سابين عويس: ماذا في خبايا حوار الكبار الرديف لطاولة الحوار/غسان حجار: نظامنا الطائفي نتمسّك به/خليل فليحان: ظاهرة الزحف الأوروبي إلى البقاع لمعرفة أحوال اللاجئين والتعامل الرسمي

333

ماذا في خبايا حوار “الكبار” الرديف لطاولة الحوار؟ يحل محل الحكومة ويساوم في انتظار التسوية الكبرى
سابين عويس/النهار/24 أيلول 2015
يذهب رئيس الحكومة تمام سلام إلى نيويورك لنحو ثمانية أيام لتمثيل لبنان في الاجتماعات السنوية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، إضافة إلى المشاركة في اجتماع مجموعة العمل الدولية من أجل لبنان، فتكتسب الحكومة أعذارا تخفيفية لعدم اجتماعها لأكثر من ثلاثة اسابيع لتستأنف نشاطها في نهاية الاسبوع الاول من تشرين الاول المقبل، على ما كشف رئيسها. ويفترض ان تكون الفترة الفاصلة عن موعد استئناف مجلس الوزراء جلساته كفيلة بحل العقد السياسية التي تقف حاجزا دون انتاجيتها. علما ان الجلسة المقبلة تنعقد عشية استئناف طاولة الحوار الوطني اعمالها في جلسات متتالية، تعبيرا عن الحرص على تزخيم الحركة السياسية علها تحدث خرقا في حال الجمود والمراوحة، كانت بدأت ملامحه تتبلور من خلال مشهد غير مسبوق في حصرية التحكم السياسي في ميزان القوى المحلي، الرامي إلى التحكّم في التسويات والمقايضات على الملفات المطروحة.
إنه مشهد اجتماع القادة الستة على طاولة حوار رديفة للحوار الوطني. قد لا يكون لقاء الكبار حقق خرقا في المشهد المأزوم، لكنه يمر كذلك مرورا عابرا في ضوء الملاحظات الجمة التي أمكن تسجيلها وتحميلها لهذا اللقاء.
– فمن حيث الشكل، (الذي يعكس بدوره مغزى مهماً)، استثنى اللقاء الذي ضم ستة أقطاب يمثلون خمس قوى أساسية على ضفتي 8 و14 آذار، مسيحيي 14 آذار ومستقليها، بحيث اقتصر الحضور المسيحي على الرئيس السابق لـ”التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون. وإذا كان لهذا التمثيل ما يبرره باعتبار أن “القوات اللبنانية” غير مشاركة أساسا في طاولة الحوار، ولأن الموضوع الذي شكل الطبق الرئيسي للقاء تمثل في مسألة التسوية المقترحة لترقية ضباط، فإن الحوار المصغر لم يقتصر على هذا الامر بل تجاوزه ليطرح المواضيع الخلافية الاساسية المتعلقة بآلية عمل الحكومة.
– ان الحوار الرديف حلّ فعلاً لا قولاً محل الحكومة في طرح الملفات الخلافية. وهذا الامر لا يزعج رئيس الحكومة الذي يرغب صدقاً في أن تُحيَد حكومته عن الملفات الخلافية السياسية وتُترك فقط لتسيير شؤون البلاد والعباد.
– الحوار في مثل هذه الحال، أوجد مساحة واسعة للنقاش من خارج ترتيب جدول اعمال طاولة الحوار الوطني. فإذا كانت تلك الطاولة محكومة بالرئاسة بندا أول، ومن ثم تفعيل المجلس النيابي وثالثا تفعيل الحكومة، فإن الحوار الرديف نجح في القفز على هذا الترتيب وبحث في قانون الانتخاب وفي آلية عمل الحكومة وفي التسوية المقترحة لترقية الضباط، في حين أبقى النقاش العقيم حول الرئاسة في دائرته المفرغة.
– بدا من النقاش الضيق الدائر حول قانون الانتخاب أن ثمة نواة للتسليم باعتماد مبدأ النسبية، وأن استمرار الحوار يؤدي في مكان ما إلى إيجاد مساحة حول تفاهمات مشتركة قد تفضي في نهاية المطاف إلى قانون للإنتخاب، يصبح جاهزا متى حانت ساعة إنضاجه.
– إن حصر النقاش في المسائل الاساسية بمجموعة ضيقة من الاقطاب يسهل التفاهم على التسويات وعلى الاخراج اللائق لها، كما يفتح الباب أمام المقايضات كما حصل تماما مع مسألة ترقية الضباط، اذ رفض رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة تقديم أي تنازل مجاني لحساب ترقية العميد شامل روكز التي تصب في رصيد العماد عون، من دون تحصيل مكاسب في المقابل لمصلحة رئيس الحكومة ودعمه في ممارسة صلاحياته في رئاسة الحكومة، المغتصبة في جزء منها لناحية وضع جدول الاعمال وإدارة الجلسة وآلية اتخاذ القرارات. – لكن المفارقة أن الحوار الرديف كشف جانبا من الموقف “المستقبلي” الملتبس على الخصوم. إذ جاء موقف السنيورة من تسوية روكز ليخالف ما كان تم التوافق عليه في الحوار الثنائي بين التيار الازرق و”حزب الله”. وهذا الالتباس دفع الخصوم الى التساؤل عما إذا كان مرده إلى توزع أدوار أو افتقار التيار إلى موقف موحد صادر عن زعامة واحدة، علما أن في اوساط التيار من يفسر موقف السنيورة بأنه ليس خروجا عن قرار التيار وإنما محاولة لرفع السقف وتحقيق مكسب لئلا يأتي التنازل، كما في غالبية الاحيان، مجانياً

