الياس بجاني/نهاية ظاهرة حزب الله ونصرالله أمست جداً قريبة/مع رزمة ومن المقالات والتقارير تبين حقيقة حزب الله الإيرانية والإرهابية واللا لبنانية

714

نهاية ظاهرة حزب الله ونصرالله أمست جداً قريبة
الياس بجاني
27 تشرين الأول/15

التاريخ دائماً يعيد ويكرر نفسه، في حين أن قلة قليلة جداً من البشر الذين انعم الله عليهم بوزنات القيادة والعلم والمعرفة والحكمة والثراء يتعظون ويتعلمون من عبر التاريخ هذا، أو يستفيدون من دروسه ومن تجارب الآخرين المأساوية من أقرانهم، خصوصاً أولئك الذين منهم ملوك وقادة وأصحاب ثروات ورجال دين كبار.
فهؤلاء في أغلب الأحيان وحين يتحكمون بمصير غيرهم من البشر عن طريق السلاح والإرهاب والبطش ومواقع السلطة والنفوذ يعميهم تراب الأرض بثرواته الزائلة والآنية وتتفلت غرائزهم الحيوانية فيصابون بعمى البصر والبصيرة ويتحولون إلى وحوش كاسرة ويقتلون بدواخلهم كل ما هو إنسان وإنسانية.
لو عدنا إلى كتب التاريخ الغابر كما المعاصر نجد أن المئات من هؤلاء الذين ويوم أمسوا أصحاب سلطة وثروات ونفوذ ظلموا وتكبروا وتجبروا ولم يخافوا الله ولم يحسبوا حساباً ليوم الحساب الأخير.
على هؤلاء تحل اللعنة، والله جل جلاله الذي هو أب محب ورحوم وغفور يصل به الأمر إلى حد نبذهم وإبقائهم حيث هم في أوحال الغرائزية وفخاخ تجارب إبليس حتى لا يتوبوا ويغفر لهم.
في هذا السياق الإيماني والإنساني يقول الكتاب المقدس: “لأَنَّهُم وإِنْ كانُوا نَاظِريْنَ فَهُم لا يَنْظُرُون، وإِنْ كَانُوا سَامِعينَ فَهُم لا يَسْمَعُونَ ولا يَفْهَمُون. وفِيْهِم تَتِمُّ نُبُوءَةُ آشَعْيا القَائِل: تَسْمَعُونَ سَمْعًا ولا تَفْهَمُون، وتَنْظُرُونَ نَظَرًا ولا تَرَوْن. قَدْ غَلُظَ قَلْبُ هذَا الشَّعْب: ثَقَّلُوا آذَانَهُم، وأَغْمَضُوا عُيُونَهُم، لِئَلاَّ يَرَوا بِعُيُونِهِم، ويَسْمَعُوا بِآذَانِهِم، ويَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِم، ويَتُوبُوا فَأَشْفِيَهُم. أَمَّا أَنْتُم فَطُوبَى لِعُيُونِكُم لأَنَّهَا تَنْظُر، ولآذَانِكُم لأَنَّها تَسْمَع! فَٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: أَنْبِيَاءُ وأَبْرَارٌ كَثِيْرُونَ ٱشْتَهَوا أَنْ يَرَوا مَا تَنْظُرُونَ فَلَمْ يَرَوا، وأَنْ يَسْمَعُوا مَا تَسْمَعُونَ فَلَمْ يَسْمَعُوا!”.(متى/13/من10حتى17).
عبر التاريخ كثيرة وهي تلخص بواحدة تقول: “لو دامت لغيرك ما وصلت إليك”.
في هذا الإطار التاريخي إننا نرى علامات كثيرة تشير بموضوعية وعملانية إلى قرب نهاية السيد حسن نصرالله السياسية  والسلطوية المنفوخة بالأوهام والخرافات التاريخية والعدائية، وربما أيضاً قرب استدعاء هذا الرجل من قبل الإيرانيين ليبقوه عندهم، وأيضاً هناك دلائل حسية  تشير إلى قرب عودة حزبه إلى وضعية الأحزاب اللبنانية الأخرى بما يتعلق بالأحجام والأدوار والإمكانيات والتأييد الشعبي.
من أهم هذه العلامات تأتي ظاهرة سقوط الهالة عن السيد نصرالله إلى ما تحت الصفر، وانكشاف وكشف وتعرية وهن حزبه كلياً من خلال عشرات المقالات الجريئة التي تحاكي معاناة الطائفة الشيعية على كافة الصعد المحلية والإقليمية والدولية وكتابها جميعهم هم من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة المعارضين علناً وبقوة للهيمنة الإيرانية على الطائفة وعلى الحزب وعلى لبنان.
تتميز كتابات القادة والسياسيين والإعلاميين ورجال الدين الشيعة اللبنانيين المعارضين لكل ما يمثله ويفعله حزب الله الإيراني بجرأة واضحة في تسمية الأشياء بأسمائها، وبواقعية وموضوعية ومعرفة حسية ومعاشة وملموسة في مقاربة معاناة الطائفة خصوصاً في نتائج الحرب السورية البشعة والمكلفة جداً التي ورط الحزب فيها أبنائهم.
كتاباتهم الجريئة والسلمية تعيد أحجام من توهموا بأحجام ليست لهم إلى الواقع دون أوهام وأحلام يقظة وتردهم إلى وضعيتهم الحقيقية.
وفي هذا السياق نحن نرى أن خطابات السيد نصرالله الأخيرة العالية النبرة والمتفلتة من كل الضوابط الإيمانية والأخلاقية والوطنية هي أيضاً دليل ملموس على عمق غضب وخيبة وفشل الرجل وقرب انتهاء دوره ودور حزبه.
باختصار إننا نعيش زمن ما بعد ظاهرة حزب الله ونصرالله وذلك لأن الحزب وقادته المحليين والإيرانيين لم يتعظوا من دروس وعبر وأمثلة التاريخ، فغرقوا في أوحال الأوهام كما من سبقهم وبالتالي غروب ظاهرتم المستبدة والظالمة والمستكبرة لن يكون مستغرباً ولا شواذاً بل أمراً حتمياً ومتوقعاً وقاعدة.وأن غداً لناظره قريب.
