في شكل اساس في ملعب قوى 8 آذار، في ظل رفض عون المطلق، وصمت “حزب الله” السلبي حتى اليوم بشأن ترشيح فرنجيه. واذا كان الاخير يشعر بأنه قادر على مقارعة عون، فإنه بالتأكيد لا يضع في حساباته احتمال مواجهة رفض عون وسلبية “حزب الله” في آن واحد. و يبقى السؤال المطروح ماذا يريد “حزب الله” حقيقة؟ هل يريد اقتناص الفرصة الجيدة الآن، أو ينتظر تغييرا اقليميا حاسما يتيح له فرصة أفضل وأثمن في المستقبل؟ الكرة ايضا في ملعب قوى 14 آذار المسيحية، وإن بدرجة اقل. فحزبا “القوات اللبنانية” والكتائب اللبنانية يرفضان حتى اليوم البحث في اسماء مرشحين غير قائديهما، فيما حظوظهما في نيل تأييد عون لأحدهما معدومة. أما خيار الرد على مبادرة “التسوية الرئاسية” عبر تأييد عون فخيار بعيد في نتائجه على اكثر من صعيد محلي وخارجي. إذاً نحن امام مأزق حقيقي بالنسبة الى المبادرة التي تواجه مشكلة مع المسيحيين الثلاثة الكبار في مواجهة اختيار المسيحي الرابع مرشحاً جدياً لرئاسة الجمهورية. والسؤال، كيف يمكن الإفادة من عودة الزخم الى موضوع الاستحقاق الرئاسي لحل أزمة الشغور المديد؟ هل يمكن توقع حصول اتفاق مسيحي ثلاثي على اسم من خارج نادي الكبار؟ ام ان الجنرال عون سيبقى متشبثا بموقفه غير القابل للصرف عمليا في انتخابات الرئاسة؟ وهل ان موقف حزب “القوات اللبنانية” الذي تقاطع مع عون في معارضة وصول فرنجيه سيمنح أصحابه موقفا أقوى لإقناع عون بالبحث معا عن اسم يطمئن القوى المسيحية الكبرى؟ كل هذه الاسئلة مطروحة… في وقت تسمع اصوات عدة تفيد بأن “التسوية الرئاسية” لم تنضج بعد، و ان فئات محلية لا تزال تراهن على متغيرات اقليمية تصب في مصلحتها. ولا شك ان “التسوية الرئاسية” ستبقى قائمة ما دام المرشح سليمان فرنجيه يتحرك على هذا الأساس، مدفوعا بما يملك من معطيات عن موقف “حزب الله” الحقيقي من التسوية. اما قوى 14 آذار فهي تقف امام امتحان هو بالتأكيد الأصعب منذ العام 2005، فهل يصمد هذا التحالف المعمد بالدم أمام رياح الخلاف في شأن “المبادرة الرئاسية”؟ إننا في مرحلة رمادية حقا!

جواب نصرالله لفرنجيه: لا رئاسة
احمد عياش/النهار/12 كانون الأول 2015
قبل أن ينعقد اللقاء المنتظر بين الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله والمرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجيه كان “مكتوب” جواب نصرالله “معروفا” من عنوانه: لن نسير في ترشيح الحليف فرنجيه لأن الظروف لم تنضج بعد. وقد اتكل نصرالله في جوابه هذا على ما قاله العماد ميشال عون لفرنجيه فجنّبه مشقة إيجاد الاعذار لعدم تأييد الحزب للاخير وسط معلومات تفيد أن لقاء الرابية الذي جمع عون وفرنجيه تحقق بفضل ضغوط “حزب الله” على عون لكي يجتمع بفرنجيه بعدما أظهر زعيم “التيار الوطني الحرّ” تمنّعا في عقد هذا الاجتماع.
كيف تطوّر موقف نصرالله من الصمت الى الرفض؟ كثيرون ظنّوا أن “اتفاقا” بين الرياض وطهران قد تحقّق بما يسمح بانتخاب فرنجيه رئيسا للجمهورية. وهم اتكلوا على ما سمعه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام من الدكتور علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الايراني الامام علي خامنئي عندما زار بيروت أخيرا. وبدا المسؤول الايراني في لقائه سلام انه غير معترض على انتخاب فرنجيه. يضاف الى موقف ولايتي ما كتبته الصحافة الايرانية التي تعكس توجهات النظام عموما. فقد صدرت صحيفة “الوفاق” في الخامس من الجاري تحت عنوان “معظم العناصر الدولية والاقليمية مساعدة لانتخاب فرنجيه رئيسا للبنان”. ومما قالته الصحيفة الايرانية: “… إن أبرز حليفيْن لفرنجيه، وهما سوريا وإيران لا تخفيان حماستهما لوصوله الى سدة الرئاسة…”. فهل كان بإمكان نصرالله مع هذا الموقف الايراني الواضح أن يتصرف في اتجاه معاكس له؟ وتشاء الصدف ان نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أطل في هذه الفترة في مقابلة مع تلفزيون الـ”بي بي سي” تحدث فيها عن المرات التي التزم فيها الحزب فتوى المرشد الامام علي خامنئي، وهي مرّات لا تفوق موضوع رئاسة الجمهورية أهمية. ولإزالة هذا الالتباس أفادت أوساط لبنانية على صلة وثيقة بالحرس الثوري الايراني أن الاخير أعاد تقييم الموقف في لبنان وانتهى الى قرار بإبقاء الامور على ما هي عليه الان في لبنان، ولا داعي لحسم الملف الرئاسي اللبناني العالق لأن تطورات المنطقة ما زالت في سياق مفتوح على احتمالات شتى تتطلب من طهران الحذر في لبنان الذي يمثل ورقة من أوراق القوة بيدها. وإن أي تغيير في الواقع اللبناني، حتى ولو كان عون هو المرشح للرئاسة يمثل مخاطرة مجهولة النتائج.
في ظل واقع داخلي فاقد القدرة على عزل لبنان عن تطورات المنطقة بالتوازي مع واقع إقليمي ودولي لا يضع مسألة الرئاسة في لبنان ضمن أولوياته بات واضحا أن ميزان القوى يسمح للمرشد الايراني بالقول “الأمر لي” بالنسبة الى تقرير أمر الرئيس المقبل للجمهورية. أما ما يقال عن اعتراض عون على مسار التسوية الحالية ما هو إلا مساعدة لبنانية كي يبدو المرشد الايراني غير مسؤول عن تعثر التسوية.