طارق الحميد: الحوار مع الروس على الأرض/مـكـرم ربـاح: لبنان والتدخّل الروسي في سوريا/عبد الرحمن الراشد: هل بيعت القضية السورية

289

لبنان والتدخّل الروسي في سوريا
مـكـرم ربـاح/لبنان الآن/21 تشرين الأول/15
كانت سيدة عجوز تعيش في قرية نائية تعاني من مشكلة قوارض. اقترحت عليها جارتها أن تقارب القوى العظمى في ذلك الوقت، أيّ الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية من أجل الوصول إلى حل ما. توجّهت المرأة ليأسها إلى السفارة السوفياتية وطلبت مقابلة أحد المسؤولين، حيث شرحت له مشكلتها. وبعد أن استمع إليها، غادر الدبلوماسي الغرفة لبضع دقائق ليعود وفي يده قطة. ثم شكر المرأة لاستشارته وأعلمها بأنّ هذه القطة سوف تكون كافية للتخلّص من القوارض. مضت المرأة، وقد استولى عليها الشره، إلى السفارة الأميركية لتعيد فيها القصة نفسها. فما كان من الدبلوماسي الأميركي إلاّ أن تحمّس إلى درجة القفز من مكانه ومصافحة السيدة العجوز والإعلان أنّ حكومة الولايات المتحدة سوف تقف إلى جانبها في قتالها المستمر حتى تحقيق النصر. هذه القصة الرمزية من أيام الحرب الباردة تنطبق تماماً على الوضع الحالي في سوريا وعلى كيفية تعاطي القوى العظمى الحالية (الولايات المتحدة وروسيا) مع الصراع الحالي في سوريا وفي المنطقة بأسرها. لطالما دعمت روسيا والسوفيات من قبلها سوريا في العديد من النواحي، إلاّ أنّ القرار الأخير لفلاديمير بوتين بنشر جيوشه في سوريا يدلّ على تحوّل مهم من الممارسات الأولى المبنية على التدخّل غير المباشر الى سيناريو المشاركة على الأرض.
قد تكون هذه هي المرة الأولى، منذ نهاية القضية الشرقية، التي تكون فيها الامبراطورية الروسية متورطة إلى هذه الدرجة في شؤون المشرق وسوريا. وبالطريقة نفسها التي كانت فيها القوى العظمى الخمس في القرن التاسع عشر مهتمّة في مصير الامبراطورية العثمانية المنهارة وما سيليها، تقف روسيا اليوم في مواقف مشابهة نوعاً ما تجاه مصير بشار الأسد والمنطقة بكاملها. طبيعياً، كان من المتوقّع بأن يتمدّد التورط الروسي في سوريا عبر الحدود نحو لبنان بسبب الروابط العضوية والتاريخية بين الشؤون السياسية لهذين البلدين الجارين. فالنخبة السياسية اللبنانية فشلت بانتخاب رئيس جديد منذ أكثر من 477 يومًا ولا تزال. فضلاً عن ذلك، خلّفت هذه الأزمة السياسية البلد مع حكومة فشلت مراراً وتكراراً في تنفيذ أبسط المهام الحكومية، وخير دليل على ذلك، أزمة النفايات الأخيرة. وفي حين أنّ أسباب بوتين قد تتنوع بين رغبته في إعادة أمجاد الأمبراطوية الروسية وأهداف استراتيجية أكثر عقلانية متعلقة بالسياسة الخارجية، مثل إبعاد الأنظار عن الحرب الروسية في أوكرانيا، لكن الأهم من ذلك هو الحفاظ على وجود الروس في البحر المتوسط عبر قاعدتهم البحرية في طرطوس. هذه الدوافع، جمعها بوتين ضمن فئة قتال روسيا المستمر للإرهاب العالمي الذي من أبرز أقطابه داعش والنصرة.
ولعلّ ما يترتّب في الحقيقة على هذا التحرّك الروسي هو عدم حصول المزيد من التصعيد في الانقسام السنّي- الشيعي الذي سيطر على كافة نشاطات المنطقة على مدى العقد الماضي وأصبح العنصر الأبرز في الأزمة السياسة اللبنانية.
