رندة تقي الدين/هل ينظر القضاء الفرنسي في إرهاب سماحة//خيرالله خيرالله: التوقيت المريب لزيارة ولايتي للبنان العرب

270

هل ينظر القضاء الفرنسي في إرهاب سماحة؟
 رندة تقي الدين/الحياة/20 أيار/15

شريط الفيديو الذي بثته وسائل الإعلام اللبنانية هو شريط مريع يظهر فيه ميشال سماحة وهو يتحدث عن نقل المتفجرات من دمشق الى لبنان لتفجير اماكن «بعض السنّة في لبنان» وكان يأكل فاكهة ويؤكد ان بشار الاسد وعلي المملوك وحدهما على علم بما أعدوه من جريمة لزرع الفتنة والحرب الاهلية في لبنان. كيف يمكن ان يقوم هذا الرجل الذي لعب دوراً سياسياً في لبنان وكان من المجتمع اللبناني المثقف وتربطه علاقات وثيقة بفرنسا ومسؤولي استخباراتها بتنفيذ هذا المخطط لبشار الأسد وجماعته لتفجير أبناء وطنه؟ هذا الرجل ذات الاطلالات العديدة على شاشة «المنار» التابعة لـ «حزب الله» والذي كان يعطي دروساً في الوطنية والعروبة كان يريد تفجير وقتل المئات من ابناء بلده، كما فعل الذين قتلوا سمير قصير وجبران تويني بنوعية المتفجرات نفسها.

ان من المذهل ان هذا الرجل الذي كان يدق أبواب كبار الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الفرنسية لنشر خبر على صفحاتها وتغطية زيارات الأسد وزوجته الى باريس والذي كان له دخول حر الى قصر الرئاسة الفرنسية لمقابلة أمينها العام في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي كلود غيان هو الذي نقل متفجرات في سيارته من دمشق الى لبنان لقتل لبنانيين. رحم الله وسام الحسن الذي تم اغتياله لانه كشف الجريمة وأوقفها قبل حدوث الكارثة الكبرى. فقد كان الحسن يعرف منذ اشهر ان سماحة يدبر لجريمة مروعة في لبنان وأراد إيقافها فتم اغتياله كمعاقبة له على انقاذ البلد من كارثة في حين ان الحكم الذي صدر على سماحة من المحكمة العسكرية هو بالسجن اربع سنوات ونصف السنة فقط. حكم معيب. ان هذا الحكم هو تأشيرة للإجرام والتفجير والارهاب. فماذا عن السجناء من ارهابيي نهر البارد وغيرهم في طرابلس وأماكن أخرى في لبنان، فهل يحكم على كل ارهابي بعقوبة مثل عقوبة سماحة ويصبح البلد ارض الارهاب في وقت يزعم «حزب الله» ان حربه في سورية لمكافحة الارهاب ومنعه من الدخول الى لبنان؟

قضية محاكمة سماحة لا يمكن ان تكون قضية ٨ أو ١٤ آذار فهي تعني جميع اللبنانيين لان الارهاب هو عدو كل لبناني. فلو نفذ سماحة جريمته كما قال في شريط الفيديو في احياء السنّة لكانت الفتنة والحرب الاهلية اشتعلت في كل الاحياء السنّية والشيعية والمسيحية. فأي لبناني شريف لا يمكنه قبول مثل هذا الحكم المعيب الذي ينبغي كسره ومراجعته. الكل كان يعلم ان سماحة هو رجل الاستخبارات السورية وتربطه علاقات ببعض اوساط الاستخبارات والسلطات الفرنسية، حتى انه احياناً في عهد غيان كان يشكو اليه بعض الديبلوماسيين الفرنسيين في لبنان مدعياً انهم على اتصال اكثر بـ ١٤ آذار مما جعل هؤلاء يلتقونه لتفادي استياء سلطاتهم العليا. وعندما جاء بشار الاسد لزيارة ساركوزي الى باريس استقبل في فندق اقامته الرئيس اللبناني آنذاك ميشال سليمان وكان ميشال سماحة الى جانب الاسد. فكان الاسد يريد اذلال لبنان بالايحاء بأن سماحة الذي يعمل لمصلحة سورية يستقبل معه رئيس لبنان. الا ان الاسد لم يكتف بذلك بل استخدم سماحة لتنفيذ الجرائم ووضع متفجرات في لبنان معتقداً ان النظام السوري ووكلاءه اللبنانيين سيمنعون كشف هوية المجرم مثلما اعتقدوا لدى قتل رفيق الحريري وكل شهداء لبنان. ولكن الشهيد وسام الحسن كان قائداً ماهراً وحريصاً على أمن بلده وكشف عن الجريمة ودفع حياته ثمناً. كان ينبغي ان تسمح السلطات اللبنانية بنشر شريط الفيديو الذي يتحدث فيه سماحة عن تدبير جريمته وذلك قبل اصدار الحكم. وتجدر الاشارة الى ان سماحة يحمل الجنسية الفرنسية لكونه قدم خدمات عديدة لهذا البلد، فهل تكون للقضاء الفرنسي كلمة في هذه القضية؟ وهل تبقي السلطات الفرنسية الحريصة على مكافحة الارهاب لسماحة جنسيته الفرنسية؟

