علي الأمين: هذه إيران الجديدة بعد ليلة القدر النووية//سهى جفّال: إتفاق إيران والغرب: طريق عبّدها الوليّ الفقيه بدماء العرب

318

هذه إيران الجديدة بعد “ليلة القدر النووية”
علي الأمين/جنوبية/الثلاثاء، 14 يوليو 2015
عندما يتحدث العالم عن دولة متطورة ودولة حديثة، فالمقصود بتلك التي لديها انتاج اقتصادي ومعرفي، بنية تصنيعية، وروافع ناظمة لتطورها هي روافع رأسمالية، . الدولة الحديثة بهذا المعنى هي دولة غربية. والنموذج الآخر غير موجود كمنافس او كنموذج قابل للحياة. لذا فإن اندفاعة ايران نحو خيار “الدولة الحديثة” سيفرض عليها النظر الى معايير القوة بشكل مختلف عما هو حالها اليوم. جزء من الرهان الاميركي على هذا الاتفاق هو ان انه سيساعد في احداث تحول بالسياسة الايرانية وفي المزاج الايراني
المشهد الذي خلص اليه الاتفاق النووي الايراني مع الدول الغربية لا يقرأ من زاوية الارباح والخسائر لدى ايران او الدول الغربية. السؤال الذي يطرح اليوم بعد انجاز الاتفاق النووي: هل ايران قبل الاتفاق ستكون هي نفسها بعد الاتفاق؟ ذلك ان الجوانب التقنية والفنية في المفاوضات لم تكن هي الاساس على رغم اهميتها، بل لا بد من رصد التحولات التي يفرضها هذا الاتفاق على المنظومة الايديولوجية الايرانية. ذلك ان المفاوضات لم تكن تتم من اجل عقد اتفاقية تجارية، بل الاهم ان النقاش طال بنية النظام الايراني واستراتيجيته. والاتفاق لم يكن نوويا بل كان خلاصة بحث في كليات السياسات العامة الايرانية، التسلح، النفط، الاقتصاد…
ومقتضيات الاتفاق تفرض نسق جديد من العلاقة بين ايران والمنظومة الغربية. نسق يقوم على الاعتراف بقواعد النظام الدولي. وهذا الاتفاق يفرض تعاون سيستبعد النمط الايديولوجي الذي تبنته ايران طيلة العقود الماضية. الرضى الغربي عن الاتفاق لا يقل عن الرضى الايراني. بل البهجة التي كان وزير الخارجية محمد جواد ظريف يعبر عنها بهذه الضحكة العريضة التي كادت لا تفارق وجهه امس. كان يبدو وكأن ليلة القدر قد نزلت عليه وعلى ايران.
حققت ايران مبتغاها باعتراف دولي انها دولة نووية، واتاحت للغرب فرصا جديدة متابعة ومراقبة برنامجها بالتلازم مع رفع مستمر للعقوبات الغربية عن ايران. ايّ ان الاتفاق يتطلب التزامات متبادلة في مسار ممتد لسنوات. لذا فالعلاقة بين ايران واميركا تغيرت. لم تعد محكومة بالمضمون الايديولوجي. الاتفاق النووي يرسم اطار ضابط لنسق العلاقات الايرانية الجديدة مع الغرب. اذ ان ايران ستغير في سلوكها وفي خطابها السياسي. لا يمكن ان تبقى على خطاب محاربة “الشيطان الاكبر” و”الاستكبار” من جهة، وهي تتعاون معه من جهة ثانية. هذا لن يكون منطقياً وغير قابل للصرف. محاربة الاستكبار، ان وجدت، ستكون ضمن قواعد العلاقات الدولية وشروطها وليس من خارجها.
عندما يتحدث العالم عن دولة متطورة ودولة حديثة، فالمقصود بتلك التي لديها انتاج اقتصادي ومعرفي، بنية تصنيعية، وروافع ناظمة لتطورها هي روافع رأسمالية، . الدولة الحديثة بهذا المعنى هي دولة غربية. والنموذج الآخر غير موجود كمنافس او كنموذج قابل للحياة. لذا فإن اندفاعة ايران نحو خيار “الدولة الحديثة” سيفرض عليها النظر الى معايير القوة بشكل مختلف عما هو حالها اليوم. جزء من الرهان الاميركي على هذا الاتفاق هو ان انه سيساعد في احداث تحول بالسياسة الايرانية وفي المزاج الايراني.
