طبول حرب القلمون لن تقرع في عرسال/سرايا المقاومة البقاعية تقاوم القتال في القلمون/معركة القلمون في صلب حرب الاستنزاف السورية

342

معركة القلمون في صلب حرب الاستنزاف السورية
ثريا شاهين/المستقبل/22 أيار/15

لاحظت أوساط ديبلوماسية، أن الحكومة اللبنانية لا ترغب في أن يحصل خلاف بينها وبين «حزب الله» على خلفية معركة القلمون، على اعتبار أن هذا الموضوع متصل في الأساس بدخول الحزب الى سوريا، وهي لم تأخذ موقفاً من المعركة. وفي هذه النقطة بالذات، هناك ربط نزاع بين «تيار المستقبل» والحزب، لذلك لم يكن هناك رد فعل ذو سقف عال من التيار حيال ذلك، على حد قول مصدر نيابي بارز. حتى أن الحوار لم يتأثر بهذه المسألة، نتيجة ربط النزع هذا، وأن تدخل الحزب في سوريا لا يندرج على جدول أعمال الحوار، الذي يركز على نقطتين أساسيتين هما: تخفيف الاحتقان، وإيجاد خارطة طريق لانتخاب رئيس للجمهورية، لذا لم تكن هناك معارضة عارمة في لبنان لتدخله، ويكفي أفراد الحزب الذين يقتلون هناك وتظاهرات التشييع. ومن غير الواضح ما الذي يجنيه الحزب من تدخله في سوريا غير زيادة عدد الشهداء.

والمهم في كل ذلك، أن لا يتم العمل أو القبول بظاهرة انتقال المسلحين الى لبنان، حيث أن الطريق مقفلة عليهم من ثلاث جهات باستثناء جرود عرسال، وهو طريق مفتوح أمامهم. وهناك خشية من زج لبنان في الحرب السورية، وجره الى نزاع هو في غنى عنه، وجر الارهاب الى الداخل اللبناني، عندها يكون هناك خطر جدي وكبير على استقرار لبنان وعلى أفراد الجيش وقوى الأمن المحتجزين لدى جبهة «النصرة»، وتنظيم «داعش». وطالما أن الحزب موجود في سوريا فهناك خطر واضح.

ولفتت المصادر الى أن حرب القلمون قد تكون خطوة نحو تحديد الدولة العلوية من خلال ازالة تواجد المعارضة على الحدود اللبنانية وصولاً الى العاصمة دمشق، وعندما يتم اخراج المسلحين من الجرود، تتأمن كل الحدود الملاصقة بين الدولة العلوية ولبنان وحدودها من الشام حتى اللاذقية. ما يعني أنه اذا انتصر الحزب فسيتم حسب المصادر، تحديد هذه الدولة مع الاشارة الى أن لا معارك حالياً في حمص، التي تعد مهجورة، ومهدمة، ولم يعد أهلها من السنّة إليها. والمعركة إذا ما حسمت ذلك لمصلحة النظام، فتكون قد خدمت تقسيم سوريا وساعدت عليه.

وتعتبر المصادر أن الحزب يتدخل مرة جديدة في سوريا بقرار إيراني وليس بقرار حزب داخلي.

وأفادت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن الحرب في سوريا هي حرب استنزاف كبيرة الى أن يستطيع طرف ما حسم الأمور، وتتطور الأوضاع على الأرض بشكل واضح. الحزب من خلال معركة القلمون يريد الوصول الى معركة دمشق وكسبها مع النظام، الذي استطاع الربح في مرحلة حرب القُصَير وما تلاها. وهو يعتبر أن من يربح دمشق يربح على الأرض. ولكن لا يزال الحسم صعباً في سوريا، مهما اشتدت المعارك.

ولفتت المصادر الى أن «حزب الله» يعتبر معركة القلمون استراتيجية بالنسبة إليه، فإذا خسر سوريا معنى ذلك خسارة له في لبنان، وإذا ربحها فتعني سيطرة متزايدة له على لبنان. لذلك لا تهمه الأصوات السياسية التي تعارض تدخله في سوريا وفي معركة القلمون. وخسارة سوريا بالنسبة إليه، خسارة لكل الباب الواسع الخلفي له من سلاح وامدادات متنوعة. إذاً هي قضية حياة أو موت، لذلك لن يقبل أن يتراجع مهما تصاعدت الضغوط الداخلية.

