حسان حيدر: في انتظار انهيار سورية//صبحي أمهز: ميقاتي – المستقبل: حرب الغاء سنية

255

في انتظار انهيار سورية
حسان حيدر/الحياة/25 حزيران/15

التقرير البريطاني الذي قدّم صورة شديدة السواد للوضعين الاقتصادي والإنساني في سورية، طرح سؤالاً عما إذا كان التدهور الاقتصادي المريع الذي تشهده بلاد الشام، سيكون السبب في انهيار نظام بشار الأسد عسكرياً أو في فرض تسوية من خارج لا تلائمه، أم أن المزيد من الهزائم العسكرية لجيشه سيمهد الطريق إلى انهيار حكومته اقتصادياً. والحقيقة المفزعة أن الجواب في الحالتين هو انهيار سورية كبلد ودولة قبل أن تنهار كنظام، إذا استمرت الحرب من دون حسم. وسواء سبق الانهيار الاقتصادي العسكري أو العكس، فإن النظام مآله إلى زوال، أما سورية التي نعرف فلن يبقى منها كلما طالت مأساتها سوى شبه بلد ممزق معدوم الموارد يسوده التناحر الأهلي. وفي الحالتين أيضاً يتحمل الأميركيون المسؤولية الكبرى عن المراوحة العسكرية والسياسية الحالية. فهم الذين يملكون مفاتيح الحلول، لكنهم يضعونها في جيبهم بانتظار إما أن تنقضي ولاية اوباما الثانية ويورث الملف الشائك إلى الرئيس المقبل، وإما أن يحصل تطور غير متوقع يجعل واشنطن تسارع إلى الالتفاف عليه لضبطه والتحكم بمساره. لكنها في وقت تفاوض إيران على دورها ونفوذها، تحرص على الحيلولة دون حصول أي تغيير في الوضع القائم. يقول التقرير الذي أعده مركز «تشاتام هاوس» البحثي في لندن أنه على رغم تراجع الرقعة الجغرافية التي يسيطر عليها نظام الأسد، إلا أن الدولة السورية بمؤسساتها الإدارية لا يزال لها وجود في المناطق الخارجة عن حكمه، ولا تزال الليرة السورية عملة التداول الرئيسية في الكثير من هذه المناطق وتتم بها عمليات شراء وبيع السلع وتسديد ثمن الخدمات. ويشير إلى أنه في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد و «داعش» يتقلص تدريجاً نفوذ الدولة الاقتصادي، في حين تلعب المساعدات الإنسانية التي تصل عبر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدور نفسه في بقية مناطق المعارضة. وهذا يعني أن استمرار الحرب سيؤدي في النهاية إلى انهيار ما تبقى من فكرة الدولة السورية، وظهور دويلات على أرضها، وزوال عملتها التي خسرت في أربع سنوات 78 في المئة من قيمتها بعدما فقد الاقتصاد السوري خمسين في المئة من قيمته الفعلية التي كان عليها في 2011. ويعني ذلك أيضاً أن القوى التي تمانع في حسم المواجهة مع النظام بحجة أنها تريد المحافظة على ما تبقى من المؤسسات السورية، وتتمنع عن تقديم وسائل تحقيقه، إنما تطيل عمر الأزمة وتمهد للانهيار الكامل، بقصد أو من غير قصد. وهذا ما يلخصه موقف الولايات المتحدة «اللامبالي» وفقاً لترتيب أولوياتها، وموقف اوروبا المتلهية بمعالجة ذيول الأزمة السورية وتبعات اللجوء إلى أراضيها. لكن لا يعقل أن الدول، وخصوصاً الكبرى، تتصرف بـ «سذاجة» أو «حسن نية»، بل لا بد أن لديها سياسات تعتمد وتطبق في الملفات كافة، سواء كانت مهمة أو هامشية، ولا بد أن هناك سبباً أو أسباباً وراء موقف التفرج على النزف القاتل على أرض سورية، والتلكؤ في البحث عن حلول أو تشجيع آخرين على إيجادها. ولعل الأميركيين لا يزالون يرون النصف الملآن من الكأس السورية، وينتظرون أن يخسر الاقتصاد السوري الخمسين في المئة الباقية من قيمته، أي الاندثار الشامل، قبل أن يقرروا أن الوقت ربما حان لرحيل الأسد.