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الالكتروني
phoenicia@hotmail.com

في أسفل تقارير ومقالات ذات صلة بتعليقنا

 السابق محمد عبد الحميد بيضون: الحوار لا يستعمل الشتائم
27 تشرين الأول/15/رأى الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، أن «من يريد الحوار لا يستعمل لغة الشتائم«، معتبرا أنه «على الرغم من كل التصعيد السابق لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، إلا أنه عاد ودعا الى الحوار«، ولفت إلى أن «نصر الله يدرك جيدا ًان الجمهور الشيعي الواسع لا يريد مشاكل في البلد ، وهذا الجمهور يحمّل نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية الانهيار الذي يحصل في لبنان». واعتبر في حديث الى قناة «المستقبل»، أنه «طالما أن الامور في سوريا ستذهب الى الحل السياسي الى متى سيستمر حزب الله في هذه السياسة؟ فهو خسر 1500 ضحية من الشباب اللبناني و4000 جريحا«. وسأل:»طالما ان نصر الله يعتبر إنهم أسياد في ولاية الفقيه، فلماذا هذا العدد من القتلى اللبنانيين، في حين ان القتلى الايرانيين لم يصل الى 10؟ لماذا الايرانيون يحاربون بالدم اللبناني حتى آخر شيعي لبناني من اجل الحفاظ على النفوذ الايراني والحفاظ على بشار الاسد»

لماذا “الموت لأمريكا” الآن؟
نديم قطيش/المدن/الإثنين 26/10/2015
يساوي المضمون “المفاجىء” لكلمة أمين عام حزب الله حسن نصرالله ليلة العاشر من محرم، مفاجأة إطلالته المباشرة على جمهوره، ما لم يزد عليها. بدا نصرالله وقد عاد الى ثمانينيات القرن الماضي وخطابها حين كان حزب الله يقارع الشيطان الأكبر، في شباب الثورة الايرانية. لم تحضر “أمريكا” في السنوات الماضية بالكثافة التي حضرت فيها في خطاب نصرالله ليله العاشر من محرم، على وقع هتافات “الموت لأمريكا”. فلماذا استحضرها نصرالله بشكل هيمن على مجمل مضمون الخطاب؟ لا يجوز الفصل بين الاستحضار وبين التوقيت. فهذا اول خطاب تعبوي يلقيه نصرالله بعد اعلان المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في إيران عن موافقته على الاتفاق النووي من دون اي تعديل، والأمر بتنفيذه، رغم عمق الخلافات الداخلية في ايران والتي وصلت حد تهديد احد النواب لوزير الخارجية محمد جواد ظريف “بقتله وصب الباطون عليه” في إحدى منشآت البرنامج النووي!! فالثرثرة حول إنتصار إيران في مفاوضاتها النووية تفضحها العودة الى سجل التراشق الإيراني الإيراني حول مخاطر الاتفاق على ايران وأسس نظامها الثوري، بل الاعلان المتكرر عن إمتعاض المرشد منه ورفضه له… ثم الخضوع مرغماً لحاجات إيران لهذا الاتفاق! بدا نصرالله وكأنه يمد يد العون لخامنئي، بقوله من بيروت ما لا “جمرك” حقيقياً عليه في العلاقات الدولية، ولكن ما هو مطلوب وضروري لصيانة عملية هضم الاتفاق. التصعيد من بيروت مكابرة إيرانية خالصة ومحاولة يائسة للقول إن ما بعد الاتفاق، كما قبله بالنسبة لثوابت الثورة وعقيدتها وخطابها ومعركتها. ولأنها مجرد مكابرة بدت كثافة الحماس، “للموت لأمريكا”، مضحكة أكثر من أي شيء آخر، وشديدة الانفصال حتى عن ما يجري في ايران نفسها!! هل يذكر نصرالله وجمهوره أن الرئيس حسن روحاني قال في مقابلة تلفزيونية مع واحدة من أبرز المحطات التلفزيونية الشيطانية، إن شعار “الموت لأمريكا” الذي يردده الإيرانيون ما هو إلا “شعار” للتذكير بالأزمات المتعددة منذ 35 عاما بين طهران وواشنطن!! هل يناسبه ان ينتبه أن المساجد أزالت شعار «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل» وبدأت التخلي عن الهتاف به خلال الصلوات اليومية، بحسب ما كشف القيادي في ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني، العقيد برات زادة. الحقيقة أن الاستعادة في بيروت هي بدل عن ضائع في إيران، وهي لتطمين من ينبغي تطمينه في لبنان وفي ايران، من أن ظروف النشأة هي نفسها ظروف الاستمرار. وهي اولاً وأخيراً لتبييض صفحة خامنئي الذي يدير واحداً من أعقد التحولات ولحظات التوريث في تاريخ نظام الجمهورية الاسلامية. أما السبب الثاني الذي دعا نصرالله للتركيز على أميركا، بعد إثني عشر عاماً من علاقات “التعاون والتنسيق” بين طهران وواشنطن في العراق وأفغانستان، وادارة دقيقة لتشابك مصالح البلدين وتقاطعها، فهي تخص ارتباكه وإيران امام جمهورهما حيال تطورات الوضع الميداني في سوريا. إحتاج نصرالله لعنوان يشوش جمهوره ويغطي على سؤال لا يملك حياله جواباً واحداً يحترم دماء من تبذل دماؤهم في سوريا. فهو حين يهاجم أميركا إنما يبتغي كنس هذا السؤال بعيداً. كيف يقاتل حزب الله في سوريا بغطاء جوي روسي منسق مع تل ابيب؟ هذا سؤال مركزي يحتاج الى كل الصراخ في وجه “أمريكا” للتغطية على صداه في عقل وضمير ووجدان حسن نصرالله، وهو يعرف ذلك تمام المعرفة. كل البقية حشو ولغو وثرثرة!

عدد قتلى “حزب الله” بلغ 1263… و”كتيبة الرضوان” أنهكت بشكل كبير
الشرق الأوسط/27 تشرين الأول/15/يبدو أن الكلفة البشرية والمعنوية لانخراط “حزب الله” في الحرب السورية على مدى أربع سنوات باتت مرتفعة جًدا٬ ليس بمقدوره تجاوزها في المدى المنظور٬ وهي باتت تشّكل عبًئا كبيًرا ينتظر أن يتضح حجمه أكثر في مرحلة ما بعد الحّل في سوريا. وتعود أسباب هذا الكلفة لعاملين اثنين٬ الأول الكلفة الباهظة في عدد القتلى الذين سقطوا في سوريا٬ وعدم قدرة الحزب على تحقيق أي انتصار عسكري رغم خسائره العالية٬ والثاني غياب الرؤية الواضحة للنتيجة التي سيخرج بها٬ أو ستخرجه من المستنقع السوري. هذه المعطيات فرضها الميدان على الأرض السورية٬ وهو الميدان الذي طالما شدد “حزب الله” على دوره الأساسي في رسم مسار الحّل السوري٬ خصوًصا بعد نعي الحزب في الأيام الأخيرة أعداًدا كبيرة من مقاتليه كان آخرهم٬ أمس الاثنين٬ ثمانية من مقاتليه سقطوا خلال المعارك الدائرة في سوريا وهم: علي فواز٬ محمد سعيد فواز٬ سامي شريفة٬ حسن حلاوة٬ علي الأكبر محمد خشفة٬ حسين حسن شريفة٬ علي عبد الله شعيتو (جميعهم من مدن وقرى جنوب لبنان) وحسين غازي الرشعيني من بلدة الكواخ البقاعية. صحيح أنها المرة الأولى التي ينعى “حزب الله” ثمانية قتلى دفعة واحدة٬ لكن هذا الأمر ليس استثناء في بيئته التي باتت تشهد تململاً واسًعا٬ بعدما أضيفت هذه الدفعة إلى مئات القتلى الذين قضوا في حرب غير معروفة الأفق ليس لجمهور “حزب الله” فحسب٬ إنما لقيادته التي لا تملك أجوبة على أسئلة كثيرة عن جدوى الاستمرار في الوحول السورية٬ خصوًصا بعدما بات دوره ثانوًيا بعد دخول العامل الروسي الذي بات صاحب القرار المطلق في سوريا. ولا يخفي الباحث السياسي المعارض لـ”حزب الله” علي الأمين٬ وجود حالة من الاعتراض الكبيرة على أداء الحزب في سوريا، لكنه أشار إلى أن هذه الحالة لا تعبر عن نفسها بشكل واضح٬ وربما هي تبحث عن فرصة لتعبر عن نفسها لكن وفق حسابات متعددة.
