علي حماده: أين بقية المطلوبين/علي رباح: عون رئيس على مين/اميل خوري: القوات والتيار مدعوان لترجمة إعلان النيّات بما يمنع ذهاب لبنان في بازار الصفقات

483

أين بقية المطلوبين؟
علي حماده /النهار/18 آب 2015
حسناً. القى جهاز الامن العام القبض على الشيخ احمد الاسير، الملاحق بعدة مذكرات توقيف بتهم مختلفة، من بينها قتل عدد من الضباط والعسكريين في الجيش. لا اعتراض على العملية ما دامت اتت في اطار قانوني واضح المعالم. ولكن لا بد من متابعة التحقيقات، وما سيدلي به الاسير. والاهم من كل ذلك ان تأتي التحقيقات شفافة ، وان تراعى فيها حقوق الموقوف كاملة لجهة عدم المسّ به جسديا، أو تعريض كرامته خلال كل مدة التوقيف. اما في ما يتعلق بالنتائج فالامر متروك للقضاء وحده. من هنا مطالبتنا بان يواكب القضاء منذ الآن التحقيقات كلها، وان يتم التأكد من ان احمد الاسير لا يتعرض للتعذيب بأي شكل من الاشكال. لقد جرى القاء القبض على احمد الاسير، لكن السؤال اين بقية المطلوبين للعدالة؟ اين “القديسون الخمسة” المتهمون بإغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ اين عشرات المطلوبين العاملين في اطار عصابات و مافيات الخطف والمخدرات والسرقة على انواعها؟ ومقار هؤلاء وسكناهم في المناطق الخاضعة لنفوذ “حزب الله”. اين قتلة هاشم السلمان ووجوههم مكشوفة واسماؤهم معروفة؟ اين محمود الحايك المتهم بمحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب؟ واين؟ واين؟
اللائحة تطول وتطول، وقد تصل الى بضع مئات من المطلوبين للعدالة، وما زالوا طلقاء يسرحون ويمرحون على مرأى من الاجهزة الامنية بمختلف فروعها . بعض هؤلاء معتبر من فئة “القديسين”، فيما البعض الآخر من فئة “البيئة الحاضنة” التي لا تمس، ولا يسري عليها قانون أو شريعة، على العكس من بقية اللبنانيين العاديين الذين يخضعون للقانون والدولة. كل المطلوبين الذين نتحدث عنهم سابقون لأحمد الاسير في ارتكاباتهم، وامامهم يبدو الاسير هاويا. لا نقول هذا الكلام من باب انتقاد عملية القبض على الشيخ احمد الاسير، انما من باب التحذير بأن العدالة لا تكتمل إلا اذا تساوى الكل امامها. والواقع أن لا مساواة امام القانون في لبنان، ولا امام العدالة، ولا في العلاقة مع الدولة والمؤسسات. في لبنان طبقية فاجرة يمارسها فريق بحق جميع اللبنانيين، متسلحا بالقوة المسلحة، وبقدرته على الايذاء، وبممارسته الارهاب والترهيب في الداخل والخارج على حد سواء. عندما نرى فريقاً يدفع بمئات الشبان لارتكاب جرائم جماعية في حرب عدوانية ضد الشعب السوري، وعندما نرى الفريق عينه يعيد مئات الجثث لشبان مضللين مخدوعين جرى القاؤهم في اتون الحرب في سوريا، وعندما نرى ان ارهابيين كباراً مطلوبين للعدالة الدولية يصولون ويجولون في شوارع الضاحية وبيروت وسط صمت جبان من الاجهزة كافة، فإننا نخاف على مستقبل هذا البلد. ان ظاهرة احمد الاسير لم تأت من فراغ. وما دام الخلل الفاضح الفاجر في البلد قائما، فسوف يولد من رحم الاسير آخر وآخر وآخر! من هنا نقول ان لم يتساوَ الجميع امام القانون فمكان احمد الاسير كغيره من المطلوبين هو البيت لا السجن.

