علي حماده: سوريا أوباما أسوأ من بوتين وخامنئي/اميل خوري: هل يخرج حزب الله بعد الدخول الروسي ليصير في الإمكان تأكيد تحييد لبنان/غسان حجار: من يدرّب الحراك المدني ويموّله

282

سوريا أوباما أسوأ من بوتين وخامنئي
علي حماده/النهار/29 أيلول 2015
من تابع خطابي الرئيسين الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين أمام الجمعية العمومية للامم المتحدة المنعقدة في دورتها السبعين، لاحظ ان الفجوة بالنسبة الى الأزمة السورية قد ضاقت بين البلدين الى حد بعيد، على الرغم من اختلاف موقفيهما المعلنين من مسألة بقاء بشار الأسد في المعادلة السورية في المرحلتين الانتقالية والمستقبلية. لم يلمس المراقبون المتابعون للسياسة الأميركية “حرارة” لافتة في نبرة أوباما عندما تناول الأزمة السورية، او لدى حديثه الانتقادي لشخص بشار الأسد، مما عزز الانطباع ان الادارة الأميركية الحالية لا تزال تفضل البقاء في المقعد الخلفي في ما يتعلق بالأزمة السورية. فلا التدخل الروسي المباشر عبر ارسال طائرات حربية وقوات نخبة الى منطقة الساحل، غيّر قرار أوباما القديم الابتعاد عن التدخل المباشر لإنهاء الصراع بالاسهام الجدي في إسقاط بشار، ولا مشهد ملايين النازحين السوريين داخل بلادهم وخارجها، فضلاً عن مئات الآلاف من المرميّين على أبواب أوروبا، حرّك الموقف الأميركي في الاتجاه الصحيح. على العكس من ذلك، اقترب أوباما ومعظم أوروبا من الموقف الروسي – الايراني الذي يهدف الى الابقاء على بشار بعد اكبر مجزرة في تاريخ المنطقة ارتكبها ونظامه. والأسوأ من ذلك ان بوتين الذي وضع موضوع محاربة “داعش” فوق كل اعتبار لم يجد في مواجهته موقفاً قوياً في خطاب أوباما. لقد كان أوباما في الجزء المخصص لسوريا من خطابه بارداً ومبتعداً الى درجة كبيرة، قد يقرأها بوتين على انها ضوء أخضر أميركي لروسيا للتوغل في الصراع السوري، بما يمنع سقوط بشار. وللتوضيح، كان موقف أوباما البارد والضعيف الذي لا يزيد شيئاً على مواقفه اللفظية من أزمة أوكرانيا اشارة اخرى لبوتين ان امامه رئيس اميركي ضعيف للغاية، وان عليه استغلال ما تبقى من ولاية الأخير لإحراز خطوات الى الأمام وتثبيت مكاسب جديدة على الساحة الدولية، خصوصاً في سوريا وأوكرانيا. لم يكن احد من المراقبين يتوقع ان يولد أوباما جديد، بعدما باغته بوتين بتشكيل “حلف رباعي” تحت شعار محاربة “داعش” يضم الى روسيا، إيران والعراق وسوريا، وهدفه الأساسي مواجهة النظام العربي ومن خلاله مصالح أميركا وأوروبا معاً. لقد شاهدنا بالأمس رئيساً أميركياً تجاوزته الأحداث في الشرق الأوسط، وفشل في إعادة احياء القليل من عناصر الثقة مع الحلفاء في المنطقة. بالطبع هذا لا يعني ان المشروع الروسي سينجح، كما لا يعني ان الايرانيين والروس يلتقون حول جميع القضايا المطروحة. ولكن هذا معناه ان شلالات الدم في سوريا ستستمر طويلا، باعتبار ان محاولة احياء “الجثة” بشار، لا يمكن ان تكون ضماناً للاستقرار في سوريا. فبشار ونظامه بإرهابهما وإجرامهما هما أساس المشكلة، والقوة الخالقة ثم الجاذبة لكل ارهاب مواز لها. وفي انتظار ان يرحل أوباما واحتمال ان تأتي ادارة اميركية جديدة اكثر حزماً وجدية، سيستمر حمام الدم في سوريا ويتوسع مع انخراط روسيا المباشر على الأرض.

