دايم دايم…يوحنا المعمدان يعمد يسوع في نهر الأردن/John the Baptis Baptizes Jesus at The Jordan River

37

يوحنا المعمدان يعمد يسوع في نهر الأردن
انجيل القديس لوقا/03/من15حتى22/وَإِذْ كَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظِرُ، وَالْجَمِيعُ يُفَكِّرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ عَنْ يُوحَنَّا لَعَلَّهُ الْمَسِيحُ، أَجَابَ يُوحَنَّا الْجَمِيعَ قِائِلًا: «أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ، وَلكِنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ. الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ الْقَمْحَ إِلَى مَخْزَنِهِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ». وَبِأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَعِظُ الشَّعْبَ وَيُبَشِّرُهُمْ.  أَمَّا هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ فَإِذْ تَوَبَّخَ مِنْهُ لِسَبَبِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، وَلِسَبَبِ جَمِيعِ الشُّرُورِ الَّتِي كَانَ هِيرُودُسُ يَفْعَلُهَا، زَادَ هذَا أَيْضًا عَلَى الْجَمِيعِ أَنَّهُ حَبَسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ».

John the Baptis Baptizes Jesus at The Jordan River
Luke 03/15-22/The people were waiting expectantly and were all wondering in their hearts if John might possibly be the Messiah. John answered them all, “I baptize you with water. But one who is more powerful than I will come, the straps of whose sandals I am not worthy to untie. He will baptize you with the Holy Spirit and fire. His winnowing fork is in his hand to clear his threshing floor and to gather the wheat into his barn, but he will burn up the chaff with unquenchable fire.” And with many other words John exhorted the people and proclaimed the good news to them. But when John rebuked Herod the tetrarch because of his marriage to Herodias, his brother’s wife, and all the other evil things he had done, Herod added this to them all: He locked John up in prison. When all the people were being baptized, Jesus was baptized too. And as he was praying, heaven was opened and the Holy Spirit descended on him in bodily form like a dove. And a voice came from heaven: “You are my Son, whom I love; with you I am well pleased.”

من معموديّة الرّب يسوع المسيح إلى معموديّتنا
عظة يوم الدنح للقدّيس خروماتيوس (؟ – 407)، أسقف أقيلا
يا له من سرٍّ كبيرٍ موجودٍ في اعتماد ربِّنا ومُخلِّصنا هذا! لقد سُمِعَ صوت الآب من السماء، وشوهِدَ الابن على الأرض، وأظهرَ الرُّوح القدس نفسَه بشكل حمامة. لأنّنه لا توجد معموديّة حقيقيّة ولا مغفرة حقيقيّة للخطايا حيث لا تظهر حقيقة الثالوث… فالمعموديّة التي تمنَحها الكنيسة مميّزة وحقيقيّة؛ وهي تُعطى لمرّة واحدة فقط لأنّنا نَتَطهَّر ونَتَجدَّد نتيجة الغطس في المياه لمرّة واحدة. نَتَطهَّر لأنّنا نخلعُ عنّا رداء الخطيئة؛ ونَتَجدَّد لأنّنا نولَد ثانيةً لنعيشَ حياة جديدة بعد التخلّص من آثار الخطيئة… إذًا، فقد انفتحَتْ السّموات خلال معموديّة الرّب يسوع المسيح لكي نكتشفَ أنّ ملكوت السّموات مفتوحٌ أمام جميع المؤمنين من خلال الولادة الجديدة، حسب قول الرّب: “ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح” (يو 3: 5). لذا، فقد دخلَ الملكوت مَن وُلِدَ ولادة جديدة ومَن لم يَتلكّأ في المحافظة على معموديّته… لأنّ ربّنا يسوع المسيح جاءَ يُعطي المعموديّة الجديدة لخلاص الجنس البشريّ ولمغفرة جميع الخطايا، أرادَ أن يكون أوّل مَن يَعتَمِد، لا ليَخلعَ عنه رداء الخطيئة لأنّه لم يَقتَرِف أيّ خطيئة، بل ليُقدِّس مياه المعموديّة كي يُزيل خطايا جميع المؤمنين الذين وُلِدوا من جديد من خلال المعموديّة.

