خالد موسى: عون في ذكرى13 تشرين يجاهر بالتعطيل ويوزع اتهامات/تظاهرة برتقالية على حدود قصر بعبدا وبوتين الضيف العزيز/رولا عبدالله: باسيل يكيّل الطريق/علي نون: الوضوح العوني

306

عون في ذكرى «13 تشرين» يجاهر بالتعطيل ويوزع اتهامات/تظاهرة برتقالية على «حدود» قصر بعبدا . . وبوتين الضيف العزيز  
خالد موسى/المستقبل/12 تشرين الأول/15
قبل يومين من معركة «13 تشرين»، استبق التيار «الوطني الحر» الذكرى واحتفل على طريقته بالقرب من «قصر الشعب» على حد وصفه، أما ما يعرف بالنسبة لجميع اللبنانين بـ «القصر الجمهوري». المهرجان الذي كان سريعاً، توافد اليه المشاركون منذ ساعات الصباح الأولى من مختلف المناطق، حيث عملوا على إغلاق بعد الطرقات مما احدث زحمة سير خانقة في المحلة، حاملين صور النائب ميشال عون مرفقة بشعارات «الرئيس القوي ودولة الرئيس» وأخرى لصهره قائد فوج المغاوير في الجيش العميد شامل روكز مرفقة بشعارات:»دعستك بتهز الارض، نودعك غداً لنستقبلك رئيساً» والأعلام اللبنانية وأعلام التيار، فهذه الصور والأعلام لم تكن وحيدة بل كان الى جانبها أيضاً صور للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرفقة بشعار: إيجاكن فلاديمير يا بلا ضمير» وأعلام روسيا. كما حملوا لافتات، كتب عليها: «لن تموت أمة قائديها عون ونصرالله وعمادها المسيح، تحية لشهداء جيشنا البطل، بـ 13 تشرين وقف التاريخ ومن هون بيكفي، إن أردتم اللعب بالنار فعون بالإنتظار، عون كرامة شعب، شهدائنا رمز كرامتنا، خوفاً من القيامة اتذكروا كيف أخذتو بيت الشعب يا أولاد الوصاية، نحن وعون الرقم الصعب بدنا نرجع عبيت الشعب، من بعد حكم الخشب راجع حكم الذهب، نحن أهل القصر وللقصر نعود، ربيعنا الآتي العماد ميشال عون»، «فخامة الرئيس حارب الفساد والفاسدين»، «حطّ السارقين بالسجون»، «طبّق الأنظمة والقوانين».
ومن أمام صورة قديمة تعود للعام 1990 للقصر الجمهوري في بعبدا الذي كان يتواجد فيه قبل تركه الجيش في الساحة وحيداً ورحيله الى السفارة الفرنسية ثم الى فرنسا، وعلى بعد أمتار كثيرة عن المكان الذي يحلم بالعودة إليه مجدداً، أطل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب عون مباشرة على وزرائه ونوابه وقيادات تياره وأهالي شهداء 13 تشرين ومناصريه، بخطاب خاطف استعاد فيه سقف الكلام العالي، وشدد على ان «التحرر أصعب من التحرير، ومنذ اليوم الأول لعودتي كان واضحاً ان الدرب لم ينتهِ، وطريق التحرر لمّا يزل طويلا»، مشيراً الى ان « كثيرين ظنّوا ان لبنان دُفن في 13 تشرين، وقالوا إننا صرنا جثة سياسية، ولكن ما حصل يومها أن لبنان زُرع ولم يُدفن«. وخلال إلقاء عون كلمته، لوحظ وزراء ونواب التيار يلتقطون «السيلفي» والصور مع المناصرين.
وكان الإحتفال بدأ مع وصول الوفود المشاركة من المناطق الى مكان التظاهرة، وبعد مناداة رئيس التيار الوزير جبران باسيل لأكثر من مرة على مكبرات الصوت بضرورة الذهاب الى المنصة من أجل البدء بالمهرجان، لوحظ تأفف بعض المشاركين من التأخير في البدء، ومع وصوله الى المنصة أعلن عريف الإحتفال بدء المهرجان، حيث وضع باسيل إكليلاً من الزهر أمام يافطة تحمل أسماء شهداء 13 تشرين رفعت الى جانب المنصة على وقع لحن الموت، ومن ثم أنشد النشيد الوطني اللبناني، فدقيقة صمت عن أرواح الشهداء ثم تلاها صلاة مسيحية إسلامية لراحة أنفسهم. بعدها، قرأ كل من العميد بول مطر وابنة العقيد الشهيد جورج زعرب أسماء الشهداء من العسكريين والمدنيين الذين سقطوا في 13 تشرين، ليقدم بعد ذلك كل من كوليت زعرب أرملة الشهيد زعرب والعميد المتقاعد فؤاد الأشقر والعميد المتقاعد ميشال عواد شهادة حياة، سردوا فيها وقائع الأحداث التي جرت معهم في تلك الفترة.
