ربيع حداد: حزب الله يستعجل التسوية في القلمون//لوسي بارسخيان: أهالي الطفيل: عودتنا في عهدة الدولة وحزب الله

290

حزب الله” يستعجل التسوية في القلمون
ربيع حداد/المدن/السبت 06/06/2015 

تخف وتيرة معارك القلمون حيناً وتعنف أحياناً، ولا يتوانى “حزب الله” عن اعلان الانتصارات المتلاحقة، في المنطقة الجردية، التي تصل الى حدود جرود عرسال.

الواضح أن ثمة ما يوحي أن هناك خطوة تراجعية اتخذها “حزب الله” بعد كل المواقف المجابهة له والرافضة لدخوله الى جرود البلدة اللبنانية، ووسط هذه المعارك يبرز حديث عن محاولات لإيجاد تسوية في المنطقة تخفف خسائر الطرفين، ولا تخرج عن سياق ترسيم حدود جديدة.

ليس صحيحاً أن قدرة “حزب الله” على التحمل أو تقدمة القرابين، غير محدودة، ففي وقت يتراجع فيه سقف مواقفه المرتفعة والتصعيدية حول سوريا، وحده عداد القتلى يتقدم، اذ إن حجم الخسائر أصبح كبيراً جداً، وهناك الكثير من التساؤلات بدأت تطرح عن الجدوى من كل هذه المعارك والتضحيات التي تقدم على مذبح القلمون وعرسال، فيما النظام السوري في حالة تراجع وانحسار في مختلف المناطق السورية.

المؤكد أنه بالنسبة لـ”حزب الله” فإن معركة القلمون بلا أفق، والنصر ليس حاسماً ولا كاسحاً، وهذا ما جاء باعتراف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، الذي قال إن المعركة تتحدث عن نفسها، وليس هناك مدة زمنية لإنتهائها، ما يعني أنها طويلة، وكل يوم من أيامها سيحمل الكثير من التكلفة.

في ميزان تغيّر الوقائع والقوى، كان نصر الله وعلى مدى السنوات التي سبقت يتحدث عن السيطرة على كامل سوريا، والحسم العسكري. بدا اليوم، أن التراجع أوضح، فغابت الوعود بالإنتصارات الحاسمة، أكثر من ذلك، تحول السيد في خطابه من “سنكون حيث يجب أن نكون، وسنقاتل في مناطق لم نقاتل فيها من قبل”، الى الحديث عن المعارك في القلمون بداية لحماية الأراضي والمناطق اللبنانية من أي اعتداءات، ليصل الأمر اليوم الى الحديث عن تطهير جرود عرسال من قبل الجيش اللبناني.

تعتبر مصادر مطلعة عبر “المدن” أن خطاب نصرالله الأخير، في إحتفال كشافة المهدي، يشير إلى تراجع واضح مشهود بأم العين ومعترف به، وإن غلّفه نصرالله بالحديث الشعبوي المليء بالحماسة، والحث على الإنتصار، وما كلامه الأخير عن أن الحزب لم يقل أنه يريد تحرير عرسال، وليس بحاجة الى مقاتلين، على الرغم من أنه قبل أيام اعتبر أنه في حال لم يقم الجيش بعملية تحرير المناطق الجردية فإن العشائر ستقوم بذلك، وهذا ليس سوى دليل اضافي على التراجع.

وسط هذه التراجعات المرئية تعتبر مصادر “المدن” أنه لا إمكانية للوصول الى حل في تلك المناطق إلّا بالتفاوض، وتشير الى أن هناك بعض القنوات التي فتحت مؤخراً بين الحزب والمسلحين من أجل الانسحاب من المنطقة.

وفي السياق، تؤكد مصادر “جيش الفتح” لـ”المدن”، المعلومات التي تتحدث عن صفقة قيد الإعداد، مشيرة الى أن هذا الطرح جوبه برفض مطلق، وهو لن يحصل الآن، وفي حال كان لا بد منه فسيكون اتفاقاً شاملاً على أمور عديدة.