ويؤكد الأمين لـ”الشرق الأوسط”، “أن أحد أبرز أوجه التململ أو الاعتراض داخل جمهور حزب الله٬ هو الشعور بأنه ليس ثمة أفق للنصر”. وفيما بدأ الاعتراض يتخطى البيئة والجمهور ويتسّرب إلى الهيكلية التنظيمية٬ يشير الأمين إلى أن النقاش والجدل باتا موجودين داخل الحلقة الضيقة في (المجلس الجهادي)٬ وثمة أصوات بدأت تسأل٬ كيف بعد كل التضحيات التي قدمناها في سوريا٬ أتى الروس وأخذوا كل إنجازاتنا٬ وبالتالي ماذا نفعل في سوريا اليوم؟. لكن يستدرك قائلاً: لا تنتظر أحًدا ينتفض على قرار القيادة٬ لأنهم غير مهيئين٬ وسبب ذلك أن من دخل إلى “حزب الله” يعرف جيًدا أن الولي الفقيه أولى بالمسلمين من أنفسهم٬ فهذه مسألة تربية عقائدية لا يمكن النقاش فيها. ويضيف: قد تحصل حركة احتجاج داخل قيادة “حزب الله” عندما تجد أن هذا الاحتجاج حصل داخل “الحرس الثوري الإيراني٬” وبالتالي فإن تركيبة الحزب ليست “حزب الله” يواجه مأزق ازدياد قتلاه في سوريا إنما هي أمنية عقائدية لا تتيح لأحد النقاش٬ بما لا يجوز النقاش فيه٬ مشيًرا إلى أن مثل هذا الأمر هو رهن صدمة عسكرية أو سياسية تفتح نافذة تطلع منها الأصوات المعترضة. وبات واضًحا أن قتلى “حزب الله” لم يقتصروا على عدد العناصر الذين يتمتعون بخبرات قتالية عالية جًدا٬ إنما خسر عشرات القادة الميدانيين وكان آخرهم حسن حسين الحاج٬ المعروف باسم (الحاج ماهر)٬ وهو أحد مؤسسي الحزب وأبرز قادته الذي لقي مصرعه في معارك سهل الغاب في ريف حماه. وصفه الحزب في نعيه بأنه من كبار قادة الحزب الذي تجمعه علاقة وثيقة بالأمين العام حسن نصر الله٬ وكان يشغل منصب قائد عمليات منطقة القلمون في الفترة الأخيرة قبل الهدوء الذي شهدته جبهة الزبداني ومكن الحزب من نقل أعداد كبيرة من مقاتليه إلى إدلب وحماه. وأعلن الأمين أن خسائر الحزب في سوريا هي أكبر من التوقعات. وأوضح أن “كتيبة الرضوان” وهي أبرز كتائب النخبة لديه٬ تحمل اسم القائد العسكري عماد مغنية الذي كان يحمل لقب (الحاج رضوان) وقتل في تفجير سيارة في دمشق في فبراير (شباط) ٬2006 أنهكت بشكل كبير ووصلت إلى حّد التفكك٬ بسبب خسارة كبيرة من قادتها ومقاتليها المحترفين جًدا في معركة الزبداني الأخيرة. من جهته٬ رأى مصدر عسكري في الجيش السوري الحّر٬ أن تراجع “حزب الله” وإنهاكه في سوريا الآن٬ ليس جديًدا٬ إنما بدأ مع هزيمته إلى جانب النظام السوري في معركة جسر الشغور٬ ولذلك هو نقل المعركة إلى القلمون٬ ومن ثم إلى الزبداني زاعًما أنه يخوض في هذه المنطقة معركة مصيرية ليبرر تراجعه وانكفاءه. . وأعلن المصدر لـ”الشرق الأوسط”، أن معلومات الجيش الحر تؤكد أن قتلى “حزب الله” بلغوا حتى نهاية الأسبوع الماضي1263 ٬ قتيلاً٬ معظمهم من قوات النخبة٬ وهو ما ضرب معنوياته بشكل كبير.

بعد فضيحة مستشفى “الرسول الاعظم”.. مستشفى جديد لجرحى “حزب الله”
طارق السيد/موقع 14 آذار/27 تشرين الأول/15/بعدما كثرت فضائح “حزب الله” من جراء ازدياد اعداد القتلى في صفوف عناصره في سوريا وبعدما عجزت قيادته عن اخفاء هذه الاعداد ولو الى حين مؤجل، عمد الشهر الماضي الى اختيار مشفى خاص يقع ضمن منطقة مسيحية وقام باستئجاره لصالحه لقاء مبلغ مالي ضخم مع احقية تجديد العقد لفترات متلاحقة. المعلومات تؤكد ان الحزب ابقى على اسم المستشفى السابق من دون ان يطرأ اي تبديل يذكر لا من الداخل ولا من الخارج، لكنه قام باستحداث غرف طوارئ خاصة لاستقبال عناصره الجرحى خصوصا ممن يتعرضون لاصابات بالغة وحرجة واخضعها لحراسة مشددة ومارقبة امنية متواصلة من دون انقطاع من قبل عناصر من الحزب يرتدون ملابس مدنية ومجهزين بسلاحهم الكامل سواء داخل السيارات المعدة للمراقبة او في غرف مخصصة داخل المشفى. وتجزم المصادر انه خلال الاسبوع الماضي تم ادخال 15 عنصر من الحزب دفعة واحدة الى المستشفى جرى نقلهم من الداخل السوري بعد تعرضهم لاصابات بالغة في اماكن متفرقة من بينهم سبعة بحال الخطر وقد نعى منهم الحزب اربعة منذ يومين وقد تم التعرف على عناصر اجانب كانوا يقاتلون الى جانب الحزب في سوريا جرى نقلهم الى المستشفى نفسه من بينهم اثنان يحملان الجنسية الايرانية وثلاثة من دولة خليجية لكنهم ينتمون الى الحزب مذهبيا وفكريا وعقائديا، وهؤلاء الثلاثة وصفت حالتهم بالحرجة جداً. وتضيف المصادر أن اربعة من مجمل الجرحى الذين جرى نقلهم الى المشفى المذكور، كانوا اصيبوا بنيران صديقة بكمين كان ينفذه الجيش السوري عند حدود احدى البلدات الحدودية مع لبنان. وتؤكد المصادر ان المشفى المذكور قريب الى حد ما من منطقة الضاحية الجنوبية وتوجد بالقرب منه مراكز امنية تابعة للحزب، منها يدير حركة عناصره وتوزيعهم في المنطقة ومحيطها. كما يمنع على زائر دخول المشفى الا بتصريح خطي من امن حزب الله مع الحرص الدائم على عدم احداث زحمة مرور او سيارات امام المبنى بهدف ابعاد الشبهات عن المشفى الذي بات يستقبل بشكل يومي اعداد كبيرة من جرحى الحزب. ومن المعروف ان حزب الله كان نقل الى المشفى عدد كبير من الجرحى كانوا يخضعون لعلاجات داخل مستشفى الرسول الاعظم بعد الفضيحة المدوية التي تمثلت بالكشف عن العميل صادق حريري المعروف بـ “السيد صادق”، كما نقل الحزب عدد غير قليل من الاطباء الى المشفى الحديث معظمهم جراحون.