وفي كلمته، رأى عون أن «الإشكالية الكبرى كانت ان جميع الذين حكموا لبنان بعد 13 تشرين استمروا في حكمه بعد التحرير، ولا يزالون حتى اليوم يتحكّمون برقاب البلاد والعباد، فقد تغيّر الوصي ولكنهم لم يتغيّروا«، لافتاً الى أن «هذه الطبقة السياسية التي حكمت البلد 25 سنة وتحكّمت بكل شيء فيه، هي المسؤولة عن الانهيار الحاصل اليوم في وطننا الجريح«.
وتوجه الى مناصريه بالقول:»نحن اليوم بالقرب من بيتكم الذي لا زال ينتظر منذ زمن أحداً يحرره من الفراغ، ويملأه بالقرار، وصوتكم وحده يحرره، صوتكم وحده يرجّعه، فليكن صوتكم عالياً ليوقظ كل البشر، وليتذكر كل واحد منكم أن صوته هو من سيحرر البيت الذي تعمّد باسمكم: بيت الشعب».
وإذ أعلن عن «مرحلة جديدة من النضال بدأت وستكون نتيجتها التغيير ثم الإصلاح«، اعتبر أن «التغيير سيكون من خلال انتخابات حقيقية تمثّل فعلاً إرادة الشعب اللبناني، ومن هنا نضالنا اليوم لنحصل على قانون انتخابات يقوم على النسبية، يحقق العدالة لكل اللبنانيين ويسمح للجميع أن يتمثلوا بشكل صحيح، ويعكس صورة لبنان السياسية بأحجامها الطبيعية»، مشيراً الى أن «من الطبيعي أيضاً أن نعمل لانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون «كيف ما كان»، كما يريده البعض أن يكون، «بيسمع الكلمة» ويحني رأسه ويمشي، نريده على صورتكم ومثالكم، يرفض الظلم ويناصر الحق، ليس كالحيادي الذي يخبّئ رأسه، ولا يجرؤ لا على الشهادة للحق ولا على مواجهة الظلم، أو وفاقياً، بالمعنى الذي يقصدونه، أي أن يقسّم لبنان مناطق نفوذ ليرضي الجميع، ويشاركهم المغانم، أو بأحسن الأحوال وإذا كان «آدمياً» يتفرّج عليهم وهم يمتصّون دم لبنان واللبنانيين، متل الحالة التي نحن فيها اليوم».
ورأى أن «هناك مجموعة تعتمد السياسة الكيدية، تعرقل المشاريع التنموية، كالكهرباء والمياه والنفط، يوزّعون العتمة عليكم بدل أن يوزّعوا النور، ويبتزّون أموالكم بمولدات كهرباء، يتقاسمون أرباحها مع النافذين الذين يعطونهم التراخيص ويحمونهم، في الوقت الذي تتعرقل فيه مشاريع الكهرباء وتتوقف بدون سبب وبدون رادع، لأن العصابة لا تزال الأقوى، وهي التي سنحاربها»
وتوجه الى من يتهمونه بالتعطيل بالقول:» سنعطل قراراتكم السيئة وانحراف المؤسسات التي لم تعد تنتج برعايتكم إلا الفساد واستغلال النفوذ وتجاوز النصوص الدستورية والقانونية وتخطي الميثاق الوطني«، معتبراً أن «هناك حرباً كونية تخاض ضد العونيين».
وتطرق الى موضوع الترقيات، مشيراً الى أن «أكثر مؤسسة وطنية أصابها التعطيل والضرر هي مؤسسة الجيش، بسبب التلاعب بقوانينها بدون مسوّغ قانوني وبدون حاجة، مما أثر سلباً على معنويات الضباط، لأن الخلل لم يلحق فقط المركز الماروني لقيادة الجيش، ولكنه لحق كل الطوائف، لأن ثلاث دورات متتالية خسرت حظوظها بمراكز هي من حقها، بعدما انتقلت عدوى التمديد من الحكومة ومجلس النواب لتطال المؤسسات الأمنيّة والعسكريّة بمراكزها العليا. وهكذا أصبح على رأس الجيش وقوى الأمن قيادات فقدت شرعيتها، والأمر نفسه حصل مع المجلس العسكري».