التوقيت المريب لزيارة ولايتي للبنان
العرب/خيرالله خيرالله/20/05/2015

حلّ على لبنان ـ الساحة الدكتور علي أكبر ولايتي مستشار علي خامنئي، مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، في زيارة تعبّر إلى حدّ كبير عن النظرة الفوقية لإيران إلى لبنان. بل زيارة تعبّر عن مدى الاستغباء الإيراني للبنان واللبنانيين. جاء ولايتي في توقيت أكثر من مريب، خصوصا أنّ لبنان لا يزال من دون رئيس للجمهورية منذ سنة. جاء ولايتي ليقول كلاما لا علاقة له بالواقع. قال كلاما من نوع أن “حلّ المشاكل السياسية العالقة في لبنان تخصّ اللبنانيين أنفسهم”، مضيفا “نحن على ثقة تامة، بأنّه بفضل الديمقراطية العريقة التي يتمتّع بها لبنان، بإمكانه أن يجد المخرج الملائم لملء الفراغ الرئاسي”. كلّ ما يمكن قوله، إنّ كلّ كلمة وردت في تصريحات مستشار “المرشد”، الذي كان سقوطه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة سقوطا مريعا، لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة، لا من قريب ولا من بعيد. فاللبنانيون لا يستطيعون حل المشاكل السياسية التي يعاني منها بلدهم بوجود حزب مسلّح هو كناية عن ميليشيا مذهبية مرتبطة مباشرة بإيران. في حال كانت إيران تريد بالفعل مساعدة لبنان، في استطاعتها أن تبدأ بكف شرور “حزب الله” عنه… بدل إعطاء النصائح والإشادة بما تسمّيه “الديمقراطية العريقة التي يتمتّع بها لبنان”. نعم، يتمتّع لبنان بـ”ديمقراطية عريقة”، لكن إيران ألغت هذه الديمقراطية، وهي آخر من يحقّ له الكلام عنها بعد ما دعمت ميليشيا مذهبية بالسلاح والمال. وهذا ما لا ينكره السيّد حسن نصرالله، الأمين العام لـ“حزب الله” القيّم على هذه الميليشيا التي توجّه سلاحها إلى صدور اللبنانيين العزّل.لا مفرّ من طرح السؤال الأساسي. هل إيران مع لبنان الحرّ السيّد المستقلّ أم ضده؟ من الواضح، أننا نجد، متى تمعنّا في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، أنّ نظرة إيران إلى لبنان هي نظرة الدولة المُستعمِرة التي تعتبر هذا البلد الصغير جزءا لا يتجزّأ من أوراقها في المنطقة. هذه أوراق تسعى إيران إلى استخدامها في لعبة المفاوضات بشأن ملفّها النووي.من هذا المنطلق، يمكن وصف زيارة ولايتي بالمريبة، لا لشيء، سوى لأنّها تأتي في مرحلة ما قبل التوصّل إلى اتفاق في شأن الملف النووي الإيراني. تسعى إيران بكل بساطة إلى فرض أمر واقع قبل الاتفاق وليس بعده. تستغلّ الحاجة الأميركية لهذا الاتفاق لتسجّل نقاطا على الأرض العربية، خصوصا في لبنان. ليس الهلال الشيعي، بالمعنى السياسي للكلمة، سوى تعبير عن الطموحات الإيرانية، التي لم تعد من حدود لها، في مرحلة ما بعد الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003.

ماذا جاء ولايتي يفعل في لبنان؟ الأكيد أنّه لم يأت للمساعدة في تسهيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي توّج عهده بـ“إعلان بعبدا” الذي يعبّر عن رغبة حقيقية في حماية لبنان بمواجهة العاصفة التي تهبّ على الشرق الأوسط. قبل “حزب الله” بإعلان بعبدا، على مضض، وما لبث أن انقلب عليه عندما أدرك أنّه يوفّر حصانة للبنان، أي أنّه يحول دون أن يكون لبنان مجرّد “ساحة” لهذا الطرف الإقليمي أو ذاك، بما في ذلك إيران.