حفلات “حزب الله” الجنونية.. والحسيني “لموقعنا”: نصرالله استغل “عاشوراء” للتغطية على الدماء في سوريا
علي الحسيني/موقع 14 آذار/27 تشرين الأول/15/هي حفلة جنون عشوائية يشنها “حزب الله” لا يوفر فيها لا قريب ولا بعيد، فالمآزق الذي اوقع نفسه فيه في سوريا بدأ يكبر ومعه بدأت مذهبيته تخرج الى العلن بشكل فاضح لم يسبق له مثيل. نواب يتعاقبون على رمي الاتهامات ويتسللون وراء المنابر السياسية والدينية ليصوبوا سهام أحقادهم باتجاه الجميع، محاولين بث التفرقة المذهبية بعدما عجزوا عن تحقيق اهدافهم العسكرية والسياسية. من دون ادنى شك أن كل الكلام الذي خرج عن “حزب الله” خلال الايام الماضة، جاء ليستكمل ما كان بدئه في السابع من ايار العام 2008، مع فارق كبير وهو ان للحزب اكثر من الف قتيل لم يسقطوا في مواجهات مع اسرائيل لا عند الشريط الحدودي ولا داخل فلسطين، انما قتلوا دفاعا عن نظام محكوم بالسقوط. وها هو الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يبشر اللبنانيين عموما وابناء طائفته خصوصا بأشكال مبطنة، بأيام صعبة تكثر فيها الدماء في حال عدم الرضوخ لشروطه وذلك تحت عنوان واحد “نحن نفعل ما نشاء”. من قتل عسكره الى سقوطه السياسي، يهرب حزب الله الى المستنقع المذهبي، فلم يجد مناسبة اهم واغنى من ذكرى “عاشوراء” ليستغل احداثها من اجل تجييش الناس وتحريضهم وتقليبهم على الاخر في وطنهم وعلى دول جارة وصديقة لها في كل منزل بصمة خير. ومن هنا يؤكد المرجع العلامة السيد محمد علي الحسيني عبر “موقعنا” ان “نصرالله استكمل في خطابه في اليوم الاخير من محرم ما كان بدأه في الايوم الاول، اي التعبئة والتجييش المذهبي لكي يحشد للمعارك المقبلة في سوريا خصوصا وأن “حزب الله” الذي تكبد خسائر هائلة حتى اليوم مطالب من النظام السوري ومن الولي الفقيه في ايران حشد المزيد من المقاتلين للمشاركة في الحسم العسكري الموعود ضد المعارضة السورية تحت غطاء الغارات الروسية”. وقال الحسيني “لقد جاء استغلال مناسبة عاشوراء بشكل لم يسبق له مثيل في السنوات الماضية وقد بدأ نصرالله هذا الاستغلال منذ اليوم الاول قبل عشرة ايام التصعيد الخطابي، حتى وصل الى الذروة امس واليو، لكن اللافت في خطابه هذا العام، انه اكثر من تشبيه حزبه بجماعة الحسين في كربلاء، وذلك لضرورة رفع التوتر بين صفوف الانصار”، مضيفاً: عندما يقول نصرالله “نحن أبناء الحسين نقول لاميركا لاسرائيل ولآل سعود لن نعطيكم بأيدينا اعطاء الذليل”، فهذا قمة العيب بحق دولة لها بصمات معطائة وواضحة داخل كل منزل لبناني وعربي دون تمييز. وأيضاً من المعيب استغلال المنابر العاشورائية وجعلها منصة لرمي صواريخ الحقد والاتهامات العشوائية”. وتابع: يعتبر نصرالله ان المعركة في سوريا ومع الاخرين يجب ان تحسم وأن لا حلول او تسويات. لكن اذا اردنا الاستنتاج فان الحسم لا يكون بالكلام بل بالافعال، وهنا مكمن الخطورة، فهل يهدد نصرالله السعودية بالاعتدء عليها اذا استمر موقفها الداعي لرحيل الاسد كشرط للحل السياسي “، مستغرباً “كيف ان نصرالله بدأ مؤخراً يركز هجوماته على اهل الخليج بصورة عنيفة. فأن يهاجم اميركا واسرائيل فهذا امر طبيعي، ولكن ان يتركز الهجوم بهذا الشكل المذهبي الحاد على دول الخليج تحت عناوين طائفية، فهذا يخفي اجندة سرية مطلوبة منه وتتجاوز الشأن اللبناني”. ويرى الحسيني أن “الشيطان الاكبر لم يعد اميركا بنظر نصرالله ، وهو على الرغم من اعتباره ان الولايات المتحدة هي المسؤولة عن كل حروب المنطقة، الا ان خطابه الصريح والضمني يحمل السعودية المسؤولية، وهذا يعني بقاموسه اعتبارها الشيطان الاكبر الفعلي”، جازماً بأن أمر عمليات اوصله رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، قضى بالتحضر للمرحلة المقبلة وزيادة نبرة التحريض الطائفي واستخدام لاستثارة ردود فعل، وهو ما تأكد من خلال وصفه “الخصوم” بالعبيد الاذلاء والتابعين”.
وختم الحسيني بالقول” ان الجموع التي احتشدت في اليوم الاخير من عاشوراء، انما حضرت للتاكيد على المناسبة بحد ذاتها وليس من اجل نصرالله او حزب الله، لكن الحزب أصر على تحويلها الى مناسبة عدائية استفز من خلالها مشاعر المسلمين في العالم وحولها الى معركة سياسية ظناً ان بإمكانه استدرار عاطفة الشيعية في لبنان وحرف انظارهم عن دمائهم التي تسقط في سوريا من دون وجه حق”.

فوضى “حزب السلاح” تستبيح الأرواح
علي الحسيني/المستقبل/27 تشريتن الأول/15
إنه زمن الفوضى والتفلت، زمن السلاح القاتل غير الخاضع لسلطة الدويلات الخاصة القائمة على هدر الدماء وقتل الأبرياء، زمن استبيحت فيه كرامات الناس وأصبح فيه الموت يوزّع بالمجان داخل المنازل وعلى الطرق، مرّة تحت حجة حماية «الشبكات» و«المقدسات»، ومرّات تحت ذريعة حماية «المقاومة» وأمنها وقياداتها. أمس الأول تحوّلت شوارع الضاحية الجنوبية إلى مسرح لآليات «حزب الله» العسكرية والتي استعادت معها صور ومشاهد من زمن الميليشيات والحرب الأهلية، فقد استفاق الأهالي هناك على ظاهرة ضجيج أصوات مركبات عسكرية رباعية الدفع تسير في الشوارع وبين الناس وقد رُكّزت عليها أسلحة رشّاشة متوسطة في مشهد يدل على عكس ما يدعيه الحزب من انضباطية عناصره وادعائه على الدوام عدم إظهار سلاحه الى العلن والتزامه السرية في عمله العسكري والأمني.
أمس الأول أُسقطت كل حجج «حزب الله» التي لطالما ادعى فيها أنه مشروع مقاومة في وجه العدو الإسرائيلي فقط، «التكفيريين» لاحقاً. سلاح انتشر في الشارع رافقه ظهور عربات عسكرية ودوريات مؤللة تشبه العروض العسكرية وذلك طيلة فترة «عاشوراء»، استعادت خلالها الضاحية الجنوبية بعضاً من نكساتها وجراحها على يد حزب حوّل ذات يوم معظم شوارعها إلى برك من الدماء، فإذ به اليوم يضخ فيها مشروعه الجديد المتمثل بالعبث بأمنها مجدداً من خلال اللعب على غرائز الشبان واستدراجهم لامتشاق سلاح قاتل تعددت وجهات استعماله وتبدلت أولوياته من حماية الحدود ومن ثم تخطيها باتجاه دولة جارة ليقاتل شعبها، الى قتل الآمنين لا سيما منهم الأطفال.
تحوّل السلاح المتفلت في بيئة «حزب الله» إلى لعنة متكررة لا تخضع لمراقبته كما يدعي. ظاهرة تكمل طريقها في حصد أرواح بريئة ذنبها الوحيد أنها تسكن داخل مربعات أمنية لا تخضع سوى لسلطة الحزب الواحد. بالأمس سقط الطفل الفلسطيني منير حزينة برصاص الحزب الطائش في منطقة «قصقص» لحظة تشييعه عدداً من مقاتليه في منطقة الغبيري، وبعد أقل من شهرين على الحادثة عاد رصاص الحزب الطائش ليقتل مجدداً طفلاً آخر في البقاع أثناء تشييعه أحد عناصره، الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على ظاهرة السلاح المُتفشيّ والمُنتشر بوفرة بين أيدي عناصر الحزب، أو جهات يدعمها، لا شغل لها سوى ترويع الآمنين في بيوتهم حتّى أصبح لهذا السلاح عنوان أوحد وهو قتل الناس والاعتداء على كراماتها، في ظل غياب شبه كامل لقوّة تردع هؤلاء المُعتدين وتوقفهم عند حدّهم.
يداوم رصاص السلاح المتفلت عمله كالمعتاد في حصد أرواح الناس، ليقع الدور هذه المرّة على الشاب محمد محفوض الشرقاوي ابن الـ23 ربيعاً بعدما أصيب برصاصة طائشة في رأسه بسبب إشكال وقع بين مجموعة من الشبان في منطقة الشيّاح ليتحوّل هو الآخر إلى مجرد رقم يُضاف إلى لائحة ضحايا السلاح. والمفارقة في موضوع مقتل محمد، هي أنه قتل على يد عناصر تابعة للحزب أثناء إشكال وقع بينها وبين مجموعة شبان آخرين.
