روزانا بومنصف: أميركا وأزمات المنطقة بعد النووي: إدارة ظهر أم انخراط في الحل السوري//أسعد حيدر: المرشد: كاسترو إيران

250

أميركا وأزمات المنطقة بعد النووي: إدارة ظهر أم انخراط في الحل السوري؟
 روزانا بومنصف/النهار/7 تموز 2015

على رغم ان الولايات المتحدة حرصت على التأكيد حتى الآن ان الاتفاق مع ايران سيتم فقط حول ملفها النووي والذي يقارب الانتهاء اليوم او خلال الايام القليلة المقبلة على أبعد تقدير، فان الانطباعات الغالبة التي عممت نتيجة اعتبارات مختلفة من بينها ما ساهمت به دول المنطقة نفسها من ان الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وايران سيتيح مرحلة تطبيع بين البلدين منهياً قطيعة تاريخية تعود لاكثر من ثلاثة عقود، ستكون في رأي مصادر ديبلوماسية واخرى سياسية على المحك قريباً جداً. فهذه الانطباعات تعمم على أساس ان الادارة الاميركية التي ستغلق ملفاً منهكاً لها ستدير ظهرها طوعاً لمدة طويلة عن الاضطلاع بشؤون المنطقة خصوصا مع دخول الولايات المتحدة في زمن الحملات الانتخابية استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة. فحتى الآن امتنعت الولايات المتحدة في شكل خاص ودول مؤثرة اخرى عن اتخاذ مواقف قوية ضد ايران او إجراءات قوية ضد النظام السوري على رغم ادانته مراراً باستخدام الاسلحة الكيميائية ضد شعبه من دون ان تقوم باي عمل ازاء ذلك، ليس بسبب الفيتو الروسي في مجلس الامن فحسب بل لأن دول المجلس كما الولايات المتحدة كانت غير راغبة في القيام بما يتسبب بضرر لمفاوضات قائمة على مسار آخر والتي كانت حتى اليوم المفاوضات مع ايران حول ملفها النووي. وتالياً فان السؤال الاولي بعد الانتهاء من الاتفاق هو هل يحرر الوصول الى اتفاق نهائي مع ايران الادارة الاميركية من المخاوف على اجهاض المفاوضات من اجل اتخاذ الاجراءات اللازمة ضد النظام السوري مثلاً ام لا او من اجل الاشارة الى مدى التدخل الايراني في سوريا او ادانته اذا ما أخذ في الاعتبار عدم الحماسة الاميركية مثلاً لأي تدخل من جانب تركيا من اجل حماية حدودها ولاقامة منطقة عازلة على حدودها مع سوريا؟

السؤال مطروح ليس في ضوء التقرير الذي يعتزم الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دوميستورا تقديمه الى مجلس الامن نهاية الشهر الجاري والذي تقول المصادر الديبلوماسية انه من المبكر ان يرفع الآمال بامكان تقديم حلول عملية في انتظار توافق اميركي روسي حول العقدة التي يمثلها مصير بشار الأسد بالذات والتي لا تزال عالقة حتى الآن، خصوصاً في ضوء اعادة تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استمرار دعم هذا الاخير، بل هو مطروح في ضوء جملة قرارات عالقة امام مجلس الامن تتصل بشكل خاص بالتقارير عن استخدام غاز الكلورين والبراميل المتفجرة، وفق ما جاء في بيان صحافي لمجلس الامن في 5 حزيران الماضي والذي اتبع برسالة من 71 دولة في 18 من الشهر نفسه وجهت الى مجلس الأمن تعبر عن ادانتها استخدام هذه الاسلحة ضد الشعب السوري. وهذه الدول حضت مجلس الأمن على تطبيق القرارات التي اتخذها هو بنفسه ومنع النظام السوري من الاستمرار في قصف مواطنيه.