عون.. «رئيس على مين»؟
علي رباح/المستقبل/18 آب/15
في العام 2008، عرقل «حزب الله« الانتخابات الرئاسية لشهور طويلة، علّه ينجح في فرض رئيس من قُماشة «الرئيس المقاوم» إميل لحود. فحزب الله وحلفاؤه الإقليميون لا يرتاحون إلّا مع أناس يعشقون الكرسي ويفعلون كل شي لأجلها. فمن يملك اليوم هذه المواصفات على الساحة اللبنانية؟ منذ عودته من منفاه الباريسي عام 2005 وحتى اليوم، لم يثبت الجنرال مرة واحدة أنه يمكن أن يكون رئيساً «توفيقياً»، كما سوّق لنفسه لشهور طويلة. كيف يمكن لمرشّح ذهب في خياراته السياسية حتى النهاية الى جانب حزب الله ومحوره الإقليمي ان يكون «توفيقياً» بين اللبنانيين؟ كيف يمكن لمرشّح أخذ طرفاً واضحاً وثابتاً منذ 10 سنوات أن يُوفّق بين مشروعين؟ كيف لرجلٍ، لم تعد أدبيّاته السياسية تُدافع عن لبنانية «حزب الله«، بل تجاهر بالرهان على انتصار الإيرانيين على العرب، ليعطوه شيئاً من مظاهر السلطة وفتات كراسيها، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ ألم يقل وزير الخارجية جبران باسيل لنظيره الإيراني محمد جواد ظريف، «إنّ إيران هي المدافع الأوّل عن حقوق الأقليات في الشرق الأوسط»؟ لا بأس إن كان «الصهر» نسي أو تناسى ان السلطات الإيرانية جلدت مجموعة من المسيحيين في ساحة عامة بتهمة الاجهار في الإفطار، فثمن الكرسي غال. لكن كيف لمن يقاتل بسيف «الولي الفقيه» ان يكون رئيساً «توفيقياً»؟ كيف لمن يعتبر ان ميليشيا حزب الله، وليس الجيش اللبناني، هي المدافعة عن لبنان وحامية المسيحيين فيه، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ كيف لمن يخوّن الفريق الآخر ويتّهمه بالعمالة ويهدر دمه ويهدّده، كما حلفاءه، بالشارع وبـ»7 أيار» جديد، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ كيف لمن ساهم بالإطاحة بطاولات الحوار وبإعلان بعبدا وبالاستراتيجية الدفاعية، ودافع عن قتال حزب الله في سوريا والمنطقة، كرمى عيون الولي الفقيه، ان يكون رئيساً توفيقياً؟ كيف لمن وصف فريق من اللبنانيين بـ»داعش» وبـ»قطّاع الطرق» ان يكون رئيساً توفيقياً؟
حرّض الجنرال طوال سنوات على طائفةٍ وفريقٍ أسياسيين في لبنان من دون خجل. لا شي يفاجئ في ما تسرّب على لسانه في وثائق ويكيليكس من كلمات نابية ضدهم. ففي فلتات كلامه المعلن وبين سطوره الكثير منها. لكن مشكلة الجنرال ليست طائفية فحسب، بل في هذا الفجع الى السلطة الذي يجعل منه كتلة تحريض متنقّلة. فكيف يمكن ان يكون «توفيقياً»؟ كيف لجنرال يتّهم فريقاً من اللبنانيين بالعمل على «كسره»، في وقت يُعتبر فيه هو وتكتّله من رموز السلطتين التنفيذية والتشريعية، ان يكون رئيساً توفيقياً؟
هذا ليس كلّ شيء. فلم يحدث في تاريخ لبنان أن حشد زعيم سياسي انصاره لفرض اسم صهره وتابعه السياسي قائداً للمؤسسة الوحيدة الباقية لضمان التنوّع. أي جريمة بحق المؤسّسة العسكرية ان يسعى سياسي لديه هذا الشبق الى السلطة لإدخالها في ميراث العائلة، ولو كان الثمن تسليم البلد للولي الفقيه؟ قسّم «الجنرال» الشارع اللبناني بين ضابط يريده محور الممانعة، وأي ضابط اخر يُبعد الكأس المرة عن بقية اللبنانيين الخائفين من سلاح الميليشيا. اي احباط ينتظر فئة من اللبنانيين حين يصبح قائد الجيش والميليشيا في ضفة واحدة؟ وكأنّ بِمَن يُركّب هذه الصيغة يقول للّبنانيين:» لا أمل لكم بعد اليوم، اذهبوا الى التطرّف لنتاجر أكثر في قضيّتكم دولياً«! اعتمد اللبنانيون طريقة واحدة في حل نزاعاتهم المتعددة عبر التاريخ. التسوية بين القوى اللبنانية المتناقضة باتت من مسلمات الحياة السياسية للّبنانيين. والتسوية يعني الذهاب الى الأمور الوسط التي يلتقي حولها المتنازعون. اين ميشال عون من الحالة الوسطية في النزاع اللبناني اليوم؟ أي عاقل يتوقّع بأن يقبل جزء من اللبنانيين برئيس جديد من خامة إميل لحود، مع فارق بسيط، وهو في ان يكون رئيس الوصاية الايرانية وليس السورية.

