علي حماده:مسؤول عربي: اقترب حصار دمشق//غسان حجار: تطويق قوى الأمن الداخلي لتطويعها//هشام ملحم: الحرب التي لم تنته بعد//اميل خوري: المقاطعون المسيحيون يسمعون كلمة إيران ولا يسمعون كلمة الفاتيكان وبكركي والدول

324

مسؤول عربي: اقترب حصار دمشق
علي حماده/النهار/25 حزيران 2015

جميع التقديرات الدولية تتفق على أن بشار الاسد انتهى، وان البحث اليوم جار لكي لا يملأ تنظيم “داعش” الفراغ الذي سينجم عن انهيار ما تبقى من النظام في دمشق والمدن الاساسية، أي حلب، حمص وحماة، اما اللاذقية فيبقى مصيرها قيد البحث لمرحلة لاحقة مع اسقاط اي فرضية لقيام ما يسمى “الدويلة العلوية” لان التقسيم يديم الحرب ولا يوقفها على عكس ما يأمل البعض في نظام بشار، ومعهم الايرانيون الذين يتطلعون الى قيام دويلة علوية في منطقة الساحل السوري. يرسم مسؤول امني عربي كبير التقيناه قبل ايام سيناريو سقوط النظام كما يلي، ويقول: “سيمر عبر مرحلتين قادمتين: الاولى، انهيار النظام في ما تبقى من حلب وتحريرها، وذلك بعدما يكون تنظيم “داعش” المتقهقر في مناطق تل الابيض، وشمال الرقة أرخى قبضته في ريف حلب بما يمكن الثوار من التفرغ لقتال النظام والميليشيات الشيعية المنتشرة، ومن بينها “حزب الله”، خصوصا في بعض البلدات القريبة من حلب المدينة. مع تحرير مدينة حلب يكون قسم كبير من الاراضي السورية في الشمال خرج عن سيطرة بشار وميليشيات ايران، من دون ان يسقط في براثن “داعش”. ويكون الضغط الاكبر في اتجاه حماة حيث تسابق بين “داعش” والثوار للسيطرة عليها بعدما بلغ “داعش” نقطة وسطى بين ريفي حمص وحماة. لكن الضغط الكبير على مركز ثقل تنظيم “داعش” اي مدينة الرقة يمكن ان يعرقل تقدم التنظيم حتى لو قام بشار بتسهيل تمدده انطلاقا من مدينة تدمر نحو حمص وحماة. المرحلة الثانية، ستبدأ بتحرير محافظة درعا بالكامل، بدءاً بالمدينة، وفتح الطريق نحو ريف دمشق من محافظتي درعا والقنيطرة (بعد تحريرها وترك قرية الحضر الدرزية محيّدة)، اما محافظة السويداء فلا خيار امام مناصري النظام والقطعات العسكرية المتمركزة فيها إلا الوقوف على الحياد، والرضوخ للمنطق الذي يقضي بتحاشي توريط الموحدين الدروز في معركة خاسرة الى جانب بشار، الراحل في كل الاحوال. وبتحرير محافظتي درعا والقنيطرة تكون طريق دمشق من الجنوب مفتوحة امام تدفق العديد من الفصائل (بينها جبهة النصرة) نحو محيط العاصمة، بدءاً بقطع آخر شريان حيوي لبشار مع “حزب الله”، اي طريق دمشق – بيروت الدولية. ودائماً بحسب المسؤول، ان مسالة سقوط بشار ليست محل نقاش، بل مرحلة ما بعد بشار، أياً يكن حجم الدعم الايراني الذي بلغ الذروة، من دون ان يغير في موازين القوى في العمق. والاهم ان يتزامن تقهقر بشار مع تقهقر “داعش” في الوسط السوري. من هنا الضغط الكبير على مدينة الرقة “عاصمة داعش”. ويختم المسؤول الامني العربي الكبير قائلاً: “بشار انتهى، المهم ألا يدخل الايرانيون “حزب الله” في مغامرات داخلية لتعويض هزيمة سوريا!”.

