ثريا شاهين/قلق غربي حول مستقبل الاتفاق مع إيران

228

قلق غربي حول مستقبل الاتفاق مع إيران
ثريا شاهين/المستقبل/23 آذار/15

تؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع أنّ أمام التفاوض الدولي مع إيران أياماً قليلة حاسمة تفصل عن نهاية آذار الجاري، وأنّ فرص حصول الاتفاق متساوية مع فرص الفشل في إنجازه، وأنّ ما يُسجّل حالياً هو تقدّم بطيء يحصل على كل النقاط ذات الصلة بالبحث. وتكشف المصادر أنّه إذا لم يحصل الاتفاق بنهاية آذار، من الصعب حصوله في أي وقت آخر. هناك نقاط خلاف كثيرة ومتعدّدة الجوانب. إنما ثمّة حركة تؤشّر إلى إيجابية ما في إمكان حصول الاتفاق. ولا يمكن التقدّم في نقاط، وعدم التقدم في نقاط آخر. ذلك أنّ كل النقاط في النهاية مرتبطة ببعضها، ويجب أن تسري الحلحلة عليها كلها بالتزامن، وإلاّ أي حلحلة على نقاط محددة وعدم وجودها على نقاط أخرى يعيد التفاوض إلى نقطة الصفر. إذا حصل الاتفاق يعني أنّ التخصيب سيبقى قائماً في إيران، لكن المهم إزالة أي بُعد عسكري له، بحيث لا تتمكن إيران من صنع القنبلة الذرية. وعلى إيران خلال الأيام المقبلة اتخاذ قرار استراتيجي، حول ما إذا كانت ستتخلى عن البُعد العسكري لبرنامجها، أم أنّها لن تتخلى عنه، وأي اتفاق سيشمل أيضاً مراقبة دقيقة وضوابط لمنع إنتاج القنبلة.

وكشفت المصادر أنّ لدى إيران مرونة أكبر تسجّلها خلال التفاوض، وهذا هو التقدّم الأساسي الذي يحصل. إنّما يجب التوصّل إلى حل لكل النقاط، وإلا ستتمكن إيران من إنتاج القنبلة. من الصعب إزالة كل العقوبات عن إيران دفعة واحدة. إنّما في حال تمّ الاتفاق سيُصار إلى إزالتها بالتدرّج، تماماً كما ستكون آلية إنهاء كل الأبعاد العسكرية للبرنامج. المعادلة التي يتم بحثها هي إزالة العقوبات مقابل كل تقدّم يحصل في تنفيذ الاتفاق. الخطورة هي في حال فشل التفاوض ولم تتمكن الدول الكبرى من تحقيق «اتفاق إطار». في كل الأحوال مشاكل المنطقة ستبقى هي ذاتها. لكن الفشل سيؤدي إلى تأزيم أكبر للمسائل والخلافات. وستحاول عندها إيران أن تقوّي مواقعها في كل ملفات المنطقة. لكن الخطر الأكبر يبقى على الصعيد النووي، إذ ستعتبر إيران أنّها في حلّ من أي التزام، وستستكمل بناء قدراتها النووية العسكرية. وهناك صعوبة في اعتماد أي وسيلة لمنعها من القيام بذلك. الآن يتم التشويش عليها من خلال إدخال الفيروسات إلى مواقعها الالكترونية المختصة، وقتل العلماء النوويين، والتوقعات الديبلوماسية تشير الى العودة إلى تعزيز نظام العقوبات، ما يعني العودة إلى مرحلة ما قبل بدء التفاوض.

وتؤكد المصادر، أنّه من الصعب التوصّل إلى خيار ضرب إيران عسكرياً مع أنها ستندفع أكثر في التحكم بمفاصل عديدة من قضايا المنطقة، مع أنّ خبراء بارزين يعتبرون أنّ إيران وصلت إلى قمة ما يمكن أن تصل إليه من نفوذ في المنطقة، حتى قبل حصول أي اتفاق، وبعد حصوله لن يتعزز ذلك أكثر. على أنّ موقف إيران لو حصل الاتفاق سيبقى غامضاً ويصعب تحديده منذ الآن. ذلك أن المؤكد أن إيران ستُدعى إلى المؤتمرات والحوارات حول المنطقة، ومن الصعب بعد الاتفاق أن يقولوا لها لن ندعوكِ إلى المؤتمرات، لكن في حال حصول الاتفاق لا يتوقع لإيران أن تنكفئ فوراً عن قضايا المنطقة، بل سيُطلب إليها لعب دور إيجابي، أي عدم عرقلة شروط الشرعية الدولية. مع الإشارة إلى أنّه يصعب على كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إعلان فشل التوصّل إلى اتفاق، إلا إذا وصلت الأمور إلى عدم وجود إمكانية لحلول وسط. القرار والنيّة السياسية لدى الطرفين هي بحصول الاتفاق. أوباما يقوم بمعارك على الصعيد الداخلي لمنع الكونغرس من فرض عقوبات على إيران قبل 31 آذار. حتى أنّ الكونغرس يقول إنه من الأفضل عدم التوصل إلى اتفاق على الوصول إلى اتفاق سيئ. إيران تريد أيضاً الاتفاق لا سيما الرئيس حسن روحاني والوزير ظريف، وبالتالي يمكن للمصادر التوقع أنّه في النهاية سيقدم الطرفان التنازلات اللازمة لإنجاز الاتفاق.

الغرب يريد أن يتم الاتفاق في إطار أن لا تستطيع إيران إنجاز قنبلة وأن لا تكون لديها مقومات لذلك، إذا حصل أن استطاعت إنجاز القنبلة لاحقاً، يجب أن يعلم الغرب بذلك قبل سنة واحدة لكي يستطيع التحضير للرد على ذلك. الغرب لم يعد يستطيع إلغاء البرنامج النووي الإيراني لأنّ طهران باتت تمتلك التكنولوجيا اللازمة لذلك. إنّما العمل جارٍ من خلال التفاوض لوضع ضوابط على كل ما هو عسكري في البرنامج. وهذه الضوابط تعني أن يضمن الغرب أنه من الآن ولغاية 20 سنة على الأقل لا تستطيع إيران إنجاز القنبلة.

الغرب يقلق من أن يأتي رئيس جديد لإيران لاحقاً ويعمد إلى إلغاء الاتفاق مع الغرب حول الضوابط على البرنامج، ويعمد أيضاً إلى التنصّل من اتفاقية منع الانتشار النووي، لذلك القلق هو من إنتاج قنبلة لاحقاً، وبالتالي يرى الغرب أنّ من الضروري أن يدرك الأمر قبل سنة من إنجازها، لأنه يحتاج إلى سنة للتحضير للردّ على الأمر.