ميت رومني: على أوباما أن يحارب داعش لا مجرد مضايقته/الشرق الأوسط: انتقادات واسعة في واشنطن لسياسات أوباما الهادئة ضد داعش

252

 على أوباما أن يحارب «داعش» لا مجرد مضايقته
ميت رومني/ الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/15

في مساء يوم الجمعة، قبل ساعات من توارد الأنباء بشأن وقوع الهجمات الإرهابية المنسّقة والدموية في مختلف أنحاء باريس، التي حصدت أرواح 129 شخصًا، وأصابت مئات الضحايا الأبرياء الآخرين، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما للأميركيين: «إننا دحرنا» تقدُّم تنظيم داعش. والآن، بعد إعلان «داعش» مسؤوليته عن تلك الهجمات، ندرك تمامًا كيف كان أوباما مخطئًا في حديثه. بعد باريس، يتضح لنا أن اتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات لا يجعلنا آمنين. وقد حان الوقت للرئيس أوباما لأن يتوقف عن التحوط، وأن يتخذ خطوات جادة للدفاع عنا وعن حلفائنا. كان الرئيس محقًا عندما وصف «داعش» بأنه سرطان، لكن ذلك السرطان انتشر في عهده. وتُعد هجمات باريس دليلاً على ذلك، كما هو الحال بالنسبة لأفغانستان والعراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا. ما رأيناه مساء الجمعة سنراه هنا في الولايات المتحدة إذا واصلنا المسار الحالي. لقد حان الوقت لتغيير ذلك المسار، وتأمين سلامة وطننا، والحفاظ على قيمنا الديمقراطية. والآن هو الوقت المناسب ليس فقط لاحتواء «داعش»، وإنما للقضاء عليه مرة واحدة وإلى الأبد. يجب علينا البدء في تحديد العدو. ولن نهزمه ما دمنا خائفين من مناداته باسمه. فقد شُنّت هذه الأفعال الإرهابية الشنيعة بواسطة المسلمين الراديكاليين المتشددين. ولا يمثل تنظيم داعش إلا فرعًا من تلك الآيديولوجيا التي تمثل حاليًا أكبر تهديد لنا. الإسلام ليس عدونا، لكن العدو يعيش داخل الإسلام. وبناء على ذلك، سوف يلعب العالم الإسلامي الأوسع دورًا حاسمًا في هذه الحرب. يجب علينا أن نشن حربًا لهزيمة العدو، وليس لمجرد مضايقته. فلأكثر من عام، تشبث الرئيس أوباما بأمل أن تكون الحملة الجوية كافية، وقد اتضح عكس ذلك. ويجب عليه الآن استدعاء أفضل العقول العسكرية من الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي، وأن يستمع بحرص لكل ما يقولونه، وفي النهاية يبني استراتيجية شاملة تتكامل مع جهودنا مع الأكراد والأتراك والسعوديين والمصريين والأردنيين. يجب على الأمم والشعوب المسلمة الرائدة الانخراط فورًا في الحملة العالمية المتواصلة لتعزيز التسامح ونبذ العنف. ويجب التصدي لدعاية «داعش» التجنيدية بشكل أكبر من ذلك بكثير، مع بذل جهد أكثر تركيزًا على تشويه سمعة التنظيم، واستبدال القيم الإسلامية التقليدية بها. يجب على الغرب وقف جنون الترحيب بمئات الآلاف من الأشخاص القادمين من منطقة الشرق الأوسط دون معرفة مَن هم بالضبط. وقد يمكن قبول النساء والأطفال والمسنّين، لكن ليس الآلاف من الشبان غير المتزوجين. ويمكن لأميركا وحدها قيادة هذه الحرب، وتعني تلك القيادة الاستعداد لتكريس كل الموارد المطلوبة للفوز – حتى لو استلزم الأمر إرسال قوات برية إلى هناك. إننا نمتلك جيشًا هو الأفضل تجهيزًا والأكثر تفانيًا لأسباب وجيهة. ويجب على الرئيس التوقف عن محاولة استرضاء قاعدته السياسية بقول ما لا يمكنه فعله، وإخبار الأميركيين بما سيفعله حقًا. يجب علينا فعل ذلك مهما تكلف الأمر.