للغطاس في عادات اللبنانيين وتقاليدهم وممارستهم الفولكلورية مركز مرموق، وذكر مستفيض
(كتاب معاني الأيام لفؤاد افرام البستاني/الجزء الأول)
مرور المسيح: دايم دايم (أي ليكن سرورُكم واغتباطكم دائماً)
من أقدم الاعتقادات اللبنانية، في ما يتعلق بيوم الغطاس أن المسيح يمر في منتصف تلك الليلة فيبارك الأسر التي تكون في انتظاره أي ساهرة حتى منتصف الليل، في البهجة والسرور، فيقول: “دايم! دايم!” أي ليكن سرورُكم واغتباطكم دائماً. أما العيال التي تنام، وتُقفل أبوابها، وتطفيء مصابيحها، فلا تنال البركة. من هنا كان بعض اللبنانيين يسمُّن ليلة الغطاس “ليلة القَدَّر” ويوالون فيها الابتهالات والطلبات. ويقولون في أسمارهم وحكاياتهم أن جميع الأشجار تسجد للمسيح في مروره تلك الليلة ما عدا شجرة التوت. ولهذا فهم ينسبونها للكبرياء والعتوّ، وينتقمون منها بتكسير حطبها وإشعاله في تلك الليلة بنوع خاص. وتشمل بركة المسيح في مروره مُؤن العيلة ومدَّخراتها، فتجعل مخزوناتها مستفيضة “دايم دايم”. فلا يدنو منتصف الليل حتى تسرع أمهات العيال إلى “بيوت المونة”، فيُقبلن على كوادر الحنطة، وسائر الحبوب، وخوابي الزيت، والزيتون، ودِنان الخّمر أو مُشتقات العرق، وبلاليص السمن، وبراني القّوّرْمة، وسلال الزبيب، فيُحرّكن ما فيها مردّدات: “دايم دايم” فتفيض البركة، وتدوم المؤونة.
تطهر الماء
وفي الغطاس تطهّر المياه، فتجدد. وفي التقاليد العريقة أن الكهنة كانوا يقيمون قداساً على عين القرية، فيتبارك مائها، ويقبل الأهلون على الاستقاء منه ونقله بالجرار لرش بيوتهم مؤمنين بأنه يطرد الحشرات والهوامّ والدوبيات المُؤذية ويجعل البركة في البيت. وقد استُعيض عن هذه العادة بالصلاة على الماء في الكنيسة. ثم بالطواف على البيوت ورشها بهذا الماء المبارك. وكذلك كان اللبنانيون لمناسبة عيد الغطاس يستحمّون بمياه الأنهر والغدران إذا كان الطقس ملائماً، أو في البيوت، وقد يطيِّبون الماء بأن يضعوا فيه بعض النباتات العطرة كالغار.
حلويات الغطاس
ولعل أهم ما يميّز هذا العيد في نظر الصغار خاصةً، ما اصطُلح على صنعه من حلويات خاصة به يصنعها في بيته من يستطيع ذلك، وإلا فيشتريها من دكاكين الحلوانيين وتكون إذ ذاك أقل قيمة وأقل دلالة على اهتمام المشتري بشأن العيد. وأشهر هذه الحلويات الزلابية والعوَّمات، والمعكرون، ولاسيما المشبّك. وكيف لا نذكر هنا وصف ابن الرومي لهذا النوع من الحلوى ذاك الوصف الشائق الشهي، الذي أدخل فيه في صورة رائعة ما كان يُتداول في عصره من خصائص الكيمياء بتحويلها المعادن إلى ذهب. وكم كان يردّ أن يصيبه شيء من هذه الفضائل الكيمياوية فيتحول بعض معادن بيته إلى ذهب. إلا أنه لم يشهد نتائج الكيمياء إلاّ في مقلاة الحلواني فقال:
رأيته سحراً يقلي زلابية
في رقّة القشر والتجويف كالقصبِ
كأنما زيته المقليّ، حين بدا،
كالكيمياء التي قالوا ولم تُصبِ
يُلقي العجين لجيناً في أنامله،
فيستحيل شبابيكاً من الذهبِ.!
وتجدر الإشارة هنا إلى أن اسم الزلابية لا يزال يطلق في بغداد حتى اليوم على ما نسميه في لبنان “المشبّك”. وعليه وحده ينطبق هذا الوصف، ذلك أن الزلابية عندنا أشبه بأصابع ضخمة رخوة ليس فيها رقة قشر ولا تجويف. فلا يمكن أن نسميها مع ابن الرومي: شبابيكاً من الذهبِ”. ولنُشر أخيراً إلى أن ليلة الغطاس كانت تُسمى في بعض الأنحاء “ليلة القلاية”، والمقليّات فيها تُسمى “بركة العيد”. وهي من العادات التي تحسن المحافظة عليها ذكراً وبركة.
كعكة الملوك
ومن العادات الموسميّة في عيد الغطاس ما يُسمى “بكعكة الملوك”. وهي عادة اتخذناها عن الغرب بواسطة المُرسلين. وهو معروف أن أسماء الغطاس عند الغربيين “عيد الملوك”، يشيرون بذلك إلى وصول المجوس الثلاثة المعتّبرين ملوكاً، والمعتَّبرين تقليداً: بلتزار وكسبار ومليكور. وقوام العادة أن تصنع كل عائلة كعكة كبيرة مستديرة من الحلوى تدس في عجينها حبة فول حتى إذا ما اجتمعت العائلة على مائدة العشاء قُسمت الكعكة قطعاً متساوية على جميع الأفراد ومن ظَهرت حبة الفول في نصيبه أُلن ملك الحفلة. وهي عادة لطيفة يجمل الإحتفال بها بالإضافة إلى العيال في المدارس الداخلية وثُكنات الجيش والنُزل والفنادق وديورة الرهبان والراهبات وسائر التجمعات.