فوضى السلاح التي زرعها «حزب الله» في لبنان منذ سنوات طويلة ووزّعها بين محيطه وبيئته، لم تعد تقتصر على قتل الناس عن طريق العمد أو من خلال الرصاص الطائش، فقد تحوّل هذا السلاح إلى عامل أساسي في عمليات السرقة واختطاف الصغار والكبار مقابل مبالغ مالية، وآخرهم العنصر في الحزب مهدي نزهة الملقب بـ«مهدي الله» الذي قام منذ أيام باختطاف ضحيته الخامسة عبير الجاعور التي كانت نزحت مع عائلتها من مدينة «القصير» السورية باتجاه البقاع. وقد تمكنت القوى الأمنية من تحرير الفتاة لكنها لم تفلح في إلقاء القبض على نزهة الذي اختفى بلمح البصر بقدرة «حزب الله».
في العام 2012 رأى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله خلال إفطار مركزي أنه «يمكن تنظيم فوضى السلاح إذا توفرت الإرادة لدى الدولة وكل القوى السياسية مع الحفاظ على المقاومة». واليوم يُجمع اللبنانيون من شمالهم الى جنوبهم على وجوب تنظيم فوضى السلاح التي انحسرت بشكل كبير في معظم المناطق اللبنانية ما عدا تلك التي تخضع لسلطة الحزب ووصايته وقانونه، فهل تكون البداية من الضاحية أو الجنوب أو البقاع؟. لكن في حقيقة الأمر فإن من يغطي عمليات إطلاق الصواريخ من لبنان الى خارج الحدود ومن يغطي عمليات القتل والذبح في سوريا ومن يدعو الى قلب أنظمة عربية ويساعد على خرابها عبر إدخال السلاح والمتفجرات اليها، ومن يعمل على تقويض السلطة في بلده ويمنع انتخاب رئيس جمهورية ويستأثر بالمؤسسات ويحوّل مرافئها ومرافقها إلى مؤسسات خاصة، لا يمكن أن يتخلى عن رصاصة واحدة فقط، فكيف الحال إذا كان المطلوب تسليم السلاح بحد ذاته، وهو القائل أيضاً إن السلاح أمانة في أعناقنا إلى حين الوصول الى عصر الظهور؟.
زرع فوضى السلاح في مناطق «حزب الله» يعتبر عاملاً أساسياً لعملية استقطاب الشبان ضمن منظمته العسكرية والأمنية. بطاقات أمنيّة توزّع بالمجان لقاء تعبئة استمارة انضمام الى «التعبئة العامة» أو «سرايا المقاومة». حامل هذه البطاقة لا يخضع للتفتيش على الحواجز ولا تتم مساءلته إلا بعد مراجعة قيادته. حامل هذه البطاقة يمكنه أن يقتل أياً كان برصاصة طائشة وتُمنع عنه المحاكمة. حامل هذه البطاقة هو عنصر في حزب «ولاية الفقيه»، ولاية لا تصدر عنها إلا القرارات «الصائبة».. وعادة ما تكون الإصابة في الرأس مباشرة.

لماذا منبر الحسين اليوم في قبضة صفوية يزيدية
علي الأمين/ العرب/نُشر في 27/10/2015
هو تشويه وقتل للإمام الحسين باسم الولاء له. هكذا يتحول الإمام الحسين في أيامنا العربية هذه إلى رئيس قبيلة، وتفرغ ظاهرة إحياء عاشوراء من مضمونها الإنساني ومن خطّها في المسار الإسلامي العام، لتصير مساحة قبلية جاهلية ومذهبية ومساحة لتعزيز الخرافة وخطاب العصبية. فعندما نعجز، عبر إحياء عاشوراء بشعاراتها ومظاهرها ومضامينها، أن نوصل البعد الإنساني لنهضة الحسين إلى من هو خارج القبيلة، إذن هو إحياء لا يعوّل عليه. بل هو يعيدُ قتل صاحب الذكرى وأهل بيته وأصحابه، مرة ثانية. ذلك أنّ كل فكرة إنسانية تعجز عن تقديم نفسها بما هو أعمّ من خصوصيتها، تموت. وكما قال أحد الفلاسفة، أن كل من يخصص المبدأ الأخلاقي ويخصّه بطائفة أو قبيلة، هو بالضرورة ينفي الصفة الأخلاقية عن هذا المبدأ. هكذا نذهب بنهضة الحسين إلى العصبية والقبلية، وهكذا يصير الحسين زعيم قبيلة. وعندما تصبح، عملياً، مشهدية منفرة ومستفزة للآخر المختلف عقديا أو مذهبياً، هكذا يهتك الحسين، خصوصًا عندما يتحول منبره إلى منبر لتوجيه رسائل التهديد، وللتوظيف السياسي الحزبي الضيّق، ومنبرا للدفاع عن نظام بشار الأسد، وعن “أبو علي بوتين”، عن نظام الإجرام هنا وهناك، حينها نُفقد الظاهرة الحسينية أريحيتها الإنسانية.
يفسر المفكر علي شريعتي في كتابه “التشيع العلوي والتشيع الصفوي” تركيز أجهزة الدعاية الصفوية على نقاط الإثارة والاختلاف والفصل المذهبي والاجتماعي والثقافي بين السُنّة والشيعة. ويقول إن الحركة الصفوية حرصت على تعطيل أو تبديل الكثير من الشعائر والسنن والطقوس الدينية وإهمال العديد من المظاهر الإسلامية المشتركة بين المسلمين. ويضيف بأن مراسم اللطم والتطبير وحمل الأقفال ليست فقط دخيلة على المذهب ومرفوضة من وجهة نظر إسلامية، بل هي تثير الشكوك حول منشئها ومصدر الترويج لها. ويؤكد شريعتي أن هذه المراسم تجري بإرادة سياسية لا دينية، وهذا هو السبب في ازدهارها وانتشارها على الرغم من مخالفة العلماء لها، وقد بلغت هذه المراسم من القوة والرسوخ بحيث إن كثيراً من علماء الحق لا يتجرأون على إعلان رفضهم لها، ويلجأون إلى التقية في هذا المجال.
لقد شكلت نهضة كربلاء، باعتبارها حركة إصلاحية في تاريخ الإسلام، مصدر إلهام لكثيرين خرجوا على السلطات الظالمة في الحقبات التاريخية اللاحقة. ولأن نهضة الحسين ذهبت إلى تثبيت البعد القيمي والجوهري لدور الدين في حياة الناس، فقد تجاوزت البعد المتصل بجموع المسلمين، لتتحول إلى نموذج إنساني أثّر في كثير من أبناء الديانات والعقائد غير الدينية، تأثيرا تجاوز الدائرة المذهبية، بل الدائرة الدينية، بسبب انحيازه لقيم إنسانية خالصة تتمثل في الإيثار والتضحية والشجاعة والعدل ورفض الظلم، والصدق، والانحياز للمبادئ الواضحة ورذل الإغراءات في سبيل تحقيق المبادئ.
فاليوم تتحول العديد من مجالس عاشوراء، بتوابعها كلّها، إلى ظاهرة غير قابلة للهضم، وعاجزة عن الوصول إلى الآخر المختلف، مذهبيا ودينيا، أو الإنسان عموماً، وعندما يكون من يقيم هذه الاحتفالات غير معني أصلاً بإيصال المضمون الإنساني لهذه النهضة إلى الآخر، بل تتحول وظيفته إلى شد العصبية المذهبية والقبلية التي قتل الإمام الحسين بسيفها، حينها يكون السلوك قاتلا للظاهرة الحسينية. “الحسين الكوني” هو الذي يصل إلى كل إنسان فيمسّ وجدانه وعقله، ويعلي من البعد الإنساني في الخيارات والسلوك والتفكير لديه. أما الحسين في بلادنا اليوم فليس أكثر من زعيم قبيلة قتل في حرب ويبحث أبناؤه وورثته البيولوجيون عن انتقام عصبيّ. وعلى أبناء القبيلة أيضاً أن يختزلوا الحسين بالعصب وأن لا يقاربوا مشهديته بالعقل والوجدان. النهضة الحسينية موقف إصلاحي في المسار الإسلامي العام. فالحسين قتل قبل تأسيس مذهب الشيعة بأكثر من أربعة قرون. وشكّل في التاريخ الإسلامي مشهدية الرفض المطلق للظلم، ومثّل مشهدية الحق كلّه في وجه الباطل كلّه. هو مشهد لا لبس فيه ولا مكان فيه للمخالطة بين الحقّ والباطل. لذا كانت لهذه المشهدية نهضة مِدادها في الثورات والانتفاضات لدى فئات متنوعة من المسلمين، ولدى غيرهم ممن وجد ضالته في الوقوف في وجه الظلم على امتداد التاريخ.
