رسالة مفتوحة الى حزب الله//أكرم علّيق/آمال شمص: ليست انتفاضة شيعية بعد لكنّها إشارة كبيرة

323

رسالة مفتوحة الى حزب الله
خاص موقع Mtv /June 09, 2015
خاص موقع Mtv
لسنا نتحدّث هنا في السياسة، ولسنا نجادل حزب الله في مسألة تدخّله في الحرب الدائرة في سوريا. ذلك شأن آخر ليس المجال هنا لبحثه. نتحدّث هنا عن سلوك لمناصرين ومقاتلين في حزب الله يضرب بعرض الحائط القانون وهيبة الدولة والحدّ الأدنى من الشراكة الوطنيّة.
شيّع حزب الله في الأيّام الأخيرة من يعتبرهم شهداء له سقطوا في سوريا أو في المعارك الدائرة في جرود عرسال، والمعروف عن الحزب تكريمه للشهداء وتخصيص يومٍ لهم لاستعادة ذكراهم، ورفع صورهم على الطرقات في مناطق نفوذ الحزب. ولكن، لا يجوز لمن يودّع الشهداء أو القتلى أو الضحايا، ولسنا هنا في معرض النقاش في التسمية الملائمة، متحسّراً عليهم، أن يتسبّب بسقوط ضحايا آخرين، لا ذنب لهم سوى أنّهم يعيشون في مناطق قريبة، وأحياناً بعيدة، عن مواقع تشييع الحزب لشهدائه، فيتلقّون الرصاص الطائش الذي يطلقه بكثافة المشيّعون الذين بلغوا، في الأيّام الأخيرة، حدّ إطلاق قذائف الأر. بي. جي في الهواء، من دون أن يسجّل توقيف رجلٍ واحد على يد الأجهزة الأمنيّة التي تعرض عضلاتها في منطقة وتبرز وَهَنَها في أخرى.
ربما يكون الموت، في سبيل قضيّة، شهادة تدفع بالبعض الى الافتخار. لسنا هنا نهاجم من يؤمن بذلك أو نجادله. ولكن، على من اختار هذا الطريق ألا يتسبّب بقتلنا معه. وإذا كانت المعركة التي يخوضها حزب الله هي معركة حقّ، بالنسبة إليه، فليوفّر ما يطلقه من ذخائر لمواجهة أعدائه وأعداء لبنان. وإذا كانت المقاومة هي فعلاً في مواجهة إسرائيل ومعه الإرهاب حاضراً، فنحن، ونقصد هنا المواطنين الأبرياء، لسنا مع إسرائيل ولا نؤيّد الإرهاب. فليرحمنا حزب الله إذاً من رصاصه الطائش إن كان عاجزاً عن حمايتنا من معاركه التي يصفها البعض بالطائشة…

آمال شمص: ليست انتفاضة شيعية بعد لكنّها إشارة كبيرة
أكرم علّيق/جنوبية/ الإثنين، 8 يونيو 2015