ووسط هذا الحديث تعتبر مصادر متابعة عبر “المدن” أن “حزب الله” هو من يستعجل تسوية كهذه لتخفيف خسائره التي بلغت منذ آب الماضي في العام 2014، وحتى اليوم، ٥٦ قتيلاً بينهم قياديون قضوا في القلمون، ويصرّ على مبدأ التسوية بعد أن رفض الجيش اللبناني خوض معارك لا تصب في مصلحة لبنان وتشتت قواه لخدمة أطراف خارجية.

المؤكد أن هذه المعارك التي تخاض من قبل جميع القوى المتقاتلة على الأرض السورية، تهدف الى رسم حدود نفوذ كل قوة، ففي الشمال يسعى “جيش الفتح” الى السيطرة على أوسع مساحة ممكنة، وتنظيم “داعش” يتوسع من الشرق باتجاه البادية والوسط، فيما النظام يدعّم حدود دولته “المفيدة”، وليس قتال “حزب الله” في القلمون إلا لهذه الغاية، بالاضافة الى حفاظ النظام على مناطقه الساحلية، ولا ينفصل  الساحل والقلمون عن إرسال إيران سبعة آلاف مقاتل للدفاع عن دمشق، لا سيما في ضوء ما يحكى عن معركتها القادمة اذ سيكون الصراع عليها في المقبل من الأيام، وأمام هذه الجغرافيات المبتكرة يسعى الأفرقاء الى الدخول في تسوية ترعاها الدول تحفظ للجميع حدود سيطرتهم، وإن صح هذا الكلام فإن تسوية القلمون قد تكون آتية، بحيث ينسحب المسلحون الى الغوطة تحضيرا لمعركة دمشق، غير المحسومة بعد، لأي جهة، ولن تحسم إلا بالقوة والسيطرة.

أهالي الطفيل: عودتنا في عهدة الدولة و”حزب الله”
لوسي بارسخيان/المدن/السبت 06/06/2015 

عزلت معارك القلمون الاخيرة اهالي بلدة الطفيل اللبنانية، كلياً عن بيوتهم. حتى الطرقات الجبلية الوعرة لم تعد آمنة ليصلوا إلى ارزاقهم التي خلفوها وراءهم اثر اشتعال المعارك بين النظام ومعارضيه في المنطقة. انزوت أكثر من 200 عائلة وراء الحدود اللبنانية بإنتظار التطورات التي ستحملها معارك الجرود المستمرة في القلمون، وسط عجز عن انتزاع رعاية الدولة وحمايتها ولو بتأمين طريق آمن الى بلدتهم.

هجّر اهالي الطفيل، ولم يبق منهم سوى 11 عائلة لا تزال تسكن في البلدة، هي ليست مواجهة من هؤلاء لما يحكى عن محاولات تغيير الخريطة الديمغرافية في المنطقة، ولكنّ معظمهم لا يملك ملاذاً آخر داخل الاراضي اللبنانية او السورية، فيما كثيرون لا يزالون يحتفظون بملكيتهم على مضض، طالما هي مرهونة الى البنك المركزي منذ عهد الآغوات الذين اورثوها لخلفائهم. وعليه يجزم مختار الطفيل علي الشوم ان “لا محاولات لشراء او بيع الاراضي في الطفيل خلال المرحلة الاخيرة، كما تشيع بعض وسائل التواصل الاجتماعي والصحف. فحتى لو رغب الاهالي ببيعها، فلمن يبيعونها وكيف، اذا كانت كل اراضي الطفيل ملكية للآغوات وقد منحت لعائلات قليلة قامت برهنها الى “بنك ميدكو”؟ وعندما افلس “ميدكو” وضع البنك المركزي اليد عليه، مستحصلا على السجلات العقارية للطفيل التي اصبحت مرهونة بالتالي للبنك المركزي”. ويشرح الشوم لـ “المدن” ان “لا مالكين لاراضي في الطفيل، بل يطلق على اهلها اسم مزارعي الطفيل، بإنتظار التسوية التي وعدوا بها منذ عقود طويلة مع البنك المركزي، والتي قضت بأن يعطى كل من الفلاحين مكان بيته ونحو ثلاثة الى خمسة دونمات ارض بعد تحديد سعر التصفية مع مصرف لبنان”. ويتابع الشوم “نسمع كلاما كثيرا ان الطفيل بيعت. لمن ستباع الطفيل؟ ومن سيبيعها إذا كان لا وجود لسلطة قضائية في البلدة، فيما اعلى سلطة مدنية هي المختار، وانا لم اوقع على اي عقد بيع، فمن سيقدر على بيع هذه الأراضي؟”، شارحا ان”البيع لا يكون الا من خلال مستثمر كبير يقوم بفك رهن الأراضي من البنك المركزي، وحينها تتم تسوية الامر مع الفلاحين، وربما يشتري من الفلاحين بيوتهم. اما حاليا فلا البنك المركزي ولا الدولة ولا اي تاجر يمكنه ان يخرج اهل الطفيل من بيوتهم”.

