علي الحسيني/حزب الله انهزام مشروع في سوريا

255

حزب الله انهزام مشروع في سوريا
علي الحسيني/المستقبل
10 كانون الثاني/15

لا يكاد النظام السوري وحلفاؤه الميدانيون من الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» ولواء «أبو الفضل العباس» العراقي وبعض الفصائل المسلحة الأخرى التي تقاتل الى جانبه ينتهون من «تحرير» منطقة أو السيطرة على ثانية، حتى تعود وتندلع المعارك مجدداً في أكثر من مكان وعلى جبهات عدة حتى أنه في كثير من الأحيان يُعاود القتال على أرض سبق أن أعلن النظام وحلفاؤه «تحريرها».

 لا سيطرة ميدانية فعلية لأي فريق في سوريا حتى اليوم، فالأوراق العسكرية تختلط بين يوم وآخر، ومن يفرض سيطرته اليوم على موقع أو تلّة أو حتى بلدة بأكملها قد يضطر لاحقاً الاستماتة ودفع عشرات القتلى ومئات الجرحى لاستردادها، ما يعني أن لا غلبة لأي فريق على آخر سوى لجهة أعداد القتلى الذين يسقطون من كل الجهات، وهنا تُسجل الخسارة الأكبر لـ«حزب الله» الذي يدفع بكل ثقله ومن دماء عناصره لتسجيل «انتصار» يُضاهي ثمن الخسائر التي يتكبدها في الأرواح ولكن من دون جدوى.

 لم يعد لدى «حزب الله» احتياط يستدعيه فيما لو استدعت الحاجة، فكل عناصره باتت موزعة على جبهات القتال بالتدرج ابتداء من النقاط الآمنة عند الشريط الحدودي مع إسرائيل جنوباً ومن ثم بقاعاً مروراً بسلسلة لبنان الشرقية وصولاً حتى العمق السوري كدمشق بمدنها وريفها وعدد من مناطق الساحل وريف حلب في بلدتي «نبل» و«الزهراء» الشيعيّتين التابعتين لمنطقة «اعزاز» الواقعة على الحدود مع تركيا، وهما اللتان جند لهما الحزب أكثر من ألفي مقاتل للدفاع عنهما لا لأهميتهما الجغرافية ولا للآثار التي تحويانهما، إنما لانتماء أكثر من تسعين في المئة من سكانها الى الطائفة الشيعية الاثني عشرية.

 «نبل» و«الزهراء» جبهتان أضيفتا منذ فترة الى مجموعة جبهات أخرى تستنزف عليها عناصر «حزب الله». بالأمس غصت مستشفيات البقاع بأعداد القتلى والجرحى. عناصر شابة لم تتجاوز الثامنة عشرة كانت فوجئت بهجوم للمعارضة السورية على القريتين المذكورتين سقط منهم ما لا يقل عن ثمانية عناصر وأكثر من عشرين جريحاً إصابات بعضهم خطرة وقد نشرت أسماء القتلى مع سيرهم الذاتية على عدد من صفحات مواقع التواصل المقربة من الحزب، وقد روى بعض الجرحى في مستشفى دار الحكمة والذين كان يقتصر دورهم على الحراسة الليلية كيف فوجئوا بالهجوم وكيف حال سوء الطقس وحده دون تمكن المجموعات المسلحة التي سيطرت على مداخل البلدتين لبعض الوقت من الدخول والسيطرة عليهما بشكل كامل.

 سوريا، وبرأي سياسيين كثر، تحوّلت الى أرض جهاد بين جهات تحمل أفكاراً ومعتقدات متناقضة تصل الى حد التطرف و«حزب الله» هو إحدى هذه الجهات حيث اتخذ من انتمائه المذهبي ومصلحة داعمه الإيراني الاستراتيجية عنواناً أولياً وأساسياً للانخراط في الحرب السورية تحت ذرائع متعددة مثل الدفاع عن محور «الممانعة» وحماية القرى الشيعية، مع العلم أن عدد أبناء الطائفة الشيعية في سوريا يقدر بنحو عشرة في المئة من تعداد سكانها ومع هذا لم تشهد يوماً أي نزاع مذهبي، ليس بسبب وجود حكم آل الأسد، بل بسبب العلاقات الوطيدة التي تجمع بين النسيج السوري ككل وما تنتجه من أعمال تجارية متبادلة بما فيها بين سوريين ولبنانيين أيضاً إضافة إلى الزيجات المختلطة بين أبناء الأديان المختلفة على الأرض السورية.

 وبحسب أوساط مطلعة على الأزمة السورية وعمقها فإن تقسيم الحزب لمناطق قتاله في سوريا على أساس مذهبي هو الذي أوصل الحالة المذهبية هناك الى ما وصلت اليه اليوم، فحيث توجد مناطق ذات أغلبية شيعية ومقامات تعود للطائفة الشيعية توجد عناصر له، ولذلك فإن الحزب متهم بأنه أول من سوّق لهذا النزاع المذهبي وعمل على تنميته حتى انقلب عليه وتحوّل الى هدف للجماعات المسلحة آخذاً بهذا المنحى لبنان رهينة بين يديه يُفاوض من يشاء ويُهادن من يشاء من دون الاكتراث للبنانيين الآخرين الذين لهم الحق بتقرير مصيرهم ومصير مناطقهم بعدما صادر الحزب بمساعدة حلفائه مصير كل الوطن وتصدر واجهته.

بالأمس كان قتلى «حزب الله الحديث الأساس بين جرحى الحزب وعامة الناس في مستشفى دار الأمل في بعلبك. تقدمت سيدة من إحدى الممرضات لتسألها عن حال الشبان الذين نقلتهم سيارات إسعاف تابعة لكشافة «المهدي». التفتت الممرضة حولها جيداً ثم أجابت: تعودنا يا حجة على هالصورة، كل يوم في «شهدا» وجرحى، أوقات بجيبوهن دفعات وأوقات بكونوا دفعة واحدة».