بناءً على ما تقدّم، فقد شلّ الانقسام الحاد الذي يطال الشؤون اللبنانية الدولة التي تواجه عدداً من التحديات، أوّلها أزمة اللاجئين السوريين الذين يُقدّر عددهم بـ1.1 مليون لاجئ بالاضافة إلى شبح الحرب الأهلية الذي ما انفك يهدّد لبنان وسلمه.
وقد وافق الفرقاء اللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم، المعادون للأسد (القوات اللبنانية، وتيار المستقبل، والحزب التقدمي الإشتراكي) والموالون له (حزب الله، والتيار الوطني الحر وحركة أمل) في البداية على فصل أنفسهم تقنياً عن الأحداث الجارية في الحرب السورية وفي اليمن، حتى لا يسمحوا لهذه التحديات الاقليمية بالتوسّع الى أن تطالهم. إلاّ أنّ ذلك كان مستحيلاً في ظل تورّط “حزب الله” في الدفاع عن الأسد بكامل قوته العسكرية.في البداية، كانت تورّط “حزب الله” محدوداً بحماية الخاصرة الغربية للنظام ومنع المعارضة السورية من محاصرة العاصمة السورية من خلال منطقة الزبداني. لكن حزب الله وجد نفسه رويداً رويداً وبكل ثقة، يقاتل في كافة أجزاء سوريا حيث احتاج النظام الى كل رجل من رجال الحزب حتى يضمن بقاءه. بالإضافة الى ذلك، فقد دعم الفرقاء المعادون للأسد، وعلى رأسهم تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بشكل مستمر ومنذ البداية المعارضة. وبالتالي فإنّ ظهور روسيا القوي سيزيد التوترات إلى مسألة دقيقة أصلاً حيث قد يحلو لداعمي الأسد في لبنان الاستفادة داخلياً من هذا الوضع. أولاً من خلال اختيار رئيس موالٍ لسوريا وايران، وثانياً من خلال تعطيل أي معارضة واجهوها في السابق.
من الطبيعي بأن يكون أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، الذي غرق جنوده في القتال، قد رحّب بالتحرّك الروسي هذا. حتى أن نصرالله اعتبر بشيء من التباهي مؤخراً أنّه  “في ضوء التطورات الداخلية، والإقليمية، والدولية، تخطّينا منطقة الخطر في سوريا، وسوف يبدأ فصل جديد في قضية سوريا”. فمن خلال تنبّؤه بأنّ التدخّل الروسي المباشر سوف يضمن النصر الأخير للمحور الأسدي- الإيراني- الروسي، يكون نصرالله قد ساهم في توسيع الانقسام القائم أصلاً بين السنّة والشيعة.
قد يكون مثل هذا الموقف مقبولاً بما أنّ نصرالله وإيران من خلفه يتشاركان الأعباء فيما يتعلّق بالحرب في سوريا وبالضحايا التي يتكبدونها، حيث قُتل مؤخراً في حلب أحد أهم جنرالات الحرس الثوري الإيراني، حسين حميداني، ويشكّل ذلك على الرغم من إنكارهم صفعة كبرى لقيادتهم ومعنويّاتهم. ومن المثير للسخرية بأنّ نصرالله وبالعودة الى عام 2005، لطالما حذّر الفصائل اللبنانية الموالية للغرب من أن يخطر على بالها فكرة استخدام عناصر غربية، أي إدارة جورج بوش في مثل تلك الحالة، لإحداث تغيرات محلية وإقليمية بالقوة. إلاّ أنّه لا يبدو بأنّ نصرالله سوف يمارس ما وعظ به.