“القوات” و”التيار” مدعوان لترجمة “إعلان النيّات” بما يمنع ذهاب لبنان في بازار الصفقات
اميل خوري /النهار/18 آب 2015
يقول مسؤول كبير سابق إن الفرصة لا تزال سانحة للقيادات كي تعمل على اخراج لبنان من عملية تقاسم النفوذ في المنطقة بين الدول المعنية والخلاف على حصة من يكون. فبعد الاتفاق النووي ثمة اتجاه الى حل الأزمات التي تعصف بأكثر من دولة في المنطقة وقد لا يتم التوصل الى ذلك إلا بعد الاتفاق على تقاسم النفوذ بحيث يكون الحكم في كل دولة مقبولاً من الدولة النافذة فيها. فاذا كان العراق من حصة ايران مثلاً فهي التي تتدبر شؤونه. واذا كانت اليمن من حصة السعودية فهي التي تتدبر الأمر وتقيم فيها الحكم الذي ترتاح اليه. لذلك ينبغي عبرهم وضع لبنان في سلة واحدة مع الدول المرشحة لتقاسم النفوذ وتعزيز شكل الحلول فيها. واذا كان مصير لبنان متلازماً مع مصير سوريا فان صورة الحل في سوريا قد تنعكس على صورة الحل في لبنان والعكس صحيح. فاذ كانت سوريا حصة ايران فحصة من يكون لبنان؟ اذا لم تكن سوريا من حصة احد فهل يكون لبنان كذلك؟ فينبغي إذاً على القيادات أن تفكر من الآن بمصير لبنان فلا تجعله من حصة أحد لأنه لن يكون آمناً ومستقراً اذا دخل في لعبة المحاصصة بدليل ما حل به عندما كان من حصة فرنسا ثم من حصة بريطانيا ومن ثم من حصة أميركا، فمصر وسوريا، واسرائيل وان كانت عابرة، ولا أحد يعرف حتى الآن حصة من سيكون. الواقع ان لا شيء ينقذ لبنان ويحافظ على استقلاله وسيادته وحريته واستقراره سياسياً وأمنياً واقتصادياً سوى اتفاق كل القيادات فيه على تحييده عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية لتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الاقليمية حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والاجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة،
بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى أرضهم ودبارهم وعدم توطينهم. فدقة المرحلة التي أوجبت التوصل الى “إعلان النيات” بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، توجب الآن أكثر عقد لقاء بين عون وجعجع تمهيداً للقاء وطني موسع يقرّر سبل حماية لبنان وانقاذه من تداعيات ما يجري وسيجري حوله، واللقاء بين عون وجعجع يكون من أجل تأكيد التزام “إعلان النيات” ولا سيما ما يتعلق بالبنود المتعلقة بالعودة الى مرتكزات الميثاق الوطني واحكام الدستور والمتعلقة بالمناصفة الفعلية وصحة التمثيل النيابي الفعال والشراكة الصحيحة بين مكونات المجتمع اللبناني كافة بما يحفظ قواعد العيش المشترك وترجمة ذلك في قانون جديد للانتخابات النيابية، وفي انتخاب رئيس للجمهورية قوي ومقبول في بيئته وقادر على طمأنة المكونات الأخرى والايفاء بقسمه وبالتزامات الرئاسة بما يؤمن الشراكة الفعلية الميثاقية والمصلحة الوطنية العليا”. والعمل على “تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام الى القانون والمؤسسات الشرعية لحل أي خلاف أو أشكال طارئ وعدم اللجوء الى السلاح والعنف مهما تكن الهواجس والاحتقانات ودعم الجيش بصفته المؤسسة الضامنة للسيادة والأمن
القومي، وضرورة التزام سياسة خارجية مستقلة بما يضمن مصلحة لبنان ويحترم القانون الدولي وذلك بنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع الدول ولا سيما العربية منها بما يحصن الوضع الداخلي اللبناني سياسياً وأمنياً ويساعد على استقرار الاوضاع” وهو ما جاء في “اعلان النيات”. أما اللقاء الوطني الموسع فيصبح ضرورياً وملحاً لتحييد لبنان الذي يحظى بتأييد داخلي وخارجي ولا سيما من الدول الكبرى. لقد كثرت أوراق التفاهم والمواثيق وكان منها المذكرة الوطنية للبطريرك الراعي في 9 شباط 2014 وقبلها بيانات عدة صدرت عن قمم روحية مسيحية واسلامية، لكنها ظلت بكل أسف حبراً على ورق. فهل تغير “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” هذه العادة السيئة، فيعملا على التزام بنود “اعلان النيات” وهو ما يساعد على التزام “اعلان بعبدا” لان لا شيء يخلص لبنان وينقذه من تداعيات ما يجري حوله كل مرة، سوى اتفاق كل القيادات على تحييده والا ذهب “فرق عملة” في لعبة الصراعات بين المحاور وتقاسم النفوذ الذي اذا ما صار خلاف عليه، كان التقسيم هو الحل الذي لا مفرّ منه وهو ما حذر منه السيد حسن نصرالله لأن هذا ما تريده اسرائيل وتسعى اليه من زمان.