فضلاً عن ذلك، ان معركة القلمون مرتبطة بكل الصراع في المنطقة قبل توقيع الاتفاق الغربي مع إيران. فهناك رغبة إيرانية تنفذ عبر الحزب، في تعزيز الأوراق داخل سوريا، ما يؤثر إيجاباً على الحوار بين الغرب وإيران حول ملفات المنطقة في المرحلة التالية لتوقيع الاتفاق. وحتى بعد التوقيع ستستمر إيران بتعزيز أوراقها ومصالحها لأن الأمر يقويها في عملية التفاوض المقبل. وهي تدرك أيضاً في الوقت نفسه أن الغرب يقوم بالتعزيزات نفسها الى حين تصبح معه الظروف ملائمة لتسوية ما.

في هذا الوقت الضائع دولياً، الأضواء مسلطة على دور الموفد الدول للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا، وما اذا كانت مشاوراته مع كل الأطراف السوريين والمهتمين والمؤثرين بالوضع السوري، ستسمح بإعادة تفعيل وثيقة «جنيف 1»، بعد كل التقدم الذي أحرزته المعارضة على الأرض. حتى أن المعارضة المسلحة تمت دعوتها الى المشاورات، إلا أن أطرافاً دولية لا تزال غير مقتنعة بما بقوم به دي ميستورا.

«سرايا المقاومة» البقاعية «تقاوم».. القتال في القلمون
خالد موسى/المستقبل/22 أيار/15

«راحت الـ600 دولار يا حاج»، يقول أحد الشباب الذين تخلت عنهم «سرايا المقاومة» مؤخراً في منطقة البقاع الغربي، بسبب رفض الأخير، ومجموعة معه من المغرّر بهم داخل الطائفة السنية تحت نير الأوضاع المعيشية الصعبة، القتال الى جانب «رجال الله» في القلمون. فالحزب، وبعد أن بدأ يشعر بمشكلة تعبوية داخلية خصوصاً خلال معركة القلمون الأخيرة، والخسائر الكبيرة التي مُني بها في صفوف قياداته خلال المواجهات مع «جيش الفتح في القلمون»، بدأ العمل لإنشاء خلايا نائمة تابعة له داخل مناطق البيئة المعادية له ولمشروعه، خصوصاً في المناطق السنية كما هو حاصل في منطقة البقاعين الأوسط والغربي وصيدا والإقليم وطرابلس وبيروت وعكار، عبر أدواته وأزلامه الموجودين في تلك المناطق.

واستغل الحزب الأوضاع المعيشية المزرية التي يمر بها شباب تلك المناطق، وعمل وفق خطة ممنهجة من أجل إحداث خرق في هذه البلدات، مقدماً لكل عنصر راتباً شهرياً يرواح ما بين الـ400 والـ600 دولار أميركي مع سلاح حربي من نوع «كلاشنيكوف» ورخصة «حماية موكب» من أجل عدم التعرض له من قبل القوى الأمنية والعسكرية، بحسب ما كشفت مصادر مواكبة للملف في منطقة البقاع في حديث الى «المستقبل»، مشيرة الى أن «في الأسابيع الماضية أقيمت دورة عسكرية خضع لها أكثر من خمسين شابا من مناطق يسكنها سنّة ترواح أعمارهم ما بين الـ 15 والـ35 سنة». غير أن عقلاء تلك البلدات، ومن بينها بلدة سعدنايل في منطقة البقاع الأوسط، التي انتفضت في وجه النظام السوري و«حزب الله» إبان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واختارت النهج الإستقلالي في عام 2005 متخذة خط عدم الخضوع لمحور إيران سوريا، رفضت هذا الواقع المرير ودفعت بكل قواها من أجل إقناع عدد من الشباب المغرر بهم داخل بلدتهم والذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة في ترك هذا المشروع الذي يعادي بيئتهم واهلهم ، مستندين الى ما قامت به هذه القوى ضد أهالي البلدة خلال أحداث 7 أيار عام 2008. مصدر من داخل البلدة، يكشف لـ«المستقبل» أن «عدداً من الشبان داخل البلدة عملوا على بعض هذه الحالات وأستطاعوا إخراج المغرر بهم من هذا الخط، وهو ما بدا جالياً من خلال انشقاق الشاب (ت.ش )، الذي عاد عن هذا السبيل. وطلب من أخيه (م.ش) ان ينشر بالنيابة عنه بياناً بذلك على الفيسبوك. يعلن عبره انسحابه من «سرايا المقاومة»، فهو لا يملك حساباً شخصياً على الفايسبوك.
وجاء في نص البيان :«باسم الله الرحمن الرحيم»، (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون) حديث شريف، بين الجد واللعب، وبين التغرير وفلسطين استطاعوا اقناعه بأنهم مقاومة ويريدون مواجهة العدو الإسرائيلي وتحرير فلسطين !عندها أصبح أخي أحد الشباب المغرر بهم في سعدنايل، البلدة التي ولد فيها وعاش بين أهلها الطيبين الشرفاء الذين قدموا العديد من الشهداء بالمواجهة مع إسرائيل. استطاعوا ان يحجبوا بصره عن مجازرهم بحق الأطفال الرضع والنساء في سوريا تحت حجة الخطر القادم. لكنهم قبل فوات الأوان لم يقدروا أن يعموا بصيرته بفضل الله. من هنا يعلن أخي توبته لله وحده من ما يسمى سرايا المقاومة طامعاً أن يغفر له خطأه بحق نفسه وأهله وبلدته.ابن سعدنايل( ع. ش) 18/05/2015». ويتابع المصدر: «ان الحزب لديه خطة لما بعد سوريا، خصوصاً لما بعد سقوط النظام هناك، وهو يحاول أن يخلق خلايا نائمة داخل مناطق البيئة المعادية لمشروعه، فسعدنايل منذ العام 2005 انتفضت بوجه هذا المشروع عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأعلنت تأييدها الكامل للخط الإستقلالي ضد محور إيران سوريا في لبنان، فكان نصيبها الكبير في أحداث 7 أيار 2008، ولكن رغم ذلك استطاع شباب البلدة أن يوجهوا ضربات موجعة لحزب الله خلال هذه الأحداث».