فريقٌ آخر موال للأسد طالته نشوة التدخل الروسي في سوريا هو التيار الوطني الحر، ومرشحّه الدائم للرئاسة ميشال عون. ففي نهاية الأسبوع الماضي، احتفل عون وداعموه بالذكرى الـ25 لإخراج الجيش السوري له من القصر الرئاسي وإنهاء تمرده. جاء خطاب عون مكرّراً أعاد فيه كل الكلام الذي يعتبره هو وتياره أساسياً؛ مثل محاربة الفساد، والإصلاح، وانتخاب رئيس قوي، وقانون انتخابات نسبي، بالاضافة الى أمور أخرى. إلاّ أنّ أبرز ما تميّز به هذا الاحتفال لم يكن كلمات عون، بل اليافطات التي رفعها بعض مناصريه أثناء المسيرة. لقد بدا أمراً مسلياً ومضحكاً في آن، كيف عمد عدد من مناصري عون إلى ربط قائدهم القوي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين. حيث شوهدت بعض مواكب سيارات التيار الوطني الحر تحمل صور عون وبوتين على اعتبار أنّ الاثنين هما الزعيمان المسيحيان القويان في القرن الـ21. إلاّ أنّ أكثر الصور المقلقة التي رفعوها تعود لبوتين وقد كُتب عليها “إجاكم فلاديمير يا بلا ضمير”، وذلك في إشارة مباشرة الى قدوم بوتين من أجل حماية مسيحيي المشرق من اضطهاد الإسلاميين لهم (داعش والمعارضة) الذين كانوا يذبحون مسيحيي سوريا. هكذا يبدو بأنّ موضوع الحرب المقدّسة ضد قوى الشر والإرهاب في سوريا التي روّج لها رأس الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية قد تبنّاه عون وداعموه بشكل كامل. حيث يبدو بأنّ هذا النموذج يدخل ضمن إطار عمل عون المتعلّق بتحالف الأقليات حيث يعتقد أنّه بوقوفه إلى جانب القوى غير التقليدية في المنطقة (شيعة، علويون، وربما يهود) سوف يكون قادراً على حماية المسيحيين من طغيان الأكثرية السنّية.
وفي حين أنّ الفصائل اللبنانية المعادية للأسد أدانت التحرّك الروسي في سوريا، فليس لدى أي واحدة منها القوة أو الرغبة في السماح لهذا التحرك الروسي بإلحاق المزيد من الدمار بالسفينة اللبنانية الآخذة أصلاً في الغرق. إلا أن نظراءهم لا يبدو بأنهم يشاركونهم وجهة النظر هذه. هكذا تكون أحداث الأزمة السورية بيّنت كافة عناصر نشوب حرب أهلية تقليدية مع تورط عناصرها الإقليمية والدولية في الأحداث. وفي حين يمكن لروسيا تحمّل تكلفة لعب هذه اللعبة الإقليمية ومعارضة رغبات السنّة وحلفائهم، سوف يكون عون وحزب الله أكبر الخاسرين في حال أخفق الروس في رهانهم. المثل أو القصة الرمزية الواردة أعلاه تمنح المزيد من المصداقية الى القط الروسي لا إلى المصافحة الأميركية، لذا قد يكون أفضل طريق لّلبنانيين وجيرانهم السوريين لكي يتخلّصوا من القوارض هو عبر تنظيف منازلهم بدل أن يعتمدوا على الغرباء لكي يتولوا أمر ذلك عنهم. مكرم رباح: مرشّح لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة جورج تاون، قسم التاريخ. صاحب كتاب ““A Campus at War: Student Politics at the American University of Beirut, 1967–1975، ومن كتّاب الرأي الدائمين في موقع NOW. هذه المقالة نُشرت باللغة الإنكليزية في موقع MiddleEastEye.net (ترجمة زينة أبو فاعور)

هل بيعت القضية السورية؟
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/21 تشرين الأول/15
