روزانا بومنصف: السفارة الأميركية تجمع ممثلين للمسيحيين: إما فرنجيه وإما بديل ولكن الفراغ ممنوع/خليل فليحان: الخارجية والبنتاغون يدعمان مبادرة الحريري/نادين مهروسة: تسوية فرنجية مستمرّة بلا غطاء سعودي

373

الخارجية والبنتاغون يدعمان مبادرة الحريري استفسار عن موقف وزير الخارجية السعودي
خليل فليحان/النهار/12 كانون الأول 2015
اتفق المشرفون على الملف اللبناني في كل من وزارتي الخارجية والدفاع الاميركيتين،على تأييد مبادرة الرئيس سعد الحريري لملء الفراغ الرئاسي، بعدما “حركت الركود الذي كان يتحكم في هذا الاستحقاق المهم لانتظام عمل المؤسسات”. وذكر أكثر من تقرير ديبلوماسي ورد الى بيروت أن زائر هؤلاء المشرفين في واشنطن “يلمس مدى التشجيع لتجاوب الافرقاء مع هذه المبادرة، لانه لم يعد مسموحا إبقاء هذا الاستحقاق مجمّدا الى ما لا نهاية”. واعترف هؤلاء بأن اختيار الحريري النائب سليمان فرنجيه، خصمه السياسي المنتمي الى قوى الثامن من آذار والمحور السوري-الايراني الداعم الاستراتيجي ل”حزب الله”، ينطوي على شجاعة وتضحية في آن واحد، لان نائب زغرتا هو أحد الأقطاب الاربعة الذين اتفقوا مع بطريرك الموارنة على انتخاب واحد منهم”. وأفاد تقرير آخر أنه من هذه الزاوية يجب فهم التحرك المكوكي للقائم بالاعمال الاميركي في لبنان ريتشارد جونز في الفترة الاخيرة، لإقناع المترددين بالقبول بتلك المبادرة تلافيا لاي انزلاق أمني، سواء على جبهة عرسال او في مخيم عين الحلوة. ويشير التقرير الى ان التشجيع الاميركي للمبادرة يجب ألا يفهم منه ان واشنطن وراء تأييد ترشيح فرنجيه، لكن ليس لديها أي مآخذ على “شخصيته، وفق التقارير عنه في كلتا الوزارتين. وأشار مصدر مواكب للاتصالات الدولية من أجل التشجيع على ترشيح فرنجيه الى ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أيد ايضا هذا الاتجاه الذي يقوده الحريري بعدما استمع الى شرح واف عن الدافع الى اختياره. إلا أن ما فاجأ الوسط السياسي أمس كان موقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي نفى أي تفاهم مع ايران على أي تسويات تم الاتفاق عليها مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف في لقاء قصير في ردهة “أمبير اوتيل” في فيينا، على هامش المؤتمر، بناء على رغبة وزير الخارجية الاميركي جون كيري احد راعيي مؤتمر وزراء الخارجية الاخير الذي عقد في العاصمة النمسوية لمناقشة مستقبل الحل السياسي في سوريا. وجرت اتصالات بالرياض للاستفسار عن الموقف الذي اتخذه الجبير، فيما تحرك السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري داعما لمبارة الحريري، وسط طغيان أجواء ملبدة وغير مشجعة في اكثر من بيئة نيابية، مؤداها أن المبادرة خفّ زخمها، من دون ان تتوقف. والمؤشرات الى ذلك كثيرة، منها تأخر صاحب المبادرة عن اعلان موقفه النهائي المؤيد لترشيح فرنجيه، علما أن الأخير يطالبه بذلك ليعتبر أنه قد أصبح مرشحا، ويمكن بعد ذلك مناقشة المسألة مع رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون الذي لا يزال مرشحا ايضا، والاثنان ينتميان الى قوى الثامن من آذار، وان القطب القوي الاخر فيها، “حزب الله”، يساند عون ما دام على ترشحه. واعترف مصدر بارز في تلك القوى بأنه يجب ألا يستهان بهذا التداخل لمرشحين من الفريق السياسي نفسه، وهو ما أشاع مناخا متوترا في صفوف هذا الفريق.