المقاطعون المسيحيون يسمعون كلمة إيران ولا يسمعون كلمة الفاتيكان وبكركي والدول
اميل خوري/النهار/25 حزيران 2015/نجحت ايران حتى الآن في تنفيذ خطة وضع لبنان على طريق الفراغ الشامل وان على مراحل. ولم تنفع نداءات الفاتيكان ولا البطاركة والمطارنة ولا دعوات الدول الشقيقة والصديقة في اخراجه من أزمة الانتخابات الرئاسية، اذ جعلت ايران من استمرار ترشيح العماد عون وسيلة لتحقيق هدفها وربطت تأمين نصاب أي جلسة بانتخاب أحد المرشحين عون وجعجع لإبقاء أبواب الفراغ مفتوحة بحيث لا تقفل إلا إذا قبضت ايران الثمن السياسي الذي تريد في الملف النووي وعند تقاسم النفوذ في المنطقة. ونجحت ايران أيضاً في حصر الترشح للانتخابات الرئاسية بعون وجعجع لأنها تعلم علم اليقين أن نواب 8 آذار لن ينتخبوا جعجع ونواب 14 آذار لن ينتخبوا عون فتبقى جلسات الانتخاب تدور في حلقة مفرغة، وهذا ما حصل. وللبقاء فيها اقترح العماد عون اجراء استفتاء شعبي على الرئاسة لمعرفة الأقوى شعبياً بين المرشحين كي ينتخبه مجلس النواب، الذي لا يعترف عون بشرعيته بعد التمديد له مرتين ثم اقترح اجراء استطلاع رأي حول من هو الأقوى بين المرشحين الموارنة، عندما لم يؤخذ باقتراحه اجراء انتخابات نيابية ينبثق منها مجلس شرعي ينتخب رئيساً للجمهورية. وعندما لم يؤخذ بأي من هذه الاقتراحات دعا عون الى الفيدرالية، كنظام جديد للبنان بديلاً من الطائف، ولم تعترض ايران ولا حزب الله على اي من هذه الاقتراحات لأنها تبرر استمرار ازمة الانتخابات الرئاسية ولان البحث فيها يحتاج الى وقت تحتاج اليه ايران لتقول كلمتها في الرئاسة اللبنانية. وآخر ما اقترحه العماد عون وقد لا يكون الأخير انتخاب رئيس توفيقي وليس توافقياً لأن التوفيقي، بحسب رأيه، هو القادر بما يمثل على تحقيق الوفاق الشامل بين الزعماء اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم في حين أن مَن يصير التوافق عليه رئيساً يتوزع حصصاً بين مَنْ توصلوا الى توافق عليه فيصبح فاقد الارادة. لكن العماد عون نسي أو تناسى، وهو يطرح هذا الاقتراح الجديد وربما عن غير اقتناع، بل لمجرد تقطيع الوقت المطلوب الذي تحتاج اليه ايران لتقول كلمتها، أن الرئيس الوفاقي يحتاج أيضاً الى توافق بين القوى السياسية الاساسية في البلاد وهو توافق يصعب التوصل اليه بدليل أن بكركي لم تستطع تحقيق الوفاق بين الاقطاب الموارنة الأربعة ليكون واحد منهم مرشحاً للرئاسة ولا استطاعت جعلهم يلتزمون حضور الجلسة لانتخاب رئيس من بينهم بحت فيفوز من ينال أصوات الأكثرية النيابية المطلوبة لأن عون وفرنجيه لم يلتزما حضور الجلسة تعطيلاً لنصابها، وخوفاً من أن تنتخب الأكثرية مرشحاً مستقلاً ومن غير هؤلاء الاقطاب، فكان التعطيل المستمر الذي تريده ايران. ومعها “حزب الله” وحليف الحزب العماد عون، ليس حباً بالتعطيل انما حباً بوصوله الى قصر بعبدا الذي يشتاق اليه ولم يخرج منه إلا بعد ضربة عسكرية سورية. وهب ان ايران وافقت على انتخاب مرشح وفاقي كما اقترح العماد عون وصار الاتفاق عليه. فلأن لايران شرطاً عليه وهو ان يكون مع سلاح “حزب الله” ما دام لهذا السلاح وظيفة في الداخل وفي الخارج، وهو ما يرفضه الفريق الآخر باعتبار أن لا سبيل الى قيام دولة قويّة قادرة على بسط سلطتها وسيادتها على أراضيها مع وجود سلاح غير سلاحها وسلطة غير سلطتها. لذلك فلا اتفاق على مرشح توفيقي، كما يطلب عون وعلى تسميته الا بعقد مؤتمر بـ”دوحة” جديد لا وقت للدول المنشغلة بنفسها للبحث فيه، ما يجعل الخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية يضع لبنان بين خيارين. الأول: انتظار توصل ايران الى اتفاق مع أميركا ليس على الملف النووي فقط، انما على تقاسم مناطق النفوذ في المنطقة، لمعرفة هل يكون لبنان من منطقة النفوذ الايراني أم من منطقة نفوذ سواها أم يصير اتفاق على ابقائه خارج مناطق نفوذ اي دولة، فتبدأ عندئذ مسيرة الحياد التي حدد “اعلان بعبدا” بنودها وهو حياد لا تقبل به ايران إلا اذا نالت الحصة التي تريد في المنطقة ورفعت عنها العقوبات كاملة ولم يعد لسلاح “حزب الله” وظيفة، وتقوم عندئذ الدولة اللبنانية القوية التي لا دولة سواها. الثاني: أن يحلّ “روح القدس” على رؤوس الزعماء اللبنانيين ولا سيما المسيحيين منهم فيقررون حضور الجلسة لانتخاب الرئيس المناسب للظرف المناسب حتى ولو كان رئيس ادارة أزمة او ادارة التوازنات في لبنان لأن استمرار الفراغ أخطر على لبنان من عدم وجود أي رئيس قوياً كان أو ضعيفاً وهو فراغ يهدد بالزوال. وقد يكون هذا الخيار هو الأفضل من اي خيار آخر، خصوصاً اذا تعذر التوصل الى اتفاق بين ايران وأميركا في المدى القريب، لا على البرنامج النووي ولا على تقاسم مناطق النفوذ في المنطقة، والا يعود لبنان في غياب الاتفاق على انتخاب رئيس ساحة مفتوحة لصراعات الآخرين وحروبهم، وهو ما لم يعد في قدرة لبنان واللبنانيين على تحمله.