في اطار حملتها الانتخابية التي تقوم بها في الولايات الاميركية، اعتبرت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون انه “حتى لو توصلنا الى اتفاق مع ايران فان ذلك لا ينفي ضرورة البقاء يقظين ازاء طهران. اذ انه لا تزال لدينا مشاكل مهمة معها”، مضيفة “انها الراعي الرئيسي للارهاب في العالم”، ومشيرة الى ان النجاح الاميركي لا يجب ان يثنيهم عن العمل من شركائهم من اجل كبح جماح العدوانية الايرانية المستمرة”. ومع ان هذا الكلام هو لمرشحة للانتخابات الرئاسية الاميركية بحيث لا يدخل مفعول كلامها حيز التنفيذ قبل وصولها الى موقع الرئاسة الا انه يعبر ايضا عن آراء كثيرين في مجلسي النواب والشيوخ، في الوقت الذي سعت الادارة الحالية الى محاولة طمأنة دول الخليج العربي من ان الاداء الايراني في المنطقة منفصل عن التطبيع في الموضوع النووي، لكن من دون نجاح كبير في الواقع، ليس فقط على اثر قمة كامب ديفيد الاخيرة بل ايضا في كل الزيارات او اللقاءات التي عقدت وارتبطت بمعالجة تداعيات الحوار الاميركي الايراني بعيدا من مشاركة الحلفاء العرب او اطلاعهم على المحادثات السرية بين الجانبين. اذ ان هذه الدول لم تطمئن فعلا لكل التعهدات الاميركية ولا تزال تحتفظ بشكوك كبيرة ازاء الموقف الاميركي من طهران في ما يخص التعاطي مع تدخلها في دول الشرق الاوسط.

وما لم يفتح موضوع الازمة السورية قريبا في محاولة لايجاد حلول لها في المدى المنظور، ما يعني فتح حوار مع طهران يكمل سياسة المسايرة التي تعتمدها واشنطن معها، وهو امر غير مرجح باعتبار ان لا جواب واحدا لدى عواصم الدول المؤثرة عن تقويمها لما تذهب اليه هذه الازمة بين الفوضى، وفق ما يقول البعض، او الحل وفق صيغة مشاركة على ما هو الوضع في لبنان او الى استمرار الحرب لسنوات عدة اخرى، فان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما ستكون على المحك او امام تحدي ابراز مدى صدق تعهداتها ازاء التدخل الايراني وازاء التصدي للتوسع الايراني في المنطقة من اجل اعادة الثقة بالولايات المتحدة والتزامها استقرار المنطقة، وفق ما وعدت او انها ستنفذ ادارة ظهرها فعلاً لمشكلات المنطقة وفق ما بات الاقتناع سائداً في هذا الاطار.