السفارة الأميركية تجمع ممثلين للمسيحيين: إما فرنجيه وإما بديل … ولكن الفراغ ممنوع
روزانا بومنصف/النهار/12 كانون الأول 2015
في خطوة رمت الى الاطلاع من الافرقاء المسيحيين جميعا على رؤيتهم لدعم ترشيح النائب سليمان فرنجيه وكيف يمكن مقاربتها، علمت “النهار” ان السفارة الاميركية في عوكر تولت دعوة ممثلي هؤلاء الافرقاء، الى جانب مسيحيين من المستقلين، الى غداء لتبادل الاراء في الموضوع الرئاسي. ويبدو ان خلاصة ما انتهى اليها تبادل الآراء هي اعلان الجانب الاميركي ان على الافرقاء المجتمعين الذهاب حتما الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفق ما عبر القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز في لقاءاته مع الزعماء المسيحيين، اما بالذهاب الى انتخاب فرنجيه، وتاليا تأييد المبادرة التي تصب في هذا الاطار، وإما تقديم بديل من هذه المبادرة عبر الاتفاق على ترشيح شخصية مارونية أخرى لإنهاء الفراغ بأي ثمن، في حال كان للبعض ميل الى اتجاه مماثل. غرد نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان في اليوم التالي منتقدا “تدخل بعض الديبلوماسيين في الشأن الداخلي اللبناني، وهو أمر غير مرغوب فيه، والاجدر بهم الاحتفاظ بنصائحهم لانفسهم”، في ما فهم انه رد على نصائح القائم بالاعمال الاميركي في موقف معهود من “حزب الله” ازاء السفير الاميركي، وليس من “القوات اللبنانية”، خصوصا انه نقل عن عدوان قوله في اجتماع قوى 14 آذار قبل يومين ان مصير ترشيح فرنجيه مماثل لمصير ترشيح الشيخ مخايل ضاهر. وبغض النظر عما اذا كانت الظروف مماثلة وما اذا كانت تتيح ذلك في ظل اختلاف موقعي كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع عن ظروف 1988، فإن هذا الموقف، شأنه شأن موقف عون، يظهر عدم قدرة على ” هضم ” ترشيح فرنجيه، على رغم مرور ثلاثة اسابيع حتى الان على الكشف عن الاجتماع بين الاخير والرئيس سعد الحريري، فيما العتب على اشده في المجالس المغلقة بين الحلفاء. وفي الموازاة، تفيد مصادر سياسية انه كان ينبغي توقع ان يبادر الرئيس سعد الحريري في اتجاه ملف الرئاسة لان جمهوره وجمهور 14 آذار لا تستقيم اموره خارج اطار الدولة، على عكس ما قد يكون عليه وضع “حزب الله” مثلا. حتى ان ثمة من يروي انه قرابة منتصف الليلة التي كان سيخرج فيها الرئيس اميل لحود من قصر بعبدا بعد التمديد له ثلاث سنوات ، لم يخف الرئيس سعد الحريري مخاوفه من الفراغ الذي سيعقب هذا الرحيل، نظرا الى الكلفة الباهظة التي يمكن ان تترتب على لبنان نتيجة لذلك. وهو ما حصل فعلا في ايار 2007 قبل تسوية الدوحة. وسعى الحريري الى ملء الفراغ بمساع جدية مع العماد عون لم تنجح نتيجة اداء شخصي لم يساعد في محطات كثيرة، كإطلاق الأخير نعت “الداعشية” على خصومه لعدم تعيين صهره قائدا للجيش، او اعتماده مواقف استفزازية، كما انه لم يستطع ان يحظى باكثرية داخلية داعمة لوصوله. وكان لتلاقي موقف جعجع مع موقف النائب وليد جنبلاط والرئيس بري وصقور من “تيار المستقبل” اليد الطولى في عدم دعم وصوله. وفي ظل استنفاد كل من عون وجعجع حظوظهما الرئاسية خلال سنة ونصف سنة من الشغور، لم يبرز ترشيح الرئيس امين الجميل الى الواجهة لكونه سبق ان شغل منصب الرئاسة، ولم يبق من بين الاربعة الاقوياء الذين تم التوافق عليهم دون سواهم في بكركي، سوى النائب فرنجيه، الذي على رغم تحفظات كثيرين عن توجهاته