ورأى أن «بعدما استولى الوزير على صلاحية الحكومة وصار يمارس منفرداً أخد القرارات مكانها، صرنا نخاف من ان يصيب التمديد كلّ الحكومة، ويصير لكل وزير نمطه الخاص، فيمدّد على مزاجه، ويعمل ما يحلو له، وهذه ليست مزحة، هذا موضوع خطير جداً لأنّه يفكّك الدولة»، معتبراً أن « كل شيء أصبح في البلد «عياري»، حتّى حكومتنا «عياري»، إذ كان يجب أن ترحل منذ زمن لو انتخبنا رئيساً للجمهورية. ولكنّها، لا تزال موجودة لليوم وممدّد لها. والأمر نفسه ينسحب على مجلس النّواب الممدّد له منذ وقتٍ طويل. وهذا الكلام ليس بجديد، قلته من ثمانية أشهر، وطلبت من الحكومة أن تصحح هذه التجاوزات المرتكبة وإلا فإنها تتحمّل وحدها المسؤولية، ولكن ما غاب عني في حينه أن القاصر لا يمكن أن يتحمّل مسؤولية».
وتابع: أودّ أن أطمئن الجميع، أن هذا التلاعب بالقوانين لن يمر مرور الكرام وسيدفعون ثمنه، والتلاعب بالاستحقاقات سيضعهم بموقع الاتهام، ويفضح عمالتهم للخارج وارتهانهم لقراراته على حساب استقلال الوطن وسيادته، خصوصا أولئك الذين يقاتلون بسيف غيرهم، ونطمئنهم أن هذا السيف قرُب أن ينكسر».
ولفت الى أن «في حروب الربيع العربي نبّهنا كثيراً أنه ما من فوضى خلاقة، وأن الفوضى التي يبشروننا بها ستدمّر المنطقة، واخترنا أن نكون ضد الإرهاب القادم إلينا بالسيف، أما خيار غيرنا (هم أنفسهم) فكان تجميل صور الذبح ودعم الوحش الآتي، وكانوا يشرّعون أبواب البلد أمام الفوضى الموعودة»، مشدداً على أن «الأيام أثبتت أن خياراتنا في كل مرة تنقذ الوطن، وربما لهذا السبب تشنّ علينا هذه الحرب الشرسة، ومن كل الجهات، وكما سبق وقلنا عنها «الحرب الكونية عالعونية»، ولكن يبدو أنهم لا يعرفون بعد قوة «العونية» ولا إيمان «العونية» ولا صلابة «العونية» ولا عزيمة «العونية».
وختم متوجهاً الى خصومه بالقول: «أقول للذين لم يندموا بعد، و»مبسوطين» بالجلوس على كراسي الحكم، إن ساعة الندم قد أتت، ولات ساعة مندم ولا يراهننّ أحد لا على الوقت ولا على التعب ولا على الملل، نحن شعب لا يتعب، نحن شعب لا ييأس، نحنا أبناء الرجاء، وأبواب الجحيم لن تقوى على كسر إرادتنا، الى اللقاء أيها الأحباء في ساحات النضال من أجل لبنان أفضل». وفي الختام، وقف الجميع دقيقة صمت حدادا على النائب والوزير السابق الراحل الياس سكاف.
وكان عون غرد على «تويتر« قبل وصوله الى بعبدا، قائلاً:» ناديتكم فلبيتم النداء، أنتم أصحاب القرار ولا يعود لغيركم ان يمثلكم بعد اليوم«.
وتحضيراً للتظاهرة، كان تجمع ليل السبت الاحد عدد من مناصري التيار على الطريق المؤدي الى قصر بعبدا، حيث قاموا بنصب بعض الخيم وفي مقدمهم رئيس التيار الوزير باسيل، ونائب رئيس التيار للشؤون السياسية الوزير السابق نقولا صحناوي، ووزراء ونواب من التيار. وقام باسيل بالعجن وصنع المناقيش ولعب الورق والطاولة مع زملائه من النواب والوزراء، وخصوصا مع النائبين عباس هاشم ونبيل نقولا وصحناوي.