 

نظامنا الطائفي نتمسّك به
النهار/غسان حجار/24 أيلول 2015
صحيح أن لديموقراطيتنا التوافقية شكلها الغريب والعجيب، وآلياتها التي لا تشبه ديموقراطيات العالم، لكننا في الوقت عينه نملك نظاما محددا قد يكون المثال والنموذج المعتمد لاحقا في كثير من الدول المتعددة الطائفة والمذهب، خصوصا في هذا الشرق الذي عرف قيمة التنوع في زمن مضى، وإذ به ينحدر بسرعة نحو هاوية سحقت كل أفكار العروبة والقومية والتعدد الاتني والمذهبي، فطغت مذهبية بغيضة، قاتلة، مجرمة. وقد أدى الصراع بين المذاهب الإسلامية الذي استيقظ بعد سبات عميق ليوقظ معه أحقاداً لم تستطع مئات السنين محوها، إلى تنامي الخوف لدى كثيرين، ومنهم المتصارعون انفسهم. فالسنة في سوريا والعراق متخوفون من السيطرة الشيعية، والشيعة في السعودية والبحرين قلقون لمصيرهم، وغيرهم في كل دول الخليج متخوفون من ترحيل جماعي. واذا كانت الحال هذه بين قوتين كبيرتين، فماذا عن المجموعات الأقل عدداً؟ الأكراد يناضلون من أجل إقامة دولتهم المستقلة ليكون لهم كرامة لم يجدوها إطلاقا. الايزيديون، ليس من أرقام دقيقة حول الأعداد المتبقية منهم بعد المجازر الجماعية بحقهم، ولم ينظر المجتمع الدولي إلى حقهم في العيش الحر. البهائيون يتخفون خوفاً من سحقهم وهم مجموعة صغيرة أصلاً. اليهود غادروا كل أرض عربية بعدما ضاق بهم العيش. أما المسيحيون فحدّث ولا حرج، ففي لبنان الحرية والبلد الذي يقال إنه أُقيم من أجلهم، صاروا مهضومي الحقوق ويتقاسم السنة والشيعة مناصبهم ووظائفهم وأراضيهم المصادَرة في غير منطقة تحت حجج واهية تارة أمنية وعسكرية، وتارة باقتسام القرى وإنشاء بلدات جديدة تقضم أرضهم. ومسيحيو مصر الذين يتجاوز عددهم العشرة ملايين، كانوا ينتظرون أن يمنّ عليهم الرئيس حسني مبارك بنائبين أو ثلاثة يسميهم للدخول إلى مجلس لا يتّسع لهم ديموقراطياً بسبب امتناع مواطنيهم عن الاقتراع لمصلحتهم. أما مسيحيو سوريا والعراق، أو لنقل من بقي منهم في أرضه، فيعانون الأمرين من سيطرة الإرهاب بعناوين وشعارات مختلفة، وقد عادوا في القرن الحادي والعشرين اهل ذمة تفرض عليهم احكام الشريعة.
وفي الاردن تزداد النزعة العدائية تجاه المسيحيين، على رغم رعاية الأسرة الهاشمية لهم، فلا اعتراف بهم في الكتب المعتمدة، وثمة دعاة يُطلون عبر الإعلام لإثارة العدائية ضدهم. فإذا كانت مفاهيم وعقائد وافكار العروبة والقومية الاجتماعية والبعث والشيوعية والاشتراكية وكل محاولات العلمنة والدولة المدنية سقطت في هذا الشرق، وإذا كان لبنان عاد إلى الارتباط وثيقاً ليس بملفات المنطقة فحسب، بل بتخلفها وانهيار قيمها، وفَقَدَ دوره التنويري، فكيف يريد منا البعض أن نمضي نحو إلغاء الطائفية؟

 