السياسية، لا يمكن اغفال المسافة التي اقامها بين مواقفه ومواقف حليفه العوني في شكل اساسي في محطات كثيرة استطاع فيها بذكاء استغلال الاخطاء التي يثيرها عون في وجه الاخرين، وصولا الى تعطيل الحكومة بعد تعطيل الانتخابات الرئاسية. الكرة الان في ملعب القوى المسيحية التي حصرت الترشيح في ما بينها في اجتماع برعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. فاما ان تتوافق هذه القوى الاربع على مرشح، وإما أن تتفق ثلاث منها في حال رفض عون في ظل اصراره على استمرار ترشيحه، فتحرج الاخرين بأي شخصية ترشحها، علما أن هناك شخصيات مؤهلة لذلك، وإما تقرر ما سيكون عليه موقفها من ترشيح فرنجيه. لكن لا عودة الى الوراء بمعنى امكان تمييع الموضوع، لان ملف الرئاسة فتح ولن يقفل. وثمة ما يجب ان يتولاه “حزب الله” بنفسه باعتبار انه حين تحدث الامين العام للحزب عن تسوية شاملة اثار في الوقت نفسه موضوع التنازلات المؤلمة التي يجب تقديمها. ومع ان ثمة رأيا قد يبرز لجهة اي تنازلات سيقدمها الحزب اذا كان سيتم انتخاب فرنجيه، فإن مشكلة الحزب قد تكون مع عون، سواء عقدت جلسة انتخاب فرنجيه بمشاركة الحزب او لا، لان مجرد دعوة الرئيس نبيه بري ستعد تأمين غطاء من الحزب لذلك، وتاليا طعنة له. لكن لا صحة وفق ما تفيد به معلومات شخصيات سياسية عليمة لما يحكى ان ايران متلكئة او غير موافقة، بل ان مساعد وزير الخارجية الايراني حسين عبد الامير اللهيان كان ابلغ الرئيس تمام سلام موافقة ايران على التسوية. فهذه الاخيرة، وعلى غير ما تم تداوله حتى الان، انطلقت بمبادرة داخلية وجرت طبخة داخلية كليا، انما بغض نظر اقليمي، حتى اذا ما حصل توافق داخلي فإن القوى الاقليمية والدولية لن تمانع. وهذا هو واقع الحال بالنسبة الى ما اصبحت عليه الامور، بحيث ان ما افتقد اليه ترشيح عون، توافر لفرنجيه، اي التوافق الخارجي والاكثرية الداخلية.

 

“تسوية فرنجية” مستمرّة.. بلا غطاء سعودي!
نادين مهروسة/المدن/الجمعة 11/12/2015
شيئاً فشيئاً يتضح الموقف السعودي من المبادرة التي اقترحها الرئيس سعد الحريري لإنتخاب النائب سليمان فرنجية كمرشّح تسووي. وإذا ما أراد المرء مراقبة الموقف السعودي وتدرّجاته، يرى أن السعودية في البداية إلتزمت الصمت إزاء هذه المبادرة، ومن ثم اعتبرها السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري شأناً لبنانياً مع التأكيد على حرص المملكة على إنجاز الإستحقاق الرئاسي وإعادة الحياة الدستورية إلى البلد، وبعدها أعلن العسيري مباركة السعودية لهذه المبادرة بشرط توافر التوافق بين الأفرقاء المسيحيين عليها خصوصاً أنهم المعنيون بشكل مباشر بهذا الإستحقاق، كلام العسيري أتى من بكفيا بعد لقائه رئيس حزب الكتائب سامي الجميل. هذا اللقاء، تعتبره مصادر أنه محاولة استشراف من العسيري لموقف أحد الاطراف المسيحيين، والذي وضع خلاله الجميل بعض الشروط على القبول بفرنجية، ومن هنا أتى كلام السفير السعودي، حول ضرورة موافقة المسيحيين على المبادرة. لكن الكلام الأبلغ في هذا المضمار، هو ما جاء على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي نفى كلّ ما يُحكى عن تفاهم أو توافق بين الرياض وطهران حول تسوية في لبنان، متسائلاً: “كيف يمكن أن يحصل مثل هذا الاتفاق إذا كان اللقاء مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على هامش اجتماعات فيينا لم يدُم سوى دقائق؟”.