الحصار الذي تعرضت له ايران والكم الكبير من العقوبات لم يمنعاها من التمدد في اكثر من دولة عربية واسلامية. هذا النفوذ الخارجي الفاعل ترافق مع استمرار النزف الاقتصادي في ايران وتقهقر ماليتها العامة. وان نجحت القيادة الايرانية في سياسة المناكفة غير ان الزخم والاندفاع الخارجي وصل الى نهاياته ويعاني من حالة انحدار في سورية والعراق وحتى اليمن وغيرها. هذا ربما ما عجل بالوصول الى اتفاق، فإدارة اوباما ليس لديها مانع من ان تكون ايران دولة اقليمية فاعلة في محيطها. الدور الايراني له مساحته، لكن شرط ان يكون منضبطا ومنسجما تحت المظلة الاميركية الغربية في المنطقة. اهمية الاتفاق النووي انه فرض احتراما لموقع ايران الاقليمي، التي حظيت باعتراف طالما سعت اليه في النادي النووي الدولي. والى جانب ذلك، وقبله وبعده، ايران امام خيار بناء الدولة الحديثة او البقاء على المنظومة الايديولوجية التي وصلت الى مأزقها السياسي وربما الحضاري. وبالتالي فإن ايران، التي يمهد الاتفاق، بحسب بعض المراقبين، لكي تكون لاعبا رئيسا في منظومة الشرق الاوسط الجديد برعاية اميركية في المرحلة المقبلة… باتت امام خيارات استراتيجية اتخذ المرشد الوجهة وحددها للايرانيين. لكن المنظومة الايديولوجية المتحكمة والمسيطرة على مراكز رئيسة في القرار الايراني هي امام مرحلة تحول يفرضها مسار التفاهم الايراني – الدولي، وبرضى المرشد وقبوله.

إتفاق إيران والغرب: طريق عبّدها الوليّ الفقيه بدماء العرب
سهى جفّال/جنوبية/الثلاثاء، 14 يوليو 2015
بعد سنوات من المراوحة والأخذ والردّ وسنوات من المفاوضات أبرمت بين إيران والغرب اتفاقية في فيينّا. فما هي أبرز المحطات التاريخية التي سبقت إبرام هذا الاتفاق؟ وكيف وصل الطرفان إليه على “دمائنا”. في “تفاهم تاريخي”، أُعلن فجر الثلاثاء 14 حزيران في النمسا عن توصّل ايران والدول الست الكبرى “الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا”، الى اتفاق تاريخي نهائيّ لحلّ الخلافات بشأن برنامج طهران النووي الذي ظلّ عقودًا مصدر توتر وخلاف بين ايران والعالم .
وللإضاءة على المحطات التاريخية الّتي رافقت المفاوضات النووية حتّى يومنا هذا فها إنّ موقع “جنوبية” يعرض أبرزها :
ـ في خمسينات القرن الماضي وُضعت أسس برنامج إيران النووي مع واشنطن. في تلك الفترة كانت إيران على علاقة إستراتيجية قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية، يحكمها الشاه. وقد رجّح البعض دوافع إيران في التفكير بامتلاك قدرات نووية إلى ما مرّت به منذ حربها مع العراق، والتواجد الأمريكي المتصاعد في الخليج منذ 1991، ووجود إيران بالقرب من دولتين نوويتين هما الهند وباكستان.
ففي عهد الشاه كانت بداية المرحلة التأسيسية للبرنامج النووي تحت الرعاية الامريكية. لكن في العام 1979 وقع “الزلزال الذي نسف كل الودّ بين طهران والغرب” وهو “الثورة الإسلامية”. ثم كانت الحرب الإيرانية العراقية، وبعدها التواجد الأميركي المتصاعد في الخليج منذ العام 1991. وفي العام 1995 أعلنت إيران عن توقيع اتفاق نووي مع روسيا بقيمة 800 مليون دولار. وبعد عام صادق الرئيس الأميركي يومها بيل كلينتون على مشروع قرار يقضي بفرض عقوبات في الولايات المتحدة على الشركات الخارجية التي تقوم باستثمارات في إيران وليبيا.
أما المحطات الكبرى من أزمة الملف النووي الإيراني منذ 2002 – 2003 حتّى يومنا هذا فهي التالية:
ـ في 14 آب 2002 كشف “مجلس المقاومة في إيران” عن وجود مُنشأة لتخصيب اليورانيوم في نَتَنز (مدينة تقع في وسط إيران)، ونشرت الولايات المتحدة صورًا التقطت بواسطة الأقمار الصناعية تظهر المنشآت النووية الواقعة في “نتنز وأراك”، وقالت وسائل الإعلام الأمريكية بأن هذه المواقع النووية تستخدم لأغراض عسكرية.
أما في أيلول 2003، فقد استأنف مفتشو الوكالة الذرية جولة جديدة من عملية التفتيش للمنشآت النووية، ما أدى إلى الكشف عن دلائل تشير إلى وجود اليورانيوم المخصّب بدرجة عالية في محطة نتنز. وفي تشرين الأوّل من العام نفسه تعهدت ايران بتعليق انشطتها لتخصيب اليورانيوم خلال زيارة غير مسبوقة لوزراء خارجية فرنسا والمانيا وبريطانيا الى طهران. فتم توقيع اتفاق في 7 تشرين الثاني 2004.
في 8 آب 2005 استأنفت إيران، بقيادة رئيسها الجديد يومها المحافظ محمود أحمدينجاد، أنشطتها النووية في مصنع تحويل اليورانيوم في اصفهان (وسط) والاوروبيون قطعوا المفاوضات يومها.
في نهاية كانون الثاني 2006 قرّر الدول الخمس الكبرى رفع المسألة الى مجلس الامن الدولي. إيران تحدّت وأعلنت في 11 نيسان النجاح لأوّل مرة في تخصيب اليورانيوم (بنسبة 3,5%).