المتحدثون الرسميون باسم مجالس عاشوراء اليوم هم المتحدثون الرسميون باسم الخطاب اليزيدي، ذلك أنّ ما يجري في هذه المجالس هو إعادة إنتاج شخصية الحسين، لكن مع تحميلها وظائف أخرى. فإذا لم يستطع غير الشيعي، أو حتّى جزء من الشيعة، أو السنّة أو المسيحيون أو الدروز، وحتى الملحدون، أن يجدوا أنفسهم في مظاهر إحياء عاشوراء وخطابها، فهذا إحياء للعصبية. فكيف حين ينفر هؤلاء من تلك المراسم… وتستفزّهم؟ لأّنها رمزية لا تحتمل المخالطة مع أي مشهد ظالم، فإنّ سلطة يزيد بن معاوية هي التي خلطت الحق بالباطل. فالسلطة الأموية هي من قالت للرعية “أنا أطعمكم وأعطيكم، وأشارككم غنائم الفتوحات، وأنا من أقاتل الروم، لكن إياكم أن تنازعوني ملكي، فيكون حالكم كحال حجر بن عديّ الذي دفن حيّا بأمر من الخليفة”. أذكر قبل نحو 12 عاما، قبل وفاة المؤرخ المسلم الشيعي حسن الأمين، صاحب “دائرة المعارف الإسلامية الشيعية”، وجامع ومؤلف “أعيان الشيعة ومستدركاته”، قال لي “هل تعلم أنّ أهمّ من كتب عن الإمام علي والإمام الحسين وغيرهم من أئمة الشيعة هم من غير الشيعة، من عبدالرحمن الشرقاوي وبولس سلامة والشيخ عبدالله العلايلي ومحمود عباس العقاد وجورج جرداق”؟ وذكر غيرهم… لكّنه استدرك بأنّ “كتاب ثورة الحسين للشيخ محمد مهدي شمس الدين هو الكتاب الوحيد والمعتبر الذي كتبه مسلم شيعي”.
هكذا كان الحسين قبل عقود، أما اليوم فالمنبر الحسيني في قبضة صفوية يزيدية.

 
الحوثيون وحزب الله.. ودعشنة المنطقة!
يوسف الديني/الشرق الأوسط/27 تشرين الأول/15
في كشف ما لم يكن خفيًا، يحاول الحوثيون عبثًا الخروج من الواقع المتردي الذي صنعوه في اليمن، إلى محاولات تدويل القضية عبر تحالفات أوسع. الزيارة الأخيرة لوفد من «أنصار الله» لقرينه اللبناني حزب الله، تعطي رسائل متعددة، وهي أن مرحلة الميليشيات انتقلت من الصراع الذاتي إلى التحالف الوجودي عبر غطاء طهران، وبمباركة من أطراف دولية تريد تأجيج المنطقة وعسكرتها، بغض النظر عن الأطراف والأدوات التي تستخدمها. وإذا كانت الأزمة السورية تشغل العالم الآن في ظل التجاذبات الإقليمية والدولية التي انتقلت من غرف الدبلوماسية إلى معسكرات القتال على الأرض، فإنه من المؤسف أن هذا الاهتمام يلغي ظاهرة مقلقة، وهي تمدد الميليشيات واتخاذها شكل الدولة بما يعني ذلك من اختراق للسيادة والافتئات على رأي الحكومة الشرعية المنتخبة، وحتى مصير الشعوب التي لا تعكس الميليشيا أي تمثيل لها، سوى أنها تمددت بفعل العنف والسلاح والإرهاب.
من يرى في «داعش» المشكلة، أو فيما تبقى من «القاعدة»، ولا يراها في ميليشيات «أنصار الله»، وحزب الله، و«جيش المهدي»، وباقي القائمة المنسدلة من الفصائل المسلحة ذات المرجعية الشيعية، فهو يمنح مبررا لتمدد الإرهاب، ويضيق الخناق على صوت الاعتدال، في حين تكافح دول لكبح جماح نزعات التطرف، رغم كل الظروف السياسية الضاغطة. الآن من يدافع عن «داعش» في رد فعل تجاه هذا التعملق لصوت الميليشيات المنبعثة من الإسلام السياسي الشيعي، لا ينطلق من دعمه لأفكار «داعش» المتطرفة، بل من منطلق التدافع السياسي بين الإرهاب بشقيه. ورغم خطأ هذا التصور – حيث إن الإرهاب لا يتجزأ وكذلك يجب أن تكون الحرب عليه – فإن محاولة فهم أولوية الحرب على «داعش» يجب أن تدخل ضمن نسق أكبر وأشمل، وهو الحرب على الإرهاب بكل أنواعه، ودعم الدول واستقرارها بدلا من واقع الميليشيات والكيانات الخارجة على منطق الدولة، حتى في ظل الخلاف معها على هذا الملف السياسي أو ذاك.
اللافت في مسألة التقارب في تجربة حزب الله و«أنصار الله»، أنه لا يقتصر على الدعاية السياسية وابتلاع مفهوم الدولة، بل يسري الشبه حتى على مستوى التسليح والخبرات العسكرية، وهناك مرحلة كان التركيز فيها على تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، مما أتاح تمدد ميليشيا الحوثي بسبب المدد الذي كان يأتيها من قاعدة إيرانية عسكرية سرية في إريتريا، فالسلاح والخبراء انتقلا عبر الشواطئ القريبة من خلال ميناء «ميدي» أقرب الموانئ من صعدة، وهناك حركات حثيثة كان يقوم بها الحوثيون لنقل السلاح عبر قوارب الصيد. تضخم الحوثي لاحقًا جاء من خلال السيطرة على أسواق السلاح، إضافة إلى تحولهم إلى قوة ضاربة، بعد أن فتح الرئيس المخلوع مخازن سلاح الدولة لتكون بيد «أنصار الله» وقواته التي تتحالف معهم. عدم استهداف «القاعدة»، أو «داعش» التي تنمو ببطء الآن في اليمن، من قبل الحوثيين، يعني تعاظم دور الإرهاب لاحقًا، فمن المرشح أن تبتلع «داعش» نصيب وحصة «القاعدة» التي تحولت إلى قوة محلية ضاربة في الجنوب لا تضم المقاتلين السابقين، بل تستقطب أبناء المنطقة الحانقين على تفاقم الأوضاع. والسؤال: كيف تعاظمت قوة الحوثيين خلال هذه السنوات الوجيزة؟! الإجابة الأقرب للحقيقة هي برغماتية المخلوع صالح الذي تعامل مع القوى السياسية المعسكرة في اليمن بشكل انتهازي، فهو حين غضب من حزب الإصلاح ذي المرجعية الإخوانية، صمت عن علاقة الحوثيين بإيران طيلة تلك السنوات، ولم يكشف عن ذلك إلا بعد الحرب السادسة في منتصف 2009، وكشف وقتها عن مخابئ للأسلحة كبيرة جدا يملكها الحوثيون، إيرانية الصنع لا تضم الأسلحة الخفيفة فقط، بل شملت صواريخ قصيرة المدى ومدافع رشاشة، وحصلت أزمة السفينة الإيرانية الشهيرة التي كشفت للعالم وجها جديدا للنزاع اليمني ودخول إيران على الخط. الحرب السابعة كانت إعلانا مبدئيا باستقلال الحوثي الجديد عن الجسد السياسي اليمني، وارتهانه إلى ما بات يعرف بـ«الهلال الشيعي»، الذي يعكس حالة التمدد السياسي لإيران في المنطقة عبر أذرعتها الآيديولوجية، التي تزداد قوة يوما بعد يوم؛ بسبب الانشغال بما بعد الربيع العربي، وظهور موجات عنف للإرهاب السني تخلق حالة فراغ في المشهد وتفرض تحدياتها الخاصة على الأنظمة السياسية المحاصرة بدوائر الإرهاب والعنف والمعارضة السياسية، إضافة إلى تجارب استنساخ أحزاب عقائدية على طريقة حزب الله و«أنصار الشريعة»، أو حتى إيجاد منافذ عبر مشاريع إغاثية وتعليمية. تصريحات المتحدث باسم الحوثيين في آخر لقاء له، كانت أقرب إلى محاكاة لكلمات حسن نصر الله، لكن بلكنة يمنية؛ فالمحتوى واحد قائم على إعادة إنتاج شعارات الثورة الإيرانية وحزب الله، بل وصبغ ذلك بنكهة المقاومة، ومحاولة التركيز على قضية فلسطين والمظلومية التي تجد طريقا أسرع إلى قلوب العامة، إضافة إلى شيطنة أميركا، التي أسهمت بتعجلها في توقيع الاتفاقية مع إيران، في إعادة الأمل لتمدد التشيع السياسي في المنطقة، والتحالف مع كيانات سياسية هشة قائمة على ركوب الموجة كالقومية، في انتحار ضد الذات، وكاليسار الشعبوي الذي يعيد قراءة أمجاد الاتحاد السوفياتي على أمل أن تعود واقعًا من جديد.