باسيل يكيّل الطريق
رولا عبدالله/المستقبل/12 تشرين الأول/15
في التظاهرة البرتقالية التي دعا اليها العماد ميشال عون في ذكرى 13 تشرين الاول أمام قصر بعبدا الذي لا يزال شاغراً منذ أكثر من سنة،سألت مراسلة تلفزيونية سيدة مشاركة ترفع شارة «الصح» وتحمل لافتة عليها صورة العميد شامل روكز وعبارة: «ودعناك قائداً ونريدك رئيساً»: «إنتِ مين بدك رئيس؟»، فأجابت السيدة بحماسة: «أكيد الجنرال عون هوّ رئيسنا وهوّ كبيرنا«، وعلّقت المراسلة: «ولكن اللافتة التي تحملينها تنادي بروكز»،فارتبكت السيدة وعدّلت من حماستها: «تنيناتهن بدنا اياهن رئيس..ما هن عيلة واحدة». في ذلك الوقت صودف مرور الوزير جبران باسيل بجوار السيدة التي أعادت تجديد حماستها مشيرة اليه: «وهيدا ابن العيلة … معالي الوزير فيك توقعلي على «الكاسكيت»، وبرحابته وافق مخاطباً المراسلة: «أكيد اليوم ما رح إحكي سياسة. اليوم أنا جايي حتى كيّل الطريق وحط محطات فيها». وبدأ الجنرال عون بعبارته الشهيرة: «يا شعب لبنان العظيم»،فتأهبت السيدة وبدأت بالصفير محاطة بمناصرين ممن انتظروا الخطاب الذي قيل بأنه «سيقلب الطاولة«،ويؤسس لمرحلة جديدة قائمة على: «ما بعد 13 تشرين 2015 لن يكون مثل ما قبله»، ومنهم من توقّع بأنه لن يكون أعلى من السقف المسموح به. وسار الخطيب والخطاب على وقع الزمور الذي دوزن الحماسة متنقلا بين محطات فيها ال»شيزوفرينيا الدولية» و»الجثة السياسية» و»القرارات العاطلة» و»الحكومة العيارة» و»ذلك النهار التعيس» و»الوصي الذي تغيّر بس هنّ ما تغيرو» و«ساعة الندم اللي اجت» و«انحراف المؤسسات» و»استغلال النفوس» و»أبواب الجحيم» و»أبناء الرجاء» و»تنظيف البلد من الوسخ حتى يعود مثل أم الشهيد» و»الاعجوبة المنتظرة» … وكلّ هذا ظلّ ضمن دائرة استيعاب السيدة الى أن وصل الخطاب إلى مثل شعبي استعاره العماد: «إجا مين يعرفك يا بلوط .. ت يعصرك». فسألت السيدة غامزة رفيقتها: «شو قصدوا … مين البلوط يعني؟». وتاه السؤال على وقع لافتة تقابل بين صورتي عون والرئيس الروسي فلادمير بوتين، لتولد وجهة نظر من دواعي الحال: «إيه ومن شو بيشكو الروس إذا بيخلصونا من الدواعش»، أما من الدواعش بنظرها؟، فلا ينتهي العد، وكان من الممكن أن يشمل قائمة طويلة من السياسيين والأسماء البارزة في البلد لولا أن باغتها انتهاء خطاب عون الذي جاء أقصر من المتوقع له، فصمتت لبرهة قبل أن تهمس لجارتها: «يي خلص! شو يعني؟ ما على أساس مفصلي«. وفي ساحة التجمع حيث صار لزاما على السيدة أن تغادر قبل الزحمة وهيصة الرجوع ،كان صوت أحد الشباب ينادي عبر مكبر الصوت: «يا رفاق ..رجاء هونيك على الرمبوا عمبيوزعوا أكياس للزبالة. خلينا نلملم الزبالة قبل ما نغادر..».