* خدمة «واشنطن بوست»

انتقادات واسعة في واشنطن لسياسات أوباما «الهادئة» ضد «داعش»
محللون: استراتيجيته زائفة وتتيح للتنظيم أن يصبح أكبر حركة إرهابية في العالم
واشنطن: هبة القدسي/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/15

أثارت الهجمات الإرهابية في العاصمة الفرنسية باريس ضيق الأميركيين ومخاوفهم من تكرار الاعتداءات الإرهابية المروعة على الولايات المتحدة. وبينما خرج الرئيس باراك أوباما واصفًا ما حصل في باريس بأنه «مفجع» ويمثل «اعتداءً على البشرية جمعاء» فإن الإدارة الأميركية كانت قد تبنّت استراتيجية هادئة في التعامل مع تنظيم داعش على مدى السنوات الماضية، ويبدو أنها لم تغير هذه الاستراتيجية بعد هجمات باريس. هذا الأمر أثار موجة انتقادات لاذعة، وأطلق تساؤلات في مختلف الأوساط السياسية الأميركية عما إذا كان الرئيس يدرك حقا أبعاد التهديد الإرهابي الذي يشكله «داعش».

الانتقادات الموجهة لرد فعل واشنطن «الفاتر» خلال الساعات الماضية كانت شديدة، وتساءل عدد من السياسيين والمعلقين عن سبب إحجام أوباما، وهو السياسي المعروف بمواهبه الخطابية، عن فعل المزيد على صعيد تهدئة مخاوف المواطنين الأميركيين. واتجه البعض إلى اتهام إدارة أوباما بافتقارها إلى سياسة قوية في مكافحة «داعش»، ووصفوا استراتيجيتها في هذا المجال بـ«الزائفة». يذكر أن المخاوف التي تساور الرأي العام في الولايات المتحدة كانت قد تجلّت في إقدام حكام 25 ولاية على إعلان وقف استقبال اللاجئين السوريين «خوفًا من تسلل عناصر إرهابية بينهم». وهو ما ردّ عليه أوباما بالسخرية من هؤلاء الحكام والاستهزاء بمخاوفهم. كذلك، قلل الرئيس الأميركي من شأن مطالبات عدد كبير من الساسة الجمهوريين وبعض الديمقراطيين البارزين لاعتماد استراتيجية أكثر قوة وحزمًا في محاربة «داعش» الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات باريس. وخلال جولته الآسيوية التي تستغرق تسعة أيام رفض أوباما اعتماد استراتيجية «أكثر هجومية وأكثر حزمًا»، كما طالبه منتقدوه، وكرّر إصراره على أنه وفريقه للسياسة الخارجية لا يستهينون بتهديد «داعش».

غير أن هذا الموقف لا يقنع كثرة من الساسة والمحللين، الذين يرى بعضهم أن «عناده» و«إصراره» يعكسان تأثره هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، إذ دأب أوباما على القول إن الخوف سيطر على الولايات المتحدة، ونتج عن ذلك أن «قادة البلاد أخلوا بالقيم الأميركية الأساسية». وهذا ما يرد عليه المحللون بقولهم إن أوباما لا يريد السماح بأن تهيمن المعركة ضد «داعش» على السنة الأخيرة من ولايته الرئاسية، ويعتقد بقوة مع باقي أفراد فريقه في البيت الأبيض أن «مكافحة الإرهاب لعبة حصيلتها صفر». كذلك يقول بعض المحللين إن أوباما يعتقد أنه كلما أمضى وقتا أطول وصرف جهدا أكبر في التركيز على الفوضى والإرهاب في الشرق الأوسط، كان من الصعب بالنسبة له إحراز تقدم في القضايا التي تجعل الولايات المتحدة أقوى قوة في العالم. بن رودز، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، عبّر عن فلسفة الرئيس الأميركي بقوله «عقيدة أوباما وسياسته الخارجية تقومان على إعادة الولايات المتحدة إلى مرتبه قيادة القرن الحادي والعشرين. فعندما جاء أوباما إلى السلطة كانت الولايات المتحدة منغمسة في حرب في العراق وأفغانستان ولديها 180 ألف جندي هناك، وهاتان دولتان لن تساعدا الولايات المتحدة في السير نحو قيادة العالم في القرن الحادي والعشرين».

من ناحية ثانية، يرى محللون أن «عقيدة أوباما الثابتة هي أن كل المبادرات الكبرى في سياسته الخارجية التي قام بها (من اتفاق تجاري في آسيا والانفتاح على كوبا، وعقد صفقة اتفاق نووي مع إيران) إنما أصبحت ممكنة بعدما عمل أوباما على تقليص حروب أميركا، والتقليل من حجم الحرب الدولية على الإرهاب».

وحقًا، يقاوم الرئيس الأميركي الضغوط من الدوائر السياسية في واشنطن لتغيير استراتيجية التدخل العسكري الأميركي أو تصعيده في العراق وسوريا. وكان قد أكد خلال زيارته الآسيوية للصحافيين أن «هزيمة (داعش) هي مهمة تتطلب سنوات متعددة وتتطلب دبلوماسية ذكية وجهودا حثيثة لبناء قوات الأمن المحلية في العراق وسوريا». وأوضح أوباما للصحافيين أن «القلق من تسلل إرهابيين بين اللاجئين الآتين من الشرق الأوسط سيتلاشى»، مضيفا: «توقعاتي أنه بعد الذعر الذي أثارته خطابات السياسيين، سيهدأ الناس بعد فترة قصيرة»، وفي تصريحات سابقة كان أوباما قد قال بصراحة إنه لا يؤيد «خوض حرب لا نهاية لها».