بات للبنان ‘مرشد’…
خيرالله خيرالله/العرب/26/10/2015
في خطابه الأخير بمناسبة إحياء ذكرى عاشوراء كشف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أمورا كثيرة. لعلّ أول ما كشفه وضع نفسه في مقام من يفرض رئيسا للجمهورية على لبنان. عيّن نفسه “مرشدا” على لبنان واللبنانيين يتحكّم بمصيرهم كيفما شاء ووقتما يشاء مستندا إلى السلاح غير الشرعي للميليشيا المذهبية التي هي تحت تصرّفه. كانت ذكرى عاشوراء مناسبة لقيام هذه الميليشيا باستعراضات لا هدف منها سوى بث الرعب في صفوف المواطنين. قال نصرالله بالحرف الواحد للبنانيين إن لا رئيس للجمهورية إلا ذلك الذي يريد أن يفرضه الحزب عليهم. الحزب لواء في “الحرس الثوري” الإيراني لا أكثر ولا أقل. إيران لا تريد في الوقت الحاضر رئيسا للجمهورية لأسباب مرتبطة بطريقة لعب أوراقها في لبنان والمنطقة. لذلك لا رئيس للبنان في المستقبل المنظور.
في الواقع، كشف الأمين العام لـ”حزب الله” اللعبة الإيرانية في المنطقة. فالخطاب الذي ألقاه الرجل في ذكرى عاشوراء كان كلام حقّ يراد به باطل. يقول مثلا “إننا نصوّت لمن نشاء”. نعم من حق نواب حزبه التصويت لن يشاؤون وذلك في جلسة يعقدها مجلس النوّاب لانتخاب رئيس للجمهورية. لماذا لا تنعقد مثل هذه الجلسة؟ لماذا ممنوع عقد مثل هذه الجلسة؟ لماذا يقاطع “حزب الله” الجلسات المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وقد بلغ عددها حتّى الآن ثلاثين جلسة، ما دام يريد أن يكون هناك رئيس للجمهورية… أو هكذا يدّعي؟
نعم، من حق نوّاب “حزب الله” التصويت لمرشّحهم، ولكن هل من حقّهم فرض الرئيس الذي يشاؤون؟ هل من حقهم فرض القانون الانتخابي الذي يشاؤون؟ حبّذا لو يتعلّم الأمين العام لـ”حزب الله” الفارق بين انتخاب رئيس يكون لجميع اللبنانيين من جهة، وفرض رئيس يكون موظّفا لدى الحزب من جهة أخرى.
لم يعد السؤال هل مسموح لمجلس النوّاب انتخاب رئيس للجمهورية؟ السؤال هل يمكن لميليشيا مذهبية، عناصرها لبنانية، تابعة لإيران فرض رئيس على اللبنانيين على غرار ما كان يفعله نظام الوصاية السوري الذي قتل رينيه معوّض في 1989 ليحل مكانه إلياس الهراوي والذي أراد بعد 1998 الذهاب إلى أبعد في ممارسة وصايته ففرض على اللبنانيين إميل لحّود؟
من يتمعّن في الخطاب الأخير لنصرالله، يكتشف إلى أي حدّ تبدو إيران شبه مفلسة. من المبكر الكلام عن إفلاس كامل لإيران، خصوصا أنّها باتت الطفل المدلل لدى إدارة باراك أوباما التي تختزل كلّ أزمات الشرق الأوسط بالملفّ النووي الإيراني.
أفلست إيران نسبيا، لأنّه بات لها شريك روسي في سوريا. صارت شبه مفلسة لأنّها باتت عاجزة عن نهب ثروات العراق الذي لم تعد لديه أي احتياطات مالية. كلّ ما تستطيعه إيران في العراق، حاليا، هو ممارسة السلطة بطريقة غير مباشرة عبر الميليشيات التابعة لها لا أكثر.
فوق ذلك، تلقت إيران صدمة “عاصفة الحزم” في اليمن. لم تكن تتوقع ردّ الفعل العربي، والسعودي تحديدا، على سعيها إلى تطويق المملكة وشبه الجزيرة العربية ودولها من كلّ الجهات وعبر كلّ المنافذ، بما في ذلك مضيق باب المندب.
لم يعد لإيران سوى لبنان. لذلك صعّد حسن نصرالله في كلّ الاتجاهات، مؤكّدا أنّه يلعب دور “المرشد” في الوطن الصغير. أخيرا صار للبنان “مرشد”، تماما كما الحال عليه في إيران. يريد نصرالله انتخاب الرئيس الذي يشاء، ويريد فرض القانون الانتخابي الذي يشاء. يريد أيضا أن يكون لبنان مجرّد تابع لإيران لا شريك لها فيه. وهذا يفسّر، إلى حدّ كبير، تلك الحملة المستمرّة منذ ما يزيد على أربع سنوات، خصوصا منذ تشكيل الحزب حكومة برئاسة السنّي نجيب ميقاتي في 2011، من أجل عزل لبنان عن محيطه العربي، خصوصا عن أهل الخليج الذين كانوا يساعدون لبنان بكل الطرق الممكنة، بما في ذلك الاستثمار فيه وتطوير القطاع السياحي. كان عزل لبنان عن محيطه العربي خطوة أخرى في مسيرة انقلابية طويلة بدأت مطلع ثمانينات القرن الماضي. تستهدف هذه المسيرة الانقلابية تغيير طبيعة لبنان، مجتمعا ونظاما سياسيا، على غرار تغيير طبيعة المجتمع الشيعي فيه.