ويلفت الى أن «بعد انطلاق الثورة السورية وبعد لجوء الاسد للخيار العسكري، شكلت سعدنايل حاضنة كبيرة للاجئين الهاربين من ظلم نظام الأسد، بحيث أصبح عدد اللاجئين فيها بحسب أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أكثر من 33 ألف لاجئ مقابل 15 ألفاً من سكان البلدة»، مشيراً الى ان « بسبب الوضع الإقتصادي المتردي، أصبح هناك تململ بين الجيل الصاعد من الشباب الذين بأغلبيتهم عاطلون من العمل، فعمل الحزب على استغلال هذه النقطة إضافة الى نقاط أخرى من بينها الخدمات الأمنية والتسليح، لخلق حالة له داخل البلدة وتجنيد بعض شبابها لإستخدامهم في ما بعد بأي صراع داخلي أو خارجي مقبل». وكشف عن أن «هناك خمسة كوادر للحزب داخل البلدة قام بتسليمهم هذا الملف ومن بينهم الدكتور عبد الجليلي الحشيمي ورئيس جمعية «قولنا والعمل» الشيخ أحمد القطان وبعض الكوادر من البلدة نتحفظ عن ذكر أسمائهم»، مشدداً على ان «أهالي البلدة بأغلبيتهم الساحقة رفضوا هذا الموضوع، وحتى الأهالي الذين عرفوا بأن أبناءهم ينتمون الى هذه السرايا تفاجأوا بهذا الأمر وعملوا ما بوسعهم من أجل إخراج أبنائهم من هذا الخط». وأشار المصدر الى أن « بعض الشباب في البلدة من العقلاء سعوا الى إيقاف هذا الأمر وإقناع هؤلاء الشبان بضرورة الخروج من هذا المستنقع، وقد نجحوا في ذلك، وهناك بعض الحالات الإضافية يعمل عليها ايضاً»، كاشفاً عن أن «هؤلاء الشباب المغرر بهم تراوح أعمارهم ما بين 17 و25 عاماً وهناك حالات قليلة تحت الـ 15 عاماً وحالات فوق الـ 35 عاماً». وعلمت «المستقبل» أيضاً من مصادر بقاعية أن «الحزب عمل في الفترة الأخيرة على وقف الرواتب الشهرية عن عشرات الشبان التابعين لـ«سرايا المقاومة» في بلدات البقاع الغربي، الذين رفضوا المشاركة بالقتال الى جانبه في معارك القلمون، وكانت رواتبهم تراوح ما بين الـ 400 دولار الى 600 دولار حسب أقدمية العنصر».