المرشد: كاسترو إيران!
أسعد حيدر/المستقبل/07 تموز/15

لم يحصل أن استغرق اتفاق دولي الوقت الذي استغرقه الاتفاق النووي. في قلب هذه المفاوضات عدم الثقة والشك العميق المستند إلى وقائع بين الطرفَين الإيراني والأميركي. من الصعب جداً محو 35 سنة من العداء المباشِر الذي كاد يتحوّل إلى حرب مباشرة إلى جانب الحروب بالوكالة، في فترة قصيرة، ما رفع منسوب التعقيدات، أنّ الإيرانيين مفاوضون صعبون ودقيقون ويخافون من «سيف« المحاسبة في طهران، بعكس بعض المفاوضين العرب وأبرزهم أنور السادات الذي لم يكن يراجع أي فقرة بدقة رغم «الألغام» التي تضمنتها كل كلمة، إلى درجة أنّ وزير خارجيته لم يتحمّل فقدم استقالته وغادر كامب ديفيد. يكفي لتقدير صعوبة المفاوضات، أنّ الاتفاق يقع في عشرين صفحة زائد ملاحق من 80 صفحة، أي حوالى أقل من عشرين ألف كلمة وتطلّبت جلسات مكوكية طوال عشرة أشهر على مستوى وزراء الخارجية ومساعديهم إلى جانب مفاوضات على مستويات مختلفة طوال 12 سنة. الاتفاق النووي يوقّع فجر الأربعاء أو يصبح معلقاً. الإدارة الأميركية يجب أن تقدم الاتفاق إلى الكونغرس صباح 9 تموز لتجري مناقشته طوال شهر. إذا لم يحصل ذلك لا يعود من الممكن تقديمه للكونغرس قبل أيلول. لذلك هذه الفترة هي حكماً خط أحمر سواء شاءت الإدارة الأميركية أو القيادة الإيرانية أم مانعتا ورفضتا. دقّة المواعيد، كشفت بعض أسرار المفاوضات. يُقال إنّه جرى التوصل إلى تسوية حول فترة رفع العقوبات الحسّاسة جداً لإيران وللرئيس حسن روحاني. بدايات الحل تبلورت في تسلم طهران لـ14 طن ذهب كانت مجمّدة في جنوب افريقيا منذ عامين. من أسرار المفاوضات أنّها تناولت مسألة تسلّح إيران وفي مقدّمها السلاح الصاروخي، واستيراد الأسلحة. الغرب يريد استمرار فرض الحظر على السلاح وأنّه «أمر غير مطروح للنقاش». يجري الربط بين التسلّح المفتوح والاستقرار في المنطقة. بهذا فإنّ المفاوضات الأميركية الإيرانية تناولت القضايا الاقليمية، بعكس كل ما يُقال من أنّها محصورة بالملف النووي. هذا الجانب من المفاوضات يهم المنطقة كلها التي تعيش حروباً ونزاعات، إيران طرف مباشِر فيها، وهي: سوريا والعراق واليمن ولبنان. لا شك أنّ إيران ستبقى دولة قوية مهما «أعطت» مقابل ما «تُعطى». لكن لا يمكن أن تستمر إيران في التسلّح حتى «أسنانها»، وتوزيع السلاح والمال على القوى الملتزمة بها بدون حساب. توقيع الاتفاق ومناقشته في الكونغرس وموافقة الكونغرس عليه قبل 9 آب، تفتح الباب أمام عمليات بناء الثقة واختبار النوايا بين مطلع أيلول ومطلع شباط عام 2016. في هذه الفترة الحسّاسة سيعمل الطرفان الإيراني والأميركي على السواء على إنتاج اتفاقهما في المنطقة، عبر العمل لحلول للنزاعات المشتعلة. من الطبيعي جداً عندما تجري عملية اختبار للنوايا وتنفيذها ميدانياً أن «تتواضع» مطالب إيران، ولا يعود بناء «الهلال الشيعي» من حلب إلى عدن بالنار والحديد مستمراً بلا خطوط حمر. مهما قدّمت واشنطن من تنازلات لطهران، فإنّ أمن الخليج ودولها جزء من الأمن الأميركي، لذلك توجد خطوط حمر لا يمكن التنازل عنها أميركياً ولا خرقها إيرانياً. يبقى، إذا فشل الاتفاق لأي سبب من الأسباب، فإنّ «أحزمة النار»، ستتمدّد وستضطرم أكثر فأكثر، خصوصاً أنّ المتشدّدين الإيرانيين في الإدارة وفي «الحرس الثوري»، سيمسكون السلطة والقرار ويدفعون لوأد المعتدلين في انتخابات مجلس الشورى ومجلس الخبراء قبل 20 آذار من العام المقبل. كذلك «الجمهوريون» في واشنطن سيجدون في الفشل فرصة لوضع نقطة نهاية للتمديد للديموقراطيين. بعد توقيع الاتفاق غير ما قبله إيرانياً. تماماً مثل هافانا. فيديل كاسترو وافق ويشهد التغيير، في طهران المرشد آية الله علي خامنئي سيعيش هذا التغيير ويواكبه في ضبط المتشدّدين وفتح أبواب إيران أمام التغيير وعودة أميركا!