هل يخرج “حزب الله” بعد الدخول الروسي ليصير في الإمكان تأكيد تحييد لبنان؟
اميل خوري/النهار/29 أيلول 2015
هل بات “حزب الله” يرى أن الفرصة أصبحت سانحة مع الدخول العسكري الروسي الى سوريا ليقرر العودة الى لبنان والى لبنانيته فيكون ذلك بداية الخروج من تداعيات ما يجري حوله وعدم ربط أزماته كل مرّة بحلّ أي أزمة في المنطقة؟ لقد عانى لبنان كثيراً من ربط حلّ كل أزمة يواجهها بحلّ أي أزمة في المنطقة، فلم يحصل على الاستقلال عام 1943 إلا مع حصول سوريا عليه، ولا توقيع اتفاق النقد بين لبنان وفرنسا إلا بتوقيعه مع سوريا، ولا أمكن حلّ القضية اللبنانية مع اسرائيل ما لم تحلّ معها القضية الفلسطينية، ولا أمكنه تحرير أرضه المحتلة من اسرائيل ما لم تتوصل سوريا الى تحرير أرضها أيضاً، فكانت مقولة تلازم المسارين اللبناني والسوري لا بل تلازم مصيرهما… مع أن القرارات الدولية تميز لبنان عن سوريا وعن القضية الفلسطينية. وهكذا صار لبنان ساحة مفتوحة للتظاهرات ليس من أجل مطالب لبنانيين بل من أجل مطالب غير اللبنانيين، وبدأ حرق “الدواليب” تعبيراً عن غضبهم. ففي مناسبة مرور 20 عاماً على وعد بلفور، وبعد نكسة حزيران 1967 واعلان استقالة الرئيس جمال عبد الناصر انطلقت في بيروت تظاهرات شعبية صاخبة، وعمد بعض المتظاهرين الى تحطيم أبواب محال تجارية وهم يهتفون بحياة هذا الزعيم العربي أو ذاك. وعندما طلب متظاهر من مسؤول حزبي منع تحطيم أبواب المتاجر قال له: “بشو بدّن المتظاهرين يفشّوا خلقهم”… وفي مناسبات أخرى “فشَّ” متظاهرون خلقهم بـ”التبويل” على الجدران، ثم ترقّى “فش الخلق” الى كتابة الشتائم عليها، ما جعل الشاعر موسى الزين شرارة وهو يرى كيف يفشّ اللبنانيون خلقهم يقول: “إذا شعبُ تظلَّم في أقاصي الأرض تظاهرنا وأضربنا وأحرقنا الدواليب ولم يشعر بنا أحد. كفى بالناس تجريبا”. وعندما صار اتفاق بين اللبنانيين عام 1943 على عبارة “لا شرق ولا غرب” في ما عُرف بـ”المثياق الوطني” غير المكتوب بغية إقفال الساحة اللبنانية فلا تظل مفتوحة لكل متظاهر عند كل حدث يقع، ليس في المنطقة فحسب بل في أي دولة في العالم، ويتذكر كثيرون هتاف متظاهرين لبنانيين في احدى القرى: “يا بتردّوا النابوليون يمَّا بتقوم الضيعة”. فالمطلوب إذاً من القادة في لبنان أن يتعلموا من دروس الماضي ويترجموا عبارة “لا شرق ولا غرب” باتفاقهم على تحييد لبنان عن كل الصراعات في المنطقة وخارج المنطقة كي يرتاح اللبنانيون ويريحون غيرهم، فليس سوى تحييد لبنان ما يضمن استمرار الاستقرار والازدهار فيه.لقد اضطر “حزب الله” الى خرق سياسة “النأي بالنفس” ومخالفة “إعلان بعبدا” بسبب الحرب في سوريا وبأمر من ايران، فهل يخرج الحزب من سوريا بأمر منها أيضاً بعدما دخل الروسي اليها ما قد يجعل الأزمة فيها مدوَّلة ومعرَّبة أيضاً، إذ أنه عندما يدخل الكبار يخرج الصغار. ومما لا شك فيه أن عودة “حزب الله” من سوريا الى لبنان ليمارس لبنانيته الصافية هي نقطة انطلاق لقيامة لبنان الجديد برئيس جديد وحكومة جديدة ومجلس نيابي جديد، رئيس توافقي يهتم بتحرير ما تبقى من الأرض في الجنوب وتطبيق اتفاق الهدنة مع اسرائيل الى أن يتم اتفاق سلام شامل يضع حداً لنزاع طويل ويعيد لكل ذي حق حقه، فتنتفي الحاجة عندئذ الى الدخول في سباق التسلّح بل في سباق التنمية لرفع مستوى معيشة الشعوب فلا يبقى فقير أو معوز ويسهل تنفيذ القرار 1701 مع كل القرارات الدولية لتصبح المنطقة واحة أمن وأمان وسلام. وبعودة “حزب الله” من سوريا الى لبنان يصير في الامكان اتخاذ قرارات تحمي استقلاله وسيادته بمعزل عن أي قرارات لا تخصه، فتنتهي سياسة ربط مصير لبنان بمصير أي دولة قريبة كانت أم بعيدة، بعدما