لا شك أن عبارة «بقاء الأسد» أقلقت كثيرين، لأنه لا أحد يتصور أن يقبل من يملك شعورا إنسانيا أو حسا أخلاقيا أو حتى موقفا سياسيا منصفا. وترددت على أكثر من لسان خلال الأسابيع القليلة الماضية، قالها وزير الخارجية السعودي وهو يقف إلى جانب وزير الخارجية الألماني، أول من أمس، فرانك شتاينماير، وقالها وزير الخارجية التركي سينرلي أوغلو قبل خمسة أيام، ورددها لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا في نفس الأسبوع، ويمكن أن نقول إن من بدأها وزير خارجية روسيا لافروف قبل نحو أسبوعين. العبارة المزعجة خدمت نظام الأسد وحلفاءه الذين قاموا بترديدها على أن الخصوم أخيرا رضخوا، مستشهدين بأن التدخل الروسي غير مسار الحرب السورية. فهل الأسد حقًا باق؟ الأسد موجود اليوم في قصره فوق جبل قاسيون، في العاصمة دمشق، لكنه لا يحكم سوى أقل من ثلث البلاد، وبصعوبة شديدة، فمعظم القطع مقطوعة من قبل الثوار، ولم يبق له سوى جيش وجهاز أمن صغير، وتم تهجير أكثر من اثني عشر مليون سوري من أحيائهم ومدنهم وقراهم، خمسة ملايين منهم هربوا إلى خارج البلاد. لا يوجد شيء من مقومات الدولة، فالأسد باق بين المقابر وفي مواجهة الآلاف من الثائرين عليه. يعني عمليا، الأسد كحاكم وحكم لم يعد موجودا حتى يساوموا عليه إلا في تصريحات وبيانات الدبلوماسيين من حلفائه الروس والإيرانيين. إضافة إلى هذا، فإنه ليس صحيحا أبدا أن دخول الروس مجال الحرب في سوريا غير مسار المفاوضات وحقق للأسد فرصة البقاء. فالروس هم آخر ما تبقى له، فقد جرب الأسد قواته والشبيحة، وفشلوا. استعان بحزب الله اللبناني صاحب التجربة الطويلة في حرب الميليشيات وفشل. ثم هب الإيرانيون بقيادة النجم اللامع وصانع المعجزات في الحرس الثوري قاسم سليماني، وفشل أيضًا، واستعان بميليشيات عراقية وأفغانية وعجز عن تحقيق أي تقدم على الأرض. ثم دخل الروس بأفضل ما لديهم من سلاح جوي وصواريخ والنتيجة ليست بأفضل مما كانت من قبل. أمس الحرب الروسية ركزت على اللاذقية، التي كانت إلى قبل فترة قريبة منطقة آمنة للأسد!
هل كل هذا الجهد الخرافي والتضحيات يستحقه الأسد؟ كلهم يدركون اليوم أنه لا يستحق الثمن الذي يدفعونه ويدفعه الشعب السوري في أن يبقى ساعة واحدة إضافية، ولا يوجد هناك أمل في بقائه كما يظن ويتمنى مؤيدوه. إذن ما هي حكاية بقاء الأسد التي أجمع عليها كل وزراء الخارجية؟
لقاء جنيف الأول مهم جدا لأنه وضع إطارا لفك الاشتباك بعملية انتقالية لا مكان للأسد فيها. الخلاف على الزمن والكيفية. حتى الإيرانيون الذين هم الأكثر حرصا عليه يعون استحالة بقائه، لكنهم يريدون السيطرة على مسار التفاوض، وتقرير مصير مستقبل الحكم في سوريا، أي يريدون تنصيب أسد آخر يكون تابعا لهم، لتأمين هيمنتهم على مسطح جغرافي استراتيجي من العراق إلى سوريا ولبنان ومحاصرة منطقة الخليج. الموقف الإيراني ومبرراته واضحة، لكني لا أستطيع فك الشفرة الروسية، إنما نحن نرى أن موقفهم تطور بعد زيارة ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حيث أصبحوا يتحدثون عن تفاوض لتأسيس حكم لفترة انتقالية. وهو أمر مطابق لجنيف الأول. طبعا نتوقع أن هناك تفاصيل وخلافات كبيرة، حول من يقرر الائتلاف وممن يتم اختياره، ودور المؤسستين العسكرية والأمنية، ومتى يخرج الأسد، وما هي المسافة في المواقف بين الإيرانيين والروس؟ أما بقاء الأسد كشخص في بيته، في جبل قاسيون، فهو أمر مستمر منذ أربع سنوات ونصف، وهذا لا يجعله رئيسا، ولا يعطيه شرعية، ويستحيل أن يستمر هكذا. وأما القضية السورية فلم تبع، وهي ليست قابلة للبيع للظروف التي أوضحتها، لكن الصراع في سوريا يدور على مستويات مختلفة، من محلية وإقليمية ودولية.