الوضوح العوني
علي نون/المستقبل/12 تشرين الأول/15
المشهد السياسي الشارعي الراهن في لبنان يتناسق ويتناسب مع قواعد الاشتباك المألوفة فيه ولا يخرج عنها. وذلك مبدئياً، أمر إيجابي وليس سلبياً! جيد أن يؤكد النائب ميشال عون التزاماته المحورية. وأن يقول كلاماً واضحاً يثبّت كونه جزءاً من تلك التركيبة الممتدة من طهران الى الضاحية الجنوبية مروراً ببشار الأسد. وأن يخرج بالتالي، نهائياً من قصة أنه يشكل حلاً للأزمة الرئاسية وليس عاملاً مجاهداً في الحفريات التي تعمّقها. وانه في مكان آخر، بعيد عن الدستور اللبناني وبنوده التي تحدد كيفية إدارة شؤون الدولة وعمل مؤسساتها. من رئاسة الجمهورية وكيفية انتخاب رئيس جديد، إلى رئاسة الحكومة وكيفية عمل مجلس الوزراء ووضع جدول أعمال جلساته، إلى مجلس النواب وكيفية ممارسة مهامه التشريعية، إلى الجيش ودوره والقوانين التي ترعى شؤونه التنظيمية. وجيد أن يعتمد النائب عون كل ذلك الوضوح في مقارباته العامة. وأن يؤكد المرة تلو المرة، أن منطلقاته خاصة وذاتية وشخصية وليست متصلة بالصالح العام. أو بمصلحة الدولة. أو بترسيخ أداء سياسي يتماشى مع النظام وتتماته الأهلية، أي مع الدستور والأعراف المتبعة.. وان يطمس في الخلاصة، أي شك عالق في أذهان الآخرين الباحثين منهم، عن احتمالات وسطية تسووية معه، أو المهمومين (فعلياً!) من إمكانية قبوله تلك المحاولات! وضوح النائب عون علامة سيئة له وجيدة للوضع اللبناني العام: يستأنف مساره المألوف الذي تُوِّجَ في أواخر ثمانينات ومطالع تسعينات القرن الماضي وخصوصاً لجهة الخيارات والاصطفافات الاستراتيجية، ولا يتردد في إشاعة انتظاره «تطورات» إقليمية لمصلحته. أي إنه يكرّر ما فعله عشية 13 تشرين الأول عام 1990 ورهانه على الحصان الخاسر. «يذهب» الى بشار الاسد في عزّ سقوطه وصيرورته جثة سياسية تنتظر موعد الدفن، مثلما سبق وذهب الى صدام حسين في عزّ سقوطه إقليمياً ودولياً. وفي المحطتين اختار (ويختار) سلوك طريق الى قصر بعبدا لم يلحظه الدستور اللبناني، ولا تحتمله الأعراف اللبنانية، ولا «طبيعة» الكيان الوطني (السياسي والأهلي) التي تحكم بالتسوية وليس بالفرض وبالممارسة المدنية وليس بالعمل الحزبي (برغم كل العنف وظواهر العسكرة) وبالانتخاب وليس بالانقلاب. ولم ينتبه، أو بالأحرى، لا يريد الانتباه، الى أن رئيسين لبنانيين جاءا بعد حربين لكن من خارج اصطفافاتهما. الأول فؤاد شهاب بعد حرب 1958 والثاني الياس سركيس بعد حرب 1975. وان رئيساً ثالثاً هو العماد ميشال سليمان جاء بعد «ميني فتنة» في العام 2008 ومن خارج اصطفافاتها أيضاً! مسار النائب عون المألوف هذا يتناسب مع طريقة تفكيره، لكنه يتناقض مع الحقائق والوقائع.. وطريقة تفكيره هذه جعلته يظن في العام 1990 أن صدام حسين سيطبّش الأميركيين ومن لفّ لفهم! (كان الاتحاد السوفياتي نفسه يتحلّل يومها!) وأن بشار الأسد اليوم سيتكئ على فلاديمير بوتين ويطبّش كل أعدائه! وان عبدالملك الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح رسّخا انقلابهما في اليمن وليس العكس! وذلك شيء لا يمكن مجادلته فيه! هو حرّ في افتراضاته، بل يجب في الحقيقة، أن يتأبطها جيداً حتى اللحظة الأخيرة. وأن يجري تشجيعه على ذلك بكل السبل، خصوصاً من خلال رفد الأهازيج والدربكة المصاحبة لقراءات صهره جبران باسيل، بنتف متفرقة عن المقالع وجبال الصوّان. الوضوح العوني يوفّر على غيره في الداخل الكثير من المجادلات العقيمة، ومن احتمالات بعض التفسّخ السياسي. وعلى غيره في الخارج احتمال الإصابة بالتعب جراء محاولة فهم معنى ان يصير هذا الرجل رئيساً للبنان.. ويوفر على لبنان في الإجمال والعموم عناء زيادة همومه ومشكلاته وأزماته من خلال تفطيس احتمال تمدّد نفوذ «الولي الفقيه» من الضاحية إلى بعبدا. .. شكراً مون جنرال!