لعلّ أخطر ما في زيارة ولايتي ربطه بين لبنان والنظام السوري متجاهلا أنّ “حزب الله” ليس لبنان، كما أن لبنان ليس ذيلا للمحور الإيراني ـ السوري الذي لا علاقة له من قريب أو بعيد بثورة الشعب السوري على نظام امتهن إذلاله وسلبه كرامته طوال ما يزيد على خمسة وأربعين عاما.قال مستشار خامنئي بصريح العبارة “نشعر بالفخر والتقدير البالغين، عندما نرى الإنجازات الكبرى والانتصارات التي استطاعت المقاومة اللبنانية الباسلة تحقيقها جنبا إلى جنب مع الجيش السوري الباسل في مجال التصدي للمجموعات المسلحة التكفيرية ودحرها في منطقة القلمون.هذا الأمر يؤدي إلى تقوية محور المقاومة والممانعة ليس فقط في سوريا ولبنان، وإنّما في المنطقة برمتها. آمل أن تتمكن دول هذا المحور من دحر القوى الظلامية من كلّ ساحات المنطقة”.

قد تكون كلمة “ساحات” الكلمة الصادقة الوحيدة في كلّ ما قاله ولايتي. بالنسبة إلى إيران، كلّ الدول العربية “ساحات”، خصوصا أن “حزب الله” لم يحقّق أي انتصارات في أي مكان في سوريا، بما في ذلك القلمون. حتّى لو حقّق “حزب الله” تقدّما في الداخل السوري، كيف يمكن أن يعتبر ذلك انتصارا؟ كيف يمكن لحزب مذهبي لبناني الانتصار على الشعب السوري داخل سوريا؟لعل أخطر ما في زيارة ولايتي ربطه بين لبنان والنظام السوري متجاهلا أن “حزب الله” ليس لبنان، كما أن لبنان ليس ذيلا للمحور الإيراني السوري

جاء ولايتي إلى لبنان في سياق تفقد إيران لإحدى مستعمراتها. هذا كلّ ما في الأمر. نسي مستشار “المرشد” أن لبنان رفض النظام السوري وأخرجه من أراضيه قبل ما يزيد عن عشر سنوات. صحيح أن الوصاية الإيرانية حلّت مكان الوصاية السورية، لكنّ الصحيح أيضا أن لبنان ليس في وارد الاستسلام. أكثر من ذلك، يعرف اللبنانيون ما الذي تريده إيران التي تستخدم بلدهم منبرا لمهاجمة العرب، على رأسهم المملكة العربية السعودية التي تحتضن مئات الآلاف من اللبنانيين والتي لم تقدّم سوى الخير للبنان ولمواطنيه.

ما تريده إيران هو تغيير طبيعة النظام اللبناني بعـدما غيّرت، للأسف الشديد، طبيعة المجتمع الشيعي في لبنان. كلّ الشعـارات التي تستخدم وكلّ الكلام المعسول، ليس كافيا لتمرير المناورة الإيرانية.

في حال كانت إيران جدّية وتريد بالفعل مساعدة لبنان و“ديمقراطيته العريقة”، يبدو الخيار أمامها واضحا كل الوضوح. يكفي أن تساعد في تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، كي يقول اللبنانيون إن بلدهم ليس مجرّد “ساحة” إيرانية لا أكثر ولا أقلّ.

ما يفترض على إيران أن تعرفه هو أن أكثرية اللبنانيين مع ثورة الشعب السوري وليسـت مع النظـام وجيشه. يعرف اللبنانيون جيّدا أن “حزب الله” يقاتل في سوريا من منطلق طائفي ومذهبي ولا شيء غير ذلك. يعرف اللبنانيون خصوصا أن شعاري “الممانعة” و“المقاومة” ليسا سوى غطاء لصفقة مع “الشيطان الأكبر” السابق أي مع الولايات المتحدة، وذلك على حساب كلّ ما هو عربي في المنطقة، بما في ذلك لبنان. عند الامتحان، يكرم المرء أو يهان. بالنسبة إلى إيران الامتحان هو انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وهو الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط. هل إيران مع انتخاب رئيس للبنان، أم مع التكفيريين الـذين تدعي مقـاومتهم؟ مـا الفارق في نهاية المطاف بين الدواعش الشيعية، أي بين الميليشيات المذهبية التي تدعمها إيران و“داعش” السنّية التي نجدها تدعم النظام السوري بـين حين وآخر لأسباب لا تخفى على أحد… باستثناء الدكتور ولايتي ربّما؟