تبدو كلّ الوسائل المتوافرة لدى “حزب الله”، في مقدّمتها السلاح غير الشرعي الموجّه إلى صدور اللبنانيين، مشروعة لفرض “مرشد” على لبنان. أكثر من ذلك، تشمل عدّة الشغل لدى “حزب الله” الهجوم على السياسة الأميركية في المنطقة والتذرع بـ”المشروع الأميركي” لتبرير الحرب التي يشنّها الحزب على لبنان واللبنانيين، بالتزامن مع مشاركته في الحرب التي يتعرّض لها الشعب السوري. من أطرف ما تضمّنه خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” الحملة على السياسة الأميركية في المنطقة متجاهلا الحلف غير المقدّس القائم بين واشنطن وطهران، خصوصا في مرحلة الإعداد للغزو الأميركي للعراق. كانت إيران الشريك الوحيد في الحرب الأميركية التي استهدفت التخلص من النظام العائلي ـ البعثي لصدّام حسين. كلّ حلفاء “حزب الله” في العراق جاؤوا إلى السلطة على دبّابة أميركية ولا شيء آخر غير الدبابة الأميركية. على رأس هؤلاء نوري المالكي الذي بقي رئيسا للوزراء ثماني سنوات والذي رفع “حزب الله” صوره في بيروت، على طول طريق المطار تحديدا! على من يضحك حسن نصرالله؟ يستطيع أن يضحك على أنصاره الذين تسيّرهم الغرائز المذهبية التي تُعمي الإنسان وتجعله يتصوّر أن إيران، التي يعيش نصف شعبها تحت خط الفقر، والتي تحتلّ أراض عربية، يمكن أن تكون مثلا أعلى يحتذى به.
مرّة أخرى استخدم الأمين العام لـ”حزب الله” كلّ المغالطات والتناقضات، بما في ذلك شنّ حملة جديدة على المملكة العربية السعودية، لتبرير وضع يده على لبنان والإعلان عن وجود “مرشد” في هذا البلد. الأكيد أن اللبنانيين لا يمكن أن يرضخوا لهذا الواقع، علما أنّهم يعرفون قدرة الحزب على التخريب والتدمير، كما يعرفون أن لا خيار أمامهم سوى المقاومة. قاوم اللبنانيون في الماضي الوصاية السورية… يقاومون الآن الوصاية الإيرانية التي توّجها تعيين نصرالله نفسه “مرشدا” للوطن الصغير. هل يتحمّل لبنان مثل هذا “المرشد”… أم كلّ ما في الأمر أن “حزب الله” يسعى عبر التصعيد
إلى تغطية ضعفه الذي في أساسه بدء تراجع المشروع التوسّعي الإيراني القائم على الاستثمار في الغرائز المذهبية أوّلا وأخيرا…

نصر الله إذ يخفّف من ذنوب إسرائيل
كرم سكافي/جنوبية/26 أكتوبر، 2015
ماذا يريد أن يقول السيد حسن نصرالله في خطبته؟ هل يريد القول لجمهوره وللبنانيين إنه ضحية مخططات جهنمية وأنها هي التي جرتنا إلى مواقع قتالية، حظوظ الحياة فيها تتحق بالموت والتضحية فقط ؟ هل هو في خطبته الأخيرة يعلن مكامن الألم التي تسببت بها إستراتيجيته الإستباقية؟ أمّا وقد أعلنها صراحة السيد نصرالله في خطابه العاشورائي أنه ضد “الإدارة الأمريكية”، فإننا لا ندري لماذا خصصها بهذه التسمية أي إعتماد التجزئة دون الجمع، فلم يقل الادارة الفرنسية مثلا، بل فرنسا وبريطانيا والغرب الخ…، ولربما ذلك عائد إلى فقه التقية، فأحسب أن الكل بمن فيهم الجمع المحتشد في طريقه إلى الإلتحاق بالتضحية الإجبارية التي أتقن الخطيب التحريض عليها بدقة إنطلاقاً من عبارة “إنها حرب ثقافية إقتصادية سياسية أمنية وعسكرية شاملة تمارس علينا”، ونسي أو لربما سقط سهواً عنده أن مواجهتها لا تكون بالإصرار على إستراتيجية الموت وتجاهل نصر الحياة .قد يكون خطاب السيد أقرب إلى الإقرار بواقع السقوط في الشرك الذي أعد له و لحزبه، فالحرب العسكرية التي فرضت عليه في سوريا والتي حاول جاهداً تبريرها بعناويين تخفيفية لم تعد تجدي نفعاً بعد الإعلان الروسي عن الغاية الحقيقة للصراع وعن أن مشاركته فيها هي فعلاً بالوكالة تمامًاً. السيد حسن نصر اللهالحرب الأمنية التي أوقع نفسه بها، أوجبت عليه حالياً التقوقع داخل حدائق إسمنتيه، أما الحرب الثقافية فحدث ولا حرج إذ لا يحق لمن هو متخلف عنها لأسباب هو اختارها أن نجد تفسير لفهمها أو إدراكها، تبقى الحرب الإقتصادية التي لم يقدر عليها السيد ولن يقدر عليها نظراً لامتلاك عدوته الإدراة الاميركية مفاتيحها وهي تمسك بعقدها وتشعباتها بشكل يصعب عليه حلها أو تدميرها، والعجز هنا مكمنه ليس إلا سياسة الأمن وثقافة القتال العسكرية التي ينتهجها. وحدها الحرب الإعلامية التي أشار إليها في إعلانه تكفي ليدرك الجمع سبب الفوضى والخراب الذي يلم بنا والفرقة التي نعيش فيها. ومنها على سبيل الذكر لا الحصر أسطورة داعش الروائية و(حزورة ) القاعدة الخيالية التي حولتها الأيام بالخوف والتخويف إلى واقعة حقيقة ساهمت فيها القنوات الإعلامية ومواقع التواصل والإتصال التكنولوجية الإميركية والفرنسية والبريطانية والدول الغربية ووقع ضحيتها من يشكو متأخراً من عظيم أمرها ومخاطرها . قد تعجب أكثر عندما تسمع الكلام عن السلاح المستخدم ضد الشعوب العربية، وقصد به تحديداً النفط والغاز ومسألة التحكم بأسعارها من قبل الإدارة الدولارية في حربها على الأمة الممانعة الجهادية، وأحسب انه أباح عن سرّ من أسرار حربه على الدول المجاورة للسيطرة على هذا السلاح (النفط والغاز)، والتي أسهمت سياسة الإدارة الاميركية في إحباط محاولة الإفادة منه ومن عائداتها المالية، وكذلك فعل حاكم السعودية من آل سعود صاحب الجلالة سلمان بن عبد العزيز حين رفض تخفيض الإنتاج لكي لا يسمح للحزب والجمهورية التوسعية الإيرانية بالإفادة من غنائمهم وتمويل حربهم على الدول العربية وربما مستقبلا الخليجية. السيد حسن نصر اللهمغالطة هو الكلام عن السلطات المحلية، ففيه غموض يلزمه توضيح خصوصاً وأن المتكلم سيد دويلة تتحكم بدولة مستقلة ويستعين عليها بجمهورية إقليمية، لقد عاب السيد على الدول العربية الخليجية جارة الجمهورية النووية إن تشتري أسلحة للدفاع عن نفسها، وكأنّ السلاح المقابل الايراني هو تقليدي، أو يصنف على أنه طقس إيراني يستخدم للترفيه ويخضع للعادات ويستخدم في الحفلات الفلوكلورية الشعبية! يبقى أن الطامة الكبرى الكارثية الفاقعة في خطابه كانت فتوى إعتبار العدو الصهيوني المغتصب أداة تنفيذية للإدارات الغربية، وكأنه بذلك يحاول أن يمنحه صفات تخفيفية تعذره على جرم اغتصابه لفلسطين وقتله أطفالها وإستباحة اعراضها، بحجة أنه أداة مغلوب على امرها وأمر الرد عليه متروك لأهلها إذا إن الخوض به قد يصنف على أنّه مزايدة تمنح مثيرها فرصة تسجيل النقاط على إدارة الحزب. ما قاله السيد في خطابه وما أكد عليه وبلّغ به اللبنانيين، هو إستمرار الالم والمعاناة في وطننا، وأن “لا تراجع عن خيار القتال في سوريا ومن تراجع ـ وليس فينا من يتراجع ولكننا نفترض ـ من يفكر أن يتراجع فهو كمن يترك الحسين ليلة العاشر من محرّم في وسط الليل”!