الحرب التي لم تنته بعد
هشام ملحم/النهار/25 حزيران 2015

بعد 150 سنة على انتهائها، لا تزال الحرب الاهلية الاميركية حاضرة بقوة في مختلف أوجه الثقافة والسياسة والمجتمع في البلاد. الحرب الاهلية لا تزال الحدث الاضخم والاكثر اهمية في تاريخ الولايات المتحدة، لأنها صاغت الى حد كبير طبيعة البلاد التي خرجت من رماد صراع ملحمي كلّفها ضحايا فاق عددها ضحايا جميع الحروب الاخرى التي خاضتها منذ ولادتها. وبعد قرن ونصف قرن على انتصار الشمال على كونفيديرالية الولايات الجنوبية التي انفصلت عن الاتحاد، لا تزال الاسباب الرئيسية التي أدت الى الانفصال وفي طليعتها الخلاف على العبودية وطبيعة العلاقة بين الحكومة الفيديرالية والولايات طاغية على حياة الاميركيين. التركة المؤلمة للحرب الاهلية صعقت الاميركيين مرة أخرى الاسبوع الماضي بصورة بشعة حين ارتكب شاب عنصري عمره 21 سنة مجزرة في كنيسة للسود بمدينة تشارلستون، في ولاية كارولينا الجنوبية، على مقربة من المكان الذي اطلقت فيه الطلقات الاولى للحرب الاهلية. الشاب ديلان روف أمضى ساعة خلال درس عن الانجيل مع المصلين قبل ان يقتل تسعة منهم بدم بارد وهو يصرخ: “انتم تغتصبون نساءنا، وتستولون على بلادنا”. عكس انتخاب باراك حسين أوباما أفضل ما في أميركا وأسوأ ما فيها. ان تنتخب أميركا رجلاً مثل أوباما بدا كأنه تأكيد لقدرة الاميركيين على تخطي التركة العنصرية، وانتخاب رئيس على أساس شخصيته وسياساته وبغض النظر عن عرقه أو خلفيته. لكن انتخاب أوباما فجّر احتقاناً عنصرياً، كان ولا يزال الى حد كبير يعبّر عنه بطرق غير مباشرة، سواء في الانظمة التعليمية، وتطبيق القانون (70 في المئة من السجناء هم من الملونين) وفي الوظائف.مع وصول أوباما الى البيت الابيض، سقط بعض هذه الاقنعة، وتعرض الرئيس شخصيا وما يمثله لعنصرية سافرة وفاجرة. هذه العنصرية كانت في جوهر صرخة مؤيدي حزب الشاي: “نريد استرجاع بلادنا” (الصرخة ذاتها لديلان روف وهو يقتل ضحاياه في الكنيسة)، وهي أيضاً في جوهر الادعاءات أن أوباما لم يولد في أميركا، أو أنه مسلم أو اشتراكي أو يكره الولايات المتحدة. في استطلاع للرأي اجري قبل أربع سنوات تبين ان 48 في المئة من الاميركيين يعتقدون ان الخلاف على حقوق الولايات هو السبب الرئيسي للحرب، في مقابل 38 في المئة يقولون إن العبودية هي السبب الرئيسي، وهو ما تؤكده الوثائق والمؤرخون. واذا كانت أميركا لا تزال تعيش في ظل حربها الاهلية بعد 150 سنة، أتساءل كيف سيتعامل السوريون والعراقيون واليمنيون والليبيون مع حروبهم الاهلية؟ والى أي وقت سوف تستمر هذه الحروب؟