مناصرو أوباما يرون أن سياسته «تدل على القوة، وعلى أنه لا يعتمد على سياسة الكلام المنمق والخطب النارية بديلا عن العمل». ويرون أيضًا أن لهجته تعكس اعتقادًا راسخًا لديه بأن رفض استقبال اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة سيغذي دعاية «داعش» القائمة على الادعاء أن أميركا في حرب مع الإسلام، وأنه يحاول تجنب أن تدفع العاطفة المتأججة إلى سياسات خاطئة. في المقابل، منتقدو أوباما وصفوا رد فعله على هجمات باريس بأنه «مخيب للآمال» وأن هجمات باريس جاءت «اختبارًا لنهج أوباما». ويقول تشارلز كراوثامر، أحد أبرز الكتاب والمحللين السياسيين في صحيفة «واشنطن بوست» أن رد فعل الرئيس على هجمات باريس كان «إبداء الانزعاج، لكن لهجته وحديثه اتسما بنغمة هائلة من السلبية، ونفاد الصبر من الانتقادات التي تعتبر أن استراتيجيته في سوريا فاشلة. ولقد جاءت بعض تلك الانتقادات من واحدة من أبرز الديمقراطيين وهي السيناتورة ديان فاينشتاين، العضو البارز في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، التي أبدت قلقها وأكدت أن (داعش) يتمدد ويتوسع». ويتابع كراوثامر «أوباما يشير إلى أن الانتقادات التي يتعرض لها لكونه غير مولع بالقتال وشن الحروب، لكن الانتقادات تركز حقًا على غياب الاستعداد والالتزام. إن الضربات الجوية ضد (داعش) لا تزيد عن سبع ضربات يوميًا بينما خلال (عاصفة الصحراء) بلغت الطلعات الجوية الأميركية 1100 طلعة يوميًا، وفي حملة كوسوفو كان متوسط الطلعات الجوية 138 طلعة، لذا فالمنتقدون يرون أن أوباما يقوم بتحرك صغير لإعطاء مظهر التحرك من دون أن يكون هذا التحرك كافيا لإعطاء فرصة للنجاح». وينتقد المحلل السياسي البارز ربط أوباما بين مكافحة «داعش» ومخاوف أي ارتباط محتمل بوصف ذلك بأنه حرب أميركية على الإسلام، فيقول: «داعش ليست سوى مجموعة من القتلة بأوهام البطولة، وتراجع أوباما سيعطي الفرصة لتصبح (داعش) أكبر حركة إرهابية على وجه الأرض. إن استراتيجيته مجرد استراتيجية زائفة، ويبدو أن علينا انتظار الرئيس الأميركي القادم لقيادة تحالف دولي حقيقي ضد (داعش)».من جهة ثانية، يعلق المحلل السياسي البارز آرون ديفيد ميللر، نائب رئيس مركز وودرو ولسون البحثي، فيقول إن «المؤشرات الأولية، استنادا إلى تصريحات أوباما، تشير إلى أن هجمات باريس أو أي هجمات أخرى محتملة في أوروبا، بل أي هجوم مماثل في الولايات المتحدة، لن تؤثر جوهريا في تغيير نهج الإدارة تجاه تنظيم داعش وتجاه الأزمة السورية. إن سياسة أميركا في الوقت الراهن سياسة معتدلة تعتمد على مزيد من التحركات الدبلوماسية والعسكرية المعتدلة بهدف ملاحقة (داعش) واحتواء انتشاره وهي سياسة سوق ستستمر».

ويستطرد ميللر «يبدو أن الهجمات على باريس لا تحمل تغييرًا في قواعد اللعب بالنسبة للولايات المتحدة، بل هي مجرد حادث مروع آخر في الحرب الطويلة ضد التنظيمات المتشددة الإرهابية. وفي المقابل، فإن الشعور العام من التغطية الإعلامية حول مأساة باريس هو أن الوقت قد حان لوقف السياسات المتهاونة ضد (داعش) وضرورة تصعيد التحركات ضد هذا التنظيم من الغرب والمجتمع الدولي». ويختتم ميللر كلامه بالقول: «كلام أوباما عن أن اعتداء باريس اعتداء على البشرية وصف صحيح.. لكنه وصف لا يعني شيئا، ويفتقر إلى قوة التصميم المطلوبة في الوقت الراهن».