موقع المغطس
تم الكشف مؤخراً عن معلومات مهمة جداً عن منطقة “بيت عنيا عبر الأردن” حيث كان يوحنا المعمدان يبشر ويعمد في الفترة الأولى من بشارته. وقد تم الكشف عن هذه المعلومات على اثر الحفريات التي تمت على امتداد “وادي الخرار” منذ عام 1996. قد أشارت الأدلة الواردة في النص الإنجيلي، وكتابات المؤرخين البيزنطيين ومؤرخي العصور الوسطى، وكذلك الحفريات الأثرية التي أجريت مؤخراً، أن الموقع الذي كان يوحنا المعمدان يبشر ويعمد فيه، بما في ذلك اعتماد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان، يقع شرقي نهر الأردن. يتحدث إنجيل يوحنا عن “بيت عنيا عبر الأردن” حيث كان يوحنا المعمدان يعمد. ويشار هنا الى عبارة “عبر الأردن” الى الضفة الشرقية من النهر. وفي إشارة لاحقة الى الموقع نفسه، على الضفة الشرقية إذ يقول إنجيل يوحنا أن السيد قد ذهب ايضاً الى عبر الأردن حيث كان يوحنا المعمدان يعمد في البداية وذهب مرة أخرى الى المكان نفسه وأقام هناك. وخلال الحفريات الأخيرة التي جرت في الأردن في عام 1997، تم العثور على سلسلة من المواقع القديمة المرتبطة بالموقع الذي كان يعمد فيه يوحنا المعمدان. وتقع سلسلة المواقع هذه على امتداد وادي الخرار، شرقي نهر الأردن. كذلك تم الكشف على دير بيزنطي في موقع تل الخرار الذي أشير اليه باسم “بيت عنيا عبر الأردن”. ويقع هذا الموقع على بعد حوالي كيلومترين شرقي نهر الأردن في بداية وادي الخرار. وهناك عدد من الينابيع الطبيعية تشكل بركاً يبدأ منها تدفق الماء الى وادي الخرار وتصب في نهر الأردن. وكذلك واحة رعوية تقع في بداية وادي الخرار وموقع تل الخرار.

تلــة ايليــا
وادي الخرار هو الإسم الحديث لـ “صفصافص” والذي يظهر على خريطة الفسيفساء الموجودة في مادبا. ويقع الموقع شرقي نهر الأردن، غربي قرية الكفرين. وهو ليس بعيداً عن موقع أريحا. وفي بداية وادي الخرار وبالقرب من مجمع الدير، تله تعرف بجبل مار الياس في اللغة العربية وهي التلة التي صعد منها النبي ايليا الى السماء. تدفق الحجاج على هذا المكان منذ زمن طويل وخاصة أيام الحملة الصليبية. وقد اثر هذا المكان تأثيراً بالغاً على الحاج الروسي، الأب دانيال، الذي كتب في عام 1106م يقول: “في مكان قريب من النهر ولا يبعد عنه اكثر من رمية سهمين، يوجد المكان الذي إختطف فيه النبي ايليا الى السماء في عربة من نار، وهناك ايضاً الكهف الذي كان قد عاش فيه القديس يوحنا المعمدان، حيث يتدفق سيل جميل من الماء فوق الحجارة ويصب في نهر الأردن”. الماء بارد جداً وله مذاق طيب. وهو الماء الذي كان يشرب منه يوحنا المعمدان عندما كان يعيش في الكهف المقدس. ولم تفت المؤرخ “ثيودوسيوس” أن يذكر هذا المكان ايضاً. فقد كتب يقول: “في المكان الذي تعمد فيه الرب هناك على الطرف الأخر من نهر الأردن توجد التلة الصغيرة المسماة حرمون والتي أختطف منها النبي ايليا الى السماء”. وقد كتب أحد الحجاج من “بياشينزا” قائلاً: “هذا هو المكان الذي إختطف منه النبي ايليا الى السماء”. ففي هذا المكان تقع تلة حرمون الصغيرة الوارد ذكرها في سفر المزامير.