تطويق قوى الأمن الداخلي لتطويعها؟
غسان حجار/النهار/25 حزيران 2015

إذا كان ما شهدناه خلال الأيام الماضية في ملف سجن روميه، استهدف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي صد الهجوم بدفاعات من عنده، ومن الرئيس سعد الحريري، فإن ما حدث أصاب كثيرين من وزير العدل أشرف ريفي الى “تيار المستقبل” وصولاً الى مؤسسة قوى الأمن الداخلي، وتحديداً شعبة المعلومات فيها. ويتركز الاهتمام عندنا على مؤسسة الجيش كقوة ضاربة ومؤسسة جامعة لم تدخلها حسابات السياسيين والاحزاب والطوائف، أقله في العلن، ويتجنب كثيرون الخوض في ملفاتها، ويمتنعون عن انتقادها، خصوصاً في الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، إذ لنا مصلحة كبرى في احتضان المؤسسة العسكرية والمحافظة عليها، بإجماع وطني. لكن الاهتمام بالجيش، لا يعني أبداً، إهمال بقية المؤسسات الأمنية من قوى أمن داخلي وأمن عام وأمن الدولة، وتصنيفها في مرتبة أقل، أو في الاقفاص السياسية والمذهبية، لأن لنا مصلحة في تقويتها ودعمها لتقوم بواجباتها على أكمل وجه، والدفع في اتجاه التنسيق في ما بينها، لتتمكن معا من مواجهة الارهاب الآتي الينا من كل صوب. واذا كانت اخبار الجيش ليست في المتناول، لأن لا احتكاك مباشراً للعسكر بالناس، فان التعامل اليومي المباشر مع رجال القوى الأمنية يستولد قابلية أكبر للخطأ والخطيئة معاً، وللرشاوى والتدخلات والوساطات وغيرها. لكن هذه الأمور، على فداحتها أحياناً، لا تنفي الحاجة الى تلك الأجهزة وإلا وجب حلّها وتسريح عناصرها. من هنا يصبح التعامل مع الأخطاء التي تُرتكب من حين الى آخر، كحوادث فردية، واجباً وطنياً، لعدم اضعاف المؤسسات، ولنزع فتيل التفجير الذي ربما يكون قد أعدّ لها باحكام، خصوصاً متى أصاب فروعاً وشعَباً تثير دوماً اللغط حولها كمثل شعبة المعلومات. ولا يدفع هذا الكلام الى التغاضي عن الاخطاء، بل ان النقد للإصلاح ضروري لانتظام عمل المؤسسات السياسية والامنية، لكنّ ثمة فارقاً كبيراً ما بين الانتقاد البناء والملاحقة الدائمة وتسليط الضوء على الارتكابات، وبين المضي في خطط لتدمير المؤسسات الامنية، وشلّ عملها، ومحاصرتها، لتطويقها وتطويعها، خصوصاً في ظل الصراع المستفحِل ما بين افرقاء يخدمون مصالح غالباً ما تتجاوز حدود البلد الصغير. أما الصمت عن تلك الارتكابات فهو خطيئة مميتة، يذكّرنا بشعارات الانظمة العربية الديكتاتورية على مدى أكثر من سبعين عاماً، اي منذ قيام اسرائيل، التي منعت كل حراك داخلي، وكُمّت كل الاصوات المعترضة والاصلاحية، بذريعة ان كل شيء مسموح في المواجهة مع اسرائيل، الى حين تحرير فلسطين. لكن القدس لم تُستعد، والفساد نخر تلك الانظمة، فزالت أو تمضي الى تفكك. لذا من الضروري الدفاع عن قوى الأمن الداخلي حالياً وتحصينها، من دون إهمال المحاسبة.