ميقاتي – المستقبل: حرب الغاء سنية
صبحي أمهز/المدن/الأربعاء 24/06/2015 

لم تمر أفلام رومية مرور الكرام على الساحة الشمالية، بل كانت بمثابة “الرمانة” التي عمقت الخلافات بين تيار “المستقبل” والرئيس السابق نجيب ميقاتي الذي شن هجوماً على “المستقبل” معتبراً انه “خير من جسّد الاستغلال السياسي”، وأنه “ما توقف عن فبركة الاتهامات والاضاليل والافتراءات”، وأنه “إنقلب على كل الشعارات التي رفعها فور دخوله الحكم”. معلوم أن العلاقة المستقبلية – الميقاتية قديمة الجفاء. ظهرت إلى العلن في العام 2011 عندما انقلب ميقاتي على تحالفه الانتخابي مع الحريري وشكل حكومة مع فريق “8 آذار” الذي أسقط حكومة الحريري بفعل الإستقالة. منذ ذلك الحين كان تيار “العزم والسعادة” الذي يتزعمه ميقاتي يحاول إضعاف الحريري شمالاً. تدحرجت كرة الثلج الخلافية، التي بدأت تتجلى بحسب مصادر “المدن” خلال محاولة ميقاتي إظهار ان الموقوف سعد المصري يتلقى تمويله من الحريري، وليس من ميقاتي، كما هو معروف في طرابلس. لم تقف الامور عند هذا الحد، لا بل أتت فضيحة رومية لتشكل الفرصة المؤاتية لميقاتي من أجل استهداف خصمه اللدود على الساحة السنية. بيد أن “المستقبل” لم يستهجن هذا الأمر، على اعتبار ان ميقاتي بحسب قيادي مستقبلي “هو جزء لا يتجزأ من الحقبة السورية”. مستشار ميقاني، خلدون الشريف، يرى عبر “المدن” أن “كل خلاف سياسي هو مشروع، إلا أن ما قيل أن تركة الاسلاميين ناتجة عن حكومة ميقاتي فهذا كلام غير صحيح”، مشددا على أن “هذا الملف تكون عام 2007 بعد أحداث نهر البارد في ظل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة”. وليس بعيدا عن هذا الانتقاد الموجه ضد تيار “المستقبل”، بما أن الوزير المعني بالاشراف على سجن رومية أي وزير الداخلية، ينتمي إلى فريق الحريري، يقول الشريف إن “تعريض الموقوفين لدى دولة ما، لما تعرض له الموقوفون الاسلاميون بعد أحداث رومية، هو أمر لا يحتمل إلا النقد والاستهجان وتحميل كامل المسؤولية للجهات المختصة”، وتصريحا لا تلميحا واستكمالا للحملة الميقاتية على “المستقبل”، لم يقتنع تيار “العزم والسعادة” بتحمل المعنيين في تيار “المستقبل”  كامل المسؤولية السياسية عما حدث، فيقول الشريف: “في أحداث من هذا النوع عادة ما تتخذ تدابير صارمة وما جرى ليس على المستوى المطلوب”. وفي هذا الاطار، فان تيار “المستقبل” يقول وفق قيادي بارز فيه لـ”المدن” أنه “لم يتوان منذ اللحظة الاولى عن تحمل كامل المسؤولية عن الفعل المشجوب والمدان في رومية”، ويرى أن فريق 8 آذار في الشمال والذي يقوده تيار ميقاتي، يمارس حملة منظمة على فريق الرئيس الحريري تحت شعار لا لتيار المستقبل، قائمة على استغلال أحداث رومية بغية الانتقام”. على الرغم من ذلك، تجمع أوساط المستقبل أن ما حدث في رومية هو مدان وأن تداعياته خطيرة، ولا يمكن المرور عليه مرور الكرام، معربة عن خوفها من بقاء التوتر في الشارع، في حال لم يتم السير في التحقيقات حتى النهاية لمعرفة الجهة المسربة، والمستفيدة من التأجيج الشعبي في وجه المستقبل على الساحة الطرابلسية. ولا تستغرب قيادات المستقبل الهجوم المنظم الذي يقوده ميقاتي، إذ يقول مصدر قيادي لـ”المدن” أن “ميقاتي وجد الفرصة المؤاتية لتوظيفها في السياسة من أجل النيل من المستقبل، بيد ان هذا الموضوع لن يجعلنا نتهرب من مسؤولياتنا”. وتجمع مصادر “المدن” على أن العلاقة بين ميقاتي والمستقبل، والتي فجرتها مجدداً أحداث رومية، لن تعود إلى وضعها الطبيعي “خاصة أن الذي فرض ميقاتي على قوائم المستقبل هو التوافق السعودي – السوري، أما الان فان السعوديين أصبحوا على يقين أن ميقاتي لا يزال جزءا من المنظومة السورية”، وعليه تبقى المعركة مفتوحة عند كل مفصل بما يشبه حرب الإلغاء المسيحية بين “القوات اللبنانية” ورئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون في نهاية الحرب الأهلية اللبنانية.