وأضاف الجبير، أن “لا تفاهم ولا صفقة مع إيران، وأن الخلاف مستمر معها ما دامت تتدخّل في شؤون المنطقة وتدعم الإرهاب”. إذاً ينسف كلام الجبير كلّ ما حكي عن اتفاق إيراني سعودي حول التسوية اللبنانية، والتي قد تكون بحال نجاحها مدخلاً لكل التسويات في المنطقة، وعليه فهنا يسقط الربط بين إنتخاب سليمان فرنجية في لبنان، مقابل مقايضة معينة تفضي إلى رحيل الأسد من سوريا.
إذاً، لا غطاء سعودياً لهذه المبادرة، وما يعزّز هذا الأمر، هو معلومات توافرت لـ”المدن” من مصادر رفيعة، تفيد بأن أحد المسؤولين القواتيين البارزين، توجه قبل أيام إلى المملكة العربية السعودية، حيث التقى هناك بعض المسؤوليين السعوديين المعنيين بالملف، وتنقل المصادر عن المسؤول القواتي، أنه سمع كلاماً من السعوديين، مخالفاً لكل الأجواء التي تم ضخّها في لبنان، وتقول:” إن ما ألقي على مسامع القيادي القواتي، هو أن السعودية لم تدخل في تسمية الأشخاص، وهي لم تؤيّد الشخص، بل إنها فقط رحّب بفكرة التسوية إن كانت تؤدي إلى حلحلة الأزمات اللبنانية، لإبعاد لبنان عن ما يجري حوله، واعتبرت أن لا مانع من أن يجرّب الحريري إجتراح تسوية، إنما لم تدخل في التفاصيل ولا في تغطية الأسماء.”وتضيف المصادر، أن المسؤول القواتي نقل هذا الجوّ إلى قيادته، وعلى إثر ذلك كان التريث والهدوء في معراب، والذي انعكس موقفاً واضحاً لجعجع، بأن المرحلة الآن هي للهدوء، و14 آذار باقية، بالإضافة إلى تريّثه بدعم عون للرئاسة مع تجميد التسوية الرئاسية. ولكن إذا كان هذا الكلام دقيقاً، فماذا عن الحراك الديبلوماسي، الذي يشهده لبنان، وماذا عن الإتصال الذي تلقاه فرنجية من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند؟ هنا تجيب المصادر، بأن الحراك الديبلوماسي طبيعي عند الحديث عن هكذا إستحقاق، لا سيما أن سفراء كل الدول، من واجبهم زيارة كلّ الأفرقاء، للإطلاع منهم على آخر التطورات لإبلاغ بلادهم بما يجري، ولا يعني هذه الجولات التي يقوم بها السفراء هي للضغط على الأفرقاء للسير في التسوية، أما عن اتصال هولاند بفرنجية، فتعتبر المصادر أنه إتصال جرى بناء على رغبة الحريري، لإضفاء شرعية دولية على المبادرة.
إلا أن الموقف البارز يصدر بشكل شبه يومي عن السفير الأميركي ريتشارد جونز، خلال لقاءاته مع مختلف الأفرقاء، والذي يؤكد دوماً أن الوقت الآن هو لإنتخاب الرئيس، وعلى اللبنانيين أن لا يضيعوا الفرصة، وهنا تعتبر المصادر أن موقف جونز، يأتي في سياق السياسة الأميركية الثابتة في كل المنطقة، وهي الإتجاه إلى إنجاز التسويات، وتقول:” إن الأميركي لا يريد رحيل الأسد، وبالتالي لا يمانع من مجيء شبل في لبنان.” كن المصادر أيضاً، لا تخفي أن الجدية قائمة في المبادرة، خصوصاً أن حزب الله يعتبر أن فرنجية هو أفضل رئيس بالنسبة إليه، وهو الخيار الوحيد الممكن تمريره، ولذلك تبقى الأمور الآن في مرحلة الأخذ والردّ، ورفع الأسقف لتحصيل مكاسب أكثر، ولبلورة مواقف الجميع، لا سيما أن حزب الله يعتبر، أنه بما أن الحريري تنازل ورشّح فرنجية، فيعني بالإمكان الحصول منه على ما هو أكبر من ذلك، والرهان على الوقت سيكون كفيل بذلك وبإرضاء عون بحجم الحصص والمكاسب.