مغاطس العمودية
يوجد ثلاث برك في تل الخرار. وتقع البركة الأولى في المنحدر الغربي السفلي للتل، وهي تعود للعهد الروماني، أي ما بين القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد. أما البركتان الاخريتان، فتقعان على قمة الطرف الشمالي لتل الخرار. والبركة الجنوبية مستطيلة الشكل ولها درج داخلي على الجهة الشرقية وأربع درجات تمتد على امتداد عرض البركة. ويستطيع الحجاج النزول الى البركة من اجل أن يتعمدوا. وهنالك بركتان مربعتان تعودان الى الفترة الرومانية. وقد أضيفت الحجارة المربعة المنحوتة الى الزاوية الجنوبية الغربية للبركة الشمالية الغربية في فترات لاحقة. وربما كانت تستعمل كدرج للنزول الى البركة. ويصل الماء الى البرك بواسطة اقنية مغطاة بالقناطر. وقد دلت الحفريات اللاحقة تحت أرضية البركة التي أصابها التلف على وجود خزان ماء يعود الى ما بين العهد الروماني المبكر الى العهد البيزنطي المتأخر. والخزان في أعلاه على شكل مربع، وهو مبني من الحجارة المربعة المنحوتة .

كنيسة يوحنا المعمدان
اكتشف منقبو الآثار المعاصرون في منطقة نهر الأردن بقايا دير بيزنطي يوجد بداخله كنيسة بنيت في عهد الإمبراطور انسطاسيوس. ويعتقد انها بقايا بيتابارا كنيسة يوحنا المعمدان، التي تم اكتشافها على مسافة 300 متر شرق نهر الأردن في منطقة “زور” وتحيط بها صخور “اللسان” على مسافة “300” متر الى الشرق. كانت هذه الكنيسة من أهم كنائس يوحنا المعمدان على الضفة الشرقية لنهر الأردن. وهي تقع في الموقع التقليدي الذي يعتقد انه تم تعميد السيد المسيح فيها. وقد دلت الحفريات على وجود القناطر والجدران. ويمكن مشاهدة الأرضية الرخامية والفسيفسائية التي تم ترميمها بشكل جزئي. كما تم العثور على مواد أخرى مثل الخزف والعملات المعدنية وبلاط الرخام المستعمل في تبليط الأرضية. وكل هذه الآثار تدل على أن الموقع يعود الى الفترة البيزنطية المتأخرة، ما بين القرنين الخامس والسادس بعد الميلاد .

دير روتوريوس، الكنيسة الغربية
يعود هذا الدير البيزنطي الى القرن الخامس- السادس بعد الميلاد. وهو يتبع اليوم الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية. كما يوجد في الدير كنيستان وقاعة مربعة، ويوجد مدخل الدير في الحائط الشمالي. وهو يؤدي الى غرف معيشة الرهبان. وهناك نظام للماء الجاري في الدير. تتألف الكنيسة الغربية من قسمين: الأول هو بمثابة جزء ناتئ نصف دائري على شكل قوس أو قبة محفورة في الصخر الطبيعي، ويقع تحت البركة الشمالية الغربية. وقد جهز هذا الجزء الناتئ بأكثر من مشكاة أو محراب وضعت فيها القناديل. وهو محفور في الجزئيين الجنوبي والغربي من الكنيسة. وتوجد بقايا باب الهيكل أمام الجزء الناتئ من الكنيسة. أما الجزء الثاني من الكنيسة، فانه يتكون من أربع قواعد مبنية من الحجر الرملي. وقد قطعت هذه الحجارة في شكل مربعات كبيرة بحيث يظهر في داخلها صحن الكنيسة والممرين الاثنين في داخلها. وقد تم اكتشاف قطع مكسورة من الخزف في الموقع، وهي تدل على أن الموقع يعود الى العهد البيزنطي . تدور أهم أسطورة بالنسبة لمنطقة وادي الخرار حول حياة القديسة مريم المصرية، والتي عاشت حياة تلفها الخطيئة في الإسكندرية، في شبابها. وقد تركت حياة الخطيئة خلال زيارة قامت بها للقدس وأصبحت نموذجاً للتوبة يحتذى به. وبعد السماع إلى نصيحة العذراء مريم في القدس، سمعت صوتاً يقول لها “اعبري نهر الأردن وستجدين الراحة”، فعبرت الى الضفة الشرقية من نهر الأردن وأمضت السبع وأربعين سنة المتبقية من عمرها تعيش لوحدها، تصلي وتصوم في الصحراء الأردنية حيث كان بامكانها أن تكون قريبة من الله. وقد تم العثور عليها من قبل الراهب “زوسيما” الذي كان يعيش في دير قريب من هناك والذي كان يصلي معها، وقد استمع الى قصتها. وقبل وفاتها، ناولها القربان المقدس وقام بدفنها. وتقول الأسطورة أن أسدا قد ساعد الراهب “زوسيما” في حفر قبرها بمخالبه.