طبول حرب القلمون لن تقرع في عرسال
علي رباح/المستقبل/22 أيار/15

ماكينة إعلامية ضخمة تواكب جديد القلمون وعرسال، وتُكمل ما بدأه الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في خطابيه الاخيرين. ضخ هائل من المعلومات والتحليلات والمقابلات تصب في اتجاه واحد: «حُسمت معركة القلمون لصالح الجيش والمقاومة، وحُشِرَ الارهابيون في جرود عرسال، وبات على الدولة ان تتحمّل مسؤولياتها… والّا»! قرْع طبول الحرب بأقلام كتّاب «الممانعة»، وخطاب السيّد الذي اكد خلاله ان «اهالي البقاع لن يتخلوا عن مسؤولياتهم اذا تقاعست الدولة، امر رأى فيه فيه العديد من العراسلة تحريضاً لاهالي البقاع الشمالي على عرسال واهلها. استدعى هذا رداً صريحاً وواضحاً من الرئيس سعد الحريري: « الاصوات التي تهدد عرسال بالويل والثبور وعظائم الامور لن تحقق غاياتها مهما ارتفعت، وكل المحاولات لزج الجيش اللبناني في معارك يحدد زمانها ومكانها حزب الله لن تمر، ولن نسكت عنها». اسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون عامة والعراسلة خاصة: هل نحن امام «عرسال2»؟ لماذا يحشد نصرالله عسكرياً واعلامياً من اجل معركة جرود عرسال؟ هل يخشى حزب الله فعلاً على الداخل اللبناني من الجماعات المسلحة في القلمون، ام ان للموضوع علاقة بخارطة سوريا المستقبلية؟ مصادر مطلعة توقفت عند الاهتمام «الشرس» لمحور الممانعة بمعركة جرود عرسال، في وقت يتراجع هذا المحور ويتهاوى في الشمال والجنوب السوريَين. وبرأيها، فإن المشروع الايراني، الذي فقد الامل بسوريا موحدة تحت حكم حليفها الاسد، ذهب الى خياره الاخير، الى الدفاع باستماتة عن الشريط الممتد من دمشق الى الساحل مرورا بجبال القلمون وحمص، وذلك من خلال 3 خطوات: الخطوة الاولى تكمن في شراء ايران لاراضٍ واسعة وعقارات ضخمة في كل من دمشق والسويداء وطرطوس واللاذقية. والخطوة الثانية عسكرية، في محاولة للسيطرة على جرود القلمون بشكل كامل لحماية التواصل بين دمشق والساحل. والخطوة الثالثة، هي في العمل على تغيير الواقع الديموغرافي والعقائدي والمذهبي في دمشق والساحل، من خلال «ابتلاع» بيئة الاسد المذهبية ».

ولكن ماذا عن عرسال؟ «عرسال هي الخاصرة الرخوة للدويلة التي تسعى ايران لتشكيلها»، تقول المصادر. وتعزز وجهة نظرها وخشيتها على عرسال بالقول: « هذه البلدة اصبحت فعليا في قلب المشروع الايراني المفترض. فجبال القلمون باتت في الخارطة الايرانية المنوي رسمها من جهة، والبقاع الشمالي هو الذي يشكل الخزان الشعبي المفترض لبيئة حزب الله وايران من جهة اخرى «، متوقعاً ان يعمل حزب الله على تغيير ديموغرافيا البقاع الشمالي، من خلال تهجير العراسلة عن المنطقة، متسائلاً:« ما الذي يمنع ايران التي هجرت ميليشياتها مئات العائلات من بانياس والساحل السوري، من التعامل مع عرسال والبقاع الشمالي بالمثل «؟! وهذا ما يسعى اليه حزب الله بمحاولاته المتواصلة لجر الجيش اللبناني الى معاركه، ليس لحاجته الى دعم عسكري فحسب، بل لينتزع صفة شرعية لعملياته المرتقبة في عرسال وجرودها، ولينفذ المخطط الايراني تحت ستار الدولة اللبنانية. وهذا ما لن يحظى به الحزب الذي خاطبه الرئيس الحريري بالتأكيد على «ان عرسال ليست مكسرا لعصيان حزب الله على الاجماع الوطني». هكذا يدخل «حزب الله» في معارك القلمون وجرود عرسال لتنفيذ المشروع الايراني، متلطيا خلف شعار «محاربة الارهاب» حينا و«الاستعداد لاقتحام الجليل من القلمون» حينا اخر! مشروع ايران بات شبه مكتمل: مساحات واسعة من اراضي دمشق باتت قانونيا بيد طهران. محاولات «ابتلاع» بيئة الاسد المذهبية مستمرة، ومن يقف من هذه البيئة بوجه الطموحات الايرانية يُقتل. وهذا ما جرى بالفعل في الاسابيع الماضية، حيث قُتل كبار بعض ضباط النظام الرافضين للذوبان في البيئة الايرانية. ومشروع استحداث «عبد الملك الحوثي» من جديد على طول هذا الشريط يُعمل على انجازه. ولم يبق سوى عقبة عرسال، التي لن ينجح «حزب الله» في إزاحتها عن خارطته المأمولة.