ظاهرة الزحف الأوروبي إلى البقاع لمعرفة أحوال اللاجئين والتعامل الرسمي
خليل فليحان/النهار/24 أيلول 2015
لم يكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ينهي مؤتمره الصحافي أمام السلك الديبلوماسي الفرنسي مطلع الشهر الجاري، الذي تضمن قراره زيارة مخيم للاجئين السوريين في البقاع بعد مشاركته في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وعلى الأرجح ستكون في مطلع الشهر المقبل، إلاّ إذا طرأ ما يعوقها، حتى سارع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون فسبقه وزار مخيما للاجئين في بلدة تربل البقاعية، وجلس على الارض في خيمة تؤوي أمّاً لعشرة أولاد والوالد مجهول المصير منذ أكثر من سنة. جلس كاميرون على الارض، بثيابه “السبور” وطرح أسئلة على اللاجئة السورية، وما اذا كانت المساعدة المالية الشهرية كافية لإعالة أولادها، وهل ستبقى حيث هي في الخيمة مع حلول فصل الشتاء؟ كما زار مدرسة لتلامذة سوريين لتفقد أحوالهم. ولاحظ وزير معني بشؤون اللاجئين ان ظاهرة تدفق المسؤولين الأوروبيين الى بيروت والى البقاع، من وزراء خارجية وعمل أوروبيين، آخذة في الازدياد، ومساء الاثنين تزامنت زيارة كل من وزيري خارجية هولندا الذي وصل من طهران، ونروج. الاول زار ايضا اكثر من مخيم في البقاع للاطلاع على طريقة عيش اللاجئين، واستفسر من نظيره جبران باسيل عن كيفية التعامل الرسمي مع اللاجئين من مختلف وجوهه، ليس فقط ما يشكلونه من أعباء مالية وضغط ديموغرافي، بل من الناحية الأمنية ايضا والتدقيق في ما إذا كان في عداد آلاف اللاجئين المتدفقين حاليا الى اوروبا ارهابيون سيشكلون خطرا على الامن القومي للدول التي ستستضيفهم. وان الامثولة الأولى من استضافة اللاجئ تكمن في ضرورة اعادته الى بلاده من طريق السعي الى ايجاد حل سياسي للأزمة السورية المشتعلة منذ نحو أربع سنوات.
ولفت الى ان هولاند يكثف اتصالاته بقادة دول الاتحاد الاوروبي من أجل تأمين مساعدات كبيرة للبنان تتقرر في اجتماع “المجموعة الدولية لدعم لبنان” التي ستجتمع في نيويورك على هامش الدورة العادية للجمعية العمومية للأمم المتحدة، سواء كانت مبالغ مالية تكفي اللاجئين السوريين الذين هم الأكثر عددا من بين دول الجوار التي تستضيفهم، أو للحكومة اللبنانية لتكفي الخدمات التي تقدمها لهم طبيا وتربويا وسوى ذلك. وستتقرر مبالغ مالية اخرى لدعم الجيش الذي يحمي الحدود الشرقية ويمنع أي اختراق لمقاتلي التنظيمات الارهابية، من “داعش” الى “النصرة”. واستبقت أميركا الاجتماع ليبلغ سفيرها ديفيد هيل ان بلاده قررت التبرع بمبلغ 59 مليون دولار لهذا الغرض، وفقا لما أبلغه الى رئيس الحكومة تمام سلام قبل ساعات من توجهه الى نيويورك صباحا لتمثيل لبنان في أعمال الدورة الحالية. ونبّه الى أن زحف اللاجئين، ولا سيما السوريين منهم إلى أوروبا، جعل قادتها تتحمس لتقديم المزيد من المبالغ المالية الى لبنان للإبقاء على اللاجئين السوريين حتى التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية، وثمة محاولة جديدة يحضّر لها الموفد الاممي الى سوريا ستيفان دو ميستورا بمحادثات رباعية بين المعارضة وممثلين للنظام. من هنا يمكن فهم تمسك الدول الأوروبية بإبقاء اللاجئين حيث هم في لبنان، معترضة على توجه الحكومة لإعادة هؤلاء الى القرى والبلدات المحررة والتي تحررت من سيطرة “داعش”، بذريعة عدم ضمان أمنهم. كما واجه لبنان ايضا اعتراضا على إنشاء مخيمات للاجئين بالقرب من الحدود الدولية مع سوريا بسبب الحفاظ على أمنهم. وتوقع الا تنتج اجتماعات نيويورك قبولاً دولياً لمساعدة لبنان على استيعاب اعداد كبيرة من اللاجئين السوريين اليه، ما دام الاتحاد الاوروبي قرر استيعاب 120 الفا في الوقت الحاضر، يجري توزيعهم على الدول الموافقة على لجوئهم، كما ان اجتماعات نيويورك مع عدد من قادة الدول لن تقنعهم بتأييد أي مخرج لبناني رسمي لخفض الأعداد الهائلة.