لا شكّ أنّ السيدة آمال شمص قد أبلت بلاءً حسناً في جرأتها وتسمية الأمور بأسمائها. لقد أبدعت في تظهير قضية حق ودفع ضيم مكبوت. لكنّ أخطر ما قد يتعرّض له مكوّن مثل حزب الله، بامتداداته ودوره المرسوم، أخطر ما يتعرّض له هو انتفاضة من لدنه. هي أكبر من صرخة وأبعد بكثير من “انعطافة”. عوامل عديدة في قضية الأختين آمال ومنى شمص أدّت إلى الهزّة الإعلامية اللافتة التي تابع اللبنانيون فصولها بالأمس، ولا شك أنّها وصلت إلى كل من يعنيهم الأمر.
هناك في مقلب المعارضين لحزب الله من حمَّل القضية أكثر مما تحتمل إلى درجة الإيحاء بأنّ “انتفاضة شعبية” ضدّ حزب الله هي قاب أختين أو أدنى. لا شكّ أنّ السيدة آمال شمص قد أبلت بلاءً حسناً في جرأتها وتسمية الأمور بأسمائها. لقد أبدعت في تظهير قضية حق ودفع ضيم مكبوت، إلا أنّه لا بدّ من ملاحظة أنّ أوراق الشجاعة التي تمتلكها السيدة شمص لا تعود إلى شخصها وحدها كإنسانة. وعلينا أن نتخيل لو أنّ ما حصل لها ولشقيقتها قد حصل مع عائلة صغيرة “مغمورة” لا جناحَ عسكرياً وراءها ولا عشيرة، هل كانت ستكون شجاعة؟ نعم، كانت صرخة الأمس لتكون بدايةَ انتفاضة أو أقلّه مؤشراً لكسر حاجز الخوف لو أنّها مجرّد رمانة وليست قلوباً مليانة.
يُسجَّل لعائلة شمص ملاحقتها قضية ابنها المرحوم حسن الذي دهسته قبل عشر سنوات شاحنة تابعة للدفاع المدني يقودها أحد أتباع حزب الله غير المتمرسين، وحتى بدون رخصة قيادة.
لا تسكت العشائر على قضية قتل حتى لو كانت قضاءً وقدراً. يشعر كبار العشيرة بالذلّ إلى حين ردّ الإعتبار عبر الأخذ بالثأر.
رفعت عائلة نايف شمص الصوت عالياً. هدّدت بإحقاق عدالتها الذاتية. حصلت مداخلات وضغوط كثيرة. لم تغفر العائلة يوماً لحزب الله، إضافة إلى تحميله مسؤولية تغطية قاتل ابنها. لم تغفر له ضغوطه لإجهاض القضية أمام المحاكم.
الشعور “العشائري” بالضيم، معطوفاً عليه ما سُمّي عملية “خطف فتاتين من العشيرة المظلومة”، كان الشرارة التي أشعلت مواقع التواصل الإجتماعي بالأمس وما تزال. ومن هنا لا يمكن الركون بعد إلى جذوة “ثورة” بدأت بالتأجج في وجه حزب الله.
ما حصل مع الفتاتين الشقيقتَين بالأمس مستغربٌ ومدان بالتأكيد. لم ينفِ أحدٌ الوقائع. كل ما في الأمر أنّ بعض جمهور حزب الله خرج كعادته شاتماً مُخوِّناً. لم يخرج أحدٌ من هذا الجمهور ليُكذّب كلمة واحدة مما قيل. لم يترك بعض الجمهور قذاعةً إلا وألصقها بالفتاتين. حزب الله، وإن كان يتحمّل مسؤولية لجم جمهوره بعدما نفخَهُ بصفات “أشرف الناس” و”أطهر الناس” وغيرها، لا بدّ أنّه اليوم يشعر بالحرج، خصوصاً أنّ ما صدر من لوم وانتقادات إنّما صدر من قلب بيئة “لبّيك” نفسها. لا يستطيع حزب الله تجاهل حجم العشائر وما قدّمته وتقدّمه له من دعم وغطاء شعبي وتضحيات. فانتقادات عائلة شمص تعدّت قضية مقتل ابنها المغدور لتصل إلى دوره وموقعه في هذه الحروب الإمبراطورية المفتوحة هنا وهناك. وهذا وحده مؤشّر له مدلولاتٌ قد يُبنى عليها حين يحين الجدّ. ليس في إمكان حزب الله الرسمي إلا استيعاب النقمة. لا شكّ أنّه يأخذ بعين الإعتبار إمكانية تحجيم العائلة الغاضبة، من خلال قسم موالي له كلياً “على العمياني” من هذه العشيرة. لكنّ أخطر ما قد يتعرّض له مكوّن مثل حزب الله، بامتداداته ودوره المرسوم، أخطر ما يتعرّض له هو انتفاضة من لدنه. وهذا الأمر، رغم كلّ ما قيل وما يمكن أن يقال، لا يبدو متوفراً حالياً، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.