تطهر الماء
وفي الغطاس تطهّر المياه، فتجدد. وفي التقاليد العريقة أن الكهنة كانوا يقيمون قداساً على عين القرية، فيتبارك مائها، ويقبل الأهلون على الاستقاء منه ونقله بالجرار لرش بيوتهم مؤمنين بأنه يطرد الحشرات والهوامّ والدوبيات المُؤذية ويجعل البركة في البيت. وقد استُعيض عن هذه العادة بالصلاة على الماء في الكنيسة. ثم بالطواف على البيوت ورشها بهذا الماء المبارك. وكذلك كان اللبنانيون لمناسبة عيد الغطاس يستحمّون بمياه الأنهر والغدران إذا كان الطقس ملائماً، أو في البيوت، وقد يطيِّبون الماء بأن يضعوا فيه بعض النباتات العطرة كالغار.

حلويات الغطاس
ولعل أهم ما يميّز هذا العيد في نظر الصغار خاصةً، ما اصطُلح على صنعه من حلويات خاصة به يصنعها في بيته من يستطيع ذلك، وإلا فيشتريها من دكاكين الحلوانيين وتكون إذ ذاك أقل قيمة وأقل دلالة على اهتمام المشتري بشأن العيد. وأشهر هذه الحلويات الزلابية والعوَّمات، والمعكرون، ولاسيما المشبّك. وكيف لا نذكر هنا وصف ابن الرومي لهذا النوع من الحلوى ذاك الوصف الشائق الشهي، الذي أدخل فيه في صورة رائعة ما كان يُتداول في عصره من خصائص الكيمياء بتحويلها المعادن إلى ذهب. وكم كان يردّ أن يصيبه شيء من هذه الفضائل الكيمياوية فيتحول بعض معادن بيته إلى ذهب. إلا أنه لم يشهد نتائج الكيمياء إلاّ في مقلاة الحلواني فقال:
رأيته سحراً يقلي زلابية
في رقّة القشر والتجويف كالقصبِ
كأنما زيته المقليّ، حين بدا،
كالكيمياء التي قالوا ولم تُصبِ
يُلقي العجين لجيناً في أنامله،
فيستحيل شبابيكاً من الذهبِ.!
وتجدر الإشارة هنا إلى أن اسم الزلابية لا يزال يطلق في بغداد حتى اليوم على ما نسميه في لبنان “المشبّك”. وعليه وحده ينطبق هذا الوصف، ذلك أن الزلابية عندنا أشبه بأصابع ضخمة رخوة ليس فيها رقة قشر ولا تجويف. فلا يمكن أن نسميها مع ابن الرومي: شبابيكاً من الذهبِ”. ولنُشر أخيراً إلى أن ليلة الغطاس كانت تُسمى في بعض الأنحاء “ليلة القلاية”، والمقليّات فيها تُسمى “بركة العيد”. وهي من العادات التي تحسن المحافظة عليها ذكراً وبركة.

كعكة الملوك
ومن العادات الموسميّة في عيد الغطاس ما يُسمى “بكعكة الملوك”. وهي عادة اتخذناها عن الغرب بواسطة المُرسلين. وهو معروف أن أسماء الغطاس عند الغربيين “عيد الملوك”، يشيرون بذلك إلى وصول المجوس الثلاثة المعتّبرين ملوكاً، والمعتَّبرين تقليداً: بلتزار وكسبار ومليكور. وقوام العادة أن تصنع كل عائلة كعكة كبيرة مستديرة من الحلوى تدس في عجينها حبة فول حتى إذا ما اجتمعت العائلة على مائدة العشاء قُسمت الكعكة قطعاً متساوية على جميع الأفراد ومن ظَهرت حبة الفول في نصيبه أُلن ملك الحفلة. وهي عادة لطيفة يجمل الإحتفال بها بالإضافة إلى العيال في المدارس الداخلية وثُكنات الجيش والنُزل والفنادق وديورة الرهبان والراهبات وسائر التجمعات.