الحوار مع الروس على الأرض
طارق الحميد/الشرق الأوسط/21 تشرين الأول/15
على أثر التدخل العسكري الروسي في سوريا كانت هناك لحظة ارتباك من جميع الأطراف، بمن فيهم الروس أنفسهم، الجميع كان يحاول فهم أبعاد التدخل الروسي، بينما كانت روسيا نفسها تحاول إيجاد صيغة مقنعة، وتبرير منطقي للتدخل يجعلها تحظى بدعم دولي، اليوم يبدو أن الرؤية باتت تتشكل بشكل أوضح.
اليوم هناك الإصرار السعودي على أن لا مكان للأسد، ولا دور لإيران التي تعتبر جزءا من المشكلة وليس الحل، والجمعة الماضي قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه ليس هناك تقارب في الأفكار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول استمرار حكم الأسد، وإن الأزمة السورية يمكن أن تنتهي فقط بحل سياسي يؤدي إلى حكومة شاملة جديدة، وهذا هو الرأي الفرنسي والبريطاني أيضا. وإلى اللحظة لا يبدو أن هناك حوارا دبلوماسيا جادا بين الحلفاء مع الروس، وإنما هناك حوار مختلف يتم ملاحظته على الأرض. الملاحظ الآن أن هناك دعما للمعارضة السورية المعتدلة بالسلاح، وتحديدا الجيش السوري الحر، ومن ينطوي تحته، وذلك ليس لتغيير معادلة على الأرض، بمعنى إسقاط الأسد، وإنما للحد من إعادة تمدد قواته، وقوات الميليشيا الشيعية التي ترسلها إيران للدفاع عنه. اليوم هناك صواريخ مضادة للدبابات باتت تعطى للمعارضة، وذخيرة، كما بات ملاحظا الخسائر التي منيت بها إيران، وحزب الله، على مستوى مقتل قيادات عسكرية بارزة في الميدان، وما زال مقتلهم يثير تساؤلات جادة، خصوصا وأنهم قيادات مؤثرة، وبارزة، ولافتة جدا عملية مقتلهم بظرف أسبوع واحد، ورغم نشوة الأسد وإيران وحزب الله بالتدخل الروسي! هذا الحوار الجديد على الأرض مع روسيا واضح أنه يراد منه عدم منح الروس والأسد فرصة لتغيير المعادلة على الأرض بشكل سريع، كما أنه يظهر قلق الحلفاء في سوريا من تكرار تجربة أفغانستان، وهو الأمر الخطر حدوثه. ويبدو أن هذا الحوار العسكري على الأرض، هو ما دفع رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف إلى أن يناقض كل الطرح الروسي منذ التدخل بسوريا، حيث قيل وقتها إن هدف التدخل هو دحر «داعش»، ثم قيل لإنقاذ الأسد، بينما يقول ميدفيديف الآن، وفي حوار مع قناة تلفزيونية روسية، إنه «لا يهم حقيقة من يكون في الرئاسة. لا نريد أن يدير تنظيم داعش سوريا.. أليس كذلك؟ يجب أن تكون حكومة متحضرة وشرعية. هذا هو ما نحتاج أن نناقشه». وقال رئيس الوزراء الروسي ردا على سؤال حول ما إذا كانت سوريا يجب أن يحكمها الأسد، بقوله: «لا بالطبع لا. الأمر يرجع إلى الشعب السوري لتقرير من يكون رئيسا لسوريا.. في الوقت الحالي نعمل على أساس أن الأسد هو الرئيس الشرعي». هنا قد يقول قائل إن حديث ميدفيديف فضفاض، وهذا صحيح لكنه يظهر تناقض الروس، ويثبت أن الحوار مع الروس الآن بات على الأرض، وليس في أروقة القاعات.