ولكن لدى اهالي الطفيل مع ذلك خوف من ان تكون الظروف قد فرضت عليهم هجرة دائمة عن بلدتهم. فالوصول اليها عبر الأراضي السورية بات محفوفا بخطر كبير كما يؤكدون، ويشيرون الى ان “الانتقال بين الطفيل وعسال الورد وحوش عرب المجاورتين محفوف بالخطر أيضاً”، فيما الإنتقال الى الطفيل عبر الأراضي اللبنانية لا يزال ينتظر، أولا وعود الدولة “العرقوبية” بشق طريقها من جرود نحلة وبريتال، ومن ثم الضمانات التي على “حزب الله” ان يقدمها كما يقول المختار الشوم، لضمان سلامة انتقال اهالي البلدة إليها.

لم “تغنم” الطفيل طريقاً من داخل الأراضي اللبنانية لا في ايام الوجود السوري ولا بعده، ويبدو أن ما لم تربحه في ايام السلم اصبح صعباً جداً في أيام الحرب الدائرة في سوريا. ويشرح الشوم “انه في عهد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، تم تلزيم انشاء الطريق لأحد المتعهدين، ولكن وقع خلاف على تكاليف المشروع مع رئيس جهاز الامن والاستطلاع السوري غازي كنعان، وبقيت الطفيل من دون طريق. تفاءل الاهالي كثيرا عندما وضع الامر على جدول اعمال الحكومة السابقة وأقر مشروع قانون يتخذ صفة تلزم كل حكومة تأتي على وضعه على جدول اولوياتها، بعد ان حددت كلفة انشاء الطريق بمبلغ 24 مليون دولار تتضمن استحداث شبكة للهاتف وللكهرباء، فشعر الأهالي ان تعرُّف الدولة على البلدة وإحتضانها، بات قريبا، حتى انهم سموا الطريق، التي كان يفترض أن تتم المباشرة بالعمل بها سريعا، طريق العريضي نسبة الى وزير الاشغال العامة والنقل السابق غازي العريضي. انفرط عقد الحكومة وتشكلت حكومة جديدة، ليصبح المشروع سراباً من جديد، بعدما هوجم قبل المباشرة به من قبل بعض وسائل الاعلام التي اشتمّت فيه صفقات فساد. لتأتي الأحداث الأخيرة وحالة الاستنفار العسكري التي فرضتها معارك “حزب الله” مع المقاتلين السوريين في الجرود على كل أحلام إنشاء الطريق.

هذا الامر يعتبره الشوم اساءة مستمرة لأهالي الطفيل، “الذين يجرؤ البعض على التسول على ظهرهم، للمطالبة بصناديق اعانة غذائية لهم، فيما الذبائح التي اقمناها على شرف الدولة عندما لاح أثرها في البلدة في بداية الأزمة السورية كانت أثمن من الكراتين التي حملوها للأهالي معهم”. “لا يريد اهالي الطفيل صدقة” كما يؤكد الشوم، “بل يريدون حقهم” الذين يضعونه في عهدة الدولة وسلطة الامر الواقع التي يمثلها “حزب الله” في الجرود، ليعودوا الى بيوتهم والأرزاق التي خلفوها في البلدة. والى ذلك الحين يبقى تعويلهم على عائلات جمال دقو، منصور مسعود شاهين، احمد محمد عمر، نعيم مسعود دقو، جميل محمد دقو، محمد امين عثمان، علاء محمد عثمان، مسعود اسعد شاهين، احمد مسعود شاهين، صالح خليل الآغا، فؤاد اسعد دقو، لعلّ صمودهم في البلدة يبقي مطالبتهم بوجود الدولة اللبنانية في الطفيل قضية حية.