علي الحسيني/نوح زعيتر.. جرعة زائدة لـ«حزب الله» في الزبداني

630

نوح زعيتر.. جرعة زائدة لـ«حزب الله» في الزبداني
علي الحسيني/المستقبل/15 أيلول/15

أثارت الصور ومقاطع الفيديو التي عرضها تاجر المخدرات نوح زعيتر على صفحته الخاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» يوم أمس، موجة من الانتقادات والتساؤلات خصوصاً أن الصور المذكورة قد التقطت بحسب التسريبات في القلمون السورية وتحديداً داخل مراكز عسكرية تابعة لـ»حزب الله» وإلى جانبه عدد من العناصر بسلاحهم الحربي وبزاتهم العسكرية التي يتميّز بها الحزب عن بقية الميليشيات المسلحة كما ظهرت آليات الحزب العسكرية بشكل واضح. المطلوب للقضاء اللبناني بموجب عشرات مذكرات التوقيف نوح زعيتر، تحوّل بالأمس إلى بطل قومي زفته صفحات «الممانعة» إلى جمهور «المقاومة»، مقاتلاً شرساً ومُدافعاً عن المقامات والعتبات المقدسة ومعلناً مبايعته لنهج «حزب الله» بقيادة الأمين العام السيد حسن نصرالله، وهو ما أعلنه زعيتر بالصوت والصورة من خلال قوله «نحن يا شباب وعدنا السيد حسن نصرالله أننا سنقاتل الدواعش أينما كانوا، وها نحن على الدرب سائرون. باذن الله خلال ساعات الزبداني «بتكون ممسوحة«، وليختم بعدها الجميع بجملة « لبيك يا نصرالله». «حزب الله» من فمه يُدان. لم تكن قد مضت سوى ساعات قليلة على نشر زعيتر صوره على صفحته الخاصة وما رافقها من انتقادات، حتى خرجت العلاقات الإعلامية في الحزب ببيان قالت فيه: «بعد توزيع بعض المواقع الإلكترونية صوراً للمدعو نوح زعيتر في مواقع عسكرية ومع أشخاص يرتدون بذلات عسكرية، تؤكد العلاقات الإعلامية في حزب الله، أن هذه الصور ليست في مواقع تابعة لمجاهدي المقاومة الإسلامية ولا مع مجاهدي حزب الله، ولا علاقة لحزب الله بها لا من قريب ولا من بعيد«. لتبرز هنا الأسئلة التالية: إذا لم تكن تلك مواقع تابعة للحزب، فأين يمكن أن تكون، فهل أصبحت منطقة بعلبك الهرمل ملاذاً آمناً لتجّار المخدرات والمطلوبين للعدالة، وهل تحوّلت «المقاومة» بدورها في الجرود وداخل الحدود السورية إلى «دكاكين» خاصّة، وبالتالي أصبحت تستوعب في صفوفها أصحاب السوابق من عصابات سرقة السيارات وتجار المخدرات ومرتكبي الجرائم؟.

بدوره لم يَنَمْ زعيتر على «ضيم» نفي الحزب الذي أراد من خلال بيانه لملمة الفضيحة خصوصاً أمام جزء من جمهوره كان يتساءل عن سبب وجود شخص كهذا في مواقع متقدمة يُفترض بحسب اعتقادهم أنها مُخصّصة لـ»أشرف الناس»، فقال « تسريب الصور الذي ظهر اليوم (أمس) لم يكن من قبلي وليس لدي فايسبوك وما شابه ولا أقوم بتسريب الصور«. ليعود وينشر صوراً جديدة يظهر فيها إلى جانب مسؤول قطاع بعلبك في الحزب القائد العسكري حسين نصرالله ويُعلن «كل العالم تذهب الى حيث المقاتلين وينشرون صورهم ولا يتكلمون ولماذا الآن ينفون وجودي هناك؟.. أنا وعائلتي وأولادي فدا المقاومة ورهن إشارة سيد المقاومة ونحن مقاومة وأشرف من الجميع وفشر أن ينعتني أحد بتاجر مخدرات«. وختم: «أنا واثق أن بيان النفي ليس صادراً عن حزب الله وغداً ستتأكدون من ذلك«.

وفي الوقائع والصور، فبعد الزيارات المتعددة التي سبق أن قام بها عدد من المسؤولين والقياديين في «حزب الله» إلى مناطق الجرود بهدف منح عناصر الحزب هناك «جرعات« من الدعم المعنوي عقب الخيبات والانكسارات التي ما زالت تلاحق هؤلاء العناصر في الداخل السوري ومن بينهم نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ورئيس الهيئة الشرعية الشيخ محمد يزبك إضافة إلى بعض نواب الحزب، توّج نوح زعيتر بالأمس هذا الدعم بزيارة مماثلة وعلنية لتقطع الشك باليقين حول التسريبات التي راجت في منطقة البقاع في الفترة الأخيرة عن أن جميع المطلوبين للدولة اللبنانية أصبحوا في الداخل السوري وتحديداً في منطقتي «القصير» و»القلمون»، بينهم تجّار حبوب «الكابتاغون» ومزورو عملات وملفات وأوراق رسمية وسارقو سيارات، ومن ضمنهم ماهر طليس الذي ثبت أنه كان يبيع سيارات مسروقة لتنظيم «داعش« الذي كان يُرسلها مجدداً إلى لبنان لكن بعد تفخيخها لتحصد أرواح الأبرياء.

منذ شهر تقريباً و»حزب الله» يرفع لواء محاربة الفساد ويقيم الدنيا ولا يُقعدها من خلال توجيهه اتهامات عشوائية ضد طرف محدد في سياق حملة مبرمجة مدعومة بأمر خارجي، في وقت يغرق فيه بالفساد ويُغرق البلد فيه وآخر نواته زعيتر المسؤول بشكل مباشر عن مقتل العشرات نتيجة تجارته بالسموم الملونة وعن خراب آلاف البيوت. وهنا أيضاً يطرح نفي الحزب مجدداً زيارة زعيتر لمواقعه ورفع قيادته العسكرية وإن همساً، مسؤوليتها عن الزيارة، سؤالاً عن الجهة المخولة إدخاله هو وأمثاله الى المواقع المتقدمة، وهل أصبح بإمكان أي شخص قصد هذه المناطق لالتقاط بعض الصور على غرار الزيارات التي يقوم بها جمهور الحزب إلى معلم «مليتا» السياحي؟. أسئلة لن تجد أجوبة شافية لها طالما تحوّل تاجر المخدرات نوح زعيتر إلى مقاوم يهدد ويتوعد الشعب السوري بحسم معركة الزبداني والقلمون.

نوح زعيتر، وجه مقاوم جديد برز على الساحة السورية، ورغم عدم اعتراف الحزب به كمتطوع جديد في صفوفه، إلا أن نوح نفسه ولدى توجيه أي سؤال له يتعلق بطبيعة عمله أو بالحماية التي يتغطى بها يقول وبكل اعتزاز «أنا لست بسارق سيارات، بل أنا مقاوم وهناك قيادة تقف خلفي أتّبع تعليماتها وهي مرجعيتي الأولى والأخيرة». من هي هذه القيادة يا نوح؟. إنها قيادة «المقاومة». ومن خلال زيارته «القلمون» و»الزبداني» بالأمس ودعمه عناصر «حزب الله»، يكون نوح زعيتر قد وضع أولى خطواته على «طريق القدس«.