بين التاريخين كانت حرب تموز 2006 في جنوب لبنان، حين اختطف “حزب الله” جنديين إسرائيليين، وقيل يومها إنّ إيران كانت تردّ على التعنّت الدولية اتجاهها بتهديد أمن إسرائيل للضغط على المجتمع الدولية، وذلك بدماء أهل الجنوب اللبناني، من الشيعة تحديداً، ومن ممتلكاتهم وأرزاقهم. ثمّ في 21 آب، بعد انتهاء الحرب بأسبوع، رفضت إيران طلبا من مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية وألمانيا) بوقف عمليات التخصيب. ودشّنت مصنعا للمياه الثقيلة في آراك.
في 23 كانون الأوّل 2006 فرضت الامم المتحدة عقوباتها الاولى التي عمدت لاحقا الى تشديدها بانتظام، فضلا عن العقوبات التي اقرتها الولايات المتحدة ثم الاتحاد الاوروبي.
الاتفاق النووي الايراني
المفاوضات راوحت مكانها بعدها وفي 2007 أعلنت إيران أنّها اجتازت عتبة الثلاثة آلاف جهاز للطرد المركزي، وهي عتبة رمزية لأنّها تسمح نظريا بصنع المادة الاولية لقنبلة ذرية. وقالت إنّها باتت تملك في حينها 20 ألف جهاز للطرد المركزي نصفها قيد الخدمة.
وانطلقت الجولة الأولى من المفاوضات النووية في جنيف بسويسرا في تشرين الأول 2013. وفي 24 تشرين الثاني قضت المفاوضات في جنيف الى اتفاق لمدّة ستة اشهر يحدّ من نشاطات ايران النووية الحساسة لقاء رفع جزء من العقوبات.
فتح نص الاتفاقية الطريق لتطبيع في العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية بين إيران والأسرة الدولية
في العام 2015 بدأت الانفراجات في المفاوضات مع اشتداد الأزمة في سورية وتورّط إيران وحزب الله رسميا في دعم نظام بشار الأسد بمليارات الدولارات والخسائر البشرية.
ثم بدأت المفاوضات من اجل التوصل الى اتفاق نهائي في 18 شباط 2014 وتواصلت على مستويات مختلفة. لكنّها فشلت بالرغم من جهود دبلوماسية مكثفة. تم تمدّدت المفاوضات مرتين لفترة إجمالية قدرها 11 شهراً.
بموازاة ذلك، تمّ تمديد الاتفاق المرحلي أيضا. وأعلنت ايران في 27 آب 2014 عن تعديل مفاعل اراك الجديد للحدّ من إنتاج البلوتونيوم.
ـ 26 آذار 2015: بعد إعلان إيران عن احتلالها 4 عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، بعد سيطرة الميليشيات العسكرية والسياسية المدعومة من إيران على تلك العواصم ومحاولتها خنق الدول المركزية وإضعافها ووضعها تحت الاحتلال الإيراني. فكان أن بدأت عاصفة الحزم العربية بقيادة الملك الجديد في السعودية خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، في 26 آذار، ليعلن “بداية نهاية المشروع الإيراني في المنطقة وحماية حدود المملكة العربية السعودية”.
2015: الخاتمة السعيدة للملف النووي؟
ـ 28 آذار 2015: عقد وزراء خارجية الدول الست الكبرى أول لقاء جماعي، مع نظيرهم الإيراني، لمتابعة المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي، في مدينة لوزان السويسرية. وبدا واضحاً أنّ الظهور الإعلامي هدفه التمهيد للاتفاق. بعدها بدأت إيران في إزالة الشعارات التي تشيطن الولايات المتحدة الأميركية من شوارع إيران، وبدأ الخطاب الحادّ في إيران يتغيّر. وبدأت إيران في الإعلان عن احتلالها 4 عواصم عربية هي:
ـ 2 نيسان 2015: أعلنت إيران والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا التوصل إلى “اتفاق مبدأي” بعد 8 أيام من المفاوضات في مدينة لوزان السويسرية، على أن يكون الانتهاء من الاتفاق النهائي الشامل بحلول 30 حزيران الفائت.
في 14 تموز في فيينا، وبعد 21 شهرا من المفاوضات وجولة اخيرة استمرّت اكثر من 17 يوماً، اعلن “الاتفاق النهائي” حول الملف النووي الايراني ويحتفى به الآن كنجاح لسياسة “الاحتواء” التي تبنّاها الرئيس الأميركي باراك أوباما اتجاه ايران، ونجاح أيضا لسياسة الانفتاح الايرانية التي يقودها الرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني . الهدف هو ضمان ألا يكون للبرنامج النووي الايراني اي غايات عسكرية مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد البلاد.
في العام 2015 بدأت الانفراجات في المفاوضات مع اشتداد الأزمة في سورية وتورّط إيران وحزب الله رسميا في دعم نظام بشار الأسد بمليارات الدولارات والخسائر البشرية“
وبرأي المراقبين فقد فتح نص الاتفاقية الطريق لتطبيع في العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية بين إيران والأسرة الدولية