دفع لبنان غالياً ثمن ذلك، ولا يظل يربط تحرير ما تبقى من أرضه المحتلة بتحرير أراضي الآخرين، خصوصاً أن لكل احتلال وضعاً مختلفاً، ولا ربط مصير أزمة الانتخابات الرئاسية بمصير الأزمة السورية كما دعا الى ذلك الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، بل ينبغي أن يقرر اللبنانيون أنفسهم مصير بلدهم وعدم ربط ذلك بمصير أي بلد. لذلك، فإن تأكيد الاتفاق على تحييد لبنان هو الذي يفك ارتباطه بأزمة أي خارج، وبتحييده تزول أسباب الصراع على السلطة سواء كان سياسياً أم مذهبياً، ويزول الخلاف أيضاً على سياسة من سينتخب رئيساً لأن سياسته تصبح معروفة وهي الحياد، ولا يعود حتى الغاء الطائفية مشكلة ولا توزيع المناصب. فهل يعود “حزب الله” من سوريا كي يعود الأمن والاستقرار الثابتان والدائمان الى لبنان من خلال اعتماد سياسة النأي بالنفس؟

من يدرّب الحراك المدني ويموّله؟
غسان حجار/النهار/29 أيلول 2015
تأييدنا الحراك المدني في الشارع، وان صار حملات عدة، لا يلغي انتقادنا بعض مطالبه العبثية في اسقاط النظام واستقالة الحكومة وحل مجلس النواب… من دون تقديم حلول بديلة غير الفوضى التي تعرقل بناء دولة مؤسسات. وهذه المطالب دأب عليها اليسار اللبناني، خصوصاً انه لم ينجح في دخول لعبة السلطة ولم يفز يوماً بمقعد نيابي على رغم ترشح مسؤوليه المرة تلو الأخرى. لكن اختلافنا في الرأي مع بعض مكونات الحراك أيضاً، لا يحجب دعمنا له في إنجازه تحريك مياه راكدة وآسنة منذ زمن، ومساهمته في جمع مؤيدين لمطالبه المحقة في رفع النفايات ورفض الصفقات ومحاربة الفساد، من ضفتي 8 و14 آذار. والأهم ان اختلافنا في الرأي يجب الا يعيدنا الى خطاب الاتهام بالعمالة، الذي كان سائداً زمن الوصاية السورية عندما كانت التهمة جاهزة لمن لا تهمة له. ما نشر في الأيام الأخيرة من تقارير سخيفة عن ارتباط الناشطين بالادارة الأميركية تدريباً وتمويلاً، لا يخرج عن سياق الاتهام بالعمالة. والعمالة في مفهومها واحدة، سواء كانت لأميركا أو فرنسا أو سوريا أو إيران أو… ولا يحق تالياً للطبقة السياسية الحالية، المنزعجة من الحراك المدني الذي ساهم في كشف بعض المستور من فسادها، ان تلصق التهم بالناشطين، لأن الذي بيته من زجاج لا يجوز له رمي الناس بالحجار. فالحراك هو الأول في زمن ما بعد الحرب، المدني فعلاً، والذي خرج في بداياته عن إمرة الأحزاب، قبل ان يسعى بعض الحزبيين الى ركوب موجته، ربما لتلاقي الأهداف، أو حباً بالظهور بعد طول انكفاء. وقال فيه نقيب المحامين الأسبق عصام كرم “انه بصيص أمل في مجتمع ما بعد الحرب، وعلينا مرافقة الشباب، ومراقبتهم كي لا يضيّعوا البوصلة ويقضوا على الأمل من جديد”. أما الأحزاب والطوائف والمذاهب فحدّث ولا حرج. اتفق “المسؤولون” في ما بينهم على ان استحقاق رئاسة الجمهورية بات مفتاحه في الخارج، وبالتالي فهم ينتظرون إشارات من هذا الخارج، ويفتشون عن بديل، أو عن إحياء محور السين – سين، أي السعودية وسوريا، مع ابدال الأخيرة بإيران، التي صارت لها اليد الطولى في سوريا أيضاً، وهم يتحولون ادوات لهذا الخارج، في اتفاقه أو خلافه. والأحزاب، كما مذاهب متداخلة بالأحزاب، تتلقى التمويل، وأيضاً السلاح من الخارج، ولا تخجل بذلك، بل تفاخر به علناً، طمعاً بالمزيد، لأنها من دونه، تفقد المؤيدين والصدقية، فلا انتماء في لبنان من دون خدمات، الا في ما ندر. وأما المشاريع المموّلة من السفارات فحكاية طويلة، بدءاً من القوات الدولية العاملة في الجنوب التي تنفذ مشاريع انماء وتدريب في عمق الجنوب المقاوم، وصولاً الى تمويل البنى التحتية، ودعم المشاريع التربوية في أقاصي عكار.
فهل